أخبار

فنلندا تحت راية الناتو.. عواقب وتداعيات تمهد لـ”حرب عالمية”

إن دخول فنلندا ورغبة السويد في الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يحمل تغييرا في موازين القوى بين روسيا والناتو الذي سيصبح “أقوى من أي وقت مضى”، إضافة إلى ما تمثله الخطوة من “خسارة فادحة” لموسكو على المستوى الجيوسياسي، وتهديد أمنه.

تلك كانت قراءة عدد من الخبراء السياسيين والأمنيين لعواقب وتداعيات إعلان فنلندا رسميا، الأحد، تقدمها للانضمام إلى حلف الناتو.

وأضاف هؤلاء الخبراء في أحاديث منفصلة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن انضمام فنلندا لحلف الناتو يرفع منسوب التوتر في الداخل الأوكراني لأعلى مستوى، وينذر بتهيئة المجال لصراع طويل، ربما يمتد لدول أخرى خارج أوكرانيا.

وفي السياق، وافق الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد على ترشح البلاد لعضوية الناتو، الأمر الذي يمهد لتقديم الحكومة طلب انضمام تزامنا مع طلب مماثل من فنلندا.

وأكد أمين عام حلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك استعداد التكتل العسكري تعزيز “الضمانات الأمنية” لفنلندا والسويد قبل انضمامهما، لا سيما من خلال ترسيخ وجود الناتو في البلدين.

وقال ستولتنبرغ في ختام اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الحلف في برلين إن “فنلندا والسويد تبديان مخاوف حيال الفترة الانتقالية. سنحاول تسريع العملية”.

الصراع يمتد

وفي قراءته للتداعيات والعواقب، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس خطار أبو دياب في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية” إن “موسكو تعتبر انضمام فنلندا والسويد المرتقب للناتو، يحمل تهديدا مباشرا لأمنها القومي، مما سيرفع من منسوب التوتر، مع تنوع أشكال المجابهة العسكرية التي تدور الآن على أرض أوكرانيا”.

وحول ردود الفعل الروسية الأولية المتوقعة، قال: “موسكو قامت بقطع الكهرباء عن فنلندا، وستقوم كذلك بقطع الغاز، مع اتخاذ إجراءات تقنية عقابية آنية في شكل عقوبات اقتصادية وشن هجوما سيبرانيا ضد الدولتين”.

وذهب أستاذ العلاقات الدولية إلى أن “الحرب الروسية الأوكرانية مع دخولها اليوم الـ 77، وفي ظل التوتر المتصاعد بين الحلف الأطلسي وموسكو، فنحن أمام صراع قد يمتد، ومجابهة عالمية ترتسم ملامحها في أوكرانيا”.

مولدوفا.. خطوة قادمة

وفي هذا الصدد، لم يستبعد أبو دياب أن يمتد الصراع في هذه المرحلة إلى مولدوفا الدولة المجاورة لأوكرانيا وليس فنلندا أو السويد.

وتعيش مولدوفا أجواء من الترقب والقلق خشية هجوم روسي محتمل، تتحدث عنه تقارير غربية على مدار الأسابيع الماضية.

والجمعة 23 أبريل الماضي، استدعت وزارة الخارجية في مولدوفا سفير موسكو لديها للتعبير عن “القلق البالغ” إزاء تصريحات قائد عسكري كبير قال إن السكان الناطقين بالروسية في البلاد يتعرضون للقمع.

وكتبت الوزارة على موقعها على الإنترنت: “هذه التصريحات لا أساس لها. مولدوفا دولة محايدة ويجب احترام هذا المبدأ من قبل جميع الأطراف الدولية بما في ذلك الاتحاد الروسي”.

فشل سياسي

وذهب الخبير السياسي اللبناني، إلى أن دخول فنلندا ورغبة السويد في الانضمام للحلف الأطلسي يضع حدا لطموح الرئيس الروسي، ويحمل في طياته فشل سياسي جديد.

في المقابل، يحمل انضمام هلسنكي وستوكهولم للحلف الأطلسي، تأثير إيجابي على الحلف، وقال أبو دياب: “بوتن أراد من خلال هجوم على أوكرانيا إضعاف الناتو، لكن العكس هو ما حدث بعد أن أصبح الحلف أكثر قوة من أي وقت مضى”.

وإن كان لانضمام الدولتين تداعيات إيجابية على حلف الناتو، والحديث لأبو دياب، فإن هناك أثار سلبية على المجتمع الدولي، حيث ستزداد حالة الاستقطاب، مع ارتفاع من مخاطر الصراع الدولي.

وبسؤاله عن تحديد موعد متوقع لنهاية للحرب الروسية الأوكرانية، أجاب: “الأمر صعب توقعه بعد أن اتخذت الولايات المتحدة وبريطانيا قرارهما باستنزاف روسيا في كييف، في مقابل عدم قبول موسكو بوقف الحرب إلا بالحصول على مكاسب من الحرب”.

تغيير بموازين القوى

بدوره، قال مدير المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب ومقره ألمانيا جاسم محمد في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” إن قرار “انضمام فنلندا وربما السويد لحلف الناتو يمثل تغييرا حقيقيا في الخريطة الجيوسياسية، وموازين القوى بين روسيا والناتو”.

وفي هذا الصدد، أبرز الباحث في قضايا الأمن الدولي، أن “انضمام فنلندا للناتو يسمح للحلف الأطلسي بوضع أسلحته المتقدمة على ما يزيد عن 1300 كم بطول الحدود مع روسيا”.

كما حذر جاسم محمد من مغبة خروج فنلندا والسويد وربما النمسا وسويسرا لاحقا من “الحياد الايجابي”، وهو ما ينذر بمخاطر على الأمن الدولي.

خطوة يحذر منها مدير المركز الأوربي قائلا: “وجود دول تتمتع بالحياد الإيجابي يمكن وصفه بجدار عازل، يمنع إمكانية حدوث أخطاء أو احتكاك وصدام بين الناتو وروسيا”.

وتابع: “لا نتحدث هنا عن احتمالات أخطاء في مجال الأسلحة التقليدية، بل احتمالات الخطأ في مجال نشر الأسلحة النووية لاسيما التكتيكية (ذات القوة المنخفضة نسبيا) عند الحدود الفنلندية”.

وتوقع في هذا الصدد، “اتخاذ موسكو إجراءات احترازية، خاصة في مجال الأسلحة النووية التكتيكية”.

وكان مساعد وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو، قال الأحد إن موسكو ستتخذ التدابير الاحترازية الملائمة حال نشر حلف شمال الأطلسي بنية تحتية وقوات وأسلحة نووية قرب الحدود الروسية، في إشارة إلى الانضمام المحتمل لفنلندا والسويد.

روسيا بموقف صعب جدا

من جهته، قال اللواء سمير فرج المفكر الاستراتيجي المصري لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “انضمام فنلندا للناتو يحمل تأثيرات سلبية كبيرة جدا على روسيا، وسيربك حساباتها، ويضعها في موقف صعب جدا”.

وفسر: “بانضمام فنلندا التي تصل لحدودها مع موسكو لأكثر من 1300 كم، فإن الناتو سيتمكن من حصار روسيا من جميع الاتجاهات”.

وزاد المفكر الاستراتيجي: “في حال جرى توقيع انضمام فنلندا للناتو، فإن المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي تحدد مبدأ الدفاع الجماعي بين أعضائه.

ودعا فرج روسيا إلى التحرك سريعا لإنهاء الحرب في أوكرانيا تجنبا لمزيد من الخسائر والعمل على التوصل لاتفاق خاصة مع تعهد كييف بعدم الدخول للحلف الأطلسي.

وحلف شمال الأطلسي (الناتو) هو تحالف عسكري دفاعي شكلته 12 دولة عام 1949، من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا لمواجهة تهديد التوسع السوفيتي في أوروبا بعد الحرب، وعلى مر العقود منذ ذاك الحين، نما الحلف ليشمل إجمالي 30 عضوا.

ولطالما يتمتع الحلف بـ”سياسة الباب المفتوح”، التي تنص على أن أي دولة أوروبية مستعدة وراغبة في الاضطلاع بالتزامات وتعهدات العضوية فيرحب بتقدمها بطلب العضوية، ويجب الموافقة على أي قرارات بشأن التوسع بالإجماع، وتحدد المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي مبدأ الدفاع الجماعي بين أعضائه.

المصدر: سكاي نيوز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى