أخبار

عام على حراك السويداء لكن التغيير لم يكن جوهرياً

منذ بدء الحراك في 17 آب 2023 في ساحة (السير) وسط مدينة السويداء وحتى اليوم، يوثّق ناشطون تنفيذ الأهالي وقفات احتجاجية بشكل يومي في الساحة التي بات المشاركون يطلقون عليها اسم (ساحة الكرامة).

البداية

في 17 آب 2023، انطلقت الشرارة الأولى لحراك السويداء جنوب سوريا بدعوات من أبناء المدينة لإضراب عام، بدأ صباح ذلك اليوم بقطع الطرقات وإغلاق مقار حزب البعث الحاكم، والدوائر الحكومية والبلديات التابعة لحكومة دمشق.

حراك السويداء الذي بدأ احتجاجاً على سوء الأوضاع المعيشية والخدمية سرعان ما تحوّل إلى انتفاضة شعبية بمطالب سياسية ذات سقف مرتفع، دعت لتطبيق القرارات الأممية الخاصة بالتغيير السياسي والانتقال السلمي للسلطة في البلاد.

شكّلت الجموع التي خرجت في حراك السويداء نقلة نوعية في الحسابات السياسية السورية، لأنها رفعت شعارات وأهدافاً سياسية صريحة أبرزها “إسقاط النظام”، وكانت تلك الجموع مباغتة لحكومة دمشق، الساعية باستمرار لإضفاء الشرعية على حكمها.

اللافت والمثير للاهتمام، هو إعلان شخصيات اجتماعية ودينية بارزة وفي مقدمتها الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري، انحيازها إلى حراك السويداء ومطالبه كافةً، والتحق بالركب شيخ العقل حمود الحناوي وغالبية مشايخ الدين معلنين تأييدهم للاحتجاجات، الأمر الذي شكّل صفعة مدوية لحكومة دمشق التي اعتمدت لسنوات على الوجاهات الدينية والاجتماعية لضبط المواطنين، وكبح أي خطوة في مثل هذا الاتجاه.

الكيانات والقوى السياسية والعسكرية الموجودة

يوجد في السويداء عدة قوى وكيانات سياسية وعسكرية وهي:

ـ حركة رجال الكرامة: هي من أكبر الفصائل المحلية في السويداء حيث تنتشر بغالبية مناطقها، تأسست عام 2012 على يد “وحيد فهد البلعوس”، ومرجعيتها الدينية الشيخ “راكان الأطرش” والشيخ “يحيى الحجار“.

ـ قوات الفهد: أسسها “سليم الحميد” وتنتشر في قرى: قنوات وعتيل ومفعلة، وضم الفصيل في صفوفه الكثير من المقاتلين المنشقين عن حركة “رجال الكرامة” بعد مقتل مؤسسها “وحيد البلعوس”، بالإضافة إلى مفصولين عن حركة رجال الكرامة بسبب مخالفتهم لمنهجها.

ـ قوات “شيخ الكرامة”: أسسها أبناء الشيخ “وحيد البلعوس” ويدعيان “فهد” و”ليث”، بعد مقتل والدهما، وتولي “يحيى الحجار” قيادة حركة “رجال الكرامة”، حيث عارضه أبناء “البلعوس” باقتصار أهدافه على حماية الممتنعين عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية، دون ملاحقة قطاعي الطرق وتجار المخدرات.

ـ كتائب المقداد: تنشط في قريتي “المزرعة” و”عرمان”، ويقودها زعيم محلي يدعى “ثائر فياض”، وأبرز ما قامت به منذ تشكيلها المشاركة في مواجهة مرتزقة داعش عند اقتحامه قرى شرق المحافظة.

أما بالنسبة للقوى السياسية، فكان أبرزها حزب اللواء السوري، الذي شكلته مجموعة من المعارضين السياسيين في السويداء، وخلال الشهر الماضي، وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت الهيئة العامة الممثلة للحراك السلمي في مدينة السويداء السورية، عن تشكيل لجنة سياسية من خلال انتخابات وصفت بـ “الديمقراطية”، وتلك الانتخابات أثمرت عن تشكيل لجنة سياسية تتألف من 11 عضواً.

موقف دمشق

لم تستطع حكومة دمشق أن تنسب المجتمع الدرزي إلى الجماعات الإسلاميّة المعارضة له، كونه من طائفة غير سنية، لكنها عمدت إلى تفتيت المجتمع من الداخل، فأسهمت في انتشار السلاح العشوائي بين أفراد مجتمع السويداء، إلى جانب تشكيل العديد من الفصائل المسلّحة ومنها فصائل دينية، لا تجند في صفوفها إلا الشباب المتدينين، وتدّعي أنها حامية للمحافظة، وبالتعاون مع الأمن العسكري المركزي وفرعه في المنطقة، نشطت تلك الفصائل ضد الأهالي، فتقتل وتخطف وتسرق كل من يشير إليه فرع الأمن العسكري، كما جندت في صفوفها المطلوبين للخدمة العسكرية مستغلة الوضع الاقتصادي المتدهور.

وخلال الفترة الماضية لجأت حكومة دمشق إلى تغيير القيادة الأمنية والعسكرية والسياسية التابعة لها في السويداء، وتم جلب شخصيات ذات طابع أمني وعسكري بحت بما في ذلك المحافظ، وهذا ما عدّه مراقبون أنه يهدف لترهيب أهالي السويداء والتخطيط للضغط عليهم.

الحل الأمثل بتطبيق إدارة ذاتية

العديد من القوى والشخصيات السياسية من أبناء السويداء دعت لتطبيق نموذج الإدارة الذاتية الذي تم تطبيقه في شمال وشرق سوريا في منطقتهم، وأن أهالي شمال وشرق سوريا والسويداء اختارا طريقاً ثالثاً من الصراع الدائر في سوريا، إذ لم يدعموا دمشق ولم يصطفوا مع المجموعات المرتزقة.

وخلال حديث سابق لنا أكد الناطق الرسمي باسم منظمة “السويداء أولاً”، مروان مداح أنهم: “في الجبل عموماً كأهالي ومتابعين لتجربة شمال وشرق سوريا وعجز النظام السوري أمام هذه الأزمة، بات الكثير من الأهالي يتمنون تشكيل إدارة ذاتية، ونحن كنخب الإدارة، فعدم قدرتنا على تشكيل ائتلاف حتى الآن يعدّ بمثابة تحدّ وعقبة أمامنا ويجدر بنا تجاوزها”.

بات ضرورياً طرح مفهوم الإدارة الذاتية لإعادة بناء المجتمع أولاً وهذا المهم

وأيضاً كان هناك حديث سابق لرئيس حزب اللواء السوري، مالك أبو الخير، أشار إلى أن: “تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا كانت تجربة مهمة وملهمة بالنسبة لنا، وقد استفدنا كثيراً من التجارب التي مرت بها”، وأكد أنه: “بات ضرورياً طرح مفهوم الإدارة الذاتية لإعادة بناء المجتمع أولاً وهذا المهم، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من البلاد وتوحيد الجهود مع كل المكونات السياسية والاجتماعية السورية للتأكيد على وحدة الأراضي السورية وإعادة بناء سورية القادمة من جديد وبمفهوم جديد“.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى