عفرين…المدينة التي تقبع تحت نير الاحتلال والإبادة مستمرةٌ في المقاومة
أقدم أحد مرتزقة فرقة الحمزات على اغتصاب فتاة عمرها (18عامًا) وفضّ عذريتها، لتبقى عندهم أكثر من 5 أيام، بعدها يتم تسليمها لذويها وتهديد والدها تحت وطأة السلاح بعدم إفشاء أي سر، الأب الآن مجنون وفقد وعيه بشكل كامل.
هذا غيض من فيض الجرائم التي ترتكبها تركيا ومرتزقتها بشكل يومي في مقاطعة عفرين المحتلة، والتي وثقها المحامي والحقوقي جبرائيل مصطفى ومُهجّرون آخرون من المقاطعة التي تحتلها تركيا ومرتزقتها منذ الـ 18 من آذار 2018.
للعام الثالث، في مقاطعة الشهباء، وما زالت عينا العم حجي تتوق لرؤية حقله المليء بالأشجار المثمرة بصدارة الزيتون، وفي هذه الفترة من العام يبدأ موسم الجنارك أو القرقوق الأخضر، بحسب ما رواه العم أبو بكر (المكنى بحجي)، مستندًا إلى مخيلته في رسم تلك الصورة بعدما هجّر من أرضه.
لطالما ترددت كلمة التهجير القسري والتغيير الديمغرافي إلى مسامعنا منذ الصغر، بدءًا من نشرات الأخبار الشرق أوسطية التي كانت تبث لدعم حق العودة للفلسطينيين المُهجّرين، ووصولًا إلى قضية أقرب لنا كسوريين، قضية احتلال عفرين.
فبماذا يمكننا أن نصف الواقع المعاش في تلك المدينة السورية ذات الطابع الكردي إبان الاحتلال التركي لها، منذ آذار/ مارس من عام 2018.
نستعرض في هذا التحقيق شهادات حية لمواطنين ونشطاء حقوقيين إلى جانب مطابقة تقارير صادرة عن منظمات دولية وإنسانية محورها حقيقة التغيير الديمغرافي في مدينة عفرين المحتلة.
‘عفرين… ما بعد الاحتلال’
المدينة الكردية عفرين تقع في أقصى الشمال الغربي من سوريا بمساحة تمتد إلى /٣٨٥٠ كم٢/، وتنقسم المنطقة إلى سبعة نواحي يتبع لها إداريًّا ٣٦٦ قرية، أما عدد سكانها فيبلغ ٥٢٣،٢٥٨ نسمة، وفق آخر إحصاء معتمد من قبل الهلال الأحمر السوري لعام 2010.
التقرير الصادر عن منظمة حقوق الإنسان عفرين- سوريا أكد أن نسبة المواطنين الكرد وصلت إلى حوالي 97% مقابل 3 % للعرب والتركمان قبل احتلال المدينة على يد جيش الاحتلال التركي.
إلا أن هذه النسبة انقلبت إبان الاحتلال التركي للمدينة لتصل نسبة المرتزقة وأسرهم المستوطنين الذين تم استقدامهم من محافظات سورية عدة إلى أكثر من80% مقابل20%نسبة الكرد الأصليين أبناء المقاطعة، وذلك بحسب شاهد عيان من داخل المقاطعة إلى جانب تأكيد تلك البيانات من قبل عدد من الناشطين الحقوقيين.
ووصفت هذه النسبة على أنها ثمرة جرائم جيش الاحتلال التركي في مقاطعة عفرين المحتلة على لسان المحامي والحقوقي جبرائيل مصطفى في لقاء مع وكالتنا.
وينوّه جبرائيل إلى أن تعداد المستوطنين المستقدمين، وهم مرتزقة وأفراد أسرهم، إلى مقاطعة عفرين يقارب الـ 400 ألف نسمة من مختلف البقاع السورية، بحسب ما وثقوه كحقوقيين ناشطين في المنطقة.
وعن الجرائم التركية المرتكبة تحت مسمى التحرير يقول عنها المواطن العفريني المُهجّر حكمت علي عرب إنها كانت حملة إبادة جماعية تعرض لها الكرد في مقاطعة عفرين.
وفي هذا الصدد قال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقريرٍ حول التغيير الديمغرافي في عفرين نشره في 1/11/2020 “إن تركيا تعمل جاهدة بعد احتلالها عفرين على تغيير التركيبة السكانية للمنطقة، بحيث تتواكب مع الأطماع التركية”.
المواطن الستيني حجي مصطفى، من أهالي قرية مروانة تحتاني التابعة لناحية جندريسه، شاهد على عمليات التهجير القسري التي استهدفت الوجود الكردي في عفرين، قال عن المرتزقة” أوحوا لنا أنهم ضد النظام السوري، لكن تفاجأنا أنهم مع المحتل التركي بمواجهتنا لتنفيذ الأجندة السياسية التاريخية للاستعمار العثماني، عبر اقتلاعنا من جذورنا وطمس هويتنا وثقافتنا”.
وطالت السياسات التركية مُهجّري الغوطة وحمص ودير الزور وغيرها. فحلّت تركيا، في ١٧ أيار ٢٠١٩، هيئات المُهجّرين التي كانت تعطي أوراقًا ثبوتية وسندات إقامة للمُهجّرين بهدف الحفاظ على قيودهم الأصلية، وأجبرت هؤلاء على استخراج بطاقات شخصية من ما يسمى بمجلس عفرين، ما اعتبروه خطوة لتوطينهم نهائيًّا في المنطقة، وسلخهم عن ديارهم، وإلغاء حقّهم في العودة مستقبلًا، وذلك بحسب آخر تقرير نشره مركز توثيق الانتهاكات في شمال وشرق سوريا.
وعلى لسان إدارة إقليم عفرين، قالت الرئيسة المشتركة لإقليم عفرين، شيراز حمو، لوكالتنا “نسخّر كل طاقاتنا لإعادة عفرين إلى أهلها، على الرغم من كافة الصعوبات المعاشة والتي نتعايش معها بشكل يومي إلى جانب الهجمات التركية المتكررة بشكل يومي الآن، والحصار المفروض على أهالي عفرين المُهجّرين، لكن العهد الذي قطعناه للشعب بإعادة عفرين لم يبعدنا عن الطريق الذي نسير عبره”.
‘مشاريع استيطانية’
بحسب ما وثقت منظمة حقوق الإنسان عفرين – سوريا فقد ظهرت أولى مشاريع الاستيطان في 15/11/2018 باسم “القرية الشاميّة” موقعها في منطقة جبليّة تقع غرب بلدة مريمين تمويل المشروع من جمعيات قطرية وخليجية.
تلا ذلك إقامة مجمع آفرازه الاستيطاني (على مساحة 1 كم2) ومجمع قرب قرية حج حسنة (مشروع بناء /247/ وحدة سكنية بمساحة /40/ م2)، مجمع بافلون الاستيطاني (بمساحة 1كم2).
واللافت أن هذه القرية الجديدة تُبنى على سفح جبل بافلون الاستراتيجي وبجانب قرية “بافلون” الكردية الإيزيدية، والتي هُجّر كل أهلها، لإسكان المرتزقة في منازلهم وعددها 60 منزلًا.
وفي هذا السياق، قال جبرائيل معلقًا على الموضوع “هناك إبادة للإيزيديين في أكثر من 15 قرية موجودة في عفرين، فقد تضاءلت أعدادهم بشكل كبير في عفرين، نتيجة تهجير قسم كبير منهم والباقي يفرض عليه اعتناق الإسلام غصبًا، علمًا أن الإسلام بريء من هؤلاء المرتزقة”.
ومؤكدًا، في الوقت نفسه، أنهم وثقوا بناء العديد من المستوطنات في نواحي شيه وشيروا وشرا لإسكان المستوطنين، خاصة التركمان المرتبطين بالاستخبارات التركية.
كما عمدت ما يسمى بالخوذ البيضاء إلى إنشاء مخيم في حي الأشرفية، بعدما استولت على عدة محاضر عقارية في محيط خزان المياه بحي الأشرفية لإقامة مخيم عليها، بحسب ما وثقته شبكات إخبارية تركز نشاطها على جرائم الاحتلال التركي.
وبدأت الآليات العائدة للمنظمة بتسوية الأرضية لإنشاء مخيم عليها وإيواء مستوطنين جدد فيها، وتعود ملكية المحاضر المستولى عليها للمواطنين الكرد: ناصر وحنان ناصر ومحمود كلش من أهالي قرية قيبار والمواطن محمد علي.
إلى جانب ذلك، عمل الاحتلال التركي على دعم مشروع قرية كويت الرحمة الواقعة في إحدى قرى ناحية، والتي يتم تشييدها من قبل جمعية شام الخير الإنسانية (الإخوانية الكويتية) للأسر التي تم استقدامها إلى منطقة عفرين، وتضم القرية 300 منزل، بالإضافة إلى مسجد ومستوصف ومدرسة ومعهد لتحفيظ القرآن الكريم.
وتأتي مجمل عمليات الاستيطان والاستيلاء على الأراضي والممتلكات، وكذلك إقامة المشاريع بما فيها المدارس والمساجد، في إطار خطة متكاملة للتغيير الديمغرافي وتجذير واقع الاحتلال، بإجراءات ذات آثار بعيدة المدى.
كما شهدت عفرين أغرب حالات الاستيطان المتمثلة بالاستيطان الفلسطيني في عفرين، وقال مركز التوثيق المدني للاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري في 15/2/2020، إن أعداد المستوطنين الفلسطينيين في شمال سوريا يبلغ نحو 7500 مستوطن، تم استقدامهم من مخيمات درعا وحمص وحلب واليرموك.
فيما ونشطت الجمعيات والتنظيمات التركمانية برعاية تركية في عفرين، في إطار مساعيها إلى جعل التركمان رأس حربة في عمليات الاستيطان في عفرين، وأعلن ما يسمّى “المجلس التركماني السوري” المدعوم من أنقرة، أنه التقى في 23/8/2018 بالتركمان المستقدمين من حماه وحمص والشام والجولان، إلى عفرين.
في منتصف أيلول 2019 زار وفد من ما يسمّى “حزب النهضة السوريّ التركماني مرتزقة فصيل “السلطان محمد الفاتح” وقرى في عفرين هُجّر منها أهلها الكرد ومُنعوا من العودة، واستوطن فيها التركمان.
وبعد احتلال منطقة عفرين، تم توطين تركمان اللاذقية وحمص المرحّلين في القرى الكردية بعفرين، وسعت أنقرة إلى إقامة مستوطنات لهم على شكل مجمعات سكنية في ريف عفرين.
وورد في تقرير نشره موقع بلادي المعارض في 29/7/2018، أنّ متزعمي الفصائل التركمانية طلبوا منهم التوجّه إلى قرى عفرين، وقطعوا وعودًا على لسان شخصيات في المجلس الأعلى للتركمان بالتوطين في قرى الكرد المُهجّرين.
وقد نشط التركمان في عفرين وافتتحوا مقرًّا لما يسمى “المجلس الأعلى لتركمان سوريا” في مدينة عفرين، بالإضافة إلى عمل منظمات تحت مسمّى “الإغاثة”، لتشجيع التركمان ومساعدتهم على الاستيطان في المنطقة الكردية.
وفي 3/3/2020 اتهمت وزارة الدفاع الروسية، للمرة الأولى، على لسان رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، اللواء بحري أوليغ جورافلوف، سلطات الاحتلال التركي بأنها تقوم بتوطين التركمان في مناطق طردت منها الكرد، ما أدى إلى تغيير جذري في التركيبة الديمغرافية لتلك المناطق.
وجل هذه المشاريع تحظى بالدعم القطري في الاستيطان، حيث اتخذت موقفًا داعمًا لأنقرة خلال العدوان على عفرين، وانفردت بذلك بموقفها بين الدول العربية، واستمرت في دعم خطط الاستيطان عبر نشاط الجمعيات الإخوانية وتمويلها لمشاريع الاستيطان وتغيير هوية منطقة عفرين الكردية المحتلة.
ووصف تقرير نشر في موقع أوبن ديمكراسي opendemocracy البريطاني في 19/7/2020، حالة الاستيطان في منطقة عفرين، فقال: “إن ما يجري للكرد في سوريا والعراق بسبب العمليات العسكرية التركية في كلا البلدين، هو “إبادة جماعية”.
ويذكر التقرير “مجمل العمليات العسكرية التركية لاستهداف الكرد وما تم تداوله من بيانات تدعو إلى إخلاء المدن من الوجود الميليشاوي والعسكريّ، وضبط الحياة في المدن، ومحاولات تجميل فاشلة يراد منها الإيحاء بأن فصائل الجيش الوطني تخضع لضوابط وقواعد ناظمة، ولكن الدعوات تكذبها السلوكيات اليومية، من انتهاكات ومسعى إلى إخراج الأهالي الكرد الأصليين وتثبيت حالة الاستيطان وحواضن الفكر المتطرف لصالح المشروع الإخواني. فالكردي الأصيل يطالب بسند التمليك في مسقط رأسه وبلده، فيما يُشرعن الاستيلاء بالقوة على المنازل لتثبيت الاستيطان، لتكون النتيجة تغيير نسب التركيبة الديمغرافية، وتصبح أقل مما أشار إليه أردوغان في بداية العدوان”.
أما بخصوص الطرق التي تنتهجها إدارة إقليم عفرين في تحصيل حقوق المُهجّرين، فنوّهت شيراز بأنهم يولون أهمية كبيرة للتقارير التي يتم تسليمها للجهات الدولية والإنسانية، إلى جانب تمكين العلاقات الدبلوماسية معها، لإيصال صوت الشعب الذي تعرض للجرائم والاستبداد، ووصفت قضية عفرين باقية وحية في أذهان كل مُهجّر وطريقهم في المقاومة لن يتوقف ومصرون في المضي قدمًا في المقاومة.
‘التغيير الديمغرافي قانونيًّا’
يتناول القانون الدولي مسألة التغيير الديموغرافي تحت مسمّيات التهجير أو الإخلاء أو النقل القسري ويدرجها ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
حيث يعرّف التهجير القسري بالإخلاء القسري وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وإجراء تقوم به الحكومات أو المجموعات المتعصّبة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معيّنة بهدف إخلاء أراضٍ معينة لجهة بديلة أو فئةٍ أخرى، وهو بالضبط ما حدث في مدينة عفرين المحتلة، بحسب ما أفاد به الناشط الحقوقي جبرائيل مصطفى خلال لقاء مع مراسل وكالتنا.
جبرائيل مصطفى المقيم في مقاطعة الشهباء والذي ذاق مرارة الابتعاد عن أرضه لم يتوان عن البحث قانونيًّا عن فكرة ما يأخذ بالقوة يسترد بالقانون، مستذكرًا المواد / ٦ و٧ و٨ / من نظام روما الأساسي لعام 1998 والتي جاءت صريحة في اعتبار التهجير القسري جريمة حرب وهو مطبق بكافة أركانه في عفرين.
وبهذا الصدد، أفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أحد تقاريره بوجود ما أسماه “النهج المقلق” بشأن الانتهاكات الجسيمة في عفرين ورأس العين وتل أبيض، حيث وُثقت زيادة في أعمال القتل والاختطاف والنقل غير الطوعي للناس والاستيلاء على الأراضي والممتلكات والإخلاء القسري، حيث نلاحظ وجود تطابق مع ما نصت عليه المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة (اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية) والتي تمّ إقرارها في (٩-١٢-١٩٤٨).
ويشير جبرائيل مصطفى خلال تصريحه، إلى ضرورة تطبيق المادة (٤٩) من اتفاقات جنيف الأربع والمؤرّخة /١٢- ٨- ١٩٤٩/ والبروتوكولان الملحقان به لعام (١٩٧٧) بخصوص جرائم الحرب التي تعرف بأنها تلك الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة إذا تعلّق الأمر بالتهجير القسري.
كما اعتبر جبرائيل موقف المجتمع الدولي مسيّسًا نظرًا لعدم قيامه بخطوات جادة لمجابهة التغيير الديمغرافي، عبر التنديد إما عبر التقارير أو البيانات دون اتخاذ إجراءات فعلية على أرض الواقع.
يؤكد جبرائيل خلال حديثه، أن التغيير الديمغرافي شمل جميع نواحي الحياة، وبات يشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل المنطقة حتى طال المعالم الأثرية من تلال ومواقع وسرقتها يعتبر شكلًا آخر للتغيير الديمغرافي لأنه يقضي على تاريخ المنطقة وتزييفها بشكل كامل، كمعالم النبي هوري ومار مارون.
أما المواطن حجي مصطفى، فبيّن أنه تم الاستيلاء على كافة الأملاك العائدة له من بيوت وآليات حتى أنهم فجروا بئرًا للماء واقعة في أرضهم تحت تهمة الإرهاب، وشبّه فكر داعش بفكر النظام التركي لما انتهجه من أساليب وممارسات بشعة بحق أهالي عفرين.
ويتابع حجي “وأنا أحد ضحايا عمليات التغيير الديمغرافي التي استهدفت الوجود الكردي في عفرين، حيث قلعوا وقطعوا 3000 شجرة زيتون وتين العائدة ملكيتها إليّ، كما أنني لن أنسى التعديات المرتكبة بحقي من انتهاك لحرمة البيوت والمزارات المقدسة”.
‘أسوأ المعذبين… مفوضين من قبل تركيا’
في تقرير لجنة تحقيق الأمم المتحدة بشأن سوريا ورد في الفقرة (48) ما نصه ’”وفي عفرين أيضًا، في كانون/الأول ديسمبر مر عضو بارز من ألوية الجيش الوطني بشقق عمارة سكنية كبيرة بابًا بابًا، وطلب سندات إثبات الملكية من السكان الكرد فقط، وأجبر أحد السكان، الذي لم يتمكن من إبراز السند على الحضور إلى المكتب الأمني للواء، حيث تعرض للإساءة اللفظية وقيل له: “لو كان الأمر بيدي، لقتلت كل كردي عمره من سنة إلى 80 سنة”. وهُدّد بالاحتجاز. وخوفًا على سلامة أسرته، فرّ الرجل بعد وقت قصير، وذهبت إحدى النساء إلى مسؤولين أتراك في ناحية شيخ الحديد وشكت لهم من الاستيلاء على منزلها، فقيل لها إن عليها أن تتحدث إلى لواء سليمان شاه الذي فوّضته تركيا فيما يبدو صلاحية التعامل مع مثل هذه الحالات”.
ووصف التقرير الصادر عن الأمم المتحدة مجموعتين مرتزقتين يدعمهما جيش الاحتلال التركي، وهما فرقة السلطان مراد التي تحوي في جسمها الفصيل المرتزق المخول تركيًّا لنقل الملكيات لواء سليمان شاه(العمشات) وفرقة حمزة، بأسوأ المعذبين في عفرين.
ويشير الحقوقي جبرائيل مصطفى بهذا الصدد، إلى أن حضور نصر الحريري إلى عفرين وزيارته لرئيس مرتزقة فصيل لواء سليمان شاه، محمد جاسم، المتورط بارتكاب جرائم حرب بحق السوريين “إذن يتحمّل الائتلاف والحكومة التركية مسؤولية تلك الجرائم”.
بينما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية ’”الجماعات المسلحة التي تعمل بدعم من تركيا في ارتكاب طيف واسع من الانتهاكات ضد المدنيين في عفرين، من قبيل مصادرة الممتلكات ونهبها، والاعتقال التعسفي.
ومن المرجح أن تكون هذه الجماعات وتركيا مسؤولة عن الهجمات العشوائية التي وقعت أثناء الأعمال الحربية الدائرة في شمال شرق سوريا، وفي المنطقة نفسها’”.
أما عن السرقات الحاصلة في المقاطعة المحتلة، فالتقت وكالتنا المواطن حكمت علي عرب من ناحية شيه الخاضعة لسيطرة مرتزقة لواء سليمان شاه، والذي قال إن دولة الاحتلال التركية هاجمتهم واستهدفتهم بشكل مباشر في عفرين كما يقول إن السلب والنهب الذي تعرضوا له لا يوصف.
وهذا ما أكدته الصور والفيديوهات التي التقطها مراسل فرانس برس إبان احتلال عفرين في 18 من مارس عام 2018 على يد جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.
حكمت يقول إن أراضيهم تعود لأسلافهم وجذورهم ثابتة في تلك الأرض، ويتساءل حول استمرار نهج تركيا في استهداف الكرد مستشهدًا بإحدى خطابات الرئيس التركي والذي يقول فيها إنهم سيلاحقون الأحلام الكردية ولو كانت في إفريقيا.
وعن أكثر ما يحزنهم في قول حكمت أنهم عجزوا عن الإيفاء بوعد خدمة شجرة الزيتون من الآن إلى الممات، ويقول في نهاية حديثه إن مطلبه الوحيد هو العودة إلى عفرين.
وعن أكثر الجرائم وحشية يقول الحقوقي جبرائيل مصطفى “قمنا بتوثيق الكثير من الحالات كنشطاء حقوقيين معنيين بهذا الأمر، لكن أكثر الحالات التي بقيت آثارها في ذهني هي عندما يقوم المرتزق محمد الجاسم برفقة عناصره بجلب فتاة عنوة من إحدى القرى التابعة لجندريسه لاغتصابها، وذلك بإحدى مقرات الفصيل، ليفرجوا عنها بعد تعريتها من كافة ملابسها”.
فيما يشدد جبرائيل على أن الدولة التركية عبر تاريخها تستغل القوانين المعطلة في القانون الدولي، قائلًا “هناك نصوص تجرم هذه الممارسات، إلا أن تركيا تستغل المصالح السياسية التي تجرد من الأخلاق، على الرغم من صدور مئات التقارير الدولية توثق الجرائم الحاصلة، من جرائم الحرب والإبادة الجماعية وضد الإنسانية”.
‘استخبارات تركيا ودورها اللاأخلاقي في عفرين’
وبخصوص افتتاح المراكز الدينية يقول جبرائيل إنهم أحصوا كناشطين حقوقيين افتتاح أكثر من 20 مركز ديني لنشر الفكر التطرف الديني والذي يشجع على التمييز وعدم قبول الغير، ويستند غرس ذلك في ذهن الأطفال عبر إجبار أهلهم لإرسال أطفالهم وفرض الحجاب على القاصرات.
مراسل وكالتنا تواصل مع عدد من أهالي عفرين المقيمين في المقاطعة والذين تخوفوا من الإدلاء بأسمائهم خشية مواجهة الخطف أو القتل على يد فصائل المرتزقة، ومن بين هؤلاء المواطن (ح، ع) الذي قال إن محور خطابات الصلاة الملقنة للأطفال تتمحور مواضيعها حول الجهاد وبناء خلافة إسلامية عثمانية في المستقبل.
وقال (ح، ع) أيضًا إنه يتم تعيين خطباء الجوامع ودفع رواتبهم من قبل الاستخبارات التركية، شريطة أن تحدد الخطبة من قبلهم ويتم شرحها على مبدأ أن العثمانيين هم الخلفاء الشرعيين للعالم الإسلامي.
كما أشار (ح، ع) إلى وجود خلايا دعارة ولواطة مرتبطة بالميت التركي تنشط بشكل كبير في عفرين، ويتم إغواء عناصر الفصائل المرتزقة، وذلك كتجارة مربحة، بالإضافة إلى وضع هؤلاء المرتزقة تحت المراقبة الكلية وسلب قرارهم عبر ابتزازهم بمقاطع فيديو إباحية تلتقط لهم لإجبارهم على المشاركة في معارك تركيا الخارجية.
‘عفرين تباد… عفرين تذبح‘
واستذكر جبرائيل أحد أكثر القصص قساوة والتي وثقوها، وأكد أن أحد مرتزقة فرقة الحمزات اغتصب فتاة بالغة من العمر (18عامًا) وفضّ عذريتها، لتبقى عندهم أكثر من 5 أيام، بعدها تم تسليمها لذويها وتهديد والدها تحت وطأة السلاح بعدم إفشاء أي سر، وينوّه جبرائيل إلى أن الأب الآن مجنون وفقد وعيه بشكل كامل، ويتابع حديثه بالقول “في عفرين ترتكب كافة الجرائم …عفرين تباد… عفرين تذبح”.
أما الرئيسة المشتركة لإقليم عفرين شيراز حمو، فأنهت حديثها بالتأكيد على أنهم يحاولون قدر المستطاع تشهير سياسات الدولة التركية بقيادة أردوغان، إلى جانب ذلك، نحاول تسليط الضوء على الجرائم المرتكبة بحق أهالي عفرين عبر توثيقها ونشرها.
ويبقى حلم العودة المرافق لأكثر من 350 ألف مُهجّر من عفرين ينتقل بين مخيمات النزوح في مقاطعة الشهباء، حيث يقاسي المُهجّرون كل الصعوبات وعيونهم على ديارهم المحتلة التي تجاورهم.
المصدر: ANHA.