أخبار

8 أعوام على مجزرة قامشلو.. واقع داعش بين تحذيرات من عودته وإجراءات سد طريقه

خرج الطفل إسماعيل عبد الكريم (11 عاماً) من المنزل صباح يوم 27 تموز 2016، لتلقّي درس جديد في دورته الموسيقية، فهو يهوى الأغاني ويعزف على آلة الطنبور، كان ذاهباً دون عودة هذه المرة، فطريقة وداعه أشعرت والدته أنه لن يعود ثانية.

يصادف اليوم، 27 تموز السنوية الـ 8 للمجزرة التي ارتكبها مرتزقة داعش في الحي الغربي بمدينة قامشلو، والتي نُفذت بواسطة شاحنة مفخخة، ما أدى إلى استشهاد 62 مدنياً، وجرح أكثر من 177 آخرين.

وبينما تأبى هذه المجزرة النسيان، تستذكر دريا عبد السلام، والدة الطفل الشهيد إسماعيل عبد الكريم، ما حصل في ذلك اليوم، بحرقة والألم يعتصر قلبها: “في ذلك اليوم، استيقظ إسماعيل الساعة 5.00 صباحاً، كان متوتراً للغاية بعد سماعه صوتاً من الملعب المحاذي لمنزلنا، وعندما حان وقت دورته الموسيقية، قال لي إنه يتضور جوعاً، أعدت له الفطور ثم خرج من المنزل مودعاً، ودّع الجميع حتى رفاقه في الحي، كان الوداع مختلفاً هذه المرة”.

عندما خرج أسماعيل من المنزل متوجهاً لتلقي دورته الموسيقية، راقبتُ طريق مشيه حتى وصوله إلى الشارع العام، وكأنني أودعه، عندما التفت عنه لوقت لم يتعدَّ سوى ثوانٍ، حتى حصل الانفجار وتصاعدت الأدخنة السوداء وعمت سماء المدينة، تضيف داريا.

وتقول دريا والغصة عالقة في قلبها: “ذهبت مسرعة للبحث عن طفلي، لكن لم أجده، فأشلاء الضحايا كانت قد انتشرت مع الدمار في كل الأماكن”.

إسماعيل الذي كان ذاهباً لتلقي درسه الموسيقي، قُدّر له أن يستشهد في التفجير بعدما حوصر بين ركام المنازل المدمرة في قبو محلّ للموبيليا، ومن شدة ضغط الانفجار تعرض لنزيف داخلي قبل أن يستشهد، تصف والدته ذلك اليوم بالأسود.

لم تمحُ الأيام والشهور والسنوات التي مضت ذلك اليوم من مخيلة والدته، دريا، وتقول: “يستحيل نسيان ذلك اليوم طالما أنا على قيد الحياة، مع كل حلول لهذا التاريخ تتجدد الأوجاع”.

وبالتزامن مع حلول سنوية المجزرة، حذرت تقارير أمنية وعسكرية عدة، لجانب الوقائع، محاولات داعش المستمرة للعودة، وتعاظم خطورته في كل من سوريا والعراق.

حيث أفادت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) التي تقود التحالف الدولي لمحاربة داعش، بتاريخ الـ 17 من تموز الجاري، عبر بيان، بزيادة في عدد هجمات مرتزقة داعش ضمن البلدين في النصف الأول من عام 2024، مقارنة مع الأعوام الماضية.

وذكر البيان: “في الفترة من يناير إلى يونيو 2024، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن 153 هجوماً في سوريا والعراق. وبهذا المعدل، فإن داعش في طريقه إلى مضاعفة إجمالي عدد الهجمات التي أعلن مسؤوليته عنها عام 2023. وتشير الزيادة في الهجمات إلى أن داعش يحاول استعادة قوته بعد عدة سنوات من تراجع قدراته”.

وعن مساعي داعش للعودة في سوريا، أشار الباحث في مركز الفرات للدراسات مصطفى مصطفى، لبؤر نشاط مرتزقة داعش ونقاط انطلاق المرتزقة لاستهداف المناطق السورية الأخرى، بما فيها إقليم شمال وشرق سوريا، التي شهدت إنهاء سيطرة داعش الجغرافية منذ عام 2019.

ولفت إلى أن تعاظم خطورة مرتزقة داعش تتركز في مناطق سيطرة حكومة دمشق، مستنداً لتلك المجازر التي يرتكبها المرتزقة بحق السوريين ضمن البادية السورية، التي قد تصل إلى مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، مؤكداً أن استهدافات داعش المتفرقة في الإقليم هي نتيجة تعاظم خطورته في البادية السورية.

في المقابل، تستمر الجهود في إقليم شمال وشرق سوريا لسد الطريق أمام عودته، على الرغم من كل الضغوطات والهجمات التي تتعرض لها المنطقة، ويرى مراقبون ومختصون في شؤون مكافحة الإرهاب، أن عمليات قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي في الإقليم، منذ بدء مرحلة مكافحة خلايا داعش النائمة عقب تحرير بلدة الباغوز عام 2019، حدّت من تكرار سيناريوهات مشابهة لمجزرة قامشلو التي ارتكبت عام 2016.

وتبيّن حصيلة عمليات قوى الأمن الداخلي لإقليم شمال وشرق سوريا عن عام 2023، ما كان ينتظر الإقليم، حيث تمكنت من تفكيك 43 خلية لمرتزقة داعش لمرتزقة داعش، وتفكيك 121 عبوة ناسفة، بينها 49 في مقاطعة الجزيرة، 30 في مقاطعة الرقة، و17 في مقاطعة دير الزور، و18 في مقاطعة الطبقة، و2 في مقاطعة الفرات، و5 في مقاطعة منبج.

وكذلك تظهره حصيلة عمليات قوات سوريا الديمقراطية ضد داعش في الإقليم عن النصف الأول من العام الجاري، أذ ألقت قوات سوريا الديمقراطية القبض على 233 من مرتزقة داعش بينهم متزعمون، وقضت على 10 مرتزقة آخرين، خلال 28 عملية أمنية نفذتها القوات في النصف الأول من العام الجاري بإقليم شمال وشرق سوريا.

وعلى الرغم من جميع التدابير الأمنية والعمليات الأمنية والعسكرية المكثفة، تبقى المخاوف في إقليم شمال وشرق سوريا قائمة، وكذلك التحذير من عودته، يعيده مسؤولون وقياديون في المنطقة إلى بقاء ملف معتقلي وأسر داعش عالقاً دون حلول جذرية، ولاستمرار هجمات دولة الاحتلال التركي على الإقليم.

ويوجد أكثر من 19 ألف مرتزق من داعش بين أجنبي، عراقي، وسوري، في معتقلات داخل الإقليم، وكذلك يوجد مخيمان لأسر مرتزقة داعش يضمان عدداً كبيراً من نساء وأطفال المرتزقة، وفق إحصائيات كانت قد توصلت إليها وكالتنا، تسعى خلايا داعش باستمرار التخطيط للوصول إليها، آخرها مهاجمة سجن الصناعة في الحسكة عام 2022، ومهاجمة مخيم الهول عام 2023.

وما يؤكد مساعي مرتزقة داعش المستمرة للوصول لتلك المعتقلات، والمخيمات، ما أشار إليه، قيادي في قوى الأمن الداخلي، العقيد قهرمان مراد، في تصريحه لوكالتنا، عن تحذيرات من انتعاش داعش.

قهرمان مراد، بيّن أن خلايا المرتزقة لم تتوقف عن محاولات إحياء نفسها، واستهداف أمن واستقرار المنطقة، مشيراً لما جرى من هجوم على سجن الصناعة، وكذلك من استهداف لنقاط قواتهم الأمنية في الشدادي، وأكد أن خلايا داعش تحاول بشتى السبل الوصول لمخيم الهول، وفق المعلومات المتوفرة لديهم، وإجراءات مكافحتها قائمة.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى