الأول من نوفمبر…عندما أيقنت الإنسانية خطر داعش ودعمت المقاومة في كوباني
شكّل اليوم العالمي للتضامن مع مقاومة كوباني منعطفاً تاريخياً في الوحدة المجتمعية ضد خطر داعش وإزالته بجهودٍ مشتركة، مع رغباتٍ حالية في تضامنٍ أممي مماثل مع شمال وشرق سوريا ضد الهجمات التركية المتواصلة.
اعتُبرَ الهجوم الذي بدأ به داعش في الـ 15 من أيلول/سبتمبر عام 2014؛ من 3 محاور باتجاه مدينة كوباني، من أكبر الهجمات التي شنها داعش خلال السنوات التي نشطَ فيها في سوريا والعراق، بمشاركة الآلاف من المرتزقة.
وازدادت مخاوف تكرار مأساة شنكال في كوباني التي هاجمها داعش قبل ذلك بأسابيع من بدء هجماتها على كوباني، إذ نجحت وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، في إجلاء ما يقارب 300 ألف شخص من قرى كوباني، في ظل التفوق العددي والعسكري لداعش وتقدمه باتجاه المدينة ومحاصرتها من 3 جهات، فيما حاصرت تركيا المدينة من الجهة الشمالية.
إعلان اليوم العالمي للتضامن مع مقاومة كوباني
أدركت شعوب العالم مدى خطورة سيطرة داعش على المدينة، حيث خرجَ ملايين المتظاهرين حول العالم في93 دولةٍ مثل الأرجنتين، اليابان، أفغانستان، مصر، المغرب وتركيا إلى جانب أغلب الدول الأوروبية، في احتجاجاتٍ عارمة؛ دعت الحكومات إلى التحرك في ظل دفاع عشرات المقاتلين والمقاتلات عن آخر أحياء مدينة كوباني، التي كانت على وشك السقوط بشكلٍ كامل بيد داعش.
وأُعلن عن اليوم العالمي للتضامن مع كوباني في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر؛ حيث اجتاحت المظاهرات الطرق الرئيسة في كبرى المدن حول العالم والمطارات، وأمام السفارات التركية تنديداً بالدعم التركي المباشر لداعش.
بينما شكلَ النفير العام الذي أعلنه القائد عبد الله أوجلان في جزيرة إمرالي، والذي دعا المجتمع الكردستاني إلى الدفاع عن كوباني، منعطفاً حاسماً في المعركة التي اعتبرها الكرد “مصيرية”.
حيث دخل عشرات الشبان والشابات إلى المدينة للدفاع عنها؛ قادمين من مناطق مختلفة من شمال وجنوب وشرق كردستان، إلى جانب مقاتلين أمميين من دولٍ مختلفة حول العالم.
فيما أدت فعاليات الشعب في شمال كردستان، من خلال الجدار البشري الذي شكلوه على الحدود مع المدينة، دوراً مهمًّا في فك الحصار عن المقاتلين من الجهة الشمالية.
كوباني…هزيمة داعش نحو الزوال
عقب ما يقارب الـ 6 أعوام من تحرير كوباني بدعمٍ أممي، نجحَ تكاتف المكونات في شمال وشرق سوريا تحت راية قوات سوريا الديمقراطية، من إنهاء الوجود الجغرافي للمرتزقة، وتحرير مساحات واسعة من الأراضي السورية.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن هزيمة داعش في البلاد عقب تدمير آخر معاقله في بلدة الباغوز بريف دير الزور شرق سوريا على الحدود مع العراق، آذار/مارس عام 2019.
الدولة التركية تكمل طريق داعش
وثّقت عشرات الوكالات والمحطات والوثائق السرية علاقة الاستخبارات التركية وداعش المتينة في خطةٍ للسيطرة على مناطق في سوريا والعراق، والتي باءت بالفشل، عدا المسرحية الهزيلة بين داعش والجيش التركي في جرابلس والباب، إذ سلمت داعش شمال حلب لتركيا دون أي معارك أو خسائر تُذكر.
وفي الوقت الذي تشكل فيه الدولة التركية منطلقًا لآلاف المرتزقة المنتشرين في سوريا والعراق وشمال إفريقيا، تتسع دائرة الخطر ضد جميع دول العالم، فالغزو الذي طال مناطق شمال وشرق سوريا تمكنت من خلاله تركيا إطلاق سراح العشرات من أخطر الإرهابيين في العالم من سجون قوات سوريا الديمقراطية، إلى جانب أسر داعش التي فرّت بالمئات من مخيم عين عيسى شمالي سوريا في تشرين الأول 2019.
“داعش انتهت وتركيا لم تنتهي”
في لقاءٍ أجرته وكالتنا بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع كوباني، يشي عضو الهيئة التنفيذية العامة لحزب الاتحاد الديمقراطي أحمد خوجة إلى ضرورة دعم المجتمع الدولي للمنطقة في ضوء ما تتعرض له من هجمات لا تختلف عن هجمات داعش في عام 2014.
قائلاً: “في ضوء الهجمات المستمرة ضد منطقة شمال وشرق سوريا نحن بأمس الحاجة إلى تضامن مماثل لما شهدته مقاومة كوباني خلال هجوم داعش، تضامنٌ عالمي ووحدة كردستانية لمواجهة هذا العدو، بتلك الروح التي خرج فيها سكان مئات المدن حول العالم تضامناً مع كوباني والتحرك الكردستاني الشامل، بذلك يمكننا أن نقف أمام هذا العدو الغاشم”.
وفي الإطار الوطني توجه خوجة إلى الأطراف الكردستانية “ما تسعى إليه الدولة التركية واضح جداً، وبناءً على ذلك أدعوا الأحزاب والأطراف الكردية إلى تشكيل الوحدة الوطنية، وتصعيد النضال في جميع الميادين ذلك سيكون رداً مناسباً، يقع على عاتق جميع المواطنين الكرد الشرفاء خوض هذا النضال، لا طريق سوى المقاومة، ففي هذه الأوقات العصيبة لا يمكن التزام الحياد إننا نواجه حرب إبادة غير مسبوقة”.
وفي حديثه عن المجتمع الدولي ودوره قال أحمد خوجة “لعب المجتمع الدولي دوراً فعالاً في مساندة المقاومة التاريخية في كوباني، لأنهم أيقنوا بأن داعش قوةٌ إرهابية تهدد العالم بأسره، لكن أود الإشارة إلى أن داعش انتهت وتركيا لم تنتهي، فأنقرة هي منبع الإرهاب العالمي اليوم، لذلك يتطلب من المجتمع الدولي التحرك وتوحيد الجهود ضد ممارسات الدولة التركية ودورها التخريبي في المنطقة والعالم”.
“الهجمات مستمرة والمخاطر تحيط بالمنطقة”
تقول نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في إقليم الفرات، مزكين خليل أنه “بعد انتهاء معارك إنهاء سيطرة داعش على الأرض وتحرير جميع مناطق شمال وشرق سوريا من المرتزقة، لا تزال المعارك مع الخلايا النائمة بالتنسيق مع التحالف مستمرة. لكن الآن الدولة التركية التي ترأست داعش دخلت بنفسها في الحرب ضد مناطقنا بعد أن فشلت حرب الوكالة التي قامت بها باستخدام داعش، واحتلت تركيا العديد من مناطقنا في عفرين وكري سبي وسريه كانية، ولا تزال الهجمات ضد المنطقة مستمرة بشكل يومي بهدف تنفيذ إبادة جماعية وهدم الإدارة الذاتية”.
وتؤكد مزكين خليل بأنه “هنالك مخاوف ومخاطر تحيط بالمنطقة مع استمرار هذه الهجمات التي نرى بأنها ليست اعتيادية وإنما هي جدية بدرجة عالية وينتج عنها الكثير من الخسائر والشهداء والجرحى من المواطنين”.
وتضيف “مدينة كوباني مع كل المقاومة والملاحم التي عاشتها أصبحت رمزاً للمقاومة وركيزة القضاء على داعش بكل ما مثله من إرهاب وفاشية. والآن أمام مرأى العالم الذي اتحد في كوباني للقضاء على داعش الذي لم يكن خطراً على مناطقنا وحسب وإنما على العالم بأسره، تستمر الهجمات من جانب تركيا ضد مناطقنا، بالتزامن مع صمت دولي”.
وأوضحت بأنه “قبل أيام نفذت تركيا هجمات واسعة من الجو واستهدفت البنى التحتية في شمال وشرق سوريا على الرغم من الاتفاقيات التي أبرمت عام 2019 لإيقاف العمليات القتالية في المنطقة، لكن الآن تستمر الهجمات والتهديدات بشكل يومي ضد المنطقة”.
“صمت دولي في مواجهة استمرار الهجمات التركية”
وتتساءل مزكين خليل عن سبب الصمت الدولي إزاء الهجمات التركية، وتقول: “لماذا كل هذا الصمت؟ الآن يجري انتهاك كل القوانين والاتفاقيات التي تم إبرامها، القوى الضامنة كروسيا وأمريكا لم تلعب دوراً، على العكس ازدادت وتيرة الهجمات التي تنفذها تركيا وهي الآن أخطر من الهجمات التي شنها داعش، لأن تركيا هي من أسست ونظمت وترأست داعش خلف الستار”.
وتضيف: “نقول للعالم أجمع بأن الصمت يعني الاشتراك مع تركيا وإعطائها الضوء الأخضر لتنفيذ الهجمات. نقول بأنه كما حررنا سويا مدينة كوباني من داعش بعد أن سطر أبناء المنطقة ملاحماً بطولية، اليوم يجب أن تتم حماية هذه المكتسبات التي تحققت على الأرض”.
وناشدت مزكين خليل العالم بالقول: “كما حولنا الأول من تشرين الثاني ليوم عالمي للتضامن مع مقاومة كوباني، علينا مرة أخرى أن نقوم بواجبنا الأخلاقي والوجداني والالتزام بمعاهداتنا لنستطيع إنهاء الإرهاب وإيقاف هجمات دولة الاحتلال التركية التي تؤثر أيضاً على عمليات القضاء النهائي على داعش وخلاياه النائمة التي لا تزال تشكل خطراً على المنطقة وتنفذ بشكل مستمر الهجمات في مناطق متفرقة”.
المصدر: ANHA.