لا شك أن رحلة الفضاء مليئة بالتجارب المذهلة والاكتشافات المثيرة. ومع ذلك، يواجه رواد الفضاء العديد من القيود التي تجعل حياتهم اليومية مختلفة تمامًا عن الحياة على الأرض. من قيود الطعام والشراب، إلى صعوبة النظافة الشخصية، إلى استحالة ممارسة بعض الأنشطة الطبيعية مثل البكاء أو العيش بحرية، كل هذه القيود تجعل الحياة في الفضاء تحديًا فريدًا من نوعه.
ومن أبرز هذه التحديات أيضًا، التعامل مع الجاذبية الصغرى التي تؤثر على الجسد والأنشطة اليومية التي نمارسها بشكل طبيعي على سطح الأرض. كما يتعين على رواد الفضاء التعامل مع العزلة والتوتر والملل الذي يمكن أن يؤثر على صحتهم العقلية وأدائهم. من هنا، وجب عليهم اتباع قواعد وبروتوكولات صارمة يمكن أن تحد من حريتهم وإبداعهم.
لكن ما هي بعض الأشياء التي لا يستطيع رواد الفضاء فعلها في الفضاء حتى لو أرادوا ذلك؟ في هذا التقرير، سنستكشف سبعة منها، وكيف يتكيفون معها، لندرك بشكل ما مقادر التحديات التي تقع على عاتقهم وتكلفهم الكثير من راحتهم من أجل اكتشاف أو بحث جديد.
البكاء
البكاء هو طريقة طبيعية وصحية للتعبير عن المشاعر، لكن لا يمكن ممارسته بالطريقة نفسها في الفضاء. بدون الجاذبية، لا تسقط الدموع على خديك، بل تتشكل فقاعات حول عينيك. يمكن أن تكون هذه الفقاعات غير مريحة وتعوق الرؤية، لذلك يتعين على رواد الفضاء مسحها بمنديل أو بمنشفة طوال الوقت.
النوم الطبيعي
لا يستطيع رواد الفضاء الفوز بمثل هذه الرفاهية التي نتمتع بها على سطح الأرض، والمتمثلة في النوم على فراش مريح لساعات طويلة والاستلقاء والتأرجح يمينًا ويسارًا كيفما تشاء.
يرجع ذلك إلى انعدام الجاذبية الذي يحول بينهم وبين مثل هذه الممارسات الطبيعية. بالتالي يضطرون إلى حيلة أخرى قد تبدو لنا غير مريحة بالمرة، لكنهم اعتادوا عليها بحكم الضرورة، حيث ينامون في وضعية الجلوس باستخدام أكياس نوم خاصة مربوطة بجدران محطة الفضاء لمنعهم من الطفو أثناء النوم. بالإضافة إلى أحزمة الأمان لتثبيتهم.
تناول الخبز
يعتبر الخبز غذاءً أساسيا للعديد من الناس على الأرض، لكنه ممنوع في الفضاء. والسبب هو أن فتات الخبز يمكن أن تطفو بسهولة وتدخل في المعدات الحساسة أو عيون وأنوف الطاقم.
وبدلاً من الخبز، يستخدم رواد الفضاء التورتيلا، وهي أقل تفتيتًا وأكثر متانة. كما يمكن أيضًا استخدام التورتيلا في عمل الساندويتشات واللفائف وحتى البيتزا.
وفقًا لمعهد فرانكلين، فإن الأشخاص الوحيدين الذين تناولوا الخبز في الفضاء على الإطلاق هم رواد فضاء مهمة ناسا جيميني 3 لعام 1965، حيث قام جون يونج، بتمرير شطيرة لحم البقر المعلب على متن الرحلة.
الكتابة بقلم عادي
في بيئة الفضاء الفريدة حيث الحياة بدون جاذبية، تفشل الأقلام التقليدية في الكتابة وتحقيق الهدف الذي ابتكرت بسببه، لذلك، حاولت وكالة ناسا ابتكار حل جديد.
قامت ناسا بتصميم قلم له مواصفات هندسية معينة بحيث يمكن الكتابة به في أي وضع، حتى إذا كان مقلوبًا رأسًا على عقب، وذلك باستخدام غاز مضغوط لدفع الحبر.
أثبت هذا الابتكار فعاليته، حيث يعمل بشكل فعال في درجات حرارة شديدة وتحت الماء. وتم اختراع هذا القلم في الأصل بالتعاون مع شركة Fisher Pen Company عام 1965، ومنذ ذلك الحين حل محل الأقلام العادية في الفضاء.
الاستحمام
الاستحمام رفاهية يجب على رواد الفضاء التخلي عنها أثناء رحلتهم. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب، أولها أن المياه نادرة وتحتاج الكثير من التكاليف لنقلها، ويمكن أن تسبب أيضًا مشاكل إذا تسربت وتكونت قطرات في الهواء.
وبدلاً من الاستحمام، يستخدم رواد الفضاء مناديل مبللة وشامبو لا يحتاج إلى شطف ومياه صابونية مخلوطة مسبقًا لتنظيف أنفسهم. كما أنهم يستخدمون المناشف لتجفيف أنفسهم والتخلص منها بعد عدة استخدامات.
وفقًا لموقع Space.com، فإن المياه الزائدة التي تخرج من غسيل الشعر يتم تحويلها إلى مياه شرب من خلال نظام معالجة المياه.
العلاقات الحميمة
تعتبر ممارسة العلاقة الحميمة في الفضاء موضوعًا مثيرًا للجدل ومعقدًا. لم تؤكد ناسا رسميًا ما إذا كان ذلك قد حدث أم لا، ولكن هناك العديد من التحديات والمخاطر التي تنطوي عليها.
يمكن القول إن أحد الأسباب التي تجعل الأمر مستحيلا هو صعوبة الحصول على الخصوصية في محطة فضائية مزدحمة ومراقبة. وسبب آخر هو أن الجاذبية الصغرى يمكن أن تؤثر على تدفق الدم لرواد الفضاء، وكذلك تجعل من الصعب الحفاظ على الاستقرار.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل أخلاقية بين أفراد الطاقم، وقد يؤدي إلى حمل غير مرغوب فيه أو إصابات. لذلك، يُمنع هذا الأمر تماما لأنه قد يعرض المهمة وسلامة الطاقم للخطر.
شرب الكحول
في الفضاء، يمنع شرب الكحول لأسباب تتعلق بالصحة والسلامة، إذ يمكن أن يضعف أداء وسيطرة رواد الفضاء على زمام الأمور، ويمكنه أيضًا أن يتفاعل مع الأدوية التي يتناولونها، ويتسبب لهم في مشاكل صحية خطيرة.
علاوة على ذلك، يمكن للكحول أن يؤثر على توازن السوائل وضغط الدم لدى رواد الفضاء، واللذان يتأثران بالفعل بالجاذبية الصغرى.
ووفقًا لمعهد فرانكلين، اقترح الكحول مرة واحدة في عام 1972 كجزء من وجبات رواد الفضاء، لكنه لم يصل إلى محطة الفضاء بعد أن تسبب الاقتراح في حالة غضب عام من المتخصصين والخبراء اعتراضا على شرب رواد الفضاء أثناء مهتهم الحساسة للغاية.
على الرغم من هذه القيود، يبقى حلم الفضاء حلمًا يراود البشر منذ القدم. ففضول الإنسان ورغبته في استكشاف الكون لا حدود لهما. وبالفعل نجح رواد الفضاء، على الرغم من التحديات، في تحقيق إنجازات عظيمة ساعدت على فهم الكون بشكل أفضل.
وهكذا، بينما ننظر إلى رواد الفضاء بإعجاب، يجب أن نتذكر أيضًا التضحيات التي يقدمونها والتحديات التي يواجهونها. فحياة الفضاء ليست سهلة، بل هي رحلة مليئة بالقيود والالتزامات، لكنها رحلة تستحق العناء في سبيل المعرفة والتقدم الإنساني.
المصدر: MSN.