صحف عالمية: روسيا توجه رسالة قوية لـ”الناتو”.. وأمريكا “تبحث عن بدائل” بشأن الاتفاق النووي
تناولت أبرز الصحف الصادرة صباح الاثنين، آخر مستجدات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وفي مقدمتها القصف الروسي لقاعدة عسكرية أوكرانية قرب حدود بولندا.
يأتي ذلك فيما حذرت الصحف من أن ذلك القصف وجه ”رسالة قوية“ إلى حلف شمال الأطلسي“ (الناتو).
وأشارت الصحف إلى ”متطوعين“ من بيلاروسيا في صفوف ”المقاومة الأوكرانية“ للدفاع عن ميناء أوديسا الاستراتيجي.
رسالة إلى ”الناتو“
رأت صحيفة ”فاينانشيال تايمز“ البريطانية، أن وابل الصواريخ الروسية التي استهدفت قاعدة على بعد 15 كيلومترا فقط من حدود بولندا، ”جعل التهديد مباشرا، وبعث برسالة قوية إلى حلف (الناتو) الذي تترأسه الولايات المتحدة“.
وقالت الصحيفة في تقرير لها، إنه ”بالنسبة للمسؤولين العسكريين الغربيين، يعتبر الهجوم على القاعدة -التي استضافت القوات الأمريكية الشهر الماضي هو الأحدث في قائمة متزايدة من الخطوات الاستفزازية الروسية تجاه الناتو، مثل الاستعداد النووي أو مزاعم الأسلحة الكيماوية“.
وأشارت الصحيفة إلى أن ”التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، يواجه الآن مهمة صعبة بشكل متزايد في تجنب الصراع مع موسكو، بينما يشجع أعضاؤه أيضا على تقديم أكبر قدر ممكن من الدعم لأوكرانيا“.
وأوضحت الصحيفة أن ”قاعدة يافوريف العسكرية، التي قُتل فيها 35 شخصًا صباح الأحد بصواريخ جوية روسية، تُعرف باسم المركز الدولي لحفظ السلام والأمن، واستخدمتها الولايات المتحدة قبل أسابيع قليلة من بدء الغزو الروسي، حيث قام الأمريكيون بتدريب الجنود الأوكرانيين على استخدام الأسلحة المضادة للدبابات“.
وقالت الصحيفة في تقرير لها: ”جاء الهجوم بعد يوم من تحذير موسكو من أنها تعتبر قوافل الإمدادات العسكرية من دول الناتو – ومعظمها تصل من بولندا إلى غرب أوكرانيا – أهدافا عسكرية مشروعة، ما يزيد من خطر التصعيد“.
ونقلت عن مسؤولين غربيين قولهم: ”إنها خطوة جادة، نحن نأخذها على محمل الجد.. إن ذلك قد يخيف بعض أعضاء التحالف الذين تعهدوا بتقديم أسلحة لأوكرانيا.. إنها إشارة.. بوتين لا يريدنا أن نزيد من دعمنا“.
وأضافت الصحيفة في تقريرها: ”كما أكدت الضربة على قاعدة التدريب إحدى الحجج الأساسية لبوتين لغزو أوكرانيا، لوقف ما يراه تعديًا غير مقبول من قبل جيوش الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في البلاد“.
هل يتوقف الدعم الغربي؟
وأيدت صحيفة ”الغارديان“ البريطانية رواية ”فاينانشيال تايمز“، قائلة إن ”الرسالة التي تبعث بها موسكو، تشير إلى أنها لا تستطيع فقط ضرب الحدود الغربية لأوكرانيا، بل إن الكرملين أيضا لا يهتم إذا كان المقاتلون الأمريكيون أو غيرهم من المتطوعين يتدربون هناك“.
وبالنسبة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة الغربية، نقلت ”الغارديان“ عن خبراء قولهم، إنه ”من غير المرجح أن يتم تقييدها بسبب هجوم واحد، حتى لو كان مميتا مثل الهجوم على القاعدة العسكرية، موضحين أن طول الحدود البولندية الأوكرانية يبلغ أكثر من 300 ميل، ويتم اتخاذ خطوات لإخفاء الإمدادات الحيوية أثناء عبورها إلى البلاد وخارجها“.
ورأت الصحيفة البريطانية في تحليل لها أنه ”ليس من الممكن من الناحية الواقعية قطع أو اعتراض حركة الأسلحة بضربات جوية دورية لأن المنطقة شاسعة للغاية“.
وأضافت: ”القيام بذلك يكون عمليا فقط عندما تهيمن قوات موسكو على منطقة ما. وفي الوقت الحالي، فإن القوات البرية الروسية، التي تركز على كييف ومدن الشرق، بعيدة جدا عن مدينة لفيف الأوكرانية والحدود الغربية“.
واختتمت ”الغارديان“ تحليلها بالقول إن ”هيمنة روسيا على الأجواء، خاصة في الليل، ستعني أنه من المحتمل أن تنخرط في المزيد من الهجمات الصاروخية وتظهر مرة أخرى أنها يمكن أن تضرب الغرب. لكن هذه في حد ذاتها لا تغير بشكل كبير ميزان الحرب، التي هي بالفعل مميتة بما فيه الكفاية“.
مقاومة بيلاروسية
إلى ذلك، ذكرت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية أنه ”بينما يقاوم الجيش الأوكراني والدفاعات الإقليمية الغزو الروسي الذي دخل أسبوعه الثالث، انضم فيلق صغير من البيلاروسيين إلى المدافعين المتطوعين، قائلين إنهم يرغبون في المساعدة في محاربة نظام مشابه للنظام الذي أجبرهم على الفرار من بلادهم“.
وأوضحت المجلة في تقرير لها: ”يقدر أن الآلاف من البيلاروسيين يعيشون في أوكرانيا. وفر الكثير من منازلهم بعد التظاهرات المناهضة للحكومة في بيلاروسيا في عامي 2020 و2021، التي أسفرت عن حملات قمع واسعة النطاق واعتقالات جماعية للمتظاهرين“.
وقالت: ”يُعتقد أن المئات منهم انضموا إلى قوات الدفاع الأوكرانية حتى الآن. ويعمل غالبية المتطوعين جنبا إلى جنب مع وحدات الدفاع الإقليمية التي تم إنشاؤها حديثا أو يقدمون خدمات مساعدة“.
وذكرت المجلة: ”في مدينة أوديسا الساحلية على البحر الأسود التي تشهد أوقاتا عصيبة الآن، تم نشر مجموعة من حوالي 20 رجلا بيلاروسيا للدفاع عن الميناء، فضلاً عن حوالي 30 متطوعًا آخر في المدينة نفسها“.
وأوضحت أن ”هؤلاء المتطوعين يساعدون في تأمين وسط المدينة ويبحثون عن المخربين والجواسيس الروس المحتملين“، بحسب تعبير المجلة.
وأشارت ”فورين بوليسي“ إلى ”أنهم يفحصون المستندات ويقيمون نقاط تفتيش، قائلين إنهم لن يسمحوا للروس بدخول المدينة التي أصبحت موطنهم أيضا“.
ولفتت المجلة إلى أنه ”لأكثر من أسبوع، استعدت أوديسا لهجوم روسي، بما في ذلك من البحر الأسود، حيث عزز السكان دفاعات المدينة بفخاخ الدبابات القديمة وحواجز الأكياس الرملية“.
وأضافت: ”يتواجد البيلاروسيون الآخرون في العاصمة الأوكرانية كييف ومدينة لفيف الغربية. جميعهم يرتدون شرائط صفراء حول أذرعهم تثبت أنهم جزء من المقاومة الأوكرانية، بالإضافة إلى زي عسكري أو شعار المعارضة البيلاروسي“.
وأوضحت ”فورين بوليسي“، أن بيلاروسيا ”حاولت لسنوات موازنة العلاقات الوثيقة مع موسكو والمشاركة مع الغرب، لكنها في الآونة الأخيرة تحولت بشكل حاسم نحو موسكو ولا تزال واحدا من حلفائها القلائل“.
قلق إسرائيلي
من ناحيتها، ذكرت صحيفة ”هآرتس“ العبرية، أن ”إعلان إيران مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ على أربيل، عاصمة كردستان العراق، كشف قليلا عن حرب الطائرات دون طيار والصواريخ والهجمات السيبرانية التي تتبادلها طهران وتل أبيب منذ فترة طويلة“.
وأضافت الصحيفة في تحليل لها، أنه ”بشكل عام، من الواضح أن الإيرانيين انتهجوا سياسة الرد على أي هجوم إسرائيلي كبير، وبالتأكيد على أي هجوم يتسبب في سقوط ضحايا“. في إشارة إلى غارة جوية إسرائيلية مزعومة الأسبوع الماضي في سوريا قتلت ضابطين في الحرس الثوري الإيراني.
ولفتت الصحيفة إلى أن ”وسائل إعلام أجنبية ذكرت منذ سنوات أن نشاطا إسرائيليا سريا كان يحدث في كل من كردستان وأذربيجان، وكلاهما على الحدود مع إيران“.
وأشارت إلى أن ”هذه الحرب الصغيرة تجرى على خلفية تطورين دوليين أكبر بكثير، الحرب في أوكرانيا وتأثير العلاقات الروسية الأمريكية المتدهورة على المحادثات في فيينا بين إيران و5 دول أخرى حول اتفاق نووي جديد“، معتبرة أن ”هذه التطورات ليست منفصلة عن بعضها“.
وقالت الصحيفة: ”وفقًا للتقارير الواردة من فيينا، كان من المقرر أن ينتهي الطرفان من الاتفاق الجديد قريبا. ولكن بعد ذلك ظهرت مشكلة في اللحظة الأخيرة، حيث طالبت موسكو بضمانات بأنه إذا وقعت طهران الاتفاق النووي، فإن التجارة الروسية مع إيران ستكون قادرة على الاستمرار على الرغم من العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على روسيا“.
واختتمت الصحيفة تحليلها بالقول: ”تشعر إسرائيل بالقلق من أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تركز بشكل كامل على تداعيات الحرب في أوكرانيا ولا يبدو أنها مهتمة بوضع شروط أكثر صرامة لإيران في المحادثات النووية.. وتخشى إسرائيل أيضاً أن تؤدي المطالب الجديدة إلى خروج إيران بشكل أكبر من المحادثات“.
تطمينات أمريكية
في سياق متصل، نقلت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية عن مسؤول أمريكي وصفته بالكبير، قوله، إن ”بلاده لن تتفاوض بشأن إعفاءات من العقوبات المتعلقة بأوكرانيا على روسيا لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني“.
ووفقا للصحيفة، أضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن واشنطن ”تبحث عن بدائل“، حيث يمكن أن تحاول إبرام اتفاق منفصل يستثني موسكو، لكنه أشار إلى أن هذا الجهد الدبلوماسي ”عقّده“ الهجوم الإيراني على أربيل.
وأضافت: ”مع تعريض أحد أهم أهداف سياسة بايدن الخارجية للخطر، أوضح المسؤول أن واشنطن ستبدأ في استكشاف بدائل للاتفاق خلال الأسبوع المقبل إذا لم تتراجع روسيا عن مطالبها بضمانات مكتوبة“.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول قوله: ”لا أرى مجالًا لتجاوز ما هو داخل حدود خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015). أعتقد أنه من الآمن أن نقول إنه لا يوجد مجال لإعفاءات أخرى“.
ورأت الصحيفة الأمريكية أنه ”من المرجح أن يؤدي الهجوم الإيراني إلى مزيد من المقاومة الإقليمية للجهود الأمريكية للتوصل إلى اتفاق احتواء نووي جديد مع إيران، حيث أثارت الجهود الأمريكية لإحياء الصفقة مع إيران انتقادات من القادة الإسرائيليين وبعض دول المنطقة الذين يشعرون بالقلق من أنها ستسمح لطهران بمواصلة تسليح ميليشياتها في جميع أنحاء المنطقة وتنفيذها ضربات صاروخية مع الإفلات من العقاب“.
المصدر: إرم.