ما هي أبرز الأحداث التي هزت الرأي العام العربي والعالمي في 2020؟
لن يكون من السهل على الكثيرين في العالم نسيان العام 2020 لما شهده من أحداث غير مسبوقة لا سيما انتشار وباء فيروس كورونا الذي أودى بحياة نحو مليوني شخص، وقلب عادات الناس رأسا على عقب. وإن كان هذا الحدث هو الأبرز في هذا العام، لكنه لم يكن الوحيد.
اعتبرت مجلة “تايم” العام 2020 العام الأسوأ عبر التاريخ”. فبالنسبة للكثيرين، سيبقى 2020 خالدا في الذاكرة، تتناقله الأجيال القادمة، جراء انتشار فيروس كورونا القاتل الذي غير العادات وأضعف الدول عبر العالم اقتصاديا واجتماعيا. فما هي أبرز الأحداث التي شهدها العالم في 2020؟
حجر صحي عالمي
دعيت شعوب بأكملها في جميع أنحاء العالم منذ مطلع شهر شباط/ فبراير إلى البقاء في الحجر المنزلي والحد من تحركاتها قدر الإمكان لكبح انتشار كوفيد-19 وتخفيف الضغط على المستشفيات.
ووفق إحصاءات وكالة الأنباء الفرنسية، أجبر أكثر من 3,9 مليارات شخص، أي ما يعادل نصف البشرية، على الخضوع للحجر أو طُلب منهم ذلك.
من طوكيو إلى نيويورك، عبر برلين أو جوهانسبرغ، بدأ الكوكب تدريجيا بأكمله بتطبيق إجراءات الحجر، حيث أغلقت معظم الشركات أبوابها وكذلك المدارس والأماكن الثقافية، مما حرم آلاف الأشخاص من النشاط وأصبح العمل ومتابعة الدراسة عن بعد أمرا ضروريا.
وأودى فيروس كورونا المستجد بحياة مليون و685 ألفا و785 شخصا منذ ظهوره في الصين في كانون الأول/ديسمبر العام الماضي، وفق تعداد يستند إلى مصادر رسمية لوكالة الأنباء الفرنسية حتى الأحد 20 كانون الأول/ديسمبر.
ومع انخفاض عدد الإصابات مطلع فصل الصيف بدأت الدول في التخفيف تدريجيا من عمليات الإغلاق، إلا أن المؤشرات الأولى للموجة الثانية لم تتأخر كثيرا في الظهور، والتي بدأ رصدها مع دخول فصل الخريف.
التطبيع مع إسرائيل
تطورت علاقة إسرائيل بعدة دول عربية في حيز زمني وجيز منذ شهر آب/أغسطس الماضي، تاريخ إعلان الإمارات عن “اتفاق سلام تاريخي” مع تل أبيب برعاية أمريكية.
وأكدت الإمارات أن الاتفاق ينص على “وقف ضم إسرائيل لأراض فلسطينية”. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أكد أن الضم “أرجىء” فقط. ووصف الفلسطينيون الاتفاق بأنه “خيانة”.
في 18 تشرين الأول/أكتوبر، وقعت إسرائيل والبحرين في المنامة اتفاق إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين وسبع مذكرات تفاهم.
في 14 تشرين الأول/أكتوبر، عقدت الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية غير المسبوقة بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أمريكية، وهما دولتان مجاورتان لا تزالان رسميا في حالة حرب. وتم إرجاء الجولة الرابعة من المحادثات التي كانت مقررة في الثاني من كانون الأول/ديسمبر.
في 23 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن ترامب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان، مؤكدا أن البلدين حققا “السلام”.
في 23 تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت مصادر متطابقة أن نتانياهو أجرى زيارة غير مسبوقة إلى السعودية وعقد محادثات سرية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ونفى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على تويتر انعقاد أي لقاء بين ولي العهد ورئيس الوزراء الإسرائيلي.
في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر، أعلن ترامب أن المغرب تعهد بتطبيع علاقاته مع إسرائيل وأن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية المتنازع عليها.
انفجار مرفأ بيروت
يوم 4 آب/ أغسطس وقع انفجار ضخم بمرفأ بيروت تردد صداه إلى مناطق تبعد عشرات الكيلومترات عن المدينة، أودى بحياة المئات وأوقع آلاف الجرحى إضافة إلى آلاف المشردين.
ونجم هذا الانفجار الهائل عن 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم كانت مخزنة منذ ست سنوات في مستودع بالميناء.
وقام علماء الزلازل بقياس ضغط الانفجار، الذي أدى لاقتلاع النوافذ في مطار بيروت الدولي على بعد تسعة كيلومترات (أكثر من خمسة أميال)، وهو ما يعادل زلزالا بقوة 3,3 درجات على مقياس ريختر.
وفي إطار هذه القضية وجه الاتهام لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وثلاثة وزراء سابقين بتهمة “الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة”.
انهيار وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية بعد 29 عاماً
انهار وقف إطلاق النار بين المغرب ومقاتلي جبهة بوليساريو يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر إثر اشتباكات بين الطرفين على طول الجدار الذي يفصلهما في الصحراء الغربية، والممتد لمسافة 2700 كيلومتر تقريبا.
ويعود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين تحت رعاية أممية، والذي ظل صامدا نحو ثلاثين عاما، إلى سبتمبر/ أيلول 1991.
وفي شهر كانون الأول/ديسمبر، عقب إعلان العاهل المغربي محمد السادس استئناف العلاقات مع إسرائيل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيادة المغرب على الصحراء الغربية. وفي هذا السياق أكدت الأمم المتحدة أنها لن “تغير موقفها” فيما أعربت بوليساريو عن “أسفها الشديد” للقرار الأمريكي.
هزيمة دونالد ترامب المثير للجدل في سباق الرئاسة الأمريكية
شهد هذا العام أيضا خسارة الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن. وقد ثبتت الهيئة الناخبة الأمريكية بتاريخ 14 كانون الأول/ ديسمبر النتيجة والتي لا يزال ترامب يرفض الإقرار بهزيمته فيها.
وترامب رئيس أثار جدلا وانتقادات كثيرة حوله خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة التي بدأت عام 2017، لا سيما عقب قراره حظر دخول الأراضي الأمريكية على مواطني ست دول ذات الغالبية المسلمة بدعوى مخاوف أمنية، ثبتته لاحقا المحكمة العليا الأمريكية.
واتبع ترامب شعار “أمريكا أولا”، وسحب بلاده من اتفاق باريس المتعلق بالتغير المناخي ومن الاتفاق النووي الإيراني، ما زاد توتر العلاقات بين البلدين. كما أعلن ترامب اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وفاة السلطان قابوس بعد نصف قرن من الحكم
توفي سلطان عمان قابوس بن سعيد يوم 10 يناير /كانون الثاني عن عمر 79 عاما بعد أن قضى نصف قرن في الحكم. وعرف الراحل، الذي وصل إلى السلطة بعد انقلاب على والده في 1970، بدوره في الوساطة الدولية حيث انتهج سياسة “صديق الجميع” وعمل كوسيط في المنطقة لا سيما بين إيران والولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في عام 2015. كما كان له دور في محاولة جلب أطراف الصراع في اليمن إلى طاولة المفاوضات مع اندلاع الأزمة الخليجية. ويشار إلى أن سلطنة عمان لم تنحز إلى أي جانب في النزاع داخل مجلس التعاون الخليجي بين الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية من جهة وقطر من ناحية أخرى.
اندلاع مواجهات بين الجيش الأذربيجاني والانفصاليين الأرمينيين
اندلعت مواجهات عنيفة يوم 27 أيلول/ سبتمبر بين الجيش الأذربيجاني والانفصاليين الأرمينيين في منطقة ناغورني قره باغ، وأسفرت المواجهات عن مقتل أكثر من خمسة آلاف شخص من العسكريين والمدنيين من الجانبين، بينما اتهم كل طرف الآخر ببدء الأعمال العدائية.
وانتزع الانفصاليون الأرمينيون قره باغ من باكو في حرب في التسعينيات أودت بحياة 30 ألف شخص، فيما جمدت المحادثات لحل النزاع منذ اتفاق وقف إطلاق النار المبرم سنة 1994.
واستمر القتال لمدة ستة أسابيع بين القوات الانفصالية الأرمينية والجيش الأذربيجاني قبل أن يدخل وقف إطلاق النار الروسي حيز التنفيذ في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، ووافقت أرمينيا على تسليم ثلاث مناطق بإقليم ناغورني قره باغ، خرجت عن سيطرة باكو منذ ما يقرب 30 عاما.
وقد تمت استعادة الأراضي في مناخ لا يزال يتسم بالتوتر وبعض المناوشات. ورغم وقف إطلاق النار تزداد المخاوف من تدويل الصراع في منطقة تتقاطع فيها مصالح الروس والأتراك والغرب.
مقتل مدرس فرنسي بقطع الرأس قرب باريس
قتِل أستاذ تاريخ فرنسي يوم 16 تشرين الأول/ أكتوبر بعد أن عرض أمام تلامذته في إطار درس حول حرية التعبير رسوما كاريكاتورية للنبي محمد، بقطع الرأس قرب باريس، فيما قضى المعتدي على يد الشرطة، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من هجوم نفذه شاب باكستاني قرب المقر السابق لصحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة.
وفُتح تحقيق في ارتكاب “جريمة مرتبطة بعمل إرهابي” وتشكيل “مجموعة إجرامية إرهابية”.
كما ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسياسيون آخرون بالاعتداء على المدرس. وقال رئيس منطقة أو-دو-فرانس (شمال) كزافييه برتران إن “الهمجية الإسلاموية طالت أحد رموز جمهوريتنا: المدرسة”. وأضاف “عليهم معرفة أننا لن نخضع: لن يمنعوننا يوما من القراءة، الكتابة، الرسم، التفكير، التعليم”.
اعتداء على كنيسة في نيس الفرنسية
قتل ثلاثة أشخاص وأصيب آخرون في هجوم بسكين استهدف في 29 أكتوبر/ تشرين الأول كنيسة نوتردام في مدينة نيس الفرنسية. ونفذ الاعتداء تونسي يبلغ من العمر 21 عاما.
وأعلنت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب نهاية الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول أنه تم توجيه الاتهام إلى منفذ الهجوم إبراهيم العيساوي وإيداعه السجن.
استفاقة معارضة غير متوقعة في بيلاروسيا
شهد عام 2020 أيضا استفاقة معارضة غير متوقعة في بيلاروسيا. ففي 9 أغسطس/آب أعلن الرئيس ألكسندر لوكاشينكو إعادة انتخابه رئيسا للدولة بنتيجة تفوق 80% على منافسته سفيتلانا تيخانوفسكايا. نتيجة اعتبرتها المعارضة والعديد من الدول الغربية مزورة، ومنذ ذلك الحين، يتجمع آلاف المتظاهرين كل يوم أحد في مينسك وفي العديد من المدن الكبرى في البلاد للمطالبة برحيل رئيس الدولة الذي حكم البلاد لأكثر من 25 عاما.
وفي خضم هذه الاحتجاجات، ظهر ثلاثي نسائي (سفيتلانا تيخانوفسكايا، فيرونيكا تسيبكالو وماريا كوليسنيكوفا)، جسد طبقة سياسية جديدة شابة وتقدمية، تتطلع للحرية والديمقراطية.
وعلى الرغم من الإدانات الأوروبية، فقد سجن العديد من قادة الاحتجاج أو أجبروا على المنفى. ومع ذلك، لا يبدو أن ضغط الشارع ضد مينسك يتراجع. فقد قالت سفيتلانا تيخانوفسكايا، الحاصلة على جائزة ساخاروف لحقوق الإنسان، التي مُنحت للمعارضة الديمقراطية في بيلاروسيا “مقدر لنا أن نفوز وسوف نفوز”.
المصدر: فرانس 24.