أخبار

قانون قيصر يقترب.. ما بين تغيير التكتيكات من يدفع الثمن؟

شهدت الأزمة السورية مع بداية العام 2020 تغييراً في التكتيكات؛ فما بين صراع القوى العالمية والإقليمية على الأرض، تزداد حدة النزاع مع قرب تطبيق قانون قيصر، فما هو هذا القانون ومن سيتأثر به؟

تزايد الحديث مؤخراً عن قرب دخول قانون “قيصر” أو ما يعرف بـ “قانون سيزر”، الذي أطلقته الولايات المتحدة الأمريكية للضغط على حكومة الأسد, حيز التنفيذ.

وقالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، غيرالدين غريفيث، خلال تصريحات إعلامية سابقة إن “قانون قيصر، الذي سيبدأ العمل به في يونيو/حزيران المقبل، يوفر للولايات المتحدة وسيلة مساعدة في إنهاء الصراع في سوريا من خلال تعزيز المُساءلة لنظام الأسد”.

ما هو قانون قيصر؟

ووقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 20 كانون الأول/ديسمبر من العام 2019 قانوناً يقضي بفرض عقوبات على حكومة الأسد وداعميها، بسبب جرائم الحرب التي ارتكبوها في البلاد وذلك بحسب الإدارة الأمريكية.

ويدخل القانون ضمن مشروع قانون الموازنة الدفاعية الأميركية لعام 2020، بحجم 738 مليار دولار، والتي أقرّها مجلس الشيوخ.

ويشمل القانون فرض العقوبات على حكومة الأسد، وأهم رموزه العسكرية والأمنية والسياسية، إضافة إلى داعميه الدوليين، وفي مقدمتهم الجيش الروسي في سورية، والقوات شبه العسكرية الإيرانية التي تساعد حكومة الأسد، إضافة إلى شركات الطاقة التي تسعى إلى العمل في قطاع النفط السوري في حال مساعدتها للحكومة بأي طريقة.

ويتضمن القانون فرض عقوبات على الأجانب المتورطين ببعض المعاملات المالية أو التقنية لمؤسسات الحكومة السورية، والمتعاقدين العسكريين والقوات التي تحارب بالنيابة عن الحكومة السورية أو روسيا أو إيران، أو أي شخص فرضت عليه العقوبات الخاصة بسورية من قبل، وكل من يقدم الدعم المالي أو التقني أو المعلومات التي تساعد على إصلاح أو توسعة الإنتاج المحلي لسورية من الغاز والنفط أو مشتقاته، ومن يقدم الطائرات أو قطعها أو الخدمات المرتبطة بالطيران المتعلق بأهداف عسكرية في سورية.

كما يفرض عقوبات على المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين أو أفراد أسرهم.

ويحدّد القانون مجموعة من الشخصيات المقترح أن تشملهم العقوبات، بينهم بشار الأسد، ورئيس الوزراء ونائبه، وقادة القوات المسلحة البرية والبحرية والاستخبارات، والمسؤولون في وزارة الداخلية من إدارة الأمن السياسي والمخابرات والشرطة، فضلاً عن قادة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، والمسؤولين عن السجون، ورؤساء الفروع الأمنية.

وأطلق على التشريع “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين”، وهو اسم المصور العسكري السوري السابق الملقب بـ “قيصر”، الذي انشق واستطاع تهريب آلاف الصور لجثث ضحايا تعرّضوا للتعذيب.

والتحق “قيصر” بالكونغرس، وعرض الصور على لجنة استماع، فيما تمّ تشكيل فريق تحقيق دولي لبحث جرائم الحرب المرتكبة في سورية، والتأكد من مصداقية الصور.

ماذا تريد واشنطن من قيصر؟

وحول أهداف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه العقوبات أكّد الكاتب والمسؤول السابق في البنتاغون مايكل روبن خلال حديث مع وكالة أنباء هاوار “الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء يشعرون بالاشمئزاز من هجمات بشار الأسد على المدنيين، إن مشروع القانون هذا – سواء أصبح قانوناً في حد ذاته أو مدرجاً ضمن قانون “إقرار الدفاع الوطني” – هو رمزي ولكنه يهدف أيضاً إلى منع الأموال الأمريكية من التدفق إلى الأسد عندما يتحول المجتمع الدولي إلى إعادة إعمار سوريا”.

وأضاف روبن “إن القضية التي هي محل النقاش هي عشرات المليارات من الدولارات التي ستنفقها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى على إعادة إعمار سوريا، فبشار الأسد هو رئيس سورية، وعادة ما تكون علاقة الأمم المتحدة مع الحكومة، وسيعني هذا القانون أن الأموال الأمريكية التي تم التبرع بها للأمم المتحدة أو أي مكان آخر لا يمكن أن تذهب إلى الحكومة السورية، وبالطريقة التي ينظر بها الكونغرس الأمريكي إليها، فإنهم لا يريدون مكافأة الأسد على الفظائع التي ارتكبها”.

“أضرار قيصر على ضامني مسار أستانا”

وتمكنت روسيا من السيطرة على مساحات هامة من الأراضي السورية بعد أن شكلت مساراً جديداً للأزمة السورية تحت اسم “أستانا” وهدفت لأن يكون بديلاً لمسار جنيف.

وسعت روسيا لإعادة تعويم الحكومة السورية, من خلال تطبيع العلاقات مع عدد من الدول العربية والأجنبية.

وتحدثت تقارير خلال الفترة الماضية عن عودة العلاقات بين كل من السعودية والإمارات ودول عربية وغربية إلا أن ذلك توقف نتيجة رفض أمريكي.

ويطمح قانون قيصر لقطع الطريق على كل هذه التحركات الساعية للتعامل مع الحكومة السورية أو دعمها اقتصادياً.

وحول ذلك يرى الباحث والمحلل السياسي السوري سامر الخليوي في حديث مع وكالتنا، أن قانون قيصر ليس موجهاً بشكل خاص إلى الدول الراعية في أستانا وإنما يمكن الاستفادة منه مع أي دولة أو تحالف يمكن أن لا يكون مرضياً للولايات المتحدة.

وأوضح أن أمريكا تستطيع من خلال قانون قيصر أن تتدخل وتتحكم بمصالح دول أخرى بحجة خرق هذه الدول لقانون قيصر، وقال: “لذلك يمكن القول أن القانون وسيلة لتحقيق أهداف أمريكية وليس لإضعاف أو إسقاط النظام لأنه هناك فعلاً عقوبات أمريكية وغربية على نظام الأسد لم تؤد إلى إسقاطه بالرغم من بعض الأذى الذي لحق بالنظام”.

“العقوبات تظهر ضعف الولايات المتحدة في الملف السوري”

أما الدكتور في العلوم السياسية بجامعة لوزان جوزيف ظاهر فكان له رأي آخر، إذ يرى بأن  هذه العقوبات تظهر الضعف النسبي للولايات المتحدة في الملف السوري، خاصة فيما يتعلق بنفوذ روسيا وإيران وتركيا داخل سوريا, حيث تريد الولايات المتحدة أن تنسحب تدريجياً من سوريا عسكرياً وسياسياً وبالتالي تستخدم سلاح العقوبات.

وأوضح “إنهم –أمريكا- لا يعتبرون سوريا أولوية، ويمكنهم أن يتدخلوا من الخارج لمنع توسع إيران وحلفائها في سوريا, علاوة على ذلك، حتى في هذه الحالة، يتم تفويض هذا الهدف إلى إسرائيل”.

“القوات الحكومية ومرتزقة تركيا يجب أن يشعروا بالقلق”

أما بخصوص المجموعات التي ستضرر من هذه العقوبات أوضح مايكل روبن “إذا كان القانون موجهاً ضد منتهكي حقوق الإنسان، فإن نظام الأسد والقوات السورية المدعومة من تركيا هم الذين يجب أن يشعروا بالقلق”.

نتائج هذا القانون

وحول ماذا سينتجه هذا القانون يقول الباحث والمحلل السياسي السوري سامر الخليوي “سيكون هناك تأثير ليس بالقليل على نظام الأسد إن كانت أمريكا جادة وصادقة بمعاقبته، ولكنني أعتقد أن أمريكا تريد من قانون قيصر أن تضبط وتوجه نظام الأسد كي يتلاءم مع مصالحها وأهدافها وبذلك تزيل عنه خطر التهديد بالسقوط، فما يهم أمريكا هو مصلحتها ومصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى ومصلحة حلفائها بالدرجة الثانية”.

أما جوزيف ظاهر وعلى الرغم من تقليله لشأن تأثير العقوبات فإنه يرى بأنه يجب الاعتراف بأن مشروع قانون قيصر قد يساهم في تكثيف المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في سوريا, ويمكن لمجموعة العقوبات أن تشارك في ترسيخ إفقار بعض الشرائح في سوريا، وتمثل عقبة أخرى أمام الانتعاش الاقتصادي في المستقبل.

وأوضح أن “ترسيخ العقوبات العامة الواسعة ضد سوريا، عبر مشروع قانون قيصر، سيؤثر بشكل كبير على استعادة النشاطات الصناعية والزراعية، التي تأثرت أصلاً بالعقوبات الحالية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي, ويُرجح أيضاً أن تتعرقل جهود إعادة الإعمار، على الرغم من محدوديتها، لأن مشروع القانون يستهدف قطاعي البناء والخدمات الهندسية”.

تداعيات العقوبات على مناطق شمال وشرق سوريا

وفي ظل اقتراب تطبيق قانون قيصر كثرت التحليلات حول تداعيات ذلك على منطقة شمال وشرق سوريا وحول ذلك يقول ظاهر “لا توجد آثار واضحة على شمال وشرق سوريا على الصعيد الاقتصادي، ولن تستثمر الدول الأجنبية على أي حال أموالاً ضخمة في هذه المنطقة لأنها تتعرض للتهديدات من قبل تركيا والنظام على حد سواء”.

وبدوره قال سامر خليوي “مناطق شمال وشرق سوريا لن تتأثر بهذا القانون كونه أعلن عنه ولو ظاهرياً أنه موجه ضد الأسد وحلفائه وداعميه وهو ليس موجهاً ضد من يعارض الأسد وتستطيع أمريكا أن تتحكم بالدول التي تريد أن تساعد الأسد، وبمعنى آخر لن تقبل أي مساعدة أو دعم للأسد من أية جهة دون ضوء أخضر تمنحه”.

المصدر: وكالة أنباء هاوار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى