أخبار

حركة المجتمع الديمقراطي من الألف إلى الياء

تسعى حركة المجتمع الديمقراطي إلى بناء مجتمع ديمقراطي أيكولوجي حرّ، ومواكبة كافة المتغيرات التي طرأت على الساحة السورية، وهنا سنعرض التطورات التي طرأت على الحركة منذ تأسيسها وحتى الآن.

تُعد حركة المجتمع الديمقراطي الحركة الأولى التي اتخذت من تنظيم المجتمع في روج آفا وشمال وشرق سوريا أساساً لنضالها، وفي عام 2011 اتخذت الحركة نضالاً اجتماعياً وسياسياً والحماية الذاتية أساساً لها، وتمكنت إلى حد كبير من توحيد الخطاب المجتمعي مع كافة المكونات في المنطقة، عبر العملية التنظيمية التي اتبعتها بدءاً من تشكيل الكومينات وصولاً إلى المجالس العامة في المدن والمناطق، وتنظيم القوى السياسية لتمثيل عموم الشعب في المحافل الدولية والإقليمية.

وُضِعت اللبنة الأولى لحركة المجتمع الديمقراطي في 2006، وكانت تحت اسم (منظومة المجتمع الكردي في روج آفاي كردستان)، وبُنيت على أساس حرية كردستان ودمقرطة سوريا، وزاولت العمل بشكل سري في عموم سوريا وفي روج آفا، بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق، وركزت الحركة على توسيع نضالها في شمال وشرق سوريا وبعض المدن السورية كحلب ودمشق واللاذقية وحمص وحتى لبنان.

واعتقل بين أعوام الـ 2006 و2011 العشرات من أعضاء وقياديي الحركة، واستشهد العديد من أعضائها في أقبية سجون حكومة دمشق، فيما لا يزال مصير عضوة حركة المجتمع الديمقراطي نازلية كجل مجهولاً.

في 2011، ولتفادي تشتيت المجتمع السوري من قبل بعض القوى كالتنسيقيات التي ظهرت في عموم سوريا وروج آفا، تنفيذاً لأجندات بعض الدول الخارجية والإقليمية وفي مقدمتها تركيا، ولتكون حاضنة لكافة أبناء ومكونات روج آفا وشمال وشرق سوريا، نظمت الحركة نفسها بموجب متطلبات المرحلة، وبشكل خاص عقب اندلاع شرارة الأزمة في سوريا، والتي فتحت الأبواب للتدخلات الخارجية والتنظيمات المرتزقة والمتطرفة كجبهة النصرة وداعش. وخلال المؤتمر الأول تحوّل الاسم من منظومة المجتمع الكردي في روج آفاي كردستان إلى حركة المجتمع الديمقراطي ( (TEV-DEM.

وحركة المجتمع الديمقراطي هي حركة اجتماعية ديمقراطية، ذات طابع كونفدرالي مجتمعي، تعمل من أجل الوصول إلى مجتمع أخلاقي سياسي، أيكولوجي وتحقيق حرية المرأة. وتستند إلى قيم المساواة المجتمعية والعيش المشترك واحترام التنوع الثقافي والعرقي وحماية حقوق كافة الفئات المجتمعية واحترام حرية الرأي والفكر والمعتقد، وتقوم بتنظيم نفسها أفقياً وبعيداً عن مفهوم الدولتية.

وعقدت الحركة مؤتمرها الأول بشكل علني على تراب روج آفا، في 3 تموز 2011، في منطقة كركي لكي في إقليم الجزيرة، بحضور العشرات من الشخصيات الوطنية ومشاركة كافة الفئات المجتمعية من المرأة والشبيبة والوجهاء ونخبة من المثقفين من كافة مكونات المنطقة.

رأت الحركة ومنذ تأسيسها أن سياسة الإبادة المطبقة بحق الشعب الكردي والشعوب الأخرى ما تزال مستمرة من قبل الأنظمة الاستبدادية، بهدف محو الهوية والوجود الكردي وضرب إرادة الشعوب الأخرى المتعايشة مع الكرد. وأن نضال الحركة يتخذ أشكالاً ومسارات متعددة تصب في خدمة تحقيق حرية الشعب الكردي وحل قضيته حلاً عادلاً وديمقراطياً.

طوّرت حركة المجتمع الديمقراطي نضالها في عدة مجالات، كما قامت منذ تأسيسها بتنظيم المجتمع، من أجل نشر ثقافة وقيم الديمقراطية وثقافة الدفاع عن الذات، وهو ما تصبو إليه الحركة لكي يكون لها دور فعال ومؤثر في دعم ورفد الثورة المجتمعية على كافة المستويات؛ للوصول إلى نظام سياسي عادل على المستوى السوري العام.

مبادئ وأهداف الحركة

تتخذ حركة المجتمع الديمقراطي (Tev – Dem) وبحسب نظامها الداخلي النضال من أجل حياة حرة كريمة لجميع الفئات المجتمعية وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ورفع الكفاءة الإنتاجية إلى جانب دعمها للنهج الديمقراطي والأخلاقي والسياسي وحماية الحقوق والحريات وفق الآتي:

1 – نبذ التمييز على أساس العرق أو العقيدة.

2 – ضمان حقوق المرأة والشبيبة وحريتهما ودعم الخطط والمشاريع الخاصة بهما.

3 – تنمية وصون الحريات العامة وحقوق منظمات المجتمع المدني.

4 – السعي لضمان حق العمل وتهيئة الفرص المتكافئة وتحسين وسائل الإنتاج وتطويرها عبر التدريب المهني.

5 – تطوير الثقافة الديمقراطية من خلال برامج التوعية ضمن أكاديميات المجتمع الديمقراطي.

6 – توعية الفئات المجتمعية ضمن إطار مؤسسات المجتمع المدني وإبراز دورها في خدمة المصلحة العامة وضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية في بناء الوحدة الوطنية.

7 – دعم التحول الديمقراطي والانتقال من النمط الاستهلاكي إلى الإنتاجي.

8 – العمل على تحقيق التضامن والتنسيق بين منظمات المجتمع المدني من جهة، وبين أعضاء تلك المنظمات من جهة أخرى، وتنمية روح التعاون وحلّ الخلافات بالطرق الودية.

9 – تنشيط منظمات المجتمع المدني في مجال الإنتاج والخدمات الاجتماعية المتعددة.

10 – توطيد أواصر الأخوة والتعاون والوحدة بين منظمات المجتمع المدني على المستوى الوطني السوري.

11 – التعاون مع منظمات المجتمع المدني والاتحادات العمالية الإقليمية والدولية وفق الأهداف الوطنية.

12 – دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها.

13 – النضال من أجل عودة المهجرين والمغادرين إلى روج آفا وسوريا.

14 – النضال من أجل دحر وإنهاء الاحتلال والإرهاب من المناطق المحتلة.

15 – النضال من أجل عودة آمنة للنازحين إلى ديارهم برعاية أممية ودولية.

مراحل تطور حركة المجتمع الديمقراطي

عقب عقد المؤتمر الأول لحركة المجتمع الديمقراطي، والذي كان بمثابة رد قوي على جميع المحاولات التي كانت تسعى لإحداث شرخ داخل المجتمع واستهداف حالته التنظيمية والنيل من إرادته، حيث كانت الجذور التنظيمية موجودة أساساً في روج آفا، لكن تلك الجذور كانت تحتاج إلى مؤسسة تحتضنها وعلى هذا الأساس تحولت حركة المجتمع الديمقراطي إلى طرف مهم ومؤثر في الوضع السوري.

واتخذت الحركة في تنظيمها الاجتماعي المعايير والأسس الديمقراطية، من أجل تحقيق أهداف الشعب والحرية والعيش المشترك والمساواة، وكان من نتاج الحركة تشكيل لجان عبر المشاركة الحقيقية في مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية. كما استكملت الواقع التنظيمي داخل الإدارة بشكل يتناسب مع رؤية المجتمع وأهداف مكوناته وسعيها الدؤوب من أجل بناء مجتمع حر ديمقراطي.

قدمت الحركة العديد من المبادرات المتعلقة بإيجاد حل مناسب للأزمة السورية وتقديم مشروع على أسس هادفة لإيقاف حالة الفوضى التي تعصف بسوريا وتوحيد البيت الكردي في روج آفا. ففي شباط 2014 طرحت مشروع الحل الديمقراطي لسوريا، شمل كافة الجوانب السياسية والثقافية والدبلوماسية والدفاع الذاتي، كما تضمن عدّة مبادئ من أجل حل الأزمة السورية، حيث تضمن؛ الانتقال من الاستبداد والبنية القوموية الشوفينية إلى نظام ديمقراطي لامركزي يتشارك فيه الجميع في الإدارة والبناء. محاربة الجماعات المتطرفة التكفيرية بمختلف مسمياتها. الحفاظ على وحدة الوطن السوري. احترام التنوع المجتمعي السوري بكل مكوناته.

سلكت حركة المجتمع الديمقراطي مساراً فكرياً وتنظيمياً وسياسياً، وتفاعلت مع القضايا المتأزمة في سوريا وروج آفا بروح الثورة المجتمعية، والإحساس بالمسؤولية تجاه المجتمع واعتمدت على فلسفة التغيير الشامل لحل القضايا العالقة بشكل بنيوي ولأجل ذلك وضعت الحركة نصب أعينها التحول والانتقال إلى تنظيم مجتمعي، يحمي الحقوق والحريات ويقطع الطريق أمام أي ذهنية سلطوية بخاصة أنها وضعت الأسس المتينة لبناء نظام سياسي اجتماعي والمتمثل بالإدارة الذاتية الديمقراطية التي استطاعت أن تعمل على مستويات عدة، فقد بنت مؤسسات وإدارات مدنية لتنظيم الحياة السياسية والحقوقية والثقافية والأمنية في شمال وشرق سوريا، كما قامت بمد جسور التواصل مع البلدان الإقليمية والعالمية بالإضافة إلى التيارات الديمقراطية والتنظيمات الوطنية الأخرى في سوريا وذلك لتقوية الجبهة الديمقراطية والانتقال إلى نظام سياسي ديمقراطي لا مركزي.

وتسعى حركة المجتمع الديمقراطي ومنذ تأسيسها على توحيد البيت الكردي في روج آفا، إلا أن كافة المبادرات التي أطلقتها الحركة لم تتكلل بالنجاح نتيجة تبعية بعض الأحزاب الكردية لتركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني.

مرحلة تنظيم المجتمع

خلال فترة المؤتمر الأول لم تكن هناك رئاسة للحركة، بل كانت تقوم بتسيير أعمالها عبر الهيئة التنفيذية، وفي المؤتمر الثاني الذي عقد شتاء 2015، انتُخبت للرئاسة المشتركة، آسيا عبد الله وآلدار خليل، وركز جل أعمال الحركة على تنظيم الكومينات والمجالس في عموم مدن ومناطق روج آفا، وبذلك شكل الأرضية الحقيقية للإدارة الذاتية المبنية على فكر وفلسفة الأمة الديمقراطية التي طرحها القائد عبد الله أوجلان، والتي تركز على مبادئ ومعايير أخوة الشعوب والعيش المشترك في كنف نظام ديمقراطي حرّ.

التحول الجذري في بنية الحركة

بعد إعلان الإدارات الذاتية والمدنية في شمال وشرق سوريا، وتأسيس مجلس سوريا الديمقراطية، طرأ تحول جذري وكبير في بنية حركة المجتمع الديمقراطي صاحبة مشروع الإدارة الذاتية، وخلال المؤتمر الثالث الذي عقد، في آب 2018 أكدت الحركة أن الضرورات التنظيمية والسياسية تستدعي التحوّل في بنية حركة المجتمع الديمقراطي إلى إطار ومظلة لمؤسسات المجتمع المدني.

وبموجب التحول الذي طرأ عليها، ركزت الحركة على إنشاء اتحادات ونقابات وغرف بهدف تقوية إمكانية تنظيم المجتمع المدني، بالإضافة إلى المنظمات والمؤسسات الموجودة والتي تُعتبر الميدان الثالث في البنية المجتمعية الديمقراطية، ومن خلالها يستطيع المجتمع تنظيم صفوفه ليس على المستوى المهني فحسب، بل حتى الدفاع عن قضاياه السياسية كمحاربة الذهنية الذكورية عبر تطوير النضال من أجل حرية المرأة والدفاع عن القضايا الوطنية للشعوب والعمل على ضم كافة المكونات إلى صفوفها.

وأعادت الحركة هيكلة المكاتب واللجان العائدة لها، وافتتحت عدة أقسام كالمكاتب التنظيمية في كافة مدن ومناطق شمال وشرق سوريا، وكان من أولوياتها مساندة ودعم الاتحادات لتفعيل دورها كون الحركة تلعب دوراً في التنسيق بين الاتحادات ومؤسسات الإدارة الذاتية. ومكاتب للمرأة كون المرأة هي الطليعية والرائدة لترسيخ تنظيمها الخاص وبناء المجتمع الديمقراطي. ومكاتب الشبيبة باعتبار أن الفئة الشابة هي أمل الشعوب، ومكاتب قانونية للاستماع إلى شكاوى المواطنين والدفاع عن حقوقهم. ومكاتب التدريب بهدف توعية وبناء القدرات والمهارات الفكرية والتنظيمية. ومكاتب العلاقات من أجل التواصل مع كافة التنظيمات والحركات في شمال وشرق سوريا والدول الإقليمية.

وينضوي الآن تحت سقف حركة المجتمع الديمقراطي 27 اتحاداً ومنظمة ومؤسسة وجمعية على مستوى شمال وشرق سوريا.

توسيع عملها ونشاطاتها في سوريا عامةً

وفي المؤتمر الرابع لحركة المجتمع الديمقراطي والذي انطلقت فعالياته في الـ 5 من شباط 2022، في بلدة رميلان التابعة لمقاطعة قامشلو، وبحضور 400 عضو/ـة، وممثلين عن كافة التنظيمات السياسية والاجتماعية والثقافية والنقابية، ووجهاء العشائر الكردية والعربية والسريانية، شددت الحركة على المضي في الخط الثالث عبر ترجمة وتأسيس مشروع سوري ديمقراطي لا مركزي، يلبي طموحات جميع مكونات سوريا كما في حالتها المثلى لنموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية.

وأكدت الحركة على ضرورة أن الحالة القائمة تستدعي تحولاً في بنيتها كونها إطاراً ومظلة لمؤسسات ومنظمات واتحادات المجتمع المدني في روج آفا وشمال وشرق سوريا، وأنها ستعمل من أجل أن تكون إطار مظلة لكافة المؤسسات المدنية السورية، وضرورة العمل على حماية القيم والأفكار الاجتماعية والممارسات الطوعية والخيرية، وحماية حقوق الفئات الاجتماعية المتجهة نحو بناء الأسس المتينة للنظام الديمقراطي والتوفيق بين المصالح الخاصة والعامة، والرقابة الضامنة للحقوق وقبول الاختلاف والتنوع المجتمعي، وتحسين النظام الاجتماعي باتجاه إعادة هيكلة البيئة الاجتماعية لصالح التعددية والتعايش السلمي.

كما زادت الحركة خلال المؤتمر الرابع عدد الأعضاء من 64 إلى 80 عضواً، وذلك في إطار توسيع عملها ونشاطاتها في سوريا عامةً، بهدف تحقيق الديمقراطية الاجتماعية فيها.

وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن حركة المجتمع الديمقراطي تستطيع أداء دور كبير في خلق توازن مجتمعي بين الإدارة والمجتمع، عبر دمقرطة المؤسسات والاتحادات والنقابات المجتمعية وهذا ما أكدته الحركة خلال المؤتمر الرابع الذي نظم تحت شعار (الثقافة الديمقراطية تتطور بالمؤسسات الديمقراطية).

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى