زيارة أردوغان إلى قطر.. لا صفقات مالية تنقذ اقتصاده وخيبة أمل من السعودية
وبحسب البيان الصادر، عن وكالة الأنباء القطرية، فقد وقّع أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد على العديد من الاتفاقات في مجالات تراوح بين الإعلام وإدارة الكوارث، وتعهدا “باستكشاف مزيد من السبل” لتعزيز الروابط الاقتصادية والتنسيق المالي.
وذكر بيان مشترك أن قطر وافقت على تمديد اتفاقية مبادلة عملات مع تركيا، ضاعفتها الدوحة ثلاثة أمثال إلى 15 مليار دولار العام الماضي. وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز الاحتياطيات الأجنبية لتركيا واستقرار الليرة. ولم يشر البيان إلى زيادة حجم المساعدة المالية المباشرة، بحسب رويترز.
وقبل أن يغادر الدوحة، زار أردوغان الجنود الأتراك في القاعدة العسكرية، وقال في كلمة “نحن لا نفصل أمن واستقرار قطر عن أمننا واستقرارنا”.
زيارة اقتصادية بحتة
وحول أهداف هذه الزيارة، قال الباحث في العلاقات الدولية، طارق وهبي: “الهدف الرئيس للزيارة اقتصاديٌّ بحت، وأساسه رفع نسبة الاستثمارات القطرية في تركيا، وخصوصاً في المشاريع العقارية والصناعات المتوسطة والكبيرة والتي تشتهر فيها تركيا كخزان لقطع الغيار في قطاع السيارات لأوروبا”.
وأضاف: “هذه الزيارة المبرمجة تأتي أيضاً بعد زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى تركيا وعودة قطر بعد عزلتها من دول مجلس التعاون الخليجي”.
وحول ارتباط ذلك بالأزمة الاقتصادية التركية، قال وهبي: “لا يخفى على أحد أن تقهقر الليرة التركية أمام العملات الدولية هو مشكلة كبرى للاقتصاد التركي الذي يعتمد على إدخال الدولار عبر ميزانه التجاري الذي لا يزال إيجابياً رغم بعض العقوبات الأوروبية. وتأتي هذه الزيارة لتعوّم جزءاً ما من الاقتصاد التركي”.
وأوضح أن “قطر تسعى عبر – قطر استثمار- إلى امتلاك عدد كبير من المؤسسات السياحية كالفنادق أو الشقق السكنية المفروشة. كما أن لها طموح لبعض الصناعات الغذائية التي هي سلع ناجحة ومربحة ومؤهّلة للتطوير”.
وأكد وهبي، في هذا السياق أن “تركيا كانت تطلب أموالاً كقروض مسهّلة لقطاع التنمية لديها وبالتحديد المواصلات ولكن قطر فضلت التريث ريثما يكون لديها مؤشرات أفضل من ناحية إرجاع هذه القروض في المستقبل، ولكنها شددت على أنها مستعدّة للاستثمار في القطاع الخاص الذي شهد نموّاً، وحتى أنه يستقطب استثمارات أوروبية”.
الشق السياسي معقد
وتأتي هذه الزيارة بعد تحولات سياسية في المنطقة، حيث تسعى تركيا إلى فك العزلة العربية عنها، إلا أنها فشلت في ذلك مع مصر. إذ لم تفلح المحادثات الاستكشافية بين الطرفين في تحقيق تقدم إلى الآن، كما أن التفاؤل التركي بالتقدم في المباحثات مع الإمارات لم يتحول إلى شكل فعلي.
وفي هذا السياق، قال وهبي: “الشق السياسي من الزيارة مهم وخصوصاً بعد اجتماع العُلا في المملكة الذي أفضى على المصالحة بين قطر ودول مجلس التعاون التي كانت مختلفة مع قطر في موضوعين رئيسين: العلاقة مع إيران، وحماية الإخوان المسلمين. ولأن علاقة تركيا مع قطر غير منقطعة بل عميقة عبر إنشاء قاعدة تركية في قطر لتدريب القوات العسكرية في كل القطاعات وحتى البحرية، فقد سعت تركيا إلى غزل سياسي عبر قطر وتقديم تجربتها إنها ناجحة لتبني على ذلك قبول التقرب من الإمارات أولاً ثم مصر وبعدها المملكة العربية السعودية”.
إلا أن وهبي أردف قائلاً: “لكن الحسابات ليست دائماً سهلة، فالأمور معقدة وهذا يرجع أولاً لشخصية الرئيس أردوغان الذي لا يزال يسعى لأن ينصب نفسه سلطان المسلمين لكي لا يشعر البعض إنه راغب أن يكون خليفتهم”.
عدم تحمس سعودي لتركيا
وبالتزامن مع زيارة أردوغان إلى الدوحة، وصل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى العاصمة القطرية، ضمن الجولة الخليجية التي يقوم بها.
وبحسب تقارير، فإن أردوغان سعى إلى عقد لقاء مع الأمير السعودي محمد بن سلمان في الدوحة.
ورجحت هذه التقارير، بحسب صحيفة العرب، أن الأمير محمد بن سلمان لم يكن متحمساً لهذا اللقاء، ما يعني أن الرياض تعتقد أن موعد التقارب مع أنقرة لم يحن بعد، وأن على أردوغان بناء الثقة بخطوات ومواقف أكثر وضوحاً.
وقالت مصادر لوكالة “رويترز” إن الرئيس التركي سعى للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قطر، غير أن عدم التوافق في برامجهما حال دون ذلك.
وقال مسؤول تركي وآخر خليجي على معرفة بخطط الزيارة إنه كانت هناك مناقشات لعقد اجتماع بالفعل بينهما في قطر، ولكن “لم يحدث توافق في البرامج”.
ورأى الباحث في العلاقات الدولية طارق وهبي أنه “من الواضح إنه خلال لقاء أردوغان والشيخ تميم آل ثاني تم الحديث عن تقريب وجهات النظر مع السعودية وذهب وزير الخارجية التركي بالقول إنه هناك قنوات فُتحت مع السعودية والأمور ذاهبة إلى تسوية ولو صورية ولكن هذا أحد أهداف المرحلة المقبلة لتركيا أولاً ودائماً للبحث عن استثمارات خارجية تنقذ العملة الوطنية التركية”.
وأضاف: “إن أزمة اغتيال الصحفي الخاشقجي لا تزال عالقة، ورأينا هذا الأسبوع كيف تم إيقاف شخص يدعى خالد العتيبي (تشابه أسماء) في مطار فرنسي؛ جرّاء مذكرة أمنية من القضاء التركي إلى إنتربول، تركيا تحاول، دون أن تخسر كثيراً، أن تنهي هذا الملف الذي أقفلته السعودية بعد فتحها ملف قضائي داخلي ومحاسبة من كان خلف هذه الجريمة في السفارة السعودية في تركيا”.
وقال الباحث في العلاقات الدولية: “الأمير محمد بن سلمان بعد زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للملكة أثبت إنه غير مكترث بأي أقوال أو أفعال تمنعه من التنقل ولذلك هذه الجولة التي ستقوده إلى عُمان ثم قطر وبعدها البحرين ستكون المسار التمهيدي لعودة الحركة الدولية بعد لقائه كلاً من بوتين وماكرون. قطر وبشخص أمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني لن يدخل في أي وساطة، ولكنه سيسهل عبر وزير خارجيته فتح قنوات لإنهاء أزمة الخاشقجي وتعبيد الطريق لعلاقات جديدة ومبنية على الاحترام المتبادل”.
علاقة تركيا مع مصر مختلفة عن علاقتها مع السعودية
وتطرح أسئلة مهمة حول إمكانية نجاح التقارب السعودي – التركي في ظل فشل مساعي التقارب المصري – التركي.
الباحث طارق وهبي، أشار إلى أنه “لا يمكن مقاربة العلاقة التركية مع مصر والسعودية؛ لأن مصر تنافس تركيا بعدد من الأمور الاقتصادية وهذا غير موجود سعودياً. من الأفضل رؤية المثلث الأهم المسلم السني: السعودية، مصر وتركيا. على هذا الأساس يبنى أقوى تحالف مسلم سني في المنطقة للرد على التصرفات الإيرانية الشيعية المستفزة عبر السيطرة على أربعة عواصم عربية، بغداد، دمشق، صنعاء وبيروت”.
وفي ختام حديثه، قال الباحث في العلاقات الدولية طارق وهبي: “لا يجب أن يغيب عنا أن تركيا تحاول جادةً أن تفتح علاقات شرقاً مع دول الحلف السوفياتي السابق والتي هي قريبة لها (اثنياً) ومع دول آسيا التي أصبحت نامية ومتطورة كأندونيسيا وسنغافورة لتشكل معها حلفاً إسلامياً اقتصادياً يقوي موقفها من أوروبا التي دارت لها ظهرها للدخول في الاتحاد الأوروبي”.
المصدر: ANHA.