أخبار

واقع صراع تركيا ومرتزقتها.. الدولة التركية تعيد هيكلة مرتزقتها

يتصارع المرتزقة الذين شكّلتهم دولة الاحتلال التركي ونشرتهم في المناطق التي تحتلّها (عفرين، وإعزاز، والباب، وجرابلس، وكري سبي، وسري كانيه)، فيما بينها من جهة، وبينها وبين الدولة التركية المؤسسة لها من جهة أخرى.

وبحسب مصادر أمنيّة ومحليّة، فإنّ دولة الاحتلال التركي تمنح المرتزقة شكلاً جديداً في كلّ مرّة، تماشياً مع مصالحها وسياساتها الخارجية، لذا يتزايد معارضوها يوماً بعد يوم.

جمعتهم معاً عام 2017

بدأت دولة الاحتلال التركي بتشكيل المرتزقة منذ بداية الأزمة السورية، وجمعتهم عام 2017 تحت اسم ما يُعرف بـ “الجيش الوطني السوري” وفي إطار ذلك تمّ تنظيم 41 مجموعة مرتزقة منها ضمن 3 فيالق.

وفي عام 2018، وتحديداً قبل احتلال عفرين، دمجت دولة الاحتلال التركي، المجموعات الصغيرة منها، التي كانت تعتبرها مثيرة للجدل، مع المجموعات الكبرى وخفّضت عددها إلى 36.

وفيها قلّصت عدد المنضوية تحت لواء الفليق الأوّل من 14 إلى 6 فقط، وبحسب المصادر، لم يتصرّف مرتزقة الفيلق وفق الإرادة التركية وكانت تشهد جملة من الصراعات، فتدخلت تركيا، ودمجت المرتزقة المتصارعين مع أخرى.

كما دمجت مجموعتين من المرتزقة المعروفة بما تسمّى بـ “جيش الأحفاد”، مع مرتزقة فرقة ما تسمّى “فرقة سليمان شاه”، وجمعت الفرق التي لم ترضخ لها بالكامل تحت لواء “الفيلقين الثاني والثالث”.

في أعقاب احتلال سري كانيه

خضع المرتزقة للتغيير مرّة أخرى في أعقاب احتلال سري كانيه عام 2019، فقد خطّطت الدولة التركية عبر أجهزتها الاستخباراتيّة لدعم المجموعات المرتزقة التركمانية في بسط سيطرتها على جميع المجموعات المرتزقة الأخرى والتحكّم بها، وفي إطار هذه الخطّة، أرسلت العديد من المرتزقة إلى ليبيا، ومنطقة قره باغ التي تسبّبت بالحرب بين أذربيجان وأرمينيا.

ووفقاً لمخططات أجهزة الاستخبارات الدولة التركية، أُعيدت هيكلة المرتزقة المنضوية تحت لواء “الفيلق الأوّل” كـ “أحرار الشرقية، وجيش الشرقية”، و”الفرقة 20 ” تحت اسم “حركة التحرير والبناء”، وأغلب هذه المجموعات المرتزقة في صراع مع باقي الباقين ومع الدولة التركية.

وتجمّعت باقي المجموعات كـ “فرقة الحمزة، وفرقة المعتصم، وفرقة سليمان شاه وفرقة السلطان مراد”؛ المنضوية تحت لواء “الفيلق الثاني” تحت اسم “حركة ثائرون”.

فيما تجمّعت المجموعات المرتزقة المنضوية تحت مسمى “الفيلق الثالث” والتي تسيطر عليها “الجبهة الشامية” تحت اسم “حركة العزم”.

صراعات المرتزقة

تزايدت الصراعات بين المرتزقة بعد هذه التغييرات، فقد سيطرت كل مجموعة مرتزقة على منطقة محتلة وأعلنتها مستقلة.

ولم يتوافق ذلك مع مخططات دولة الاحتلال التركي، لذا تدخلت وقضت على هذه التشكيلات (الحركات) أو المسميات الجديدة وسعت إلى إعادة جمعها تحت مسمى “الجيش الوطني السوري”.

العلاقات بين تركيا ودمشق وتأثيرها على المرتزقة

بعد الانتخابات الرئاسية عام 2023، أعادت دولة الاحتلال التركي علاقاتها مع حكومة دمشق، وسعت إلى حل خلافاتها مع الدول العربية، لذلك غيّرت سياساتها الخارجية، وقد أثارت هذه السياسات مخاوف وحفيظة بعض المجموعات المرتزقة وزعزعت ثقتها بتركيا، حتّى أنّ بعضها أعلنت أنّ تركيا قد تخلّت عنها وباعتها.

وخرج عدد من المجموعات المرتزقة كـ “الجبهة الشامية، “جيش الإسلام” من “الفيلق الأول”، و “أحرار الشام” من “الفيلق الثاني”، و “فرقة المعتصم” من “الفيلق الثالث” ضدّ تركيا وأعربوا عن رفضهم لهذا.

ودعم مرتزقة “فرق السلطان مراد، الحمزة وسليمان شاه” تركيا، فيما أعرب مرتزقة ما تسمى بـ “أحرار الشرقية، فيلق الشام وفيلق الرحمن” عن حياديتها.

الاشتباكات بين المرتزقة وبسط “هيئة تحرير الشام” لسيطرتها

أسفرت هذه الصراعات عن اندلاع اشتباكات عديدة بين المرتزقة العام الفائت، وبحسب المصادر، جرى، وبتوجيهات من أجهزة الاستخبارات التركية، التخطيط لوضع جميع المرتزقة تحت سيطرة “فرقة السلطان مراد” وتصفية المجموعات المعارضة لسياسات تركيا على يد “الفيلق الثاني”، وفي ضوء هذا المخطط، اغتال مرتزقة “فرقة الحمزة” عضواً بارزاً في مرتزقة الجبهة الشامية المدعو أبو غنوم، ما تسبّب بتغييرات كبيرة في هيكلية “الجيش الوطني السوري”.

وتزايدت الاشتباكات بين المرتزقة، وعلى إثر ذلك، انتشر مرتزقة “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على إدلب ومحيطها في عفرين وإعزاز والباب وجرابلس وانتشروا بين مجموعات المرتزقة المختلفة.

التشكيلات والعداءات الجديدة

تمخّضت هذه الأزمات عن تشكيل مرتزقة جديدة باسم “تجمّع الشهباء، وقوات التنسيق والقوة الموحدة”.

وتشكّل “تجمّع الشهباء” بدعم من “هيئة تحرير الشام” ويتزعّمها المرتزق المدعو حسين عساف أبو توفيق، وتتألف من “أحرار التوحيد، وأحرار الشام الذراع الشرقي، ونور الدين الزنكي”، ويعارض هؤلاء المرتزقة، والمرتزقة التابعين لأجهزة الاستخبارات التركية مباشرةً.

أمّا مرتزقة “فرقة الحمزة وفرقة سليمان شاه” فهم ضمن “قوات التنسيق” ويلتزمون بتعليمات ومخططات الاستخبارات التركية تماماً، ولكنّها ليست على عداء مباشر مع “هيئة تحرير الشام”، وتفيد المصادر بأنّ هذا يجري بناءً على مخططٍ لأجهزة الاستخبارات التركية، ويتركّز انتشار المرتزقة هذه في عفرين.

وتنضوي “فرقة المعتصم والجبهة الشامية” تحت لواء “القوة الموحدة”، وتمّ ذلك بعد اجتماع المتزعم في “هيئة تحرير الشام”، محمد الجولاني مع مسؤولين رفيعي المستوى في المخابرات التركية في ديلوك.

قطع طريق مسؤولي الاستخبارات التركية والحكومة المؤقتة المزعومة

تستمرّ الأزمات والصراعات بين المرتزقة مع بعضهم البعض وبينهم وبين دولة الاحتلال التركي إلى الآن (2024).

ففي آذار المنصرم، اعترض حشد من الأهالي طريق ما يسمى رئيس “الحكومة المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، وما يسمى رئيس الائتلاف (الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية)، هادي البحرة عندما كانا يحاولان دخول إعزاز مع المرتزقة.

وقطع حشد الأهالي الطريق أمام سيارات المرتزقة ومنعوها من الدخول إلى اعزاز، وعلى إثر ذلك، توجّه عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الاستخبارات التركية قيل إنّ من بينهم زعيم الاستخبارات “إبراهيم كالن” إلى المنطقة، لكن ذلك أيضاً لقي احتجاجات شعبية، وشهدت منطقة الباب كذلك مظاهرات واحتجاجات عارمة وأزمات عدّة ووقوع إصابات وقتلى.

تدخّل الاستخبارات التركية مجدداً

تدخّلت أجهزة الاستخبارات التركية في المرتزقة مجدداً عقب هذه الأزمات واستهدفت هذه المرة مرتزقة “تجمّع الشهباء وقوات التنسيق”، فقد أمرتهما الاستخبارات التركية بالعودة إلى مظلة “الجيش الوطني” وإلّا سيتمّ تصفيتهما.

وعلى إثر هذه التدخلات، انسحب مرتزقة “نور الدين الزنكي، وأحرار التوحيد، والجبهة الشامية وفرقة المعتصم” ممّا يسمى “جبهة تجمّع الشهباء”، وانضم مرتزقة “الزنكي والمعتصم” إلى “الفيلق الثاني” و “الشامية” إلى “الفيلق الثالث”.

وانضمّ تجمّع الشهباء إلى الجيش الوطني تحت الضغط.

وكان مرتزقة “أحرار الشرقية وصقور إعزاز” الوحيدين من “تجمّع الشهباء” اللذين رفضوا الانضمام إلى “الجيش الوطني”، ولهذا نفّذت دولة الاحتلال التركي عدّة عمليات قامت خلالها بتصفية واعتقال أفرادها، لا سيما الموجودين على المعابر الحدودية التجارية، واستولت على العديد من نقاطهما العسكرية بذريعة التغيير.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى