أفرجت الولايات المتحدة عن وثائق كان يمتلكها معهد أبحاث القوات الجوية في ألاباما، تروي تفاصيل حرب خفيّة لا يعلمها الكثيرون، وقعت بين بكين وواشنطن، قبل 63 عاما، وقتل فيها طيّارون وأُسر آخرون.
حسب صحيفة “آسيا تايمز”، ورد في الوثائق أنه في عام 1960 وفي ذروة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا، صعد نجم الصين على أنها قوة عسكرية جديدة لها طموح قد يؤثّر على نفوذ أميركا.
حينها بدأت واشنطن تجهيز أسطول جوي من طائرات استطلاع “U2 Spy” لاختراق الأراضي الصينية، والتقاط المواقع المهمّة، ومعرفة ما يحدث داخلها، ولم يكُن حينها متوفر أقمار صناعية متطورة للقيام بالمهمة.
إلا أنه فجأة وقعت حادثة أجبرتها على التراجُع عن هذه الخطة، فقط سقطت طائرة استطلاع أميركية بصاروخ روسي بعد أن اخترقت المجال الجوي الروسي وحلقت فوق قواعد عسكرية.
ورغم أن أميركا حينها زعمت أنها طائرة خاصة بعمليات بحث علمي فإن الاتحاد السوفيتي أثبت أنّ هدفها الاستطلاع والمراقبة بعد أسر طيارها الأميركي والتحقيق معه.
تكمل الوثائق: “حينها وجدت أميركا نفسها في موقف صعب، وبدأت التخطيط بشكل آخر”.
مخطط القطط السوداء
على الفور، اتجهت واشنطن إلى تايوان (المدارة بالحكم الذاتي وتعتبرها الصين جزءا من أراضيها، والعلاقات متأزمة بين الجانبين)، لتنفذ من خلالها مخططها، وسارت الأمور على النحو التالي:
أبرمت اتفاقيات مع الجزيرة، تحت ستارها نقلت سرا طائرات تجسس إلى الجزيرة لتنفيذ مهام داخل الصين.
الهدف الأميركي كان معرفة القواعد العسكرية الصينية، وقواعد الغواصات، ونوع الطائرات التي يصنعها الصينيون.
اختارت واشنطن الطائرة U-2 المصنعة حديثا، والمعروفة أيضًا باسم Dragon Lady، للقيام بالمهمة لقدرتها على الطيران بارتفاعات عالية، وسمحت لها فعلا بالوصول إلى ارتفاع مذهل لا مثيل له، يبلغ 70000 قدم؛ ما جعلها محصنة ضد الصواريخ المضادة للطائرات.
أطلقت تايوان على هذه الطائرات فور وصولها سرا اسم “سرب القطط السوداء”، وأشرف الزعيم التايواني شيانغ كاي شيك، وابنه تشيانغ تشينغ بنفسه على السرب.
خلال الفترة من 1960 حتى 1974، تمت 220 مهمة استطلاعية، غطت مساحة تزيد على 10 ملايين كيلومتر مربع في البر الرئيسي الصيني.
علمت الصين بالمخطط، ونتيجة تعاون مزدهر بينها وبين الاتحاد السوفيتي، تلقت الدعم العسكري والتكنولوجي اللازم لإفشاله.
أسقطت بكين 5 طائرات وقتلت طياريها، كما أن الطائرات لم تستطِع تقديم المطلوب من كشف المواقع بدقة.
شهادة الطيارين
“مايك هوا”، أحد الطيارين الذين قادوا طائرات التجسس يقول، في الوثائق: “كانت الفكرة أن تخرج القطط السوداء في الليل، وعادة ما تنطلق U-2 في الظلام، وكاميراتهم هي العيون التي كانت متخفية للغاية وهادئة ويصعب الحصول عليها”.
“عندما تعلم جيش التحرير الشعبي كيفية منع عمليات U-2 في السنوات التالية، لقي 10 طيارين حتفهم خلال المهمات فوق الصين، وبدأ الصينيون في البر الرئيسي تطوير مواقع إطلاق الصواريخ، ونفّذوا أساليب مناورة عالية الدقة في تحريك مواقع الرادارات حسب تحرك الأهداف”، كما يوضح الطيار.
أسر طيارين
إضافة لقتل طيارين، أسرت بكين طيارين أثناء المهمات، وآخر طيار تم الإفراج عنه كان عام 1982؛ أي بعد نحو 20 عاما على هذه الوقائع.
بعد انتهاء الحرب الباردة رسميا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي نهاية الثمانينيات، أمرت واشنطن بعودة باقي أسراب الطائرات الأميركية إلى قواعد جوية في كوريا الجنوبية.
المصدر: MSN.