لماذا تستميت روسيا للسيطرة على مصنع آزوفستال؟
بعد قصف متواصل على “مصنع آزوفستال”، كشفت أوكرانيا عن شن روسيا هجوما بالدبّابات والمشاة للمرة الأولى في محاولة للسيطرة على آخر جيب في مدينة ماريوبول الساحلية ما زال تحت سيطرة قواتها، عده محللون “هدفا استراتيجيا لموسكو قبيل احتفالات 9 مايو بعيد النصر وكذلك لكسر معنويات المقاومة”.
وفي 21 أبريل الماضي، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، السيطرة على مدينة ماريوبول المطلة على بحر آزوف، التي تعد أحد أهم الأهداف الاستراتيجية في معركتها، مشيرا إلى أن “أكثر من ألفي مسلح محاصرون الآن في مصنع المعادن أزوفستال”.
وخلال السنوات الماضية، لعب المصنع الشهير دوراً رئيسيا في اقتصاد المدينة الساحلية كواحد من أكبر مصانع التعدين في أوروبا، حيث كان يضخ أكثر من 4 ملايين طن من الصلب الخام سنوياً، ويوفر سبل العيش لعشرات الآلاف من الناس غير أنه تحول حاليا مع شبكته من الأنفاق تحت الأرض مأوى ومعقلاً لمئات المقاتلين الأوكران، بما في ذلك العديد من كتيبة آزوف، وهي واحدة من أكثر الوحدات العسكرية مهارة وإثارة للجدل في أوكرانيا.
3 أسباب
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل المتخصص في الشؤون السياسية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، يريد أن يحتفل في 9 مايو وسط شعبه بأكبر قدر من الانتصارات المعنوية لذلك ترزح منطقة دونباس ومصنع آزوفستال إلى القصف المتواصل على أمل سيطرة سريعة ومن ثم حفظ ماء الوجه.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريح، أن “موسكو سيطرت على أغلبية مدينة ماربوبول وتريد إسدال الستار عليها والتركيز على الجيوب الأخرى التي ليست تحت سيطرة الانفصاليين في الشرق، لاسيما أن خروج المسلحين من المصنع مستسلمين أو خسارتهم للمعركة بأي شكل سيكون محبطا لباقي المقاومة في أنحاء البلاد، فيما سيكون الأمر الثالث أن عناصر آزوف هي أكثر القوات تدريبا وكسرهم يعد حافزا كبيرا للجنود الروس وهم أحد الأسباب الرئيسية التي ذكرها بوتن لبدء العملية العسكرية”.
وأشار إلى أن روسيا راهنت على العامل النفسي وقلة الإمدادات غير أن الواقع يبدو غير ذلك، فالمصنع يشكل مدينة كبيرة مترامية الأطراف وتقع تحته مدينة أخرى مشيدة على طول شبكته الجوفية، وبه مزارع تنبت فيها مختلف أنواع الفواكه والخضراوات، ما يعني أن مطعم المصنع قادر على تحقيق اكتفائه الذاتي، وهو ما يفسر صمود مئات أو آلاف المقاتلين المرابطين داخله.
ولفت إلى أنه “يشمل أيضا وحدة نظام ترتبط بوحدات التحكم موزعة على كل أجهزة الكمبيوتر العاملة بالمدينة الصناعية، بنظام اتصالات متطور، ما يجعل المقاتلين داخله قادرين على التواصل مع الخارج ومراقبة الحركة بمحيط المبنى”، مؤكدا أن الموقع مصمم لتحمل القصف وهو ما دفع الروس لتسريع المواجهة.
وفي وقت سابق، قال سفياتوسلاف بالامار، نائب قائد كتيبة آزوف، في فيديو نُشر على “تلجرام”: “يجري هجوم عنيف على آزوفستال بدعم من العربات المدرعة والدبابات ومحاولات إنزال القوات بمساعدة القوارب وعدد كبير من عناصر المشاة”.
من جانبه، قال رئيس بلدية ماريوبول الأوكرانية، الأربعاء، إن قتالا عنيفا يدور في مصنع آزوفستال للصلب الذي يتحصن فيه آخر المدافعين عن المدينة وبعض المدنيين.
وقال رئيس البلدية فاديم بويتشينكو للتلفزيون الوطني إن الاتصال انقطع مع المقاتلين الأوكرانيين الذين ما زالوا في مصنع الصلب المترامي الأطراف، وإن هناك أكثر من 30 طفلا من بين من ينتظرون الإجلاء من المكان.
وردا على ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للصحفيين، إن “القائد الأعلى (فلاديمير بوتن) أعطي الأمر علنا في 21 أبريل بإلغاء أي عملية اقتحام”.
وأكد بيسكوف أن القوات الروسية تحاصر الموقع، لكنها لا تتدخل إلا “لتمنع بسرعة محاولات” مقاتلين أوكرانيين العودة إلى “مواقع إطلاق النار”.
وتستمد ماريوبول، وهي ثاني أكبر مدن دونيتسك التي اعترفت روسيا باستقلالها هي ولوغانسك في فبراير الماضي، أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي، فبها أكبر ميناء على بحر آزوف المتصل بالبحر الأسود عبر مضيق كيرتش، إضافة لكونها نقطة مهمة من الناحية الاستراتيجية لأنها اتصال للجسر البري الذي تخطط روسيا له إلى شبه جزيرة القرم، الذي سيسمح بنقل المقاتلين والإمدادات والأسلحة بسهولة بين الموقعين.
المصدر: سكاي نيوز.