أخبار

نحو 80% يريدون استقالته.. كيف تحوّل عباس إلى هامش في المشهد الفلسطيني؟

في نسبة غير مسبوقة، أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، أن 78 في المئة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، يريدون من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاستقالة، فما الذي هوى بشعبية الرئيس عباس؟ ولماذا صعدت شعبية خصومه، وأبرزهم حركة حماس؟

في 21 أيلول، نشر المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، وهو منظمة غير حكومية، نتائج استطلاع للرأي أجرته في الأراضي الفلسطينية، أظهر تراجعًا غير مسبوق في شعبية الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وبحسب المركز، “تقول نسبة 78 في المئة إنها تريد من الرئيس الاستقالة، فيما تقول نسبة 19 في المئة إنها تريد من الرئيس البقاء في منصبه”.

وبحسب المركز، فقد جرى هذا الاستطلاع في الضفة الغربية وقطاع غزة في الفترة بين 15 و18 أيلول/ سبتمبر 2021، وخلص أيضًا إلى أن 45 في المئة من الفلسطينيين يعتقدون أن حركة “حماس” ينبغي أن تتولى السلطة الفلسطينية.

الهبة الأخيرة.. قاعدة التحوّل في الموقف الشعبي من عباس

وجرى العمل على استطلاع الرأي، بعد فترة من تطورات شديدة شهدها المشهد الفلسطيني، بدءًا من الهبّة الشعبية التي انطلقت في كل الأراضي الفلسطينية، في أيار/ مايو الماضي، وصولًا إلى مقتل الناشط السياسي، نزار بنات، بعد اعتقاله وضربه من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية، إلى جانب خروج تظاهرات شعبية واسعة مناهضة للسلطة على خلفية ذلك الحادث. كذلك، هروب ستة أسرى فلسطينيين من سجن جلبوع في إسرائيل.

كان الفارق في تحوّل الموقف الشعبي من السلطة وزيادة شعبية حركة حماس، هو التعامل مع الهبّة الأخيرة، وما تبعها من ملفات كاغتيال بنات، وهروب الأسرى.

في الهبّة التي وصلت ذروتها في أيار/ مايو، قررت حركة حماس دعم الهبّة الشعبية في مدينة القدس والضفة الغربية، التي حدثت إثر تخطيط إسرائيلي واسع لاقتحام المسجد الأقصى، وما تبع ذلك من مواجهات واسعة في مدينة القدس وغيرها من المناطق. ودخلت في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، استجابة لدعوات الفلسطينيين في القدس والضفة، بينما حافظت السلطة الفلسطينية على ذات النهج في خطابها، وتعويلها المستمر على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لردع إسرائيل.

تصدر حركة حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى في قطاع غزة مشهد الهبّة الشعبية، أعاد تنمية شعبيتها بشكل غير مسبوق. وبالتزامن مع صعود شعبية حماس، قررت السلطة الفلسطينية اغتيال الناشط الشهير في الأراضي الفلسطينية نزار بنات، وانعكس ذلك بشكل واضح على الموقف من السلطة الفلسطينية. وبحسب المركز، فإن 63 في المئة من الفلسطينيين يعتقدون أن الناشط السياسي نزار بنات قتل بناءً على أوامر القادة السياسيين أو الأمنيين في السلطة.

إلى جانب الموقف الشعبي الذي صدّرته حماس، وتعهد جناحها العسكري عقب عملية اعتقال الأسرى الستة، بتحريرهم عبر صفقة تبادل جديدة يمكن أن تكون قريبًا.

كذلك، وبحسب استطلاع المركز، فقد تزامن إجراء الاستطلاع مع لقاء بين الرئيس محمود عباس ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في رام الله، وهو اللقاء الذي كان مدعاة للاستهجان في الشارع الفلسطيني.

من مهندس أوسلو.. إلى الهامش

كان الرئيس محمود عباس البالغ من العمر (85 سنة)، من مهندسي اتفاق السلام مع إسرائيل المعروف باتفاق أوسلو والذي وقّع عام 1993، وجرى على إثر إنشاء سلطة إدارة ذاتية لمناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة. بعد نحو 29 عام على اتفاق السلام، لم يجن عباس الأثمان التي ظن. ولم تمهد الاتفاقية لدولة فلسطينية مستقلة. إذ أن كل القضايا المفصلية، كـوضع مدينة القدس واللاجئين الفلسطينيين والحدود، تم تأجيلها، وتحولت الآن إلى شيءٍ من الماضي في حسابات إسرائيل.

وفي إطار الاتفاقية عملت السلطة الفلسطينية على التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بغية منع قيام تشكلات فلسطينية مقاتلة في الضفة الغربية، وإحباط العمليات الممكنة. وقد كان التنسيق الأمني لبّ اتفاقية السلام، وهو المسألة الوحيدة التي تطورت وتوثّقت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل طوال الأعوام الماضية.

وبدا كل ذلك، يولد نقمة متزايدة من الشارع الفلسطيني تجاه عباس وسلطته ونهجه السياسي مع إسرائيل. في المقابل، تحوّل خصوم عباس ونهجه في التعامل مع إسرائيل كحماس والجهاد الإسلامي – وهم من أوائل الرافضين لاتفاق أوسلو- إلى قوة في قطاع غزة، قادرة على الإضرار بأمن إسرائيل، وباتت الأخيرة تحسب فعلًا حسابًا لقرارتها التي قد تؤثر على التصعيد مع غزة، بينما ظلت السلطة تخسر أوراق قوتها مع إسرائيل، حتى غدت الآن، مجردة من الأساليب التي تمكنها من الضغط على إسرائيل، وباتت غزة قادرة على التأثير على القرارات الإسرائيلية وهي المفارقة التي يميل إلى دعمها الشعب الفلسطيني.

لم تغيّر الهبّة الأخيرة التي أعطت شعبية مضاعفة لحركة حماس من موقف عباس في تعامله مع إسرائيل، بل ظل يراهن على نهجه حتى الآن، وتعويله المستمر على الموقف الدولي وقرارات الأمم المتحدة. ولا يزال يأمل كما عكس خطابه الأخير في الأمم المتحدة، من تحوّل في الموقف الدولي لصالح موقفه. بينما لم تتخلَّ الفصائل الفلسطينية عن تعزيز قوتها العسكرية، وهو القرار الذي لعب دورًا في تعزيز شعبيتها.

وفي تعليقه على النتيجة، قال مدير المركز خليل شقاقي، الذي استطلع آراء الفلسطينيين على مدى أكثر من عقدين، أن “هذه أسوأ نتيجة شهدناها للرئيس إطلاقًا، لم يسبق له أن وصل إلى وضع سيء كالذي هو فيه اليوم”.

وعلى صلة، استطلعت وكالتنا رأي عدد من الشبان في قطاع غزة، عن عباس، وشعبيته والفصائل في غزة.

ويقول الشاب يونس حمدان لوكالتنا إن الرئيس عباس، على “رداءة برنامجه في الواقع، لكنه الشخص الوحيد الذي لديه برنامج سياسي واضح مقبول دوليًّا، ويحاول الوصول إليه”.

فيما يشير الشاب لؤي زملط، إلى أن “سبب تزايد شعبية المقاومة، هو تزايد قدرتها في ردع إسرائيل، وإلحاق الضرر بها، بينما، ننظر نحن لعباس ولا نجد شيئًا سوى التسليم لإسرائيل وللأمر الواقع، الاستيطان أكل مساحة الضفة الغربية، القدس يزداد اقتحام المستوطنين بشكل يومي لها، كل ذلك دليل على فشل برنامج عباس، وضرورة استعادة زخم المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، فإسرائيل حين تتألم، تخضع، هذه هي المعادلة”.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى