أخبارمقالات

آلدار خليل – من الذي يُقسّم سوريا؟!

كما تتم الملاحظة وبشكل مستمر وفي المستوى ذاته تعلق روسيا وعلى لسان وزير خارجيتها حينما يتم الحديث عن شمال وشرق سوريا بتصاريح وكلام لا يمت للواقع بأية صلة، الروس يدركون جيداً بأن ما يتحدثون عنه من وقائع خاصة فيما يتعلق بدعوى الانفصال عن سوريا من قبل الإدارة في شمال وشرق سوريا هي غير صحيحة. لكن؛ بذلك يمارسون سياسة الصراع على النفوذ مع الجانب الأمريكي ويربطون دوماً بين الوجود الأمريكي ودور الإدارة الذاتية في محاولة لتصدير هذا الصراع إلى تفاصيل الواقع السوري البحت. مع العلم بأن الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية ليسوا من ثبتوا الوجود الأمريكي في سوريا وهذا الوجود مرتبط بجملة من السياسات والصراع مع روسيا؛ تدركها بشكل أكثر من أي طرف آخر، إذاً لما هذا التناول المغلوط والبعيد عن الواقع؟

لو تمعنا جيداً في الواقع السوري؛ سنجد بأن روسيا اليوم تشاطر النقاش والحوار بشكل مباشر أو عبر النظام مع مجموعات وأن كانت نظرياً لها رؤى وادعاءات الحرص على سوريا. لكن؛ عملياً يمارسون التقسيم الفعلي في سوريا، ومناطق تواجد المرتزقة وممن يسمون أنفسهم بالمعارضة والائتلاف خير دليل على ذلك، حيث باتوا مظلات شرعية لداعش والنصرة والتطرف عامةً في سوريا، تتحاور روسيا معهم وتقبل بضمهم في اللجان الدستورية والتفاوضية وهؤلاء من يرتبطون مع تركيا ويرفعون العلم التركي ويقبلون اللغة التركية والعملة التركية والمحاكم والقوانين التركية ويديرونهم ولاة أتراك … إلخ. وبالمقابل وفي عملية إقصاء شمال وشرق سوريا عن أي نوع من المشاركة في عمليات إحياء الحوار والجهود السورية نحو الحل هناك بالموازاة حديث عن الانفصال والتقسيم، مع العلم أن الحوار ووحدة سوريا والحل الوطني السوري مبادئ لدى الإدارة وهي جاهزة دوماً للنقاش ضمن الإطار السوري وعملياً هذه المبادئ مكرسة واقعياً على عكس فقدان الجماعات الأخرى لهذه الحقائق في واقعهم الموجود أمام أعين روسيا وغيرها ومع ذلك لا يتم رؤيتهم بأنهم خطر على سوريا ووحدتها!

أمام الخلاف الروسي – التركي في ليبيا والمتوسط وأذربيجان وأرمينيا وكذلك في إدلب حتى لماذا ينحاز لافروف نحو هكذا تصريحات؟ أترى يريد الاتفاق مرة أخرى مع تركيا للحصول على تنازلات منها في مناطق أخرى مقابل التوسع التركي على حساب سوريا وشعبها؟ كما فعل سابقاً في عفرين مثلاً؟ إضافة لذلك على أية معطيات يستند لافروف حينما يقول الإدارة الذاتية مشروع انفصال؟ أي طرح طرحته روسيا لوحدة سوريا وشعبها ومستقبلها ورفضته الإدارة الذاتية؟ متى طلبت روسيا الحوار لضمان وحدة سوريا ورفضت الإدارة الذاتية؟ ألم يتم تحرير مساحات أكبر من مساحات تواجد النظام بمؤسساته وأجهزته وجيشه ووراءه روسيا من داعش من قِبل قسد؟ بالمقابل ماذا فعلت تركيا بالمناطق التي تنازلت لها روسيا عنها في سوريا؟ ألم تُمارس ولا تزال التقسيم بحذافيره؟ متى نادت الإدارة الذاتية بمشروع يُلغي وحدة الشعوب السورية، على عكس روسيا التي تريد حصر المعضلة في شمال وشرق سوريا بالمعضلة الكردية فقط وتتجاهل الشعوب الأخرى بينما تُصِرُّ الإدارة الذاتية على أن القضية الكردية وحلها جزء من القضايا العامة للشعوب السورية كافة. مع العلم أن الكرد ضحوا وقادوا مشروع وحدة الشعوب ولم يكونوا يوماً جزءاً من أي تفكير سلبي فيما يخص سوريا ووحدتها.

مشروع الإدارة الذاتية بكافة تفاصيله ليس بمشروع تقسيم، أخوّة الشعوب، التعايش المشترك، الأمة الديمقراطية، حرية المرأة، وحدة الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة، منع تطور الإرهاب والتصدي له، الدفاع ضد المخططات التركية، الالتزام بالحوار الوطني السوري، البناء الذاتي ضمن سوريا الموحدة كل هذا ليس بمشاريع ولا بخطوات التقسيم، لا بل ناضلت مكونات شعبنا ضد مشاريع التقسيم، حيث في عفرين التي دخلت تركيا بموافقة روسيا اليوم تتم ممارسة التقسيم. لكن؛ شعبنا دافع عنها وقدّم تضحيات كبيرة، عن ماذا كانت تلك التضحيات؟ ألم تكن وقوفاً بوجه تركيا التي تدمر وتفتت سوريا اليوم؟ في سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض، لقد دافع شعبنا ضد المخططات التركية لكن روسيا غضت النظر عن تطور الدور التركي المُهدد والمُقسم لسوريا مقابل تنازلات تركيا لروسيا في أماكن أخرى، إذاً من الذي يُقسّم؟!

من غير اللائق الاستمرار بهكذا سياسات وممارسات لا من قِبل روسيا ولا من قبل أي طرف آخر، يجب ألا يستخدم أحد هذه الحجج لتطوير مصالحه وتوسيع نفوذه مقابل اتهامات مزيفة، ليكن الجميع واضحين وشفافين، سوريا لم تعد تحتمل القفز من فوق الحقائق، سوريا تحتاج لمقاربة واقعية لما يحدث فيها عملياً. إن كانت روسيا لديها مشاريع وخطط تنوي الاتفاق من جديد بها مع تركيا أو غيرها فليكن ذلك علانية؛ لأن الأمور ستتوضح. ولكن؛ لا بد من ألا يستخدم أحد حقائق مزيفة ويسوّقها للحصول على نتائج معينة على حساب شعبنا وقضيته ونضاله الديمقراطي في سوريا. لذا؛ من الأخلاق والحرص والمسؤولية أن يتم جيداً تقييم الأدوار والممارسات الخطيرة على سوريا جيداً بمنطق العقل ووفقاً للوقائع؛ لأن سياسات صرف النظر عن الحقائق وتحوير الأمور لا تفيد أحد في ظل وضوح وبيان الحقائق في سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى