عودة اللاجئين السوريين في لبنان إلى بلادهم محاصرة بالتحديات
يُعدّ موضوع اللاجئين السوريين في لبنان موضوعاً مُعقداً، ويتطلب حلولاً شاملة تُراعي مصالح جميع الأطراف.
تسعى السلطات في لبنان إلى تنظيم وجود اللاجئين على الأراضي اللبنانية كافة، من خلال حملة المسح الوطنية التي كانت قد بدأت بها منذ أشهر لمعرفة عددهم في القرى والبلدات بصورة قانونية.
آخر القرارات الصادرة هي التحضير لإطلاق قافلة العودة الطوعية للاجئين السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم، ويتم تحديد موعدها وآلية تنفيذها في وقت لاحق، حسب البيان الأخير الصادر عن المديرية العامة للأمن العام في لبنان.
الغرب لا يرى الوضع آمناً لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم
صورة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم تنقسم بين الإيجابية بسبب “انتهاء الحرب” بصورة عامة وبين السلبية والقلق بسبب استمرار الصراع في بعض المناطق السورية.
الغرب المتمثل بالولايات المتحدة، يرى أن الظروف في سوريا ليست آمنة بعد لعودة جميع اللاجئين خصوصاً وأن الحرب لم تنتهِ في العديد من مناطق شمال سوريا؛ وفي السياق كانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد توصلت في دراسة لها إلى أن الوضع في سوريا غير آمن لعودة اللاجئين بسبب الوضع هناك، لا سيما وأنهم يهربون من النظام السوري وممارساته التعسفية بحقهم على حدّ قولها. كما أنه لا توجد استراتيجية واضحة من قبل حكومة دمشق أو المجتمع الدولي لعودتهم.
هذا ويستمر الصراع في العديد من مناطق سوريا، ما يجعل العودة أكثر صعوبة لدى اللاجئين.
اللاجئون السوريون يفضّلون البقاء في لبنان
رغبة اللاجئين السوريين في لبنان بعدم العودة إلى بلادهم تعود إلى أسباب عدة؛ منها الاجتماعية ومنها الاقتصادية والمعيشية، وكالتنا ركزت على هذا الموضوع، وسألت عدداً من اللاجئين السوريين في لبنان عن الأسباب التي تمنعهم من العودة.
اللاجئ (م. ص) الذي رفض الكشف عن هويته قال: “إن الخوف من التعرض للاعتقال أو التجنيد الإجباري من قبل جيش النظام السوري هو السبب الرئيس لعدم عودتي إلى بلدي الأم”.
أما اللاجئ (ك. س) يعيش في لبنان منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، فأكد أن الوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا لا يشجعهم إلى العودة، وقال: “وبالتالي فإن لبنان وعلى الرغم من أزماته، نجد الاستقرار فيه من ناحية، ووجود فرص عمل وخدمات اجتماعية تقدم لنا من الجمعيات غير الحكومية من ناحية أخرى”.
وأضاف: “حتى أن أطفالنا يخافون من تغيير بيئتهم، فهم ولدوا في لبنان وتأقلموا مع الحياة الاجتماعية”.
اللاجئ صدام الأغوات، خصّ وكالتنا بالحديث عن ظروف حياته التي تمنعه من العودة إلى سوريا المتمثلة بالخوف من التجنيد الإجباري ومن كيفية تأمين الاستقرار المعيشي وسط التدهور الاقتصادي.
بيئة من الخوف بين اللبنانيين واللاجئين السوريين ومبادرة “كل مواطن خفير” تثير الجدل
على الرغم من العلاقات الاجتماعية التي بناها اللبنانيون والسوريون على مر السنوات، فإن التوترات الاجتماعية والأمنية تبرز في العديد من الأماكن، وهنا يمكن الحديث عن حادثة حصلت قبل شهر تقريباً، حيث قُتل شرطي من شرطة بلدية بيروت في منطقة الجميزة على خلفية محاولته إيقاف سائق دراجة نارية سوري الجنسية لمخالفته قانون السير، فقام السائق بإطلاق النار عليه ليودي بحياته.
هذه الحادثة أثارت جدلاً واسعاً لدى الرأي العام وعلى خلفيتها خرجت مبادرة “كل مواطن خفير” التي أطلقها النائب اللبناني غسان حاصباني برفقة عدد من نواب البرلمان اللبناني، هذه المبادرة تتيح للمواطنين التبليغ عن السوريين المخالفين للقانون وغير الشرعيين الموجودين في لبنان من خلال تطبيق الكتروني حمل اسم “تبليغ”، وهو يتيح للمواطن أخذ صورة على هاتفه المحمول، ثم يختار نوع المخالفة من لائحة محدّدة، ثم ترسل إلى الجهات المختصّة ليكون على عاتقها تطبيق القانون بعد التأكّد من صحّتها.
وقد واجهت هذه المبادرة جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الافتراضي، حيث اعتبر البعض أنها تُشجع خطاب الكراهية والعنصرية ضد اللاجئين السوريين.
كما أنها تخلق بيئة من الخوف وعدم الأمان للاجئين، وبالتالي فهي لا تُعالج الأسباب الجذرية لوجود اللاجئين في لبنان، فيما اعتبرها البعض الآخر ضرورية للحفاظ على الأمن، وتساعد في الكشف عن المجرمين والمخالفين للقانون، وتُسهّل على السلطات اللبنانية تطبيق القانون.
من المهم التأكيد أنه لا يوجد دليل على أن اللاجئين السوريين أكثر عرضة للانخراط في الأنشطة الإجرامية من أي مجموعة أخرى.
وبالتالي من الضروري إيجاد تعاون وحوار بين السلطات اللبنانية والسورية والمجتمع الدولي لمعالجة ملف اللاجئين السوريين وضمان حمايتهم واستقرارهم ضمن الأطر القانونية.
المصدر: ANHA.