أزمة تنظيم الإخوان.. الفصل الأخير اقترب
مسافة زمنية ليست ببعيدة تفصلنا عن إسدال الستار على الأزمة الداخلية الأعنف التي تعصف بتنظيم الإخوان منذ تأسيسه قبل نحو قرن من الزمان.
وبحسب المصادر التنظيمية من جبهتي الصراع “حسين” و”منير”، فإن الفصل الأخير سوف يشهد استقالة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير.
وهذا يعني انتهاء دور القيادة التاريخية للإخوان وتسليمها إدارة هياكل التنظيم لقيادات جديدة لا تتحمل مسؤوليات ملفات الفشل التنظيمية منذ سقوط حكمه في مصر عام 2013، ويلتف حول القيادة الجديدة قواعد تنظيمية يعاد تأهيلها عبر مناهج جديدة.
الأمين العام السابق للتنظيم محمود حسين، الذي يرفض كل جهود الوساطة لحل الأزمة التي أحاله على إثرها إبراهيم منير للتحقيق مع 6 من قيادات التنظيم التابعة له، ينتظره مصير الفصل من التنظيم إذا لم يرضخ ويعلن تأييده لقرارات منير.
ويُطلب من منير تسليم القيادة الجديدة مفاتيح ما يسيطر عليه من منافذ إعلامية تنظيمية تتمثل في موقع “الإخوان” وقناة “وطن” وأموال وعقارات سكنية ومدارس ومؤسسات تم إنشاؤها على الأراضي التركية بأموال تنظيمية وسجلت في الأوراق باسم محمود حسين باعتباره مسؤولاً عن أعضاء التنظيم المصريين في تركيا منذ عام 2013.
وتجعل هذه الثروة من الأصول أمر تسليمها صعبا على حسين، لكنه سيكون في الوقت ذاته مبرراً لاتهامه بالسرقة العلنية التي يشهد عليها قادة وقواعد التنظيم مما يستوجب فصله.
وتشير المصادر إلى أن حسين سوف يظل متمسكاً بكل ما سيطر عليه داخل التنظيم، ويدرس حالياً فكرة إعلان تنظيم جديد باعتباره هو التنظيم الرسمي، بعدما سبق وأصدر بياناً يعلن فيه إقالة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير واعتبره سلطة غير شرعية.
ضحايا الأمين العام
كلمة الحسم بين طرفي الصراع يتحكم فيها الصف الداخلي والتنظيم الدولي، حيث تعتبر الغالبية العظمى أن ما حدث بادرة خير لما يسموه (بعث تنظيمي جديد)، وقد يساهم في التئام لحمة الصف كون الوجوه التي أسفرت عنها الانتخابات التنظيمية الداخلية الأخيرة معظمها وجوه شابة تمتد علاقاتها الطيبة داخل الصف التنظيمي بكافة اختلافاته الداخلية وكذلك تربطها علاقات مع قطاع واسع من الخارجين عن التنظيم منذ عام 2013، أي خلال الفترة التي يحاول التنظيم حالياً تحميل كل أزماتها لمحمود حسين ومجموعته، وهو ما ساهم في استعادة التنظيم لقواعد سبق وغادرته اعتراضاً على أداءات القيادة أو تم فصلها أو تجميد عضويتها ومنع الدعم المادي عنها لعدم رضاء القيادة الرسمية عنها آن ذاك.
بعض تلك القواعد وصلت خلافات حسين معهم حد تقديم بلاغات فيهم للأمن التركي من قبل أطراف تابعة له، طالبت بترحيلهم وعدم تجديد إقاماتهم داخل الأراضي التركية.
وبعض البلاغات حملت اتهامات بتمويل جماعات إرهابية!، وحقيقة الأمر أنهم قواعد ساهموا في تقديم دعم مادي لأفراد تنظيميين كانت مجموعة حسين قد قررت رفع الدعم عنهم أو أنهم كانوا وسطاء للتنظيم في نقل أموال دون تتبع أمني، وحين غضبت القيادة اعتبرتها تهمة أدانتهم بها أمام الحكومة التركية نافية علمها بمتلقي تلك الأموال وموصفة إياهم بـ (تنظيم إرهابي).
استنفار التنظيم الدولي
أما التنظيم الدولي الحاسم الثاني لتحديد المنتصر في جبهتي الصراع (والذي ينكر وجوده الكثير من مراقبي التنظيم رغم إقرار التنظيم نفسه بوجوده عبر منافذه الإعلامية وفي لوائحه المنشورة وعبر منصاته الإلكترونية) فقد أعلن دعمه لجبهة منير واعتبرها هي (القيادة الرسمية التي لها حق البيعة والسمع والطاعة)، وهو ما بدأ تسويقه عبر مؤسسات التنظيم الدولي للإخوان، وتَصدّرْ جهاز (الإعلام) مسؤولية حسم (شرعية القيادة الجديدة وعلى رأسها القائم بأعمال المرشد).
وتصدّر تحقيق ذلك القيادي التنظيمي عزام التميمي عبر قناة “الحوار”، حيث استضاف قيادات تنظيمية قُطرية تبادلت جميعها إدانة حسين ومجموعته، وإعلان الدعم لقيادة منير والثقه فيها، مؤكدين أن (منير سيعمل على حل أزمات الجماعة العالقة واستعادة لحمة صفها وتطوير هيكلها وبعد الاطمئنان على تمام مهمته سوف يستقيل مسلماً الجماعة لقيادة شابة تحييها من جديد).
وهي الإجراءات التي بدأت فعليًا بتشكيل (مكتب الإخوان في تركيا) وتصدير وجوه شابة بلغت نسبتها 60 بالمئة من مكوناته، ويتقدمهم (الأمين العام) للمكتب هيثم سعد والمتحدث الإعلامي صهيب عبد المقصود وكلاهما لا يتجاوز عمره الـ35 وكلاهما تختلف أداءاته عن من سبقهم من وجوه تنظيمية.
ليست أول الأزمات
إن كان حسم التنظيم الدولي قراره بالانتصار لجبهة منير فيأتي سؤال ما مصير ما يرفض حسين تسليمه؟
وهنا تجيب المصادر من جبهة منير أن لا شئ فيما يمتلكه يمثل أزمة، حيث تكرر الموقف مرات سابقة كان آخرها عام 2015، حين اختلف عضو مكتب الإرشاد السابق محمد كمال مع القائم بأعمال المرشد حينها محمود عزت، مما نتج عنه أزمة تنظيمية داخلية عام 2015 – بشر مراقبوا التنظيم حينها أنها أزمة نهايته – وكان يملك كلا الطرفين مصادر للتمويل يرفض تسليمها للآخر وكان تحت إمرة كمال تنظيم (الخلايا النوعية/ الجهاز الخاص) ومصادر تسليحها وتمويلها ورفض تسليمها لأحد من جبهة الإدارة الرسمية.
بعد مقتل كمال في مواجهات أمنية عام 2016، قام مؤيديه بإعلان ما سمي بـ(المكتب العام) وقدموه باعتباره الهيئة الرسمية الممثلة للجماعة معلنين تمردهم على (القيادة الرسمية) حينها المتمثلة في محمود عزت، مستغلين دعم بعض المكاتب الإدارية –مجلس إدارة المحافظات- لهم، واستحواذهم على بعض مصادر التمويل، وسيطرتهم على الموقع الرسمي للتنظيم (إخوان أون لاين).
وبعد أشهر قليلة تناقص الدعم المادي تدريجيًا، حيث امتثل الممولون لأوامر القيادة الرسمية التي استطاعت فرض سيطرتها أيضًا على الموقع الرسمي، لينتهي أمر (المكتب العام) الذي لم يعد يتبعه إلا قلة معدودة داخل شباب التنظيم وتسعى القيادة المنتخبة حديثاً لاستعادتهم إلى حظيرة التنظيم من جديد .
وتضيف المصادر بجبهة منير: (لم يكن المكتب العام أول جبهة تتمسك بما لديها من مفاتيح تنظيمية وترفض تسليمها ولن يكون حسين آخر من يرفض فعلى مدار 100 عام شهدت الجماعة عشرات حالات الانشقاق التي كان يخرج فيها القيادي التنظيمي حاملاً معه ملفات تنظيمية أو مؤسسات أو عقارات أو أموال دون أن يؤثر ذلك على مقدرات الجماعة المالية أو يمنعها من الاستمرار ولم تستطع أي جبهة انشقاق الصمود والانتصار على القيادة الرسمية للتنظيم) .
خطة (الطرف الثالث)
تشير المصادر في جبهة محمود حسين أنه يدرك تماماً أن قدرته على الاستمرار في المعركة أمام القيادة الرسمية لن تدوم طويلاً، لكنه يحاول الصمود حتى الرمق الأخير حيث يرفض حسين الاستمرار لكنه يدرك أن ذلك لن يؤثر حقيقة على استمرارية التنظيم الجديد الذي سيتسلم القيادة من منير.
مِن جانبها، تسعى مجموعة حسين للدفاع عن موقفها أمام قيادات وقواعد التنظيم في الداخل والخارج عبر رسائل إلكترونية ومكتوبة ومباشرة، تتهم ما أسموه (طرف ثالث داخل التنظيم) بأنَّه المسئول عن إدارة حملة لـ (إسقاطهم واختطاف الجماعة)، داعمين هذا الاتهام بـ (حصولهم على أوراق موثقة سربوا أجزاءً منها ناسبين كتابتها لطرف خفي داخل التنظيم).
ورغم نفي وجوه من مستويات متعددة محسوبة على جبهة منير، إلا إن الأوراق المُسربة تتماشى خطواتها مع الأحداث المتصاعدة داخل التنظيم خلال الأشهر الست الماضية، وهو ما يؤكد أنها (خطة عمل) تم صياغتها في مطبخ سري تابع للتنظيم الدولي في ضوء رفع واقع تنظيمي للحالة المصرية وتبدأ خطواتها التنفيذية بمجرد (إلقاء القبض على القائم السابق بأعمال المرشد محمود عزت في أغسطس 2020).
المصدر: سكاي نيوز.