أخبار

مرتزقة داعش بين مساعي العودة وآلية المكافحة

مع قضاء قوات سوريا الديمقراطية على آخر معاقل جغرافية لمرتزقة داعش في بلدة الباغوز، وإنهاء سيطرته المكانية في 23 آذار 2019، إلا أن معدل إحيائه يبقى مرشحاً للارتفاع.

في النصف الأول من عام 2024، شهدت سوريا أعمالاً دموية نفذتها خلايا مرتزقة داعش، وبعد أن انخفض معدل هجمات داعش في 2022 إلى 152 هجوماً، عاد مؤشر الهجمات للارتفاع في 2023 لتسجل 224 هجوماً، وذلك وفق تقرير صادر عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي النسخة الحادية عشرة من مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، الذي عدَّ سوريا من أكثر الدول تضرراً من هجمات داعش.

وفي إقليم شمال وشرق سوريا لوحدها، شن داعش 177 هجوماً خلال الفترة الممتدة بين 1 كانون الثاني حتى 30 نسيان 2024، وفق ما ورد تباعاً في بيانات قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي، وما نشرته مواقع مرتزقة داعش، فيما أحصي 24 هجوماً نفذتها الخلايا مرتزقة في أيار، و9 عمليات أخرى تمت عبر الاستهدافات والتفجيرات حتى تاريخ 17 حزيران الفائت.

وألقت قوات سوريا الديمقراطية القبض على 233 من مرتزقة داعش بينهم متزعمون، وقضت على 10 مرتزقة آخرين، خلال 28 عملية أمنية نفذتها القوات في النصف الأول من العام الجاري بإقليم شمال وشرق سوريا، وفق بيانها الأخير الذي نشر بداية تموز الحالي.

وكانت مصادر أمنية كشفت لوكالتنا أن خلايا مرتزقة داعش تقوم بتنظيم نفسها في محافظة ديالا وسهل الأنبار وحديثة والقائم في العراق، وزادت من نشاطاتها على الحدود السورية العراقية، وقيل إن المرتزقة يجهزون مجموعات لصناعة المتفجرات والمجموعات الانتحارية والمسلحة في هذه المناطق، كما يجهزون دراجات نارية وسيارات مفخخة ساعين إلى استخدامها ضد السجون ومخيم الهول.

ويظهر تحرك خلايا مرتزقة داعش الأخيرة، مساعي إحيائه، إذ عادوا لاستخدام العربات المفخخة في استهداف مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية، كما حدث عند استهداف نقاط قوات سوريا الديمقراطية مرتين في ريف دير الزور الشرقي في الفترة الممتدة بين 9 أيار و5 حزيران.

وعن عوامل تصاعد معدل نشاط خلايا مرتزقة داعش على الأراضي السورية، يربط الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب ذلك بجملة من الأسباب، حالة الفوضى وعدم الاستقرار الإقليمية والدولية، وما تتعرض له البلاد من هجمات، والموقف المبهم للمجتمع والقوى الدولية حيال حل ملف داعش.

وقال “ما يدفع في الدرجة الأولى التنظيم لإحياء نفسه، استغلاله للظروف السياسية والتطورات العسكرية المتعلقة بالعالم”، مشيراً للحرب الروسية الأوكرانية، وأيضاً الحرب بين إسرائيل وحماس وما تشهده من توسع في الشرق الأوسط.

وكذلك أعادها الباحث، لعدم اعتماد سياسات حقيقية لمواجهة داعش من قبل القوى الدولية، وسعي بعض القوى الاستفادة من وجوده لتنفيذ أجنداتها، ولما يتعرض له الإقليم من هجمات.

وحذر أديب من تلك المساعي “وربما يقوم بتنفيذ عمليات تبدو أصعب وأخطر وأكثر تأثيراً”، مستشهداً بعودة العربات المفخخة، ومهاجمة المخيمات والمعتقلات التي تضم الآلاف من مرتزقة داعش.

وشدد أديب على أهمية أن تتحلى القوى الدولية بدور أكبر وأهم في فكرة المواجهة، وأن تكون هذه المواجهة كاملة وخاصة، بعيداً عن أي أهداف سياسية؛ لأن فكرة مواجهة داعش ومواجهة خطره أمر في غاية الأهمية، وقال: “هذه المواجهة لا بد أن تأتي في سياق الخطر الكبير والمتعاظم للتنظيم على أمن المنطقة وأمن العالم”.

ويرى الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب، أن الأهم هو معاقبة كل من يثبت أنه بالفعل قام بدعم مرتزقة داعش، وسهّل بصورة أو بأخرى من توجهه وتناميه، في إشارة منه لتركيا.

ولإنهاء آمال داعش في العودة، يشير القيادي العسكري الناطق الرسمي باسم لواء الشمال الديمقراطي محمود حبيب، إلى عدد من الجوانب الواجب التوقف عندها، ذاكراً إياها:

“بقاء الأفكار المتطرفة من دون معالجة، أمر معقد يحتاج إلى خبرات وتمويل، وبرامج دولية مهتمة ومتخصصة بهذا الموضوع، كما يحتاج لوقت طويل للخلاص من هذه الأفكار مع إيجاد بدائل للتوعية الاجتماعية، والدينية وإيجاد فرص لاستيعاب الشباب في سوق العمل والإنتاج.

 تجفيف منابع التمويل حيث لا تزال خلايا المرتزقة تتلقى الدعم المالي والعسكري واللوجستي من قبل حكومات ومنظمات راعية للإرهاب، وعلى رأسها دولة الاحتلال التركي، من خلال موقف دولي واضح يدين ويعاقب تلك الأفعال، وهذا الأمر لم يحدث حتى الآن رغم وجود عشرات الأدلة عليه.

 إنهاء وجود عناصر داعش من خلال تشكيل محكمة دولية لديها كامل الصلاحيات القانونية. تفكيك مخيمات عوائل مرتزقة داعش وإعادتهم إلى دولهم، وإنهاء قضية أشبال الخلافة التي قد تهدد بإنتاج عشرات الآلاف من عناصر التنظيم مستقبلاً.

 ضبط الحدود مع الجانب العراقي ورفع مستويات التدريب والتأهيل للقيام بذلك.

 وجوب وقوف المجتمع والقوى الدولية في وجه الاعتداءات التركية؛ لأنها تمنح فرصة لنشاط خلايا داعش على الأرض“.

وأشار محمود حبيب لكيفية تحول تلك المناطق السورية التي تحتلها لمراكز تدريب واحتضان قيادات مرتزقة داعش، بالتذكير بالضربة الأخيرة التي نفذها التحالف الدولي في الـ 16 من حزيران وقتل فيها “الجنابي” متزعم مرتزقة داعش.

وأكد القيادي العسكري في قوات سوريا الديمقراطية، محمود حبيب، إن خطر مرتزقة داعش سيبقى قائماً، ما لم يغير المجتمع الدولي عموماً والغربي خصوصاً، من أساليبه التقليدية في التعامل معه.

ومنذ القضاء على آخر رقعة جغرافية لمرتزقة داعش في إقليم شمال وشرق سوريا عام 2019، لم تتوقف مساعي قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي في مكافحة خلايا مرتزقة داعش، وكذلك تسعى جاهدة الإدارة الذاتية الديمقراطية دفع المجتمع والقوى الدولية لتناول ملف داعش ككل، عبر دعم المنطقة لإنشاء محاكمة دولية، وترحيل أسر مرتزقة داعش من المخيمات، وتحرير المناطق السورية المحتلة لتحولها لمناطق تفريخ المرتزقة.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى