على الرغم من مرور عقدٍ من الزمن على الأزمة السورية، إلا أن حكومة دمشق لم تحدث أي تغيير في عقليتها وذهنيتها، ففي وقت تسمي فيه دمشق المجموعات المدعومة من تركيا بالإرهابيين، وترفض الحوار مع الإدارة الذاتية بحجج واهية، تجري اللقاءات مع تركيا التي تحتل الأراضي السورية، وتسرق وتنهب خيراتها، وأدخلت عشرات الآلاف من المرتزقة إلى الأراضي السورية، وسلخت لواء اسكندرون من الجسد السوري منذ عقود.
وذكرت صحيفة “تركيا” المقربة من السلطات التركية، في30 كانون الأول 2021، أن لقاءات جمعت مسؤولين أمنيين سوريين بنظرائهم الأتراك في الأردن، وأن الاجتماعات بحثت إطلاق عملية مشتركة ضد شمال وشرق سوريا.
تحتل تركيا نحو 12% من الأراضي السورية (سري كانيه وتل أبيض في شمال وشرق سوريا واعزاز والباب وجرابلس وعفرين وأجزاء من إدلب في شمال غرب سوريا). في عام 1939 سلخت تركيا لواء اسكندرون عن الأراضي السورية وضمتها للحدود السياسية لتركيا.
՛النظام متمسك بعقليته الإقصائية وعدم قبوله للغير المختلف՛
يرى الرئيس المشترك لحزب السلام الديمقراطي الكردستاني، طلال محمد، أنه: “بعد مرور عشرة أعوام على الأزمة السورية، إلا أنه لم يحدث أي تغيّر في موقف وعقلية وثقافة النظام السوري تجاه ما تعرض إليه هذا البلد، على العكس من ذلك، مازال النظام متمسكاً بعقليته الإقصائية وعدم قبوله للغير المختلف معه سياسياً، والمُطالبْ بالتغيير الديمقراطي. وفي الوقت نفسه يبدي استعداده للحوار مع أي طرف يتفق معه في الاستبداد والإقصاء فقط، لكي يحافظ على وجوده فوق كرسي الحكم”.
أوضح طلال محمد أن العقلية والممارسات التي تتبعها حكومة دمشق أوصلت سوريا إلى المزيد من الدمار والخراب والتهجير، وقال: “هو مستعد للحوار مع كل من انتهك واحتل حرمة الأراضي السورية، ومستعد للتعاون مع تركيا التي احتلت أجزاء من الجغرافية السورية، وتمارس سياسة التغيير الديمغرافي وسياسات النهب والسلب والممارسات التعسفية بحق الأهالي الأصليين”.
՛تاريخ النظام مليء بالمساومات والمقايضات على حساب الجغرافية السورية՛
تطرق طلال محمد إلى تعنّت حكومة دمشق ورفضها الدائم للحوار مع الإدارة الذاتية، وقال: “يرفض النظام بشكل الدائم الحوار مع الإدارة الذاتية بحجج غير منطقية، وهذه الحجج؛ للنظام الدور الأساس فيها؛ لأنه هو من يجعل الحدود السورية مفتوحة أمام جميع القوى التي دخلت البلاد، فتاريخه مليء بالمساومات والمقايضات على حساب الجغرافية السورية والشعب السوري، ولواء اسكندرون خير دليل على ذلك”.
وأشار إلى أن: “هذا النظام لا يرفض الجلوس مع ممثلي المجاميع الإرهابية، والذين ساهموا في دخول المحتل التركي إلى سوريا. ويصف القوى الديمقراطية التي ناضلت وضحّت من أجل تحرير المناطق السورية من الإرهاب، وحافظت على وحدة سوريا، بالميليشيات والمرتزقة، ويطلب منها التسويات. ويعتبر مشروع الإدارة الذاتية مشروعاً انفصالياً، في الوقت الذي استطاعت فيه الإدارة الحفاظ وحماية مناطق شاسعة من سوريا”.
وحول ما أوردته الصحافة التركية عن لقاء بين تركيا وحكومة دمشق من أجل إطلاق هجوم مشترك ضد مناطق الإدارة الذاتية، أوضح محمد: “أعتقد أن مثل هذه النقاشات بين أنقرة ودمشق ليست بالجديدة، واللقاءات الأمنية والسرية لم تتوقف فيما بينها، والغاية هي إطالة الأزمة السورية. فبإطالتها تستمر تركيا في مشروعها الاحتلالي ويستمر النظام في تمسكه بكرسي الحكم، في وقت شهد فيه عام ٢٠٢١ بعض التفاهمات بين القوى الدولية للاتفاق حول الخطو نحو حل الأزمة السورية سياسياً، وذلك استناداً إلى القرار الأممي ٢٢٥٤، وهذا ما تدركه تركيا والنظام أيضاً. لذلك؛ فإن ما يجمع بين أنقرة ودمشق، ومن مصلحتهما، هو تعميق الأزمة أكثر والاتفاق حول كل ما يخدم مصلحتهما”.
بيّن طلال محمد أنه لو كانت لدى دمشق أي نية للاتفاق مع الإدارة الذاتية لما استطاعت تركيا احتلال المزيد من الأراضي السورية، وارتكاب جرائم بحق الشعب السوري، وقال: “الخيار أمام دمشق هو الحوار مع الإدارة الذاتية من أجل حل الأزمة السورية وطرد المحتل التركي”.
՛لإيقاف النزيف السوري يجب فتح حوار جاد مع الإدارة الذاتية՛
يرى طلال محمد أن استمرار حكومة دمشق في تعنتها واتباعها سياسة العسكرة لحل الأزمة السورية سوف يؤدي إلى المزيد من الدمار والخراب والتهجير، وقال: “بكل تأكيد سوف تتجه سوريا نحو المزيد من الدمار والمزيد من الخراب والتهجير والنزوح، ومَن سيدفع الضريبة هو الشعب السوري، والاستمرار في سياسة العسكرة هو الاستمرار في بقاء نظام القمع والاستبداد”.
وأكد الرئيس المشترك لحزب السلام الديمقراطي الكردستاني، طلال محمد، أن فتحْ حكومة دمشق حوار جاد مع الإدارة الذاتية كفيل بإيقاف النزيف السوري، وبيّن: “من أجل إيقاف النزيف السوري، يجب أن تتحلى الحكومة السورية بروح المسؤولية وتفتح حواراً جاداً مع الإدارة الذاتية والاتفاق معها، لأن الوقائع أثبتت نجاح مشروع الإدارة الذاتية، ليكون أساساً تبنى عليه التفاهمات السورية من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية؛ حل يرضي الجميع”.
المصدر: ANHA.