أخبار

​​​​​​​بعد 106 أعوام على اتفاقية سايكس – بيكو.. الكرد أمام فرصة تاريخية للتخلص من تبعاتها

بعد مضي 106 أعوام على توقيع اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة التي قسمت الكرد بين 4 دول محتلة، سنحت فرصة تاريخية للكرد للتخلص من تبعات تلك الاتفاقية باتفاق استراتيجي مع شعوب المنطقة، ويقول عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية سيهانوك ديبو أن ” الكرد لن يخرجوا خاليي الوفاض هذه المرة”.

في عام 1555، عقدت الدولتان ـ الصفوية والعثمانية ـ اتفاقية ثنائية عُرفت بـ (أماسيا)، وهي أول معاهدة رسمية، تم بموجبها تقسيم كردستان رسمياً، وفق وثيقة رسمية نصّت على تعيين الحدود بين الدولتين، وخاصة في مناطق شهروزور وقارص بايزيد، وهي مدن كردية.

وتبعت هذه الاتفاقية معاهداتٌ واتفاقات، منها معاهدة قصر شيرين (زهاو) لتنظيم الحدود عام 1639، بين الشاه عباس والسلطان مراد الرابع، وتم التأكيد على معاهدة أماسيا بالنسبة لتقسيم الحدود. هذا الأمر زاد من تعميق القضية الكردية، ثم عقدت معاهدات أخرى مثل، أرضروم الأولى 1823، وأرضروم الثانية 1847، ومعاهدة أنقرة 1921 بين فرنسا وتركيا، ومعاهدة لوزان 1923.

في مثل هذا اليوم أي في 16 أيار 1916 وقعت اتفاقية سايكس – بيكو بين فرنسا وبريطانيا. هذه الاتفاقية كانت بمثابة ضربة قوية لأقدم شعب يعيش على أرضه التاريخية، والذي يصل تعداده بين 50 إلى 55 مليون نسمة.

اتفاقية سايكس بيكو

وقّعت الاتفاقية السرية بين فرنسا وبريطانية بمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا، على اقتسام منطقة الهلال الخصيب(ميزبوتاميا)، وما بين النهرين (دجلة والفرات) بين فرنسا وبريطانيا.

قسّمت هذه الاتفاقية كردستان بين تركيا وسوريا والعراق، بعد مباحثات سرية حول الخريطة الجديدة للشرق الأوسط.  تعد اتفاقية سايكس بيكو أول اتفاقية دولية اشتركت فيها ثلاث دول كبرى، لم تراعِ مطالب الكرد في إقامة دولة أو حكم ذاتي لهم.

وهذه الاتفاقية حصلت في منطقة الهلال الخصيب التي تضم كامل جغرافية كردستان، الأرض الغنية بثرواتها، فوق الأرض وتحت الأرض، وأكثرها خصوبة على مستوى العالم من حيث الزراعة والتجارة والثروات الطبيعية والمياه والتاريخ والحضارة والجغرافية.

ولغنى وثراء هذه المنطقة بثرواتها، راهنت عليها القوى العظمى، وفي فترة رسم الحدود الحالية للمنطقة، أجرت بريطانيا وفرنسا محادثات طويلة على تقاسمها، حتى ولد الشرق الأوسط الحالي، وضاع بين مخالبها حقوق شعوب عريقة صاحبة هذه الأرض تاريخياً.

وفي الذكرى المئوية السادسة لتوقيع اتفاقية سايكس بيكو، باتت شعوب المنطقة على دراية أن هذه الحدود المصطنعة التي أوجدتها القوى المهيمنة في الشرق الأوسط دون أي اعتبار للخصائص القومية والدينية والثقافية، ولّدت صراعات لا نهاية لها في حدود الشرق الأوسط الحديث، والتي شكلتها سايكس بيكو.

السلطة العثمانية أدت دوراً وظيفياً مدمراً في مجتمعاتنا

وحول ما تسببت به هذه الاتفاقية، وما جلبت معها من خراب في ظل تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى بركة من الدماء، يلفت عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية سيهانوك ديبو “نحن اليوم أمام حالة خسران في كافة المجالات المجتمعية؛ متأخرون عن الركب الحضاري، ونحن أهم مراكزها التاريخية، ببنية اقتصادية هشة لأغنى منطقة في العالم تشكل فضاء اقتصادي وسياسي واحد وأنظمة سياسية هشة لأفكار صدئة تعبّر عن أيديولوجيات ضيقة لا نصيب لها من الحياة”.

وتابع “إن الحالة الثقافية متردية، إن لم نقل في حالة موت سريري. في الحقيقة أدت السلطنة العثمانية دوراً وظيفياً مدمراً في مجتمعاتنا، التخلف الذي جاء فرصة من قبل نظام الهيمنة العالمية للانقضاض وبناء برك ومستنقعات أدخلتنا في حالات الستاتيك المعهودة. من المهم القيام بالخطوة الأولى وإعادة تعريف جديد، وتشكيل حداثي ديمقراطي للمنطقة برمتها.

وبعد سنوات طويلة من الخيبات والمآسي حلت على رأس الشعب الكردي، اليوم يريدون من جديد إحياء آمالهم وطموحاتهم في الحرية والمساواة بمشروع ديمقراطي رائد لسائر الثقافات والأديان في الشرق الأوسط، بحيث يحتضنها جميعها وينهي الحروب العاصفة فيها ويجد الحلول لها بعدما وضعت هذه الاتفاقية حدوداً وأسواراً في أقدم منطقة حضارية ديمقراطية فشعوبها تشتتت بين 22 دولة بعدما كانت متوحدة”.

يجب إعادة تشكيل الهوية الوطنية بدلاً من الدولة القومية

وعن ما إذا كانت تحققت اتفاقية سايكس بيكو في الوصول إلى أهدافها بعد مضي 106 عليها، يقول سيهانوك ديبو “لقد فتت اتفاقية سايكس بيكو منطقتنا وفرضت هويات هي بدورها مأزومة حتى العظم، ولا يمكن بأي شكل ترقيعها واستحالة إصلاحها. وإذا كان ما حدث قبل أكثر من مائة عام بسبب التحوّل في بنية نظام الهيمنة العالمية الذي دخل وقتها إلى مرحلة الصناعوية في حلّة الدولة القومية المركزية؛ فإننا اليوم نحتاج إلى مقاربة مسؤولة تفضي إلى إعادة تشكيل الهوية الوطنية في دولة متعددة الوطنيات بدلاً من الدولة القومية المركزية”.

الهدف الأساسي جعل الأوضاع غير مستقرة واستباحة الهويات

ويرى ديبو “أن أي رهان على غير ذلك يعني أننا أمام تفتيت المجزأ؛ وهذه مغامرة لن يسلم منها أحد. فحينما تم توجيه حرب الإبادة على الكرد في اتفاقات وضعت قبل قرن وتم تجزئتهم بالشكل الحالي؛ كان الهدف الأساسي من ذلك هو جعل الأوضاع غير مستقرة وقلقة ومهيأة للتدخل واستباحة جميع الهويات، منها المستحدثة أيضاً. والطامة الكبرى حينما جَنحَت بعض القوى والأنظمة المحلية والإقليمية مع هذا المفهوم وأصبحت تؤدي دور الكومبرادور رهاناً منها بأنها مُغطّى من كل سوء”.

وأشار ديبو إلى “أن أمام القوى الوطنية الديمقراطية فرصة حقيقية، يجب عدم تفويتها لحل حقيقي للقضية الديمقراطية في منطقتنا والقطع أمام أي فرصة حقيقية لإعادة إنتاج أي نظام استبداد مركزي على أساس قوموي أو دينوي أو جنسوي؛ ومن المهم القول إن إحدى أهم مداخل القضية الديمقراطية حل عادل للقضية الكردية، ومن المؤكد أننا سنكون أقرب من أي وقت مضى من شرق أدنى آمن ومستقر”.

اتفاقية لوزان 1923

وقّعت اتفاقية لوزان في الـ 24 من تموز عام 1923، وتضمنت إلغاء الوعود التي أطلقتها بريطانيا وفرنسا في إقامة دولة كردستان، على الرغم من اتخاذ القرار في معاهدة سيفر، إلا أن الدول العظمى، وخاصة بريطانيا، قامت بإسقاط القرار في معاهدة لوزان.

وقبل توقيع الاتفاقية، عقد مؤتمر لوزان بسويسرا 1922، واستمر 8 أشهر، وكان هدفه التفاوض على معاهدة جديدة مع تركيا التي سبق ورفضت الاعتراف بما جاء في معاهدة سيفر، وبعد مفاوضات طويلة تم تسوية الخلافات بين بريطانيا وفرنسا وتركيا، ورضخ الطرفان للشروط التركية على ألا يشارك أي وفد كردي في المؤتمر، ومنع تدويل ومناقشة القضية الكردية في شمال كردستان، خوفاً من ارتماء تركيا في أحضان الاتحاد السوفييتي، وبذلك تعزز موقع تركيا في المنطقة وعلى الساحة الدولية، وتغيرت موازين القوى لصالح تركيا التي تفردت بالحكم في تركيا، وإعلان النظام الجمهوري في 1923.

وعند توقيع اتفاقية لوزان لم تطرح القضية الكردية، وتجاهلت القوى المتصارعة، خاصة بريطانيا وفرنسا، مصير الشعب الكردي وحطمت آماله في إنشاء دولة كردية؛ إذ تم طي صفحة سيفر في 24 تموز 1923 ولم يرد ذكر الكرد في بنود المعاهدة الجديدة التي وقّعت (معاهدة لوزان).

أدت كل هذه الاتفاقات إلى احتقان في الشارع الكردي بعدما كبلوا القضية الكردية وشنقوها في فنادق سويسرا، وأصبح الكرد موزعين عملياً، يعانون بين أربع دول بدل دولتين، حيث بدأت سلسلة من الانتفاضات والشرارات في شمال كردستان من أجل حق تقرير المصير، أخمدها جيش الاحتلال التركي بالمجازر التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء الشعب الكردي”.

بإمكان الكرد القيام بدور ريادي في استعادة هوية المنطقة الحقيقية

وألحقت اتفاقية سايكس بيكو أضراراً كبيرة بالشعب الكردي، وعن تغافل القوى التي وقّعت الاتفاق وهمشت 50 مليون كردي وتقسيم مناطقهم بين أربع دول، يقول سيهانوك ديبو “هذا تقييم مهم، حين القول إن الكرد أكثر الخاسرين من بين شعوب المنطقة؛ شعب أصيل وحقيقة تاريخية وسياسية يشكل مع شعوب المنطقة هوية متكاملة للمنطقة. لكن في الوقت نفسه ومن منطق النسبية ومن مفهوم حتى الساعة المعطلة تماماً تصدق في اليوم مرتين، فإن الكرد الذين لم يقحموا في محرقة الدولة القومية المركزية بإمكانهم القيام بدور ريادي في استعادة هوية المنطقة الحقيقية والقطع على شكل يفرض على شعوب المنطقة. هذه ليست دعوة استعداء الآخر، إنما الإصرار على دور المكاملة والتتام. في مثال إنهاء الظاهرة النازية الحديثة ـ داعش ـ فقد حاربت القوى الديمقراطية الكرد والعرب والسريان الآشوريين في سوريا معاً مع التحالف الدولي بقيادة أميركا، ونسقت بشكل مهم في بعض المناطق مع روسيا. لولا هذه المكاملة لا يمكن القول إن داعش يمكن أن ينتهي. حتى هذه اللحظة هو موجود ويشكل خطر محدقاً؛ إن داعش هو الابن الشرعي لأنظمة الاستبداد المركزي بغض النظر عن تلاوينها القوموية”.

يجب إيجاد حل عادل للقضية الكردية على اعتبارها قضية وطنية سورية

وشدد ديبو “نحن السوريون يجب أن تكون من أولوياتنا إيجاد حل عادل للقضية الكردية على اعتبارها قضية وطنية سورية، وعدم القفز عليها أو تأجيلها تحت أي حجة. وسوريا تتسع لجميع السوريين. يلزمنا معايرة فكرية ومعرفية وفق أسس الحداثة الديمقراطية”.

الكرد في وضع أفضل اليوم

وعن ما آل إليه وضع الشعب الكردي اليوم، يؤكد سيهانوك ديبو “بحكم حيثيات التطورين النوعي والطبيعي، فإن الكرد في وضع أفضل من تلك الأيام التي وقّعت فيها اتفاقات سايكس بيكو 1916 والقاهرة 1921 (الواقعة وقتها تحت الانتداب البريطاني) والكارثة لوزان 1923. من المؤكد توجد اتفاقات لم تنصف منطقتنا إلى درجة أنها عادت شعوبها، في مقدمتهم الكرد”.

على الكرد أن يكونوا إلى جانب شركائهم التاريخيين

ونوّه ديبو “يجب علينا ـ نحن الكرد ـ قراءة التاريخ والاستفادة من تجارب شعوب المنطقة والعالم. الحالة المثلى للكرد أن يكونوا إلى جانب شركائهم التاريخيين (العرب والفرس والترك)، وأن أغلب الأنظمة الحالية لا تمثل شعوبها. وأفضل الحلول هي التشاركية والتوافقية غير المنفردة. وكل الظن بأننا الكرد، كشعب وقوى، قطعوا شوطاً مهماً في هذا المنحى؛ لكننا بحاجة إلى مراجعة نقدية يخرج الجميع منها بحالة جيدة، إذ لن تكون هناك حالة مثالية”.

الذهنية التي تتمتع بها أنظمة الاستبداد المركزي هي نفسها ما كانت عليه قبل مائة عام

كانت بريطانيا وفرنسا من أكثر الدول طمعاً بكردستان؛ لموقعها الجغرافي المهم في قلب الشرق الأوسط، وقربها من منطقة الخليج ومنابع البترول العربية والإيرانية، وزاد اهتمامها بهذه المنطقة بعد اكتشاف النفط فيها، لم تولِ هاتان الدولتان أي أهمية للشعب الكردي الذي كان يئن ويتشتت بين أسوار وجدران أربع دول طاغية، فمصالح هذه الدول التجارية والاقتصادية فوق أي اعتبار، وهكذا بقيت قضية أكبر وأقدم شعب في الشرق الأوسط عالقة على مذابح الاتفاقات.

وهذه الدول التي وقّعت على هذه الاتفاقية موجودة اليوم في كردستان، وعن التغييرات؛ إن كانت هناك إشكالية في مواقفها اليوم عما كانت عليه في الأمس، يوضح سيهانوك ديبو “أغلب الأنظمة التي تحكم المنطقة يلزمها الكثير، ويجب قيامها بالكثير كي تنعتق من التبعية لنظام الهيمنة العالمية والأنظمة الطرفية التابعة لها، فيكون بإمكانها اتخاذ القرارات المصيرية. يمكن القول إن الذهنية التي تتمتع بها أنظمة الاستبداد المركزي هي نفسها ما كانت عليه قبل مائة عام، هذا لا يحتاج إلى الكثير من العناء. لكن منطق الديالكتيك والتراكم التاريخي يقول إن على القوى الديمقراطية أن تحسم المسألة لصالحها، وبخاصة في هذه الفوضى التي يعيشها العالم كله”.

من الخطأ التعويل على هذه الأنظمة

وتابع ديبو “يجب أن نعلم أن الانتقال إلى نظام هيمنة متعددة الأقطاب سيترك له مفاعيل ليست بالهيّنة على المنطقة. وبشكل خاص على الدول التي وقّعت على تحجيم الكرد وتوجيه حرب الإبادة بكافة أشكالها عليهم. من الخطأ التعويل على أن نظاماً ما من هذه الأنظمة، وبخاصة نظام تركيا الأردوغانية، سيكون إلى جانب الكرد شعباً وقضية ولو لحظة واحدة. إن تغيير هذه الأنظمة بات من المهام الوطنية الحاسمة، وأولوية وجود أو عدم وجود بالنسبة لشعوب المنطقة.

وعلى خطا سايكس بيكو، باشرت تركيا فصل روج آفا عن باكور كردستان بعد أن جزأها سايكس بيكو بالأسوار خلال السنوات الماضية، حيث وضعت جداراً اسمنتياً بينهما، اليوم يقوم بفصل روج آفا عن باشور كردستان أيضاً في رسالة واضحة لإبعاد الشعوب عن بعضها.

تركيا الأردوغانية إحدى مراكز عدم الاستقرار في المنطقة

يقول ديبو في هذا الصدد “تُعَدُّ تركيا الأردوغانية إحدى أهم مراكز عدم الاستقرار في المنطقة برمتها والعالم كله إلى درجة ما. ومن الصعوبة أن يكون هذا النظام نفسه جزءاً من الحل بعد تدخله السافر في شؤون المنطقة واحتلاله مناطق من سوريا والعراق، ووجود غير شرعي غرب ليبيا، وفي بلدان عربية أخرى. في بال هذا النظام مسألة واحدة ما تسمى بـ “الميثاق الملّي” أي إنهاء إرادة الشعب الكردي وإنهاء مكتسباته بالدرجة الأولى، وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها. يوجد المئات من الأدلة والبراهين”.

حلول العراق تتضمن مجابهة العدوان التركي

ويبيّن ديبو “أن شعوب المنطقة استبشرت خيراً في تحوّل العراق إلى تجربة رائدة للديمقراطية، يمكن الاستفادة منها في المنطقة برمتها، لكن مع الأسف نجد أن التشتت والانسداد في العملية السياسية بالعراق هو عنوانها الحالي. من الأجدى لهم أن يتم التركيز على ميكانيزما الحل الوطني والديمقراطي للعراق برمته. حلول العراق تتضمن مجابهة العدوان التركي السافر وإنهاء وجوده غير الشرعي، وحل أزمة المياه التي سببها استيلاء النظام التركي على الثروات والمقدرات، وبالأمن المائي العراقي والسوري”.

يحاولون إشعال حرب حقيقية بين الكرد أنفسهم

ويرى ديبو أنه “لا يمكن أن يكون بناء جدار بين شنكال ومناطق الإدارة الذاتية جالباً لأي حل. الحل والنجدة جاءت من مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، حين قدِم العشرات من بناته وأبنائه للدفاع عن شنكال الذي كان يتعرض وقتها لحرب إبادة حقيقية من قبل داعش صيف 2014. واليوم يحاول إشعال حرب حقيقية بين الكرد أنفسهم. إن حرب الأخوة ستكون خسارة لكل الكرد. والأكثر خسارة من يعوّل على نظام تركيا الأردوغانية الذي بات في مراحله الأخيرة، طالما يصر على انتهاج حرب الإبادة ومنطق الإنكار بالنسبة للكرد كلهم.

ومع مرور 106 على توقيع اتفاقية سايكس بيكو، تقترب اتفاقية لوزان على قضاء المئوية لها، بحيث يترقب الجميع الخريطة الجديدة المزمع رسمها مع مرور 100 عام على اتفاقية لوزان والتي ستتوزع المناطق على أساس خرائط الموارد الباطنية، فاليوم تجتمع من جديد العديد من الدول العظمى في هذه المنطقة لبسط نفوذها، وأخرى جاءت للوقوف أمام نفوذ وفشل مخططات دول أخرى، فالجميع وضعوا نصب أعينهم هذه الموارد والمنطقة الغنية، وفي مقدمتها تركيا المحتلة، التي لا يروق لها رؤية أي كردي في هذه المنطقة.

فهي تريد احتلال مساحة بعمق 32 كم على طول 900 كم من أراضي روج آفا، ولها أهداف كثيرة خبيثة وقذرة تريد تحقيقها، منها إفراغ المنطقة من سكانها الأصليين وتغيير ديمغرافيتها وديمومتها وإسكان آخرين محل سكانها، ثم ضمها إلى تركيا على غرار لواء اسكندرون، والسيطرة على موارد المنطقة الباطنية، كذلك المثلث الحدودي بين روج آفا وباشور وباكور كردستان منطقة في غاية الأهمية استراتيجياً وغنية بالنفط والغاز، تريد عدة قوة السيطرة عليها.

إذ أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قضية اللاجئين السوريين إلى الواجهة من جديد لإعادتهم إلى المناطق التي احتلها في سوريا وبنى فيها المستوطنات بمساعدة جمعيات تابعة للإخوان المسلمين وتوطينهم مليون لاجئ على حساب مئات الآلاف من سكان تلك المناطق المحتلة المهجرين”.

أعمال تركيا مقرة في القانون الدولي من باب الاحتلال

وفي هذا الصدد، يبيّن سيهانوك ديبو “في البدء يجب دحض حجة تركيا الأردوغانية بأن ما تقوم به ينطلق من المادة 51 للدفاع المشروع في الأمم المتحدة. وأن حقيقة أعمال تركيا مقرّة في القانون الدولي من باب الاحتلال، وتنصها المواد 42 إلى 56 من لائحة لاهاي 1907، والمادة الثانية المشتركة من اتفاقات جنيف الأربع 1949، والمواد 27 إلى 34 والمواد 47 إلى 78 من اتفاقية جنيف الرابعة، بالإضافة إلى بعض أحكام البرتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي الإنساني العرفي”.

أنقرة حصلت على منح مالية بمليارات الدولارات من وراء اللاجئين

وأوضح ديبو تعد تركيا من أكثر الدول التي سيّست ملف اللاجئين السوريين، لقد فتحت بابها ليس محبة، إنما كورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. لقد حصلت أنقرة على منح مالية بمليارات الدولارات وتصوّر المشهد بأنها تمولهم من الخزينة التركية. المشكلة أن جهاتٍ ما تصدّق هذا الافتراء، وتتحول إلى أجزاء وظيفية في هذا السياق الخطر. علماً أن الأرقام التي تتحدث عنها أنقرة بخصوص اللاجئين هي جد مبالغة فيها”.

توظيف اللاجئين وإسكانهم في مناطق غيرهم تعد جريمة

ولفت ديبو “لقد ساهمت تركيا الأردوغانية في الحريق السوري، وتوظيف اللاجئين السوريين وإسكانهم في مناطق غيرهم، وهذه تعد جريمة وإحدى ركائز الحرب الداخلية التي تستمر لسنوات كثيرة. لقد طرحت الإدارة الذاتية مبادرات في هذا الخصوص، منذ نيسان عام 2017. ويجب ألا تتحول الأمم المتحدة ومال بعض البلدان الإقليمية إلى شريك في جريمة التغيير الديمغرافي والاستيلاء على مقدرات السكان الأصليين للشعب السوري. يجب أن نعمل على عودة آمنة طوعية لجميع المهجرين”.

الكرد لن يخرجوا خاليي الوفاض هذه المرة

وحول ما إذا كان هناك سايكس بيكو جديد في المنطقة، وإعادة رسم الخرائط وتقاسم للنفوذ من جديد، وكيفية تثبيت المستحقات والمكتسبات التي حققها الكرد، يرى سيهانوك ديبو “لا تستطيع أي جهة حسم مصير المئوية الأولى لمعاهدة لوزان بشكل كلي أو حتمي. لكننا نستطيع الحسم بأن الكرد لن يخرجوا خاليي الوفاض هذه المرة”.

ونوّه ديبو “أفضل الحلول كما أردفنا أعلاه، هو أننا بحاجة ماسة إلى إعادة إنتاج مفاهيم وأنظمة ديمقراطية لدول وطنية أو متعددة الوطنيات. كما أنّ أفضل الحلول هي أن تكون القوى الوطنية الديمقراطية الكردية والعربية والإيرانية والتركية وغيرها إلى جانب بعضها البعض. وأن معادلة الحل تتألف من إنهاء الإرهاب (إن كان دينوياً أو قوموياً أو مركبا منهما)، وثانياً تحقيق الانتقال الجذري الشامل والتحول والتغيير الديمقراطي في المنطقة برمتها.

وأكد عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديمقراطية سيهانوك ديبو “أن الكرد محكومون – شأنهم في ذلك شأن عموم شعوب المنطقة – بوحدة الموقف والتنسيق بين أفرقائهم ومختلف أطرافهم، وتعزيز منطق الشراكة التاريخية بين كافة مكونات المنطقة كشركاء حقيقيين وتاريخيين لهم في المنطقة.

المصدر: NAHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى