منهجية قديمة وتغيير تكتيكي.. ماذا تريد روسيا من الاتفاق مع قطر وتركيا؟
أعلن وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والقطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والتركي مولود تشاووش أوغلو في 11 آذار/ مارس الحالي، عن إطلاق “عملية تشاورية جديدة” بين دولهم بشأن ما وصفوه بالتسوية السورية.
وقطر وتركيا هما الدولتان اللتان تدخلتا مبكرًا في الوضع السوري وكانتا السبب في تحويل ثورة السوريين إلى أزمة عبر دعم جماعات الإخوان المسلمين، وفتح الحدود أمام دخول المجموعات المتطرفة من كافة أنحاء العالم إلى سوريا لإسقاط الحكومة والسيطرة على السلطة وتشكيل نظام تابع لهم فيها.
وزعم الوزراء الثلاثة أثناء مؤتمر صحفي مشترك أن العملية الجديدة ستخص المسائل الإنسانية حصرًا وستكون موازية لـ “مسار أستانا”.
ولم يختلف بيان هذا الاتفاق عن بيان الجولة الأخيرة لمسار أستانا، حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه اتفق مع نظيريه التركي والقطري، على محاربة ما وصفها بـ “المحاولات الانفصالية في سوريا” في إشارة إلى الشعب في شمال وشرق سوريا الذين يديرون مناطقهم عبر الإدارة الذاتية.
‘الأسباب التي دفعت روسيا إلى تشكيل هذا المسار’
وجاء “مسار الدوحة” بعد جولة مكوكية للمسؤولين الروس في المنطقة العربية، وذلك بعد فشل موسكو بفرض حل سياسي على المجتمع الدولي عبر عشرات الجولات من مساري أستانا وسوتشي.
وسعت روسيا خلال الفترة الماضية، عبر مسار أستانا وتقاسم النفوذ في سوريا مع تركيا وإيران منذ عام 2017، إلى استبدال مسار جنيف في أستانا، إلا أن ذلك أثبت فشله.
وجاء إطلاق المسار الثلاثي بعد فشل ما تسمى اللجنة الدستورية التي عقدت عدة جولات في مدينة جنيف السويسرية بتحقيق أي تقدم، مع إصرار دمشق على إجراء انتخابات رئاسية وفق دستور عام 2012.
وبرز إطلاق المسار الجديد مع الذكرى العاشرة لانطلاق الأزمة السورية، وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة تضرب مناطق سيطرة حكومة دمشق بسبب عقوبات دولية مشددة، خصوصًا مع التقارير التي تحدثت عن فشل روسي خلال الأيام السابقة في إقناع دول خليجية كالسعودية والإمارات بتطبيع العلاقات بشكل رسمي مع دمشق والعمل على عودتها إلى الجامعة العربية، وهذا ما أعلنت واشنطن وأوروبا رفضه في وقت سابق.
هل انتهى مسار أستانا؟
وأكد وزراء الدول الثلاث أن المسار الجديد هو مسار موازٍ لأستانا، وذلك للحفاظ على ما حققه هذا المسار من مصالح لهذه الدول، فيما يخص تثبيت الجبهات في إدلب من قبل مرتزقة تركيا وقوات دمشق المدعومة من روسيا، بالإضافة إلى تثبيت احتلال تركيا للمناطق التي احتلتها عبر هذا الاتفاق.
وتسعى روسيا من خلال مسار الدوحة إكمال مسار أستانا، لكن بشكل جديد ينهي العقبات وأبرزها عدم وجود شرعية عربية بالإضافة إلى وجود إيران.
لماذا أقصيت إيران؟
غياب إيران عن الاتفاقات الروسية – التركية بشأن سوريا غير جديد، حيث غابت عن عدد من جولات أستانا، وحتى وقت حضورها كانت الاتفاقات عبارة عن صفقات بين روسيا وتركيا.
وبرز غيابها بشكل أكبر بعد الحديث عن التقارب الروسي – الأمريكي – الإسرائيلي وقمة القدس والاتفاقات بشأن تقليص الوجود الإيراني في سوريا، والتي تكثفت بعدها الضربات الجوية على المواقع الإيرانية وسط صمت روسي حيال ذلك.
وعقب سيطرة روسيا على مساحات واسعة من سوريا عبر دعم قوات حكومة دمشق، لم تحقق موسكو أي نجاح سياسي بشأن شرعية حكومة دمشق بل على العكس من ذلك زادت العقوبات الاقتصادية والسياسية، ورأت بأن إيران تقف عائقًا أمام مصالحها.
وبعث المسؤولون الأمريكيون والغربيون رسائل إلى موسكو، بأنه لن يكون هناك حل سياسي طالما هناك وجود إيراني في سوريا، بالإضافة إلى قبول واشنطن والغرب بوجود قوات روسية في سوريا.
وهذا لا يعني بالضرورة تخلي روسيا عن إيران وتحولهما إلى خصوم على الساحة السورية، بل قد يندرج ذلك ضمن المناورات الروسية وتبادل الأدوار مع إيران للالتفاف على الاتفاقات التي أبرمتها موسكو مع القوى الدولية وعلى القرار الدولي 2254.
ماذا ستحقق روسيا؟
وعلى الرغم من المخططات الروسية، إلا أن مشاكل متوقعة قد تحدث في المستقبل ويمكن إسقاط القول المشهور “حسابات الحقل لا تتطابق مع حسابات البيدر” على الحسابات الروسية مع قطر وتركيا.
حيث بات ميزان القوى في هذا المسار الجديد مضاد لمصالح روسيا ونفوذها، بسبب غياب إيران حليفة روسيا وحكومة دمشق، بالإضافة إلى دخول قطر حليفة تركيا ومجموعاتها المرتزقة.
المصدر: ANHA.