شمال وشرق سوريا على أعتاب تطبيق نظام صحي

تتوجّه شمال وشرق سوريا نحو بناء نظام صحي، حسب معايير صحية عالية من شأنه إعادة تأهيل البنية التحتية في القطاع الصحي، بشكل جذري بما يضمن خدمات أكبر وأفضل للمواطنين ولحقوق الكادر الطبي.

خلال أكثر من عقد للأزمة السورية، والحصار الذي تتعرض له شمال وشرق سوريا من كافة الجهات، شهدت واقع العديد من المجالات الحياتية تدهوراً في قاعدتها الأساسية، منها القطاع الصحي، مع عدم قدرة الإمكانات الموجودة في الوقت الراهن على تلبية احتياجات المواطنين.

إذ يرى العديد من خبراء الصحة في المنطقة أن النظام الصحي الحالي في كل سوريا، من ضمنها شمال وشرق سوريا غير قادر على تطوير نفسه أو إجراء تغييرات في هذا المجال، نتيجة ما شهده من تضرر وتدهور في بنيته الأساسية.

في هذا الصدد، أوضح الرئيس المشترك لهيئة الصحة في شمال وشرق سوريا، جوان مصطفى أن شمال وشرق سويا لا تملك بعد نظاماً صحياً متكاملاً على أرض الواقع، وأن النظام الذي يدير عمل المستشفيات والمستوصفات ويضمن حقوق الأطباء والمواطنين من الناحية الصحية متضرر بشكل كبير.

تقديم خدمات إسعافية

وضمن الإمكانات الموجودة، سعت هيئة الصحة في شمال وشرق سوريا، منذ بداية تأسيسها عام 2018 وقبل ذلك هيئات الصحة في الإدارات الذاتية الديمقراطية في الأقاليم، إلى بناء مشاريع صحية عدة في المنطقة كبناء المستشفيات المتخصصة والمراكز الصحية في مدن عدة، بينما يرى جوان مصطفى أن كل هذه الخدمات الصحية التي قُدّمت لغاية اليوم، تمت من الناحية الإسعافية فقط، وأنها غير كافية لبناء نظام صحي استراتيجي طويل الأمد لخدمة المنطقة.

وتابع مصطفى: “يشهد الواقع الصحي في المنطقة نقصاً في العديد من الأقسام ضمن المراكز الصحية والخدمية، لذلك فالمنطقة بحاجة ملحّة لبناء نظام صحي من جديد، حسب الوضع الحالي واحتياجات المواطنين”.

مشاريع صحية ضخمة لم تُنفذ بعدُ

ولإعادة تأهيل البنية التحتية للقطاع الصحي المنهار وتطويرها في المنطقة عبر تنفيذ العديد من المشاريع الصحية الضخمة، أعلنت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، خلال اجتماعها السنوي الذي عُقد في 9 كانون الثاني المنصرم، عن عدة مشاريع ضخمة ضمن خططها لعام 2023.

كان أهم هذه المشاريع “افتتاح بنوك لوحدات الدم والعيادات الشاملة، وبناء مشافٍ جديدة وإعادة بناء النظام الصحي في شمال وشرق سوريا”.

عن ذلك، بيّن جوان مصطفى أنه كان لدى هيئة الصحة مشاريع استراتيجية لعام 2023، لإجراء تغييرات كبيرة في القطاع الصحي في عموم شمال وشرق سوريا للتوجّه نحو نظام صحي، وفي العديد من المناطق يستمر العمل على هذه المشاريع كمشفى الشعب في كوباني، وفي بعضها الآخر تم الانتهاء منها وافتتاحها كالمشفى العام في دير الزور، فيما يتم الاستعداد للبدء بالمشاريع في مناطق أخرى.

وافتتحت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، في 15 أيار الجاري، مشفى الكسرة العام، ليقدم الخدمات الصحية لأكثر من 400 ألف نسمة في مناطق ريف دير الزور الغربي.

مصطفى أعاد سبب تأخُّر تنفيذ هذه المشاريع إلى “المشاكل الحالية ونقص الإمكانات، لكننا نسعى لتلافي هذه الصعوبات والدخول في المرحلة العملية، وفي وقت قصير سيتم حل بعض هذه المشاكل وبالأخص المشاكل المادية لتنفيذ المشاريع”.

وعود دولية لدعم صحة شمال وشرق سوريا

جوان مصطفى أشار إلى المستوى الدبلوماسي لهيئة الصحة للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وأوضح: “بلا شك إذا بقيت الصحة ضمن إطار محصور سينتج عن ذلك صحة ضعيفة بعيدة عن التطورات العالمية، لذلك بدأنا بحملة دبلوماسية عبر زيارة الدول المتقدمة صحياً كإيطاليا وإسبانيا للاستفادة من تجاربها الاستراتيجية لتلافي المشاكل والفراغات الصحية في مناطقنا، والخروج من المرحلة الإسعافية للدخول إلى مرحلة البناء عبر الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة”.

عن نتائج هذه الزيارات، أكد مصطفى: “هناك تطورات كبيرة من الناحية الدبلوماسية، يتم عقد لقاءات مهمة جداً مع الأقسام الصحية في تلك الدول، وتلقينا وعوداً إيجابية منهم لدعم القطاع الصحي في شمال وشرق سوريا”.

بناء نظام صحي قريباً

الرئيس المشترك لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، جوان مصطفى أوضح أن النظام الصحي الذي يتم العمل عليه منذ قرابة عام ونصف العام سيتم تطبيقه عملياً على أرض الواقع في عموم شمال وشرق سوريا، وبيّن: “شمال وشرق سوريا بحاجة لإعادة تأهيل البنية التحتية للصحة، لذلك نعمل منذ قرابة العام ونصف العام على تحقيق ذلك، والآن ندخل في المرحلة العملية لهذا النظام، إذ تم تجهيز كل بنوده وتم قبولها رسمياً”.

وأضاف جوان مصطفى: “سيتم تطبيق بنود هذا النظام على مراحل، فإذا طبق النظام الصحي بكل مراحله على أرض الواقع سيكون هناك تغيرات جذرية في قطاع الصحة بشمال وشرق سوريا، وأيضاً في تنظيم كل كوادرنا الطبية ضمن هذا النظام وسيصون حقوقهم وحقوق المواطنين”.

المصدر: ANHA.