صالح مسلم يقيّم التفاهم الموقّع مع تيار اليسار الثوري السوري ومقاربات دمشق وموسكو
أشاد صالح مسلم بالتفاهم مع تيار اليسار الثوري السوري واعتبره مقدمة لتفاهمات مع قوى وأحزاب أخرى. كما انتقد مسلم مقاربات حكومة دمشق من الأزمة السورية، وعبّر عن أمله بعدم تقديم روسيا تنازلات لدولة الاحتلال التركي في قمة سوتشي المقررة في الـ 5 من آب الحالي.وقع حزب الاتحاد الديمقراطي وتيار اليسار الثوري السوري وثيقة تفاهم، في 24 تموز المنصرم، تهدف إلى الارتقاء بآليات العمل المشترك ومواجهة التحديات المشتركة.
كيف حصل هذا الاتفاق؟ إلام يهدف؟ هل هناك تواصل مع الأحزاب والقوى السياسية السورية الأخرى للاستمرار في بناء علاقات تعود بالنفع على مستقبل البلاد؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، في لقاء خاص مع وكالتنا.
قيّم مسلم أيضاً بيان دائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية بعد نفيها وجود أي لقاءات سياسية مع حكومة دمشق، وعزمها على استكمال الحوار، كما تطرق إلى الاجتماع الذي سيعقد في سوتشي في الـ 5 من آب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان الذي يطمح للحصول على ضوء أخضر من روسيا للهجوم على شمال وشرق سوريا.
‘نخوض نضالاً سياسياً لإيصال صوت قضيتنا ومشروعنا’
أوضح صالح مسلم أنهم منذ بدايات تأسيس حزبهم عام 2003، وهم يخوضون نضالاً لإيصال صوت قضيتهم ومشروعهم كذلك عزمهم على الاتفاق والتفاهم مع الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية السورية دون تمييز.
وبيّن مسلم أنهم في عام 2005 عندما تم تأسيس إعلان دمشق، “أردنا أن نكون جزءاً من الإعلان، لكن لم يتم قبولنا، بل وتم اتهامنا أننا كـ كرد نسعى إلى الانفصال، بهذه الحجج الواهية لم يتم قبولنا آنذاك. في عام 2005 كانت هناك الكثير من الأحزاب السياسية تعمل تحت سقف الإخوان المسلمين”.
يشار إلى أن إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، هو وثيقة وقعت عليها شخصيات من المجتمع المدني بالإضافة إلى الإسلاميين والليبراليين السوريين في عام 2005، وتدعو إلى إنهاء 35 عاماً من حكم أسرة الأسد واستبداله بنظام ديمقراطي.
‘اختلفنا حول السياسة والرؤية’
أضاف مسلم “مع انطلاقة شرارة الثورة السورية حاولنا أن نتفق ونتفاهم مع بعض الأحزاب على مستوى سوريا، ونناضل سوياً لأننا نعيش في وطن يجمعنا. في بداية الثورة تم تأسيس هيئة التنسيق الوطنية لتوحيد رؤية السوريين، كانت الهيئة تضم الأحزاب المنافسة والمناضلة، وكنا في حزب الاتحاد الديمقراطي من الأوائل المنضمين إلى الهيئة التي تأسست في حزيران 2011، والتي كانت تضم أيضاً أحزاب يسارية ويمينية تناضل ضد النظام”.
ولفت مسلم إلى أنهم اختلفوا مع تلك الأحزاب حول السياسة والرؤية، وزاد قائلاً: “هم كانوا يطالبون بالسلطة، بينما نحن كنا نطالب بسلطة الشعب ولدينا مشروع لبناء سوريا ديمقراطية، فالشعارات التي خرج وطالب السوريون بها تبنيناها وقمنا بتطبيقها فعلياً”.
هذا وتضم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، شخصيات وأحزاب سياسية سورية معارضة، تأسست في حزيران 2011، بهدف توحيد مطالب المعارضة والسعي إلى الحوار السياسي وسلمية الاحتجاجات المعارضة للسلطة، وكانت دعت في بيانها التأسيسي إلى تنظيم احتجاجات سلمية لضمان المطالب الأساسية قبل أن تنخرط في أي حوار مع حكومة دمشق.
‘الكثيروين باتوا على قناعة أن مسار مشروعنا هو الأصح’
تطرق مسلم إلى الهجمات على روج آفا، وقال: “بدأت المجموعات المرتزقة بمهاجمة مناطقنا، ورغم ذلك لم نضيّع بوصلة خطنا الثالث. بات الكثيرون الآن على قناعة أن مسار مشروعنا هو الأصح لإخراج سوريا من النفق المظلم، وبناء سوريا ديمقراطية”.
وأضاف “يتم النقاش كثيراً حول مشروعنا وأهدافنا في بناء الإدارة الذاتية الديمقراطية، وهذا أعطى زخماً وصدى، لذلك تحاول بعض الأحزاب السياسية السورية الاقتراب من مشروعنا. ووثيقة التفاهم التي وقعناها مع التيار اليسار الثوري في سوريا لمواجهة التحديات المشتركة، ليست الاتفاق الأول من نوعه، حيث كان لنا سابقاً تفاهمات واتفاقات مع أحزاب في الداخل والخارج السوري أيضاً”.
‘هذا التفاهم مهم كثيراً’
نوه مسلم أن التفاهم حصل “بعد رؤيتهم لمشروعنا على أرض الواقع، فسابقاً زار المنطقة أحزاب وتيارات سوريا، وهذا المشروع له فائدة مهمة ليس لنا فحسب، إنما لكامل الجغرافيا السورية، ونحن نريد منهم أن يواصلوا نضالهم خاصة في المناطق التي يسيطر عليها النظام، هناك الكثير من العمل هناك”.
‘التفاهم سيمهد الطريق أمام تفاهمات أخرى’
أكد صالح مسلم أن التفاهم الذي حصل سيمهد الطريق أمام أحزاب وتيارات أخرى للتفاهم والاتفاق معهم، وأضاف: “هناك علاقات مع أحزاب سياسية أخرى يريدون التفاهم تحت سقف مجلس سوريا الديمقراطية التي نتشارك فيها جميعاً كأحزاب سياسية، نأمل في المستقبل أن نتفاهم مع حركات وأحزاب أخرى وضمهم إلى هذه العملية”.
‘النظام لا زال متمسكاً بذهنيته ويريد حماية سلطته’
وفي 29 تموز المنصرم نفت دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وجود أي لقاءات سياسية بينهم وبين حكومة دمشق، وأكدت التزامها بمبادئ الحوار الوطني بما يضمن الاستقرار والتفاهم السوري.
حول ذلك أوضح صالح مسلم أن “النظام بعيد عن مطالبنا في دمقرطة سوريا وحرية السوريين؛ النظام لا زال متمسكاً بذهنيته ويريد الحفاظ على سلطته وحمايتها، هو لا يريد شيئاً آخر، وعند الحوار مع حزب او مؤسسة أو شخصية فإن سياساتهم قائمة على العودة لأحضانهم”.
‘يجب تغيير القوانين ووضع دستور جديد للبلاد’
وقال مسلم “النظام يريد العودة إلى ما قبل 2011، ونحن نقول إن قوانين وتسلط النظام كان سبباً لانطلاقة الأزمة السورية، ولكي لا نعود إلى ذلك يجب بناء نظام جديد والاتفاق حوله بشكل مشترك، وهي سوريا ديمقراطية”، مشدداً “يجب تغيير القوانين ووضع دستور جديد للبلاد يتفق عليه الجميع”.
نوه مسلم إلى أن مَن “يدير السلطة في دمشق عليهم أن يعوا جيداً أننا جزء من سوريا وعلينا العيش سوياً ضمن هذه البلاد، ليس لدينا أي هوس لتغيير النظام أو وضع البديل محله، عكس ذلك نحن نرى أخطاء يجب إصلاحها”.
‘سنحاول دائماً بناء سوريا ديمقراطية يتشارك فيها الجميع’
وبين مسلم أن الإدارة الذاتية ذهبت إلى دمشق في الكثير من المرات، كذلك إلى قاعدة حميميم وأصبح الروس الوساطة في تلك الاجتماعات للوصول إلى صيغة مشتركة، لكن النظام متمسك بذهنيته، وبهذا الشكل يستمر في سلطته، “لكن هذا لا يعني أننا سنظل جالسين في منازلنا، ودائماً سنحاول لنبني سوريا ديمقراطية يتشارك الجميع العيش فيها وبناءها.
‘ما تم بناؤه أصبح مثالاً يحتذى به لتطبيقه في سوريا’
أكد مسلم أن ما تم بناؤه في شمال وشرق سوريا أصبح مثالاً يحتذى به لتطبيقه في سوريا، “لينظروا إلى سوريا، بماذا يطالب السكان في السويداء؟ أليس الإدارة الذاتية. التيار اليساري الثوري السوري الذي وقعنا معه التفاهم هم أيضاً يريدون ذلك”.
وفي 19 تموز وبالتوازي مع الذكرى السنوية الـ 10 لانطلاقة ثورة روج آفا، عقد ثلاثي الصفقات (إيران، روسيا، تركيا) قمة في طهران لبحث ملفات عديدة، على رأسها الملف السوري، بحيث تسعى دولة الاحتلال التركي للحصول على الضوء الأخضر من روسيا للهجوم على مناطق شمال وشرق سوريا.
ومن المقرر أن يجتمع رئيس دولة الاحتلال التركي أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الـ5 من آب الجاري في منتجع سوتشي، لمناقشة المشاكل الإقليمية والعلاقات الثنائية.
‘تركيا لا تريد أي حل سياسي للأزمة السورية’
عن التهديدات التركية أوضح صالح مسلم أن الدولة التركية الفاشية ترأست قيادة مخطط الشرق الأوسط وسوريا بالتعاون مع القوى الدولية، وقال: “منذ 2012 وهي (تركيا) ترفض المقترحات لحل الأزمة السورية ووقفت عائقاً أمامها، هي لا تريد أي حل سياسي للأزمة في سوريا، إما أن يوضع الحل وفق مخططاتها أو لن يتم الحل. فاشتبكت المواضيع حتى أنها دعمت المجموعات المرتزقة وأسسوا داعش، بحيث وضعت إبادة الكرد في المقدمة”.
وأضاف مسلم “في بداية الأزمة السورية الروس لم يكونوا موجودين، هم جاءوا إلى سوريا في 2015 لحماية النظام السوري وفعلوا الكثير من أجل ألا يسقط، لذلك باتت صاحبة الكلمة والقرار في سوريا”.
‘سياسة تركيا قائمة على الابتزاز والاستغلال’
نوه مسلم أن روسيا وأميركا وأوروبا والجميع يعلمون ماهية المخططات التركية وباتوا على دراية بمخططها الذي يصعب تطبيقه في المنطقة، “فالميثاق الملي والعودة إلى العثمانية السابقة واحتلال كل هذه المناطق لم يسير كما توقعت تركيا، هي تبحث عن حل لذلك لجأت إلى ابتزاز أميركا وأوروبا واستغلالهم، وقد رأينا كيف ابتزت أوروبا بموضوع السويد وفنلندا، سياساتها قائمة على الابتزاز والاستغلال”.
ولفت أن “لروسيا صوت وقرار مؤثر حول الأزمة السورية لذلك تريد تركيا حل المسائل العالقة معها، سابقاً عقدوا اجتماع آستانا وسوتشي وكذلك اللجنة الدستورية، كانت هناك اجتماعات حول الأزمة والحرب الأوكرانية وكيفية إخراج القمح”.
‘تركيا مستعدة للتخلي عن كل الملفات لكي لا يبني الكرد أي كيان لهم’
أكد مسلم أن المشكلة الكردية وحلها في سوريا هي الركيزة الأساسية للسياسات التركية، فهي تستطيع التخلي عن كل الملفات والتنازل عنها للآخرين في سبيل ألا يبني الكرد أي كيان لهم ولا يروا الأمن والسلام والاستقرار، وقال:” لقد جعل من نفسه عدواً للعالم، لأنهم اعترفوا بنضال الكرد”.
وعن الاجتماع المقرر انعقاده في سوتشي نوه مسلم إلى أنه ستجرى نقاشات هامة وعميقة، أهم من موضوع الهجوم التركي لأن الروس يعلمون مدى ثقل هذا الموضوع.
‘نأمل ألا تقدم روسيا أي تنازلات لتركيا’
وأشار أنه “ليس من السهل أن يترك الروس الكرد هكذا بسهولة، ففي التاريخ كانت هناك علاقات تاريخية بين روسيا والشعب الكردي، “وقبل أن تدخل روسيا على خط الأزمة السورية كان لنا لقاءات معهم، حتى أنهم موافقين على مشروعنا ويريدون التوسط لحل الأزمة بيننا وبين دمشق”، على حد تعبيره.
وأضاف مسلم: “لا نعلم ماذا تريد تركيا من روسيا، ولا نعلم ماهية نقاشاتهم، لكن نأمل ألا تقدم روسيا أي تنازلات حول المواضيع المتعلقة بمناطقنا، ولا أعتقد أن يتم ذلك”.
انسحبت روسيا من قواعدها الموجودة في عفرين قبيل الهجوم الاحتلالي التركي عليها في 2018، وكان دور الاتحاد السوفياتي بارزاً في سقوط جمهورية مهاباد في 1946، حيث اجتاحتها جيوش الشاه محمد رضا بموافقة الانكليز والأميركان، وذلك بعد انسحاب الجيش الأحمر السوفياتي منها، فسقطت الجمهورية.
‘لن تستطيع تركيا الإقدام على أي فعل إن أغلقت أجواء المنطقة’
في 28 من حزيران المنصرم، طالب 23 حزباً سياسياً من بينها حزب الاتحاد الديمقراطي بفرض حظر جوي على شمال وشرق سوريا، حول ذلك قال مسلم: “التحالف الدولي وروسيا مسيطرين على أجواء المنطقة، فالنفوذ الروسي يشمل حلب والمناطق المحيطة بها، أما المنطقة الممتدة من كوباني إلى ديرك فعائدة للتحالف الدولي”.
وأكد مسلم أنه في حال إغلاق أجواء المنطقة “لن تستطيع تركيا الإقدام على أي فعل، ولن تستطيع أن تتقدم خطوة واحدة لأنها ستصطدم بتحضيرات شعبنا على الأرض الذي يستعد لحرب محتملة وفق منظور ثوري للدفاع عن نفسه”.
وأضاف “نأمل أن لا تقدم روسيا أي تنازلات لتركيا مثل السابق، بحيث تقول لهم تفضلوا واقصفوا ما شئتم، يجب ألا يفعلوا ذلك”.
‘نحن لم نعاد أحداً وندافع عن أنفسنا’
شدد الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي، صالح مسلم، في ختام حديثه على أنهم ماضون في النضال، وقال: “نحن لم نعادي أحد، منذ البداية ونحن ندافع عن أنفسنا وفق حق الدفاع المشروع، كذلك لم نتحالف مع أحد ليأتي ويحمينا، كانت هناك هجمات تستهدف أراضينا وحمينا أنفسنا ودافعنا عنها وهذا الأمر سيستمر، لذلك نأمل أن تتفهم القوى في الداخل السوري ما نريده ونطمح إليه لتحقيقه وكذلك القوى الدولية”.
المصدر: ANHA.