أخبار

عامان على انفجار مرفأ بيروت.. وأهالي الضحايا ينتظرون “العدالة”

بعد عامين من تفجير مرفأ بيروت، لا يزال أهالي الضحايا وسكان المدينة بشكل عام ينتظرون تحقيق العدالة فيما يخص الوصول إلى الجناة ومحاسبتهم. ففي وقت يحيي أهالي الضحايا هذه الذكرى، وسط دعوات إلى تجمّعات واعتصامات للمطالبة بكشف الحقيقة، يبدو أن الجميع وصل إلى قناعة بأن التحقيق في الانفجار سيبقى في الأدراج بجنب عشرات التحقيقات السابقة.

أصبح الرابع من آب/ أغسطس من كل عام، يوماً مشؤوماً، ستبقى ذكراه محفورة في عقول وقلوب اللبنانيين. في هذا اليوم المؤلم، لقيَ 214 شخصاً مصرعهم، وأصيب أكثر من 6 آلاف شخص بجروح، كما تحطمت بيوت آلاف الناس وتهدّمت معها أحلامهم وتغيّر مجرى حياتهم. كانت الأضرار والخسائر الناجمة عن هذا الانفجار هائلة، بل مهولة على مختلف الأوجه، نتجت عن تخزين غير آمن، ولسنوات طويلة، لكميّة هائلة من نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت.

في الذكرى السنوية الثانية لهذا اليوم المُفجِع، الحقيقة لم تظهر بعد. مَن فجّر؟ مَن أتى بالموادّ المتفجّرة؟ ومَن أعطى الأمر بإنزالها ثمّ تخزينها في العنبر رقم 12 كلّ تلك السنين؟ كل ما في الأمر أن شخصيات عدة وضعت في قفص الاتّهام، وتعرّضت لحملات إعلامية وسياسية وتشويه سمعة، وشُنّت حملات ظالمة بحقّ البعض، ومحقّة بالنسبة إلى آخرين.

وفي هذا الوقت، كان هناك آخرون محميّون يُمنع المسّ بسمعتهم، ولو من باب الشبهة، ويُمنع التشكيك في علاقتهم بالملفّ، ولو من باب التقصير. الخطوط الحمر كانت ولا تزال كثيرة، وكذلك المحاذير السياسية.

الإهراءات تتحرك

وقبل أيام من إحياء لبنان الذكرى السنوية الثانية للانفجار المروع، وفي وقت لم يحرك أي مسؤول ساكناً، تحركت إهراءات (صوامع مخصصة للتخزين) مرفأ بيروت واستذكرت الانفجار، من خلال سقوط جزء متصدع منها، الأحد الماضي، بعد تكرر اندلاع النيران فيه.

وغطى غبار كثيف أجواء مرفأ بيروت فور انهيار الجزء المتصدع. وقال وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية إن “صومعتين سقطتا حتى الآن، وهناك احتمال أن تسقط أخريان”. وأشار إلى أن صومعتين أخريين انفصلتا “بشكل أكبر” عن البناء تماماً.

ويأتي ذلك بعد أسبوعين من اندلاع حريق في القسم الشمالي من الإهراءات نتج، وفق السلطات وخبراء، من تخمر مخزون الحبوب مع ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة.

وحذرت السلطات اللبنانية قبل أيام من أن الجزء الشمالي المتصدع جراء الانفجار معرض لـ “خطر السقوط”.

شاهد على الجريمة

وتحولت الإهراءات إلى رمز لانفجار مرفأ بيروت، واتخذت الحكومة في نيسان/ أبريل قراراً بهدم الإهراءات خشية على السلامة العامة، لكنها علقت تطبيقه بعد اعتراضات قدّمتها مجموعات مدنية ولجنة أهالي ضحايا انفجار المرفأ التي تطالب بتحويل الإهراءات إلى معلم شاهد على الانفجار.

وقالت سيسيل روكز، التي فقدت شقيقها في الانفجار وقد سارعت إلى المرفأ إثر انهيار الصومعتين: “بكيت حين علمت بالأمر”.

وأضافت لوكالتنا “نريد أن يبقى جزء من الإهراءات شاهداً على الجريمة، وكذاكرة جماعية للمدينة، وتخليداً لذكرى الذين ماتوا من دون سبب”.

من جهتها، هيام البقاعي التي ما زالت ترتدي ملابس سوداء وتحمل صورة ابنها أحمد الذي سقط ضحية عندما انهار مبنى على سيارته: “لن ننسى ولن نسامحهم أبداً. وإذا لم يتمكنوا من محاسبتهم فسنفعل ذلك بأنفسنا”.

ما أسباب الانفجار؟

ونتج انفجار مرفأ بيروت قبل عامين، وفق السلطات، عن تخزين كميات ضخمة من نترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، إثر اندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.

ولم تحرز التحقيقات القضائية المعلقة منذ أشهر أي تقدم، في ضوء تدخلات سياسية ودعاوى ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار يرفعها تباعاً عدد من المدعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون.

لكن السؤال الكبير الذي لم يتمّ العثور على إجابة شافية ووافية عليه، هو كيف حصل الانفجار؟ ومَن أتى بالمواد المتفجّرة على متن الباخرة؟ ومَن أعطى الموافقة على تخزينها؟

أسئلة كثيرة بالكاد تطرحها على المسؤولين والمحللين، ولا تجد لها جوابا كافيا شافياً، بحسب المحلل السياسي عماد شدياق الذي يؤكد لوكالتنا أنه “حين قصد أهالي الضحايا رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، لإبلاغه بالاختلاف بين عدد من تواقيعه، رفض التعليق على الأمر كي لا يكون طرفاً. والمستغرب هنا أيضاً أنّ تنفيذ القرار القضائي تمّ في يوم واحد وفق ما تظهره الوقائع، بينما هذا إجراء يستحيل تنفيذه بهذه السرعة في الدولة اللبنانية. لم ينفِ القاضي معلوف تواقيعه الملتبسة ولم يصدر عنه أيّ تعليق، بينما أهالي الشهداء بصدد التقدّم بإخبار بشأنها لدى النيابة العامّة”.

ويتابع شدياق أن “لكلّ هذه الأسباب طرحت أسئلة حول احتمال تسييس التحقيق. وبعض من كانوا يدافعون عن القاضي بيطار وتحقيقه، استسهلوا لاحقاً اتّهام قضاة آخرين بالخيانة والانحياز، بل وطالبوا بمحاكمتهم، إلا القاضي بيطار، الذي تمّ العمل على صناعة صورة البطل له، قبل الانتخابات النيابية، باعتباره من سيخلّص اللبنانيين من الطبقة السياسية. وهو استطاب هذه الصفة، وأدلى باعتزازه بها، وتبنّاها، في حديث صحفي فور تولّيه التحقيق”.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى