أخبار

​​​​​​​هل الكرد خارج حماية اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية؟

تقول منظمة حظر الأسلحة بأنه يعيش ٩٨% من سكان المعمورة تحت حماية الاتفاقية، وبأنه تم التحقق من تدمير ٩٨% من مخزونات الأسلحة الكيميائية التي أعلنت عنها الدول الحائزة. ولكن الأهم هنا هل الكرد هم 2% المتبقين خارج حماية الاتفاقية؟ وهل الدولة تركيا من ضمن الدول التي تشكل 2 % من التي لم يتم تدمير مخزونها الكيميائي؟.

تقول منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وهي منظمة ما بين الحكومات ومقرها الرئيس في لاهاي في هولندا، وتعرف بأنها: ” هيئة المراقبة العالمية التي تشرف على تنفيذ اتفاقية “حظر الأسلحة الكيماوية”، وبحسب المنظمة إن الأسلحة الكيماوية هي عبارة عن مواد كيماوية تُستخدم للتسبب في الموت أو في إلحاق ضرر متعمد من خلال خصائصها السامة.

وتُحظر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية استخدام الأسلحة الكيماوية، لذلك أبرمت معاهدة بإدارة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، ودخلت حيزّ التنفيذ عام 1997، وتحظّر إنتاج الأسلحة الكيميائية ومركباتها الطليعية وتخزينها واستخدامها، واسم الاتفاقية الكامل “اتفاقية حظر تطوير الأسلحة الكيميائية وإنتاجها وتخزينها واستخدامها وتدميرها”. ومن بين الموقعين على الاتفاقية دولة الاحتلال التركي.

والتزمت ١٩٣ دولة باتفاقية الأسلحة الكيميائية، وبحسب منظمة حظر الأسلحة يعيش ٩٨% من سكان المعمورة تحت حماية الاتفاقية، وبأنه تم التحقق من تدمير ٩٨% من مخزونات الأسلحة الكيميائية التي أعلنت عنها الدول الحائزة.

والهدف الرئيس من اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، هو إزالة فئة كاملة من أسلحة الدمار الشامل، وذلك من خلال حظر استحداث وإنتاج واحتياز وتخزين الأسلحة الكيميائية والاحتفاظ بها أو نقلها أو استعمالها من جانب الدول الأطراف. كما يجب على الدول الأطراف أن تتخذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحظر فيما يتعلق بالأشخاص (الطبيعيين أو الاعتباريين) في إطار ولايتها القضائية.

وبحسب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، تُعتبر كلّ مادة كيميائية مستخدمة لأغراض الحرب سلاحًا كيميائيًا بموجب هذه الاتفاقية. وتتمثل أهم موجبات أطراف هذه الاتفاقية بتطبيق هذا الحظر وتدمير كافة الأسلحة الكيميائية الموجودة. وتشرف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على عمليات التدمير.

ومن أهم مقتضيات اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، إنشاء لجنة تفتيش في الأمانة الفنية الخاصة بالاتفاقية، وإعطاؤها القدرة على القيام بالتحقيق في ادعاءات استخدام أسلحة كيماوية. وتعتبر اللجنة مستقلة وتقنية، وإذا ما وجدت لجنة التحقيق أن دولة طرفًا في الاتفاقية قد قامت بانتهاك بنودها فلها أن تقيّد أو تعلّق حقوق الدولة الطرف وامتيازاتها بموجب الاتفاقية بناء على توصية المجلس التنفيذي، إلى أن تتخذ الإجراءات اللازمة للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية.

ومن السمات الفريدة التي تتميز بها اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية أنها تهيّئ لإمكانية إجراء “تفتيش بالتحدي” (تفتيش مستعجل يُجرى بناءً على تشكيك). وتتيح لأية دولة طرف تساورها شكوك بشأن امتثال دولة طرف أخرى للاتفاقية، أن تطلب من المدير العام أن يوفد فريق تفتيش إلى الدولة المشكوك في امتثالها. وبموجب إجراء “التفتيش بالتحدي” الذي تتيحه الاتفاقية، تعهدت الدول الأطراف بالتقيد بالمبدأ القاضي بإجراء عمليات تفتيش في أراضيها “في أي وقت، وفي أي مكان” من دون أن يكون لها الحق في أن ترفض ذلك.

إلا أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لم تحرك ساكنًا أثناء قصف دولة الاحتلال التركي مدينة نصيبين في باكور كردستان (شمال كردستان) في 21 أيار 2016، بقنابل تحتوي على الفوسفور الأبيض الذي يُعد من الأسلحة المحرمة دوليًا، وقرية أرندة التابعة لناحية شيه في عفرين المحتلة في 16 شباط 2018، بقنابل تحتوي على غاز الكلور السام. والأسوأ رفض المنظمة التحقيق في استخدام تركيا لغاز الفوسفور الأبيض في هجماتها على مناطق سري كانيه/ رأس العين في تشرين الثاني 2019، وفي تلك الآونة تساءلت صحيفة (التايمز) البريطانية عن سبب رفض الغرب التحقيق في اتهام تركيا باستخدام الفوسفور الأبيض في سري كانيه/ رأس العين.

ويوضح الحقوقي المصري أحمد رجب أن الأسلحة الكيميائية هي أسلحة تدمير شامل تستخدم ضد المدنيين بوجه خاص، وهي تستغل الخصائص السامة لمواد كيميائية من أجل القتل أو إحداث إصابة أو التسبب في عجز مؤقت، وقد مُنع استخدامها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي دخلت حيز النفاذ عام 1997، وصدقت عليها حتى اليوم جميع دول العالم تقريباً؛ ويشمل التعريف الرسمي للسلاح الكيميائي المواد الكيميائية السامة وسلائفها في الوقت نفسه (أي كل كاشف كيميائي يدخل في تصنيع مادة كيميائية سامة)، وكذلك يشمل الأجهزة المستخدمة في إيصالها إلى هدفها (مثل الذخائر وناثر الهباء الجوي وغيرها)، وأي أداة مصممة خصيصاً للاستخدام مع هذه الأخيرة.

بالنظر إلى المواقف الدولية حول استخدام السلاح الكيماوي ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية نرى أنها تتبع الازدواجية في معاييرها، فعلى سبيل المثال تدخلت أمريكا في العراق عام 2003 بناءً على معلومات حول وجود الأسلحة الكيميائية، وبدعوة فرنسية إطلاق مبادرة عام 2018 حول تشكيل مبادرة انضمت إليها 39 دولة من أجل اتخاذ إجراءات ضد حكومة دمشق، بعد استخدام أسلحة كيماوية في سوريا في مدينة سراقب في 4 شباط 2018. والبرنامج النووي الإيراني حديث الرأي العام الآن، ويتغاضى المجتمع الدولي ومنظمة حظر الأسلحة مرة أخرى أثناء استخدام دولة الاحتلال التركي الأسلحة الكيماوية والمحرمة دولياً في كل من عفرين وكري سبي وسري كانيه، وفي منطقة غاري في جنوب كردستان والآن في مناطق آفاشين وزاب ومتينا.

وهنا لابد من طرح سؤال. تقول منظمة حظر الأسلحة بأنه يعيش ٩٨% من سكان المعمورة تحت حماية الاتفاقية، وبأنه تم التحقق من تدمير ٩٨% من مخزونات الأسلحة الكيميائية التي أعلنت عنها الدول الحائزة. هل الكرد هم 2% المتبقين خارج حماية الاتفاقية؟ وهل الدولة تركيا من ضمن الدول التي تشكل 2 % التي لم يتم تدمير مخزونها الكيميائي؟.

فبالرغم من الدعوات المتكررة من قبل الإدارة الذاتية الديمقراطية في عفرين، والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا حول استخدام تركيا للأسلحة المحرمة دوليًا، ومؤخرًا دعوة منظومة المجتمع الكردستاني KCK لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول استخدام تركيا للأسلحة الكيماوية والمحرمة دوليًا، إلا أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وإلى الآن لم تتحرك بموجب مبادئها وسماتها القاضية بالتهيئة لإجراء “تفتيش بالتحدي” (تفتيش مستعجل يُجرى بناءً على تشكيك).

وبيّن رجب أن الطريقة المثلى للتغلب على الازدواجية التي يتبعها المجتمع الدولي ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية هي إحراج هذه الأنظمة والمنظمة، وتوثيق الجرائم التي ارتكبها الجيش التركي ضد الكرد، ونشرها على أوسع نطاق عبر الصحافة النزيهة، والتواصل بشكل مستمر مع المنظمات ذات الصلة.

وأكد رجب ضرورة الضغط على المجتمع الدولي، وقال: “الحكومة العراقية من حقها المطالبة بإجراء تحقيق دولي حول استخدام تركيا للأسلحة الكيماوية والمحرمة دوليًا ضمن أراضيها، كما يمكن لحكومة إقليم كردستان رفع دعوى للأمم المتحدة بهذا الصدد”.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى