مخيم الهول.. هل ينجح العراق بنزع فتيل قنبلة “داعش” الموقوتة؟
فيما تتواصل مشكلة مخيم الهول شمال شرقي سوريا، والذي يؤوي أعدادا كبيرة من “الدواعش” وذويهم من العراق وسوريا ومختلف دول العالم، في ظل رفض العديد من الدول استقبال رعاياها القاطنين فيه، تعهد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، بإعادة العائلات العراقية المتبقية فيه واصفا إياه بـ”القنبلة الموقوتة”.
وعادت أكثر من 600 عائلة من مخيم الهول للعراق عبر 9 دفعات خلال سنتين.
وفيما يلي أبرز ما ورد في تصريحات الأعرجي الجديدة حول مخيم الهول:
- لدينا حاجة للتواصل مع بعض شيوخ العشائر والشخصيات في بعض المدن والتي مازالت لديها نظرة متشددة بشأن عودة الأسر من مخيم الهول، ونحن متفائلون ولدينا فريق متكامل يضم شخصيات من كبار العشائر، لتذليل المعوقات التي تواجه عودة العائلات والحفاظ على السلم الأهلي.
- هناك دعم دولي لإنهاء ملف مخيم الهول، ونشكر الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة وبعض الدول، لكن نحتاج إلى دعم أكبر بهذا الخصوص، لأن لدينا ما يقارب 7000 عائلة في مخيم الهول، وهذا يستغرق وقتا طويلا، ما يشكل تهديدا خطيرا على بلدنا والمجتمع الدولي ككل.
- هناك فريق متخصص للبحث عن النساء المختطفات داخل مخيم الهول، ونواجه مشكلة في عدم الإفصاح عن هوياتهن بسبب الخوف على حياتهن، لكننا تمكنا من الوصول إلى بعض النساء وتم نقلهن إلى العراق.
- مخيم الهول هو مخيم أمني بامتياز فيه ما يقارب 7000 آلاف عائلة عراقية وما يقارب هذا العدد من السوريين، وأكثر من 10 آلاف من الأجانب ويبعد عن الحدود العراقية 13 كيلومترا وهو تابع للأمم المتحدة، ويشكل قنبلة موقوتة بالنسبة لنا، لكن هذا لا يعني أن نتركها، وواجبنا تسوية مخلفات الإرهاب.
- الحكومة تسعى لحماية العراقيين جميعهم، وكان قرارها شجاعا باستقبال العائلات من مخيم الهول، حيث تم استقبال 9 دفعات عادت لمناطقها الأصلية حتى الآن، وهناك فريق عراقي متخصص من جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية المتخصصة يعمل على دمج هذه العائلات بالمجتمع، ونحن مستمرون بذلك ولن نتراجع عن هذا حفاظا على ما تحقق من منجزات أمنية.
- كل من هو مطلوب فسيذهب إلى القضاء العراقي، أما الأطفال والنساء ومن يتفاعل مع برنامج الاندماج المجتمعي فسيعود إلى مناطقه، وهناك 600 عائلة عراقية عادت لمناطقها ولم نسجل أي مؤشر أمني على هذه العائلات، والحكومة وضعت برنامجا لإنقاذ الأطفال العراقيين.
- من ارتكب جريمة بحق العراقيين فمكانه القضاء والسجن، ومن تورط واستُدرج وكان ضحية بسبب وجوده ضمن عائلة إرهابية، فالحكومة تعمل جاهدة على إصلاح هذا الأمر.
عودة العائلات من مخيم الهول بين الترحيب والتحفظ
يرى خبراء ومراقبون أن فكّ عقدة مخيم الهول التي تعد من أكبر مخلفات تنظيم داعش، بحاجة لتضافر الجهود الدولية والعراقية، وأن عودة أكثر من 30 ألف عراقي وبينهم عدد كبير من الدواعش وأسرهم، هي عملية بالغة التعقيد وتستغرق وقتا طويلا، وتحتاج لخطط وآليات صارمة واحترافية للتدقيق والفرز، بين من يمكن إعادة تأهيلهم ودمجهم بالمجتمع، ومن هم بمثابة خلايا نائمة لداعش.
محللون آخرون يرون أن استيعاب العراقيين بالهول وخاصة النساء والأطفال، وإعادة تأهيلهم ودمجهم مجتمعيا، هو توجه حكومي رشيد لمعالجة قضية تمس عشرات آلاف المواطنين، وضرورية لإسدال الستار على آخر فصول حقبة داعش.
وعن أهمية التحرك العراقي الذي أعلن عنه مستشار الأمن القومي، قال الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “هذا مؤشر مهم لسعي بغداد نحو تسوية هذا الملف الشائك، وهو ما شكل تحولا في مقاربتها له، عبر النظر للعراقيين بالهول وخاصة النساء والأطفال كضحايا، وليس بالضرورة أن يكونوا كافة جناة ومتورطين بالإرهاب”.
وأضاف البيدر: “العراق وفق هذه الرؤية الحكيمة والحريصة على حل هذه المسألة المزمنة، وبما يتوافق والمسؤولية الوطنية والقانونية للحكومة، سينجح في تسوية هذا الملف الأمني والحقوقي الملّح”.
وبدوره قال الباحث الأمني رعد هاشم، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “إعادة هذه العائلات تتطلب ولا شك تكاملا بين الجهود العراقية والدولية، لنزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة منذ نحو 8 سنوات كضرورة ملحة لأمن العراق والمنطقة والعالم ككل”.
وأوضح أنه “رغم جدية العراق والأمم المتحدة في السعي لإنهاء هذا الملف، ثمة دول تتسم مواقفها من مشكلة المخيم بالضبابية وعدم الوضوح، عبر التهرب والتسويف في تسلم مواطنيها من المقيمين فيه”.
وأشار إلى أن: “الأمر معقد ويحتاج لتدقيق كبير حيث أن ثمة قسما من هذه العائلات العراقية أياديها ملطخة بالدماء، وهي متورطة في الإرهاب وتحمل فكرا تكفيريا خطيرا، ولهذا فدمجها بالمجتمع العراقي أمر بالغ الصعوبة، بغض النظر عن درجات تورطها مع التنظيم ومستوياته”.
واختتم هاشم حديثه قائلا: “”لا توجد لدينا مؤسسات متخصصة لإعادة تأهيل هذه العائلات وتبيان ما إذا كانت قد تحررت بالفعل من لوثات داعش الفكرية والسلوكية الإجرامية أم لا، ولهذا هناك بصفة عامة رفض مجتمعي لعودتها وعدم تقبل لها، كما لاحظنا مثلا في محافظتي نينوى وصلاح الدين”.
مخيم الهول.. أكبر “سجن” لاحتجاز الدواعش
- يضم المخيم ما يتراوح من 55 إلى 60 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، الذين نزحوا بسبب الحروب في العراق وسوريا والحرب ضد تنظيم داعش، ونصفهم تقريبا من العراقيين وربعهم من السوريين، فيما يتم إيواء نحو 10 آلاف أجنبي في ملحق آمن، ولا يزال الكثيرون في المخيم من أشد المؤيدين لداعش.
- حسب بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، فإن 90 في المئة من ساكني مخيم الهول هم من النساء والأطفال.
- يعود تاريخ إنشاء مخيم الهول لتسعينيات القرن الماضي، عندما أنشأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مخيما على مشارف بلدة الهول شرق سوريا على مقربة من الحدود مع العراق، وبالتنسيق مع دمشق، لاستقبال آلاف النازحين واللاجئين العراقيين بعيد حرب الخليج الثانية.
- بعد ظهور داعش وسيطرته منذ العام 2014 على مساحات شاسعة من العراق وسوريا بما فيها بلدة الهول نفسها، والتي حررتها قوات سوريا الديمقراطية بمساعدة التحالف الدولي ضد داعش في العام 2015، نشطت حركة النزوح له مجددا وخاصة من محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل بشمال العراق، ليكتظ بعشرات آلاف اللاجئين العراقيين والنازحين السوريين، وهو يعد الآن أكبر مكان لاحتجاز الدواعش وعائلاتهم في العالم.
المصدر: سكاي نيوز.