أخبارمقالات

طلال محمد – عن كورونا وفيروسات أخرى

العالمُ برمتهِ منشغلٌ الآن بفيروسِ كورونا؛ السياسيونَ والاقتصاديونَ والإعلاميونَ والأطباء وغيرهم في مختلف دولِ العالم بشقيّهِ المتقدّم والمتخلّف، يلهثونَ وراءَ معرفة آخر تطوّرات هذا الفيروس الذي على ما يبدو لن يتركَ بلداً إلا وسيجتاحهُ غازياً حاصداً ما تيسّرَ له من الأرواح. ومثلما هناك سباقٌ في معرفةِ آخر مستجداتِ هذا الفيروس من ضحايا وامتدادات، هناك سباقٌ في معرفةِ ما إذا كانَ هذا الفيروس أمراً طبيعياً ناتجاً عن أسبابٍ وظروفٍ طبيعيةٍ معينة أم أنه مصنوعٌ صناعةً في مختبراتٍ دقيقةٍ تقفُ خلفها قوى سياسية كبرى لها أهدافها وغاياتها.

إمكانيةُ أن يكونَ الفيروس مصنوعاً صناعةً هي الأرجحُ حتى اللحظة، إذ قد تكونُ الطبيعةُ بتلقائيةِ خفافيشها ومختلف أنواعِ طيورها بريئةً مما يدّعون، فالوقتُ الذي ظهرَ فيه هذا الفيروس يثيرُ الريبة، والحجمُ الذي أُعطي له يدعو إلى الشك، والانشغالُ الكليُّ من قبلِ الإعلام العالمي به دونَ غيرهِ من الويلاتِ التي تضربُ العالمَ حالياً يبعثُ على الشك، والاتهاماتُ التي تتبادلها القوى العالميةُ الكبرى بخصوصِ ظهورهِ وانتشارهِ تدعو إلى التساؤل.. وبالطبع، كل هذه الشكوك لا تعني أن كورونا لا يشكّل خطراً أو أنه لا يحتاجُ إلى الوقايةِ والخوفِ والحذر، فهو خطيرٌ بمقدارِ ما يثيرُ من الشكوكِ والأسئلةِ حول ظهوره.

إنها الحرب، حربُ وجودٍ بالنسبةِ إلى الدولِ والتنظيماتِ الصغرى، وحربُ سيّطرةٍ وهيمنةٍ وقيادةٍ للعالم بالنسبةِ إلى الدولِ الكبرى ذات الثقل. وفي هذه الحرب، لا قيمةَ ولا وزنَ لأعداد الضحايا، ولا مشكلةَ في الوسائلِ والأدواتِ التي تُستخدمُ في سحقِ البشر، ولا معنى للتشكيلاتِ والتكتّلاتِ الحقوقيةِ والإنسانية، ولا معنى للشعاراتِ التي تمشّطُ شعرَ الإنسانِ وتهدهدهُ قبلَ النوم، ولا معنى للدموعِ التي ترافقُ الدماءَ المراقةَ هناك وهناك.

الأعوامُ العشرةُ الماضيةُ تشيرُ بوضوحٍ إلى وحشيةِ هذه الحرب التي لا ينظرُ منظّروها ومنظّموها إلى الشعوبِ إلا كأرقامٍ أو سلعٍ تُباعُ وتُشترى في سوقِ قيادةِ العالم، فإن لم تكن الشعوبُ مجرد أرقامٍ في هذه الحرب، لرأينا ردّةَ فعلٍ على مقتلِ مليون سوريّ أو مئات ألوف العراقيين واليمنيين والليبيين وغيرهم ممن تُراقُ دماؤهم علناً في تحدٍّ جليٍّ للقوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان المزعومة.

يقودني الاعتقادُ إلى القول إن “كورونا” ليس سوى فيروسٍ من الفيروسات التي تقاتل في هذه الحرب لصالح صانعيها، وهو الفيروس الذي شاءت الظروفُ المصطنعةُ أن يحظى الآن بأوفر حظٍّ من الشهرةِ العالميةِ دونَ غيرهِ من الفيروساتِ التي لا تقلُّ عنه خطورةً وذعراً، إذ كيف نفسّرُ كلَّ هذا الحذر والاهتمام العالمي به، وهو الذي لم يقتل 1% مما قتله الفيروس المسمّى «البعث» أو الفيروس المسمّى «أردوغان» أو غيرهما من الفيروسات التي لا ترحم بشراً أو شجراً أو حجراً؟!.

نعم، ثمةَ فيروسات أخرى أشدُّ فتكاً بالبشر، إلا أننا لم نرَ من خصّص مليارات الدولارات في سبيلِ مواجهتها وإزالتها، مثلما خصّص في سبيلِ مواجهة كورونا وإزالته، هذا إن كانت هناك نية جدية أصلاً في مواجهتهِ قبل أن يؤدي وظيفته التي خُلق لأجلها، مثله مثل أي جنديٍّ مصنوعٍ يؤدي دورهُ في هذه الحربِ الأخطبوطيةِ المتعددةِ الجنسيات، ذات الهدف الواحد- قيادة العالم وإعادة صياغته.

كورونا المحظوظُ شهرةً لن يتوقّف في القريب، سيواصلُ غزواته ضدَّ العالم، إلى أن ينتهي دوره في هذه الحرب، ثم سيتلاشى، لتبدأ فيروسات أخرى بيولوجية أو اقتصادية أو سياسية أو عسكرية بالعمل نيابةً عنه، فالأرجحُ أن العالمَ سيشهدُ الكثير من الفيروساتِ القاتلة، إلى أن يتم الإعلان عن الدواء النهائي، وهو تحقيق الهدف الأكبر- قيادة العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى