عبد الوهاب خليل: ترامب والعالم
العالم بأسره يراقب وينتظر ماذا سيفعل ترامب حين يتولى السلطة بشكل رسمي. جميعنا يدرك بأن الولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها الخارجية باتت الوجه الأبرز في قيادة هذا العالم، خاصة في ظل غياب المنافس..
ملفات عدة تتعلق بالسلم والحرب، وملفات اقتصادية، وممرات للتنمية، جميعها متأرجحة، وتنتظر ماذا يعد لها المطبخ الأمريكي.
بنفس الوقت، ندرك تماماً بأن ظروف العالم ليست كما كانت عليه أثناء فترة توليه الأولى لدفة الحكم، وأيضاً ما كان سابقاً قد تغير، وأصبحت هناك استراتيجيات جديدة، أهمها الصراع الروسي- الأوكراني، والإسرائيلي مع إيران وأذرعها في المنطقة.
رغم أن دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية كان يؤكد دوماً على ضرورة إنهاء الحروب، لكنه في الوقت نفسه يشدد على ضرورة وأهمية كبح جماح إيران وجميع الأذرع التي تعمل لصالحها، وهذا ما يجعل الملف الإيراني من الملفات الهامة، خاصة موقع إيران ضمن الشرق الأوسط، وتأثير هذا الملف على الأصعدة عموماً، وعلى دول بلاد الشام خصوصاً.
كما أن روسيا ونتيجة للعلاقة المتوازنة بين ترامب وبوتين، فإنها تنظر بعين الارتياح للقادم، وتدرك بأن سلاح الولايات المتحدة وعصاها في أوروبا ودولها هي روسيا، لذلك ستعمل مع الولايات المتحدة الأمريكية في إنهاء الحرب مع أوكرانيا إذا ما علمنا حجم الخسائر البشرية والمادية كنتيجة واقعية لحرب استنزاف كانت ومازالت طويلة الأمد.
وبالجهة المقابلة تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أهمية تواجد الخطر الروسي القريب من أوروبا بشكل عام، لذلك سيعمل ترامب على جعلها ورقة ضغط لتمرير سياساتها.
ولعل الملف الأكثر سخونة هو ملف الصراع الإسرائيلي الذي لطالما بات فاعلاً في مناطق عدة وذا تأثير على العديد من الملفات التي تتعلق بدول تعاني سابقاً من نزاعات وخصومات، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن، وجميعها لها ولديها ما يكفي من الأزمات التي كانت ومازالت تعيق تطورها واستقرارها.
وعلى الرغم من الدور الكبير الذي تحمله الولايات المتحدة للمنطقة، لكن مازالت هناك مشاريع قائمة، وهي أيضاً لها أجنداتها وأوراق القوة والضغط، وتملك ما يكفي من الأدوات، لتمكنها من اللعب ضمن هذه الساحات ولو لفترات.
وإذا ما حاولنا إلقاء الضوء على الجانب الخليجي، فإنه يتضح لنا بأن الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية تنظر أيضاً بعين الايجابية والارتياح لفوز ترامب، كونه يبني السياسات مع الغير على أساس المنفعة المادية، بغض النظر عن السلطات وكيفية تعاملها مع الشعوب، وهذا ما يجعل هذه الدول أكثر ارتياحاً مع ترامب.
نستطيع القول بأن عالمنا أمام تغييرات قادمة بقدوم ترامب، كونه يمثل الاستراتيجية الأمريكية التي باتت تظهر بالشكل العلني تلك الاستراتيجيات، وعلى الرغم من أن السياسات الأمريكية- كما هو معروف عنها- ثابتة ولفترات طويلة، لكن بنفس الوقت التكتيك المرحلي سيكون سيد الموقف، وعلى وجه الخصوص بوجود ترامب.