تراجع في مسار التقارب بين دمشق والاحتلال التركي.. الأسباب والمؤشرات
شهد مسار التقارب بين الاحتلال التركي وحكومة دمشق خلال اليومين الماضين، تراجعاً بعد تصريحات بشار الأسد الداعية إلى انسحاب الاحتلال من الأراضي السورية وإيقاف دعمه للإرهابيين؛ ما دفع باحثين لاستبعاد اكتمال هذا التقارب.
وقال بشار الأسد، إن أي محادثات مستقبلية مع تركيا يجب أن تُبنى على أساس؛ هدفين هما، إنهاء احتلال الأراضي السورية ووقف دعم أنقرة للإرهاب، وأن الاجتماعات “يجب أن تبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات”.
وأدلى الأسد بهذه التصريحات التي أوردتها وسائل إعلام رسمية تابعة لحكومة دمشق، يوم الخميس الماضي في اجتماع مع ألكسندر لافرنتييف؛ المبعوث الخاص للرئيس الروسي في دمشق، حيث تدعم موسكو التقارب بين حكومة دمشق ودولة الاحتلال التركي، واستضافت محادثات بين وزراء دفاع البلدان الثلاثة الشهر الماضي، وتعمل على ترتيب اجتماعات بين وزراء الخارجية ثم بين الرؤساء في نهاية المطاف.
وأفاد مصدر مطلع على المفاوضات لوكالة رويترز، بأن حكومة دمشق تريد من دولة الاحتلال التركي؛ سحب قواتها من مناطق في الشمال ووقف دعمها لثلاثة فصائل رئيسة من “المعارضة”.
وأضاف المصدر، إن حكومة دمشق حريصة على أن تلمس تقدماً بشأن تلك المطالب من خلال لجان متابعة قبل الموافقة على اجتماع لوزراء الخارجية، فيما قال مولود جاويش أوغلو، يوم الخميس إنه قد يجتمع مع فيصل المقداد في أوائل شباط نافياً تقارير عن احتمال عقد اجتماع الأسبوع المقبل.
وعن دلالات تصريحات الأسد التي اشترطت خروج الاحتلال التركي من الأراضي السورية ووقف دعم الإرهاب؛ لعقد لقاء مع أردوغان، يعتقد الباحث والمحلل الاستراتيجي، الدكتور علاء الأصفري أن “تصريحات الرئيس السوري هي شروط واضحة جداً لأي تقارب بين سوريا وتركيا، فهنالك شرطان رئيسان؛ أولاً، خروج الاحتلال التركي من الأراضي السورية، ووقف دعم الإرهاب بكافة أشكاله بمناطق الشمال في سوريا”، مضيفاً إن “موسكو تريد أن يحدث هذا التوافق، وأيضاً تركيا تريد ذلك، وخاصةً أن الانتخابات التركية باتت قريبة جداً”.
وأشار الأصفري إلى أن “سوريا غير معنية بموضوع الانتخابات الرئاسية في تركيا، وغير مهتمة سواء نجح أردوغان أو المعارضة في نيل الأصوات في الانتخابات الرئاسية”، موضحاً أن “المهم هنا أن يكون لسوريا برنامج جيد ومتكامل عن إنهاء الوجود التركي، وإنهاء دعم أنقرة للعصابات الإرهابية الممتدة في شمال غربي سوريا، ومنطقة إدلب حيث هناك جبهة النصرة والتي تعتبر تركيا؛ الداعم الرئيسي لها، لذلك أعتقد أن هذين الشرطين هما مهمان جداً؛ لإنهاء الملف بين سوريا وتركيا”.
وعن الوضع في شمال وشرق سوريا، لفت الأصفري إلى أنه إذا حدث اتفاق “سيكون هناك وجود للجيش السوري على طول الحدود السورية – التركية؛ منعاً لاستغلال تركيا لأي ذريعة بخصوص وجود الكرد”، معتبراً ذلك “شأناً سورياً داخلياً وليس من شأن أردوغان”.
وطالب الأصفري بأن يكون هناك “اتفاق واضح، حتى يتم اجتماع الرئيسين، لذلك على الأتراك أن يقوموا بالمبادرة، إذا كان لديهم النية الجيدة في تحقيق المصالحة والتقارب مع دمشق”.
واعتقد الكاتب والصحفي السوري، سامر خليوي أن تصريحات الأسد جاءت بعد لقاءه المبعوث الروسي، وقال: “جاءت بموافقة روسية ضمنية من أجل رفع سقف المطالب قبل بدء المحادثات، كما اعتبر خليوي، الأسد بأنه “ليس صاحب قرار وإنما تابع لروسيا ولا يستطيع أن يرفض لها طلباً”.
وعن المساعي الروسية للتقريب بين أردوغان والأسد، فاعتبرها خليوي “محكوم عليها بالفشل؛ لأسباب عديدة منها أولاً، الأسد يصنف (المعارضة) التي تتبناها تركيا بالإرهاب، وإذا تحالف الأسد مع أردوغان هذا يعني أن قوات (المعارضة) ستقاتل مع قوات الأسد، وهذا غير ممكن لمعظم الفصائل، ثانياً، الرفض الأميركي لهذا التقارب والمناطق التي يريدها أردوغان أن تعود للأسد؛ هي مناطق محميّة من قبل الولايات المتحدة”.
أما ثالثاً وحسب خليوي “هناك نسبة من الشعب التركي، لن تقبل بهذا التقارب الأسدي الأردوغاني، كما أن الكرد لن ينتخبوا حزب أردوغان، وتقريباً ربع الشعب التركي لن يصوت لأردوغان، كما أن أهالي المناطق وأبناء العشائر التي توجد بها قسد سوف تحارب أي هجوم أسدي أردوغاني، ولهذا ولأسباب أخرى لن يرى النور هذا التحالف الأردوغاني- الأسدي”.
المصدر: ANHA.