قطر.. دولة صغيرة تبحث عن دور كبير عبر الإعلام ودعم الإرهاب
على مدى عقد من الزمن توسع الدور القطري بشكل غير مسبوق وينافي حجمها الطبيعي من خلال استثمار إمكانيتها الاقتصادية في دعم الجماعات الإرهابية والإسلام السياسي بالتعاون مع تركيا، إلا أنه وخلال العامين السابقين باتت الدوحة وكأنها محصورة في الزاوية وتتلقى اتهامات صريحة بدعم الإرهاب. فإلى أين تسير هذه الدويلة وهل تفلت من العقاب؟يُلقي هذا التقرير الضوء على توسع الدور القطري في المنطقة العربية والشرق الأوسط بشكل مفاجئ، من خلال تأسيس شبكات وجمعات إرهابية تحت غطاء الإسلام السياسي، وكيف امتلكت قطر من خلال هذه الجماعات دوراً إقليمياً كبيراً حاولت من خلاله التحكم بمستقبل دول عربية عديدة، والظروف التي أدت لتراجع دورها في ظل تنامي الدور الإماراتي والسعودي والمصري والحديث عن استفاقة غربية ضد الإسلام السياسي وداعميه، بالإضافة لوضع سيناريوهات حول مستقبل دولة قطر.
صعود قطر
على الرغم من أن قطر تؤيد رسمياً السلفية وتتبنى المدرسة الحنبلية في الفقه الإسلامي إلا أنها أقامت روابط وثيقة مع حركة الإخوان المسلمين وخصوصاً عندما هرب أعضاءٌ من جماعة الإخوان المسلمين من مصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ومن سورية في العام 1982؛ وقد ذهب العديد منهم إلى قطر.
مُنِح الأخواني المصري البارز يوسف القرضاوي، المُقيم في قطر منذ بداية ستينيات القرن الماضي، إضافةً إلى آخرين، منبراً في قناة الجزيرة لبث خطابهم بعد تأسيس القناة في العام 1996.
واستغلت قطر الأشهر الأولى الساخنة في ما يسمى بـ “الربيع العربي” للوصول إلى دور متقدم في المنطقة مستفيدة من علاقتها المتينة مع الجماعات الإرهابية والإسلام السياسي وخاصة جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة.
وعملت للوصول إلى ذلك عبر شبكة الجزيرة التي عبأت الشارع العربي بداية لصالح التدخل الدولي في ليبيا عام 2011، ثم محاولة إسقاط حكومة دمشق، وفيما بعد دعم السياسات التركية في سوريا والمنطقة العربية والعالم.
وحول ذلك يقول الباحث في العلاقات الدولية والأمن الإقليمي، الدكتور خالد علي عبد الخالق، لوكالتنا: “عندما استولى حمد بن خليفة آل ثاني على الحكم في قطر عقب الانقلاب الذي حدث على والده عام 1995 وكانت القيادة في قطر تسعى إلى إيجاد دور لها في المنطقة وخاصة الخليج العربي وبعد ذلك في المنطقة العربية ومن أجل هذا قام بتوطيد علاقته مع مختلف الاتجاهات خاصة الجماعات وتيارات الإسلام السياسي في المنطقة العربية”.
وبحسب الباحث استغل أمير قطر أن “تلك الجماعات وتيارات الإسلام السياسي كان مسموح لها ممارسة العمل السياسي في الدول العربية إبان تلك الفترة، كانت جماعة الأخوان المسلمين موجودة في مصر وتقوم بالعمل السياسي وسمح لها بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية في 2005 واستحوذت على 88 مقعداً في البرلمان كذلك في الأردن والمغرب وغيرها من الدول العربية ومن ثم هو سعى لتوطيد علاقته مع هذه التنظيمات”.
ليبيا.. تمويل وإغراق البلاد بالمليشيات
بدأ التمويل القطري للجماعات الإرهابية في ليبيا بالمال والسلاح منذ اندلاع ثورة 17 فبراير عام 2011، وبلغ حجم التمويل الذي وصل من الدوحة إلى هذه الجماعات منذ 2011 حوالي 750 مليون يورو.
ووثّقت مذكرة حقوقية في مدينة لاهاي بهولندا في عام 2019 جانباً من انتهاكات قطر في ليبيا بدعمها المستمر للمجموعات الإرهابية بالأسلحة والمال ونقلهما عبر السفن والطائرات.
وتشير التقديرات إلى أن قطر قدمت نحو 750 مليون يورو للجماعات الإرهابية التي تضم الجماعة الليبية المقاتلة وأنصار الشريعة المحظورة ومجلس شورى ثوار بنغازي ومجلس شورى مجاهدي درنة وسرايا الدفاع عن بنغازي.
وفي العام 2020 نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، مقالاً وضّح سياسات قطر في المنطقة، حيث تخطت دور الممول للجماعات المتطرفة وقامت بتسليحهم مباشرة.
وتحت عنوان “الاتهامات ضد قطر لا تحصى.. لكن عينة منها ترسم صورة كافية”، وضّحت فورين بوليسي سياسات قطر في المنطقة التي وصفتها بالمدمرة والمساهمة في زعزعة الاستقرار.
وبحسب التقرير، فإن قطر حوّلت الربيع العربي إلى فرصة لنشر التطرف، بتمويلها لجهود الإخوان ورئاستهم في مصر، ثم بمحاولتها إلحاق الضرر بشرعية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
فضلاً عن تخطيها دور الممول في ليبيا وسوريا لتسلح جماعات متطرفة في البلدين بشكل مباشر في تناقض مع السياسات الأميركية في كلتا الأزمتين.
وكشفت إحدى رسائل البريد الخاصة بهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، عن لجوء الجماعات الإرهابية في ليبيا والتابعة لتنظيم القاعدة إلى الحصول على السلاح من قطر، وذلك بعد موافقة الولايات المتحدة على تسليح هذه الجماعات لإسقاط نظام معمر القذافي.
وأظهرت رسالة من رسائل هيلاري يعود تاريخها لنوفمبر 2012، والتي رفع عنها الرئيس السابق دونالد ترامب السرية، أن إدارة باراك أوباما ارتكبت خطأ فادحاً بالموافقة على إرسال أسلحة إلى من أسمتهم بالمتمردين في ليبيا.
سوريا.. دعم مباشر للإرهاب عبر جبهة النصرة
ومع اندلاع شرارة الأحداث في سوريا، تسللت قطر إلى وسط الأحداث بهدف إسقاط حكومة دمشق، واستفادت في ذلك من تولي رئاسة الجامعة العربية في ذلك الوقت حيث أصبح وزير خارجيتها حمد بن جاسم من أبرز الشخصيات التي كانت تحرك المسار العربي والإقليمي بشأن سوريا.
الدور القطري لم يقتصر على الجانب الدبلوماسي لكن الدوحة كانت تمول بالتعاون مع تركيا جماعات إرهابية أبرزها جبهة النصرة التي أدرجت على قوائم الإرهاب الدولية.
وفي أغسطس/آب 2019، كشفت صحيفة “تايمز” البريطانية أن بنك الدوحة يواجه اتهامات بتحويل أموال إلى جماعة إرهابية في سوريا، وفقاً لدعوى قضائية تنظر أمام المحكمة العليا في لندن رفعها 8 لاجئين سوريين.
وقالت الصحيفة إن شقيقين ثريين يواجهان اتهامات بأنهما استغلا حسابات في “بنك الدوحة”، الذي يملك مكتباً في لندن، لتحويل مبالغ كبيرة من المال إلى “جبهة النصرة”، التابعة لتنظيم “القاعدة”، أثناء الحرب السورية.
وفي العام 2020 بدأت شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا تحقيقاً جديداً يكشف تورط مسؤولين قطريين في عرقلة سير العدالة، وترهيب مطالبين بالتعويض في قضية تمويل بنك قطري جماعة “جبهة النصرة” المصنّفة على لائحة الإرهاب الدولي.
الاتهامات التي وجهها اللاجئون السوريون لقطر أكدها في مايو/أيار الماضي، القيادي المغربي في جبهة النصرة عصام الهنا المعروف، بأبي منصور المغربي، والمقبوض عليه في العراق.
وكشف الهنا عن تواصله مع جهات خارجية قطرية لدعم التنظيم، أبرزها قطري يدعى خالد سليمان، الذي كان يمول جبهة النصرة بمليون دولار شهرياً، وفقاً لما نقلته صحيفة “القضاء العراقي” التابعة لمجلس القضاء الأعلى العراقي.
وفي سياق متصل أقام مصور صحفي أميركي، خُطف في سوريا نهاية عام 2012 من قبل جبهة النصرة، دعوى قضائية بالمحكمة الفيدرالية بفلوريدا ضد مصرف قطر الإسلامي متهماً إياه بتمويل خاطفيه.
وفي ديسمبر 2020، وثّق تقرير لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، التي تتخذ من العاصمة الأميركية واشنطن مقراً لها، الدور القطري والتركي، في دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية منذ بدء الصراع في سوريا.
وأفاد “التقرير الشامل لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية” أن التحالف المتمثل في قطر وتركيا وجبهة النصرة، التي تشكل امتداداً لتنظيم القاعدة في سوريا، ساهم في تحقيق الأخيرة لمكاسب ميدانية في بعض المناطق السورية ومكّنها من الحصول على إمدادات عسكرية ومالية لمواجهة قوات حكومة دمشق.
وفي هذا التحالف، شكل من الشراكة التي جعلت من قطر ممولاً، وتركيا معبراً، حيث انتقلت الأموال والأسلحة القطرية إلى جبهة النصرة عبر الحدود التركية السورية.
وأفرد التقرير مساحة أوسع لما يطلق عليه البعض “تحالف التطرف”، والمقصود به تركيا وقطر وجبهة النصرة.
وتعزز التحالف مع تشكيل عدد من الفصائل المسلحة، ما يعرف بتنظيم “جيش الفتح” بقيادة جبهة النصرة للقتال ضد حكومة دمشق عام 2015.
ويقول التقرير إن تشكيل “جيش الفتح” جاء بوساطة قطرية ومساع تركية، ويشدد على أنه لولا الدعم القطري التركي لما نجح التنظيم الإرهابي في تحقيق مكاسب ميدانية في سوريا.
الإرهاب المدعوم من قطر يطال الصومال
الإرهاب المدعوم من قطر وصل إلى الصومال أيضاً، حيث كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مضمون محادثة هاتفية مسربة، جمعت بين السفير القطري بالصومال، وضابط مخابرات قطري، يتخفى في دور رجل أعمال، تفيد بتورط قطر في التفجيرات التي ضربت ميناء بوصاصو الصومالي في 18 مايو/أيار عام 2019.
وكانت تقارير أمنية أميركية قد أكدت في قت سابق أن قطر ضالعة في تمويل حركة الشباب الإرهابية في الصومال.
ولعب ممولون معروفون للإرهاب يعيشون في قطر بحرية دوراً محورياً في تمويل الحركة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، بشكل مباشر وغير مباشر.
وعلى رأس هؤلاء القطري عبد الرحمن بن عمير النعيمي، الذي تربطه حسب تقرير لوزارة الخزانة الأميركية علاقة وثيقة بزعيم حركة الشباب حسن عويس.
وحول النعيمي بحسب التقرير نحو 250 ألف دولار في عام 2012 إلى قياديين في الحركة، مصنفين على قوائم الإرهاب الدولية.
ومن جهة أخرى أشارت وثائق مسربة نشرت على موقع ويكيليكس إن السفيرة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة سوزان رايس كانت قد طلبت في 2009 من تركيا الضغط على قطر لوقف تمويل حركة الشباب.
وقالت سوزان رايس بحسب الوثيقة إن التمويل كان يتم عبر تحويل الأموال إلى الصومال عن طريق إريتريا.
مصر وتونس ودول عربية أخرى.. دعم قطري للإسلام السياسي لم ينجح
بعد أن أسهمت قطر عبر الحشد الإعلامي والدعم المادي والسياسي، تمكنت جماعات الإسلام السياسي، الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة الاخوانية في تونس من الوصول إلى السلطة.
وفي تلك الفترة، بدأت قطر بضخ الأموال والاستثمارات دعماً للإخوان هناك حتى باتت قطر تتحكم في تونس ومصر كما تشاء.
إلا أنه وبعد الثورات الشعبية ضد الإخوان في البلدين، بدأت قطر بالتعاون مع تركيا بشن حرب إعلامية ودعم للجماعات الإرهابية في البلدين.
وفي عام 2019، قدم المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان، وهو منظمة حقوقية مقرها جنيف، شكوى للجنة إجراء الشكاوى التابعة لمفوضية مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ضد قطر بسبب دعمها وتمويلها للإرهاب.
وقال أيمن نصري، رئيس المنتدى، إن الشكوى تضمنت مجموعة من الأدلة القاطعة على دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة الأم الحاضنة لكافة التنظيمات المتطرفة في العالم، مؤكداً مخالفة التوجه القطري لقرارات الشرعية الدولية عبر تقديمها الدعم المالي والمعنوي لتنظيم مصنف كجماعة إرهابية، في العديد من الدول، على رأسها السعودية ومصر والإمارات والبحرين وروسيا.
إلى ذلك، تضمنت إثباتات تؤكد قيام جماعة الإخوان بدعم وتمويل ومباركة من قطر بتنفيذ عمليات إرهابية واغتيالات في مصر، وهو ما جاء في اعترافات أحد المتهمين في قضية اغتيال النائب العام المصري الأسبق هشام بركات.
أوروبا.. نشر للتطرف
يمثل كتاب “أوراق قطرية” تحقيقاً قام به الصحفيان الفرنسيان كريستيان شينو وجورج مالبرونو حول التمويلات التي قامت بها مؤسسات قطرية، وبخاصة “قطر الخيرية”، لفائدة جمعيات وأطراف إسلامية موجودة في أوروبا، بالاعتماد على كمية ضخمة من الرسائل الإلكترونية والوثائق المتبادلة بين “قطر الخيرية”، والجمعيات التي استفادت من تبرعاتها والتي أظهر التحقيق أنها غالباً ما ترتبط بجماعة الإخوان المسلمين.
وتشمل الوثائق التي يقدمها ويعلق عليها الصحفيان تحويلات بنكية، وأوامر بالتحويل، وجداول تحمل المبالغ التي تم تخصيصها لبناء مساجد ومدارس خاصة ومراكز إسلامية، ولشراء عقارات وأراض وغيرها من المعاملات.
وقد قام الصحفيان بترجمة أغلب تلك الوثائق من الأصل العربي لجعلها مقروءة بالفرنسية. وإلى جانب ذلك، فهما يعتمدان أيضاً على وثائق من الاستخبارات العامة في فرنسا (RG) ومقابلات مع عدد من الأخصائيين الفرنسيين.
ويشمل التحقيق بلداناً عدة في أوروبا بالإضافة إلى فرنسا، كإيطاليا وألمانيا وسويسرا وبريطانيا وكوسوفو وبلجيكا.
ولأن المبالغ المالية التي تم الكشف عنها ليست صغيرة، يثير الكاتبان أسئلة يحاولان الإجابة عنها، مثل: “لأي غاية يسعى بلد لا يتجاوز حجم جزيرة كورسيكا الفرنسية وعدد مواطنيه 200 ألف نسمة إلى تحويل الكنائس إلى مساجد في صقلية؟” أو “بناء مركز إسلامي ضخم في ميلهوز؟”، أو “تمويل مدرسة ثانوية في ضاحية ليون؟”، و “ما هي الغاية من كل هذا النشاط؟”، و “أي إسلام يسعى إلى نشره بهذه الطريقة؟”، و “هل ينبغي الحذر منه؟ و “هل هو إسلام يتماشى والقيم التي يقوم عليها النظام الجمهوري الفرنسي؟”.
ويبدأ الصحفيان التحقيق في يونيو 2018، من الدوحة نفسها، حيث سعيا للاتصال بالمسؤولين في “قطر الخيرية”، وهناك بدا لهما أن المسؤولين يتهربون منهما، لكن ذلك لم يثنيهما عما عزما عليه.
ويقول الكاتبان إن “قطر الخيرية” تعمل في أكثر من سبعين دولة، وتحظى بالشراكة مع عدد من وكالات الأمم المتحدة، وتنسق مع وزارة الخارجية في قطر، ويستشهدان على ذلك بوثائق تثبت أن وزير الخارجية نفسه طلب من “قطر الخيرية” أن تمده بتفاصيل التمويلات التي تقوم بها في الخارج وعدد المشاريع وأنواعها في 40 بلد إفريقي (ص.26).
ويلاحظان أنه في أعقاب عمليات 11 سبتمبر 2011 الإرهابية وضعت “قطر الخيرية” تحت مراقبة الإدارة الأميركية التي تشتبه في أنها مولت نشاطات إرهابيين ينتمون إلى “القاعدة”.
وفي سبتمبر 2020، أشار تقرير المركز الدولي لدراسة التطرف (ICSR)، إلى أن الدوحة استخدمت منظمة “قطر الخيرية” لتمويل 138 مشروعاً على الأقل في جميع أنحاء أوروبا، ارتبط العديد منها بتنظيم الإخوان المسلمين.
التقرير الذي يقع في 104 صفحات، ويتضمن خريطة للحركات المتشددة في بريطانيا، لم يكن الأول الذي يتحدث عن علاقة “قطر الخيرية”، بالتنظيمات المتطرفة سواء في القارة الأوروبية أو غيرها حول العالم.
ففي سبتمبر الماضي أيضاً، أعلنت سريلانكا مؤسسة “قطر الخيرية” كياناً ممولاً للإرهاب، وقد تم إدراجها على لائحة المنظمات الإرهابية.
وفي حزيران عام 2017، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قطر بأنها “داعم تاريخي للإرهاب”، ودعا دول الخليج ودول الجوار لاتخاذ المزيد من الإجراءات لمكافحة الإرهاب.
الجزيرة.. منصة للإرهاب
وأفاد تقرير صادر عن عضو سابق في الكونغرس الأميركي، بأن شبكة الجزيرة القطرية تخالف قوانين الولايات المتحدة وتقوم بالترويج للإرهاب.
وقدم أعضاء بارزون في الكونغرس التماساً إلى وزارة العدل لبدء تحقيق شامل في أنشطة قناة الجزيرة لتحديد ما إذا كان ذلك ينتهك قوانين الكشف عن المعلومات. وأصدرت روز ليهتينن مثل هذه الدعوات خلال فترة عملها في الكونغرس، حيث أثارت مسألة عمليات النفوذ في أميركا.
ووجه الكاتب البريطاني الشهير، روبرت فيسك، اتهاماً لقطر بأن لديها علاقة مؤكدة مع تنظيم جبهة النصرة، وقال في مقاله له في صحيفة الإندبندنت، “ليس هناك شك بأن هناك علاقة بين قطر وجبهة النصرة”، واستشهد فيسك بلقاء قناة الجزيرة مع قائد جبهة النصرة أبو محمد الجولاني.. والسؤال هنا، في الوقت الذي اختار فيه الجولاني أن يظهر بشكله الحقيقي على التلفاز، اختار منبر قناة الجزيرة القطرية..! لماذا؟.
ولم تنتهِ التساؤلات التي تقودنا إلى يقين العلاقة القطرية مع تنظيم القاعدة، ففي خطاب التحول المزعوم لأبو محمد الجولاني من جبهة النصرة (القاعدة في بلاد الشام)، إلى (فتح الشام)، أيضاً اختار الجولاني شاشة الجزيرة، ليس فقط لأنها المنبر الأوسع انتشاراً، بل لأنها المنبر الذي يتبنى هذا التنظيم، وهذا الأمر ينطبق على زعيم التنظيم الإرهابي أيمن الظواهري أيضاً.. إذاً نحن أمام مشروع تبني للخطاب التكفيري الإرهابي في المنطقة. وهذا لم يعد سراً، إذ ان كل الخطابات الإرهابية تجدها على منصة قناة الجزيرة.
وقد ذكرت مجلة فورن بولسي الأميركية الشهيرة، أن وزارة الخزانة الأميركية، رصدت التمويل القطري في سبتمبر 2014 لتنظيم القاعدة، من خلال رجل أعمال قطري منح انتحاريي تنظيم القاعدة في سوريا، مبلغ مليوني دولار.
وبحسب الباحث الدكتور خالد علي عبد الخالق فإن “قادة قطر اعتمدوا لتدعيم الدور الجديد لدولتهم بإنشاء قناة الجزيرة المنبر الإعلامي حتى يستطيع إحداث حالة من الزخم في المنطقة العربية خاصة أن المنظومة الإعلامية في المنطقة العربية كانت محدودة ورتيبة وتقليدية لم يكن هناك منبر إعلامي عربي يحظى بقدر من الزخم والتفاف الشارع العربي حوله”.
وأضاف عبد الخالق: “لذلك اعتمد الأمير حمد على هذين العنصرين وهو التحالف ودعم جماعات الإسلام السياسي في الدول العربية حتى أنه استقطب واستضاف عدداً كبيراً من عناصر تلك الجماعات عندما كان يحدث هناك خلاف ومناوشات أو حتى يلجأ بعض تلك العناصر إلى الهروب من دولهم نتيجة للمضايقات الأمنية فكان هو يرحب بهم ويتم استضافتهم وتوفير الدعم المالي لهم بل وتوفير منابر إعلامية وإنشاء جمعيات خيرية لبناء المساجد في مختلف أنحاء العالم. حتى نحن نلاحظ بأن أغلب الشخصيات التي تدير هذه الجمعيات أو المراكز الإسلامية هم بالأساس عناصر ذات خلفية إخوانية”.
تداعيات السياسة القطرية
-أسهم الدعم القطري في سوريا بتقوية الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جبهة النصرة على حساب المعارضة السورية والتي انتهت خلال الأشهر الأولى من الثورة السورية.
-أدى الدعم القطري غير المحدود للجماعات الإرهابية التي تديرها تركيا في سوريا إلى هيمنة أنقرة على مسار الأحداث السورية في المقابل تم إقصاء الدور العربي، كما أدى ذلك لتطبيق تركيا لمصالحها الخاصة واحتلال مساحات من الأراضي السورية.
-الوضع في ليبيا كان مشابهاً لما حدث في سوريا، حيث أغرقت قطر وتركيا البلاد بالميليشيات المتشددة على حساب المعارضة الوطنية وأصبحت البلاد شبه منقسمة، وانتهت الأمور بالتدخل العسكري التركي بشكل مباشر ووضعت أنقرة يدها على ثروات البلاد.
ويقول الباحث عبد الخالق حول ذلك: “منذ العام 2011 كان واضحاً وجلياً دور قطر في حالة عدم الاستقرار التي شهدتها الدول العربية كمصر واليمن وليبيا وتونس وغيرها”.
الانتكاسة القطرية
-بعد فشل قطر بإسقاط حكومة دمشق نتيجة للتدخل الروسي والإيراني المباشر، وتسبب سياساتها بإنهاء ما تسمى المعارضة السورية ما أدى لقطع الدعم السياسي الغربي عنها، اضطرت قطر للانكفاء وتحويل الدعم للسياسات التركية.
-في ليبيا أيضاً حدث ذلك، بعد القلق الغربي وخصوصاً الفرنسي والإيطالي من تنامي المجموعات الإرهابية بالإضافة إلى تنامي الدور المصري والسعودي والإماراتي، أجبرت الدوحة على مغادرة الساحة الليبية في المقابل استمرت بدعم التحركات التركية.
-الضربة الكبرى كانت من مصر، حيث وضعت قطر كل ثقلها السياسي والاقتصادي لدعم الأخوان إلا أن سقوطهم السريع وجّه صفعة قوية لنظام الدوحة، وأعقب ذلك فشل مماثل في تونس حيث لم تتمكن حركة النهضة التونسية من حكم البلاد.
-هذا الفشل أعقبه المقاطعة العربية من قبل دول خليجية على رأسها السعودية والإمارات بالإضافة إلى مصر، حيث اتهمت هذه الدول قطر بدعم الإرهاب في المنطقة العربية.
ويرى الباحث المصري خالد عبد الخالق أنه وعلى الرغم من الإعلان عن عقد مصالحة خلال “قمة العلا” إلا أن الخلافات لا تزال قائمة وهذا واضح في الخطاب الإعلامي المتبادل.
-تكثفت خلال الفترة الماضية التقارير الصحفية والحقوقية الدولية ومنها استخباراتية غربية والتي تتحدث عن أدلة بشأن دعم قطر للإرهاب بالإضافة إلى التلويح بمحاكمتها.
قطر الحالية ومستقبلها:
-تسبب الفشل القطري في الساحة العربية إلى خروجها من جميع الساحات العربية والإقليمية التي كانت تتحرك بها قبل عام 2011 كلبنان وفلسطين وسوريا والعراق وغيرها، وأصبحت دولة غير مرغوب بها من الجميع.
-نتيجة للضغوط العربية عليها بسبب دعمها للإرهاب اضطرت قطر للارتماء أكثر في الحضن التركي وقدمت الكثير من التنازلات حتى أصبحت هناك قواعد تركية عسكرية في قطر.
-إمساك تركيا بزمام الأمور في المنطقة والوجود العسكري التركي في قطر، يمنع على ما يبدو أي تراجع قطري عن دعم الجماعات الإرهابية التي تخدم المصالح التركية.
-ستقع قطر في حيرة من أمرها، فإما أن تكمل في المسار الذي ترسمه تركيا، وإما أن تعود إلى الصف العربي بقيادة مصر والسعودية والإمارات.
المصدر: ANHA.