مقالات

عبد الوهاب خليل: “البيولوجية النسوية”

مع بدء الثورة السورية، أثبتت المرأة السورية أنها ليست مجرد شاهدة على الأحداث، بل قوة محورية في مختلف مجالات الحياة، إذ تخطت دورها التقليدي الذي اعتادت عليه في مجتمعها، لتكون صوتاً للحرية، متحملةً أعباء هائلة في مواجهة الحرب والنزوح.

وبرزت المرأة السورية بشكل أكبر في ميدان النضال السلمي، وفي قيادة الحراك المدني، وفي تقديم الدعم الإنساني للمجتمعات المنكوبة، إلى جانب النضال الميداني، حيث أنها أسست مشاريع اقتصادية لدعم العائلات المتضررة، من خلال عملها في منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، وساهمت في إيصال صوت القضية السورية إلى الأمم المتحدة، كما لعبت دوراً بارزاً في التظاهرات ضد نظام الأسد وفي عمليات توثيق الجرائم والاعتقال والمناصرة.

اليوم، وبعد سقوط نظام الأسد، واستلام حكومة الإنقاذ للمرحلة الانتقالية، بدأت المخاوف تظهر لدى النساء السوريات حول مستقبل المرأة في سوريا، خاصة بعد التصريحات الرسمية من قبل المتحدث الرسمي للإدارة السياسة التابعة لإدارة العمليات العسكرية في سوريا عبيدة أرناؤوط، عن دور المرأة وطبيعتها البيولوجية والنفسية التي لا تتناسب مع جميع الوظائف.

إذ أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً في أوساط المجتمع السوري، لا سيما الناشطات السوريات اللاتي عبّرن عن استنكارهن لحديثه، واعتبرن أنه انتقاص من إمكانيات المرأة السورية ودورها البارز الذي لعبته خلال الثورة وعلى مر التاريخ.

نعم هناك تحديات تواجه الطموح النسوي في هذه المرحلة، لكنها أيضاً لا تختلف عن التحديات السابقة التي واجهتها المرأة السورية لسنوات وعقود طويلة، كما أن هناك مخاوف من خسارة النساء لبعض الحقوق التي حصلن عليها بعد نضال طويل، إضافةً إلى وجود حالة من القلق والخوف من التهميش السياسي والاجتماعي وعدم تحقيق تمثيل عادل في العملية السياسية وصنع القرار.

ومن المتوقع أن تزيد الأعباء الاقتصادية في ظل هذه الظروف من التحديات أمام النساء، بالإضافة الى التحديات الاجتماعية القائمة مثل العنف الاجتماعي.

 من خلال ما تم ذكره، نستطيع القول بأن المرحلة تتطلب جملة من الأعمال التي ستكون من نتائجها الحفاظ على ما تم اكتسابه للمرأة السورية، ومنها تكثيف النشاطات التي تدعم الجانب الفكري والتوعوي لدى النساء، بالإضافة إلى التكاتف والعمل المتواصل للوصول إلى جميع النساء في سوريا، وإمكانية أن يكون الصوت النسوي موحداً.

في الجانب الآخر والمشرق من العالم، نلاحظ بأن مصطلح القيادة النسوية يتسم بالحداثة، وبتطور مفهوم القيادة نلاحظ أن القيادة هي أكثر من مجرد علم يتم تطبيقه، إنما هي الحرفية المعنوية التي تشمل المعتقدات، والقيم، والأحلام، توازياً مع نظريات الممارسة العلمية والعملية في اتخاذ أي إجراء، إذ إن القائد يستطيع حل المشاكل ويفرض شخصيته ومعرفته، وهنا ظهرت الحاجة إلى العنصر النسائي في الممارسات القيادية، نظراً للسمات والخصائص البيولوجية التي تشكل قيمة مضافة إلى العمل القيادي.

بالنظر إلى التطور التاريخي لمفهوم القيادة النسوية، خاصةً بعد الألفية الثانية، نجد أن المدخل الذي يؤكد على قيام النساء بالمهام القيادية هو مدخل القيادة النسوية والتي تعرف على أنها مجموعة من الخصائص والسلوكيات التي ترتبط بالمرأة مثل تطوير الأشخاص، نمذجة الدور، التوقعات والمكافآت، الإلهام وتشاركية اتخاذ القرار، التي تمكنها من أداء المهام القيادية بشكل أفضل من الرجال في بعض الأحيان.

 بالمحصلة، نستخلص بأن العديد من النساء لديهن ما يلزم لجعلهن رائدات في القرن الحادي والعشرين، ففي السابق عملت المرأة بجدية أكثر لتثبت وجودها في «عالم الرجل». والآن يدرك العالم أن النساء بالفعل أكثر ملاءمة للقيادة في الواقع الاقتصادي الجديد، وأن نقاط القوة مثل الفطنة، والذكاء العاطفي، والإبداع، والعمل الجماعي، والتفكير بصورة كبيرة، هي خصائص بيولوجية تترجم بالخبرة إلى مهارات بيولوجية تمتاز بها عن الرجل وهي تماماً ما يحتاجه سوق عمل شديد التنافس والتغيير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى