أخبار

تصعيد غزة.. تداعيات عديدة على المنطقة وسوريا

تتواصل الحرب في غزة على الرغم من التحركات الدولية والإقليمية، وسط مؤشرات على أن لا حلول تبدو في الأفق، في ظل إصرار إسرائيل على تحقيق إنجاز عسكري لن يكون أقل من تغيير الأوضاع في غزة، وفي المقابل تمسك حركة حماس بأوراق قوة عديدة أبرزها ملف الرهائن، وبالتالي فإن ذلك يمكن أن يؤثر بشكل كبير على المنطقة بما فيها سوريا.

تشير التطورات العسكرية والسياسية المتعلقة بالأحداث في غزة إلى أن الحرب تتجه إلى نحو مجهول، وأن كافة السيناريوهات مطروحة على الطاولة؛ وذلك بسبب أن طرفي الحرب يعتبران أن هذه الحرب تمثل له مرحلة حاسمة، فإذا انتصرت إسرائيل فإن هذا الانتصار سيؤدي لإنهاء حركة حماس بشكل كامل وانطلاق مرحلة مهمة عنوانها تشكيل تحالف إقليمي ودولي وعربي يكون هدفه القوات الموالية لإيران في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن.

وفي حال لم تحسم إسرائيل المعركة وتم التوصل إلى اتفاق دون تغيّر الأوضاع في غزة، فإن حماس تكون قد خرجت وكأنها قد حققت نصراً على إسرائيل.

ونتيجة لارتباطات ذلك، فإن الانعكاسات يمكن أن تعود على كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن، وخلال الأيام الماضية تكثف التوتر على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية وذلك بعد خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

ومن خلال حيثيات الخطاب وتحركات القوات المرتبطة بإيران في كل من سوريا والعراق ولبنان، فإنه يتبين أن هذه القوات بدأت بتنفيذ استراتيجية تتضمن الضغط على القوات الأميركية في كل من سوريا والعراق، بالإضافة إلى تهديد إسرائيل من لبنان، وبالتالي إيصال رسائل تحذيرية أنه يمكن أن يؤدي التصعيد إلى مواجهة مباشرة ومفتوحة، وهذا ما لا تريده القوى الإقليمية والدولية، وتبين ذلك من خلال تحذير الولايات المتحدة الأميركية من مخاطر اندلاع حرب مع حزب الله.

في سوريا، تحديداً، يمكن وضع انعكاسات ما يجري في عدة سياقات، السياق الأول كما ذكرنا سابقاً أنه من المتوقع أن يتصاعد الضغط من قبل القوات المدعومة من إيران على القوات الأميركية في سوريا، بالإضافة إلى الحديث عن تحركات لهذه القوات في الجنوب السوري، وتحديداً مع حدود الجولان، وبالتالي الضغط على إسرائيل أيضاً.

من هذه التداعيات أيضاً، أن الانشغال العربي والإقليمي والدولي بالحرب في غزة أدى إلى تهميش معظم ملفات الشرق الأوسط ومنها الملف السوري، الذي يتضمن مسار التطبيع العربي مع دمشق، ومسار التقارب بين دمشق والاحتلال التركي.

وفي هذا السياق، لا يستبعد أن تحاول دولة الاحتلال التركي استغلال ذلك الانشغال لتكريس وجودها في المناطق السورية التي تحتلها عبر إرسال المزيد من التعزيزات وإقامة العديد من القواعد العسكرية في هذه المناطق، وهذا ما دفع حكومة دمشق والقوات الروسية لتصعيد القصف على أرياف إدلب وحلب وحماة.

خلاصة تحليلية

من خلال ما سبق، يتوضح بأن مساعي إنهاء التصعيد في غزة باتت تواجه تحديات أكثر تعقيداً، وذلك مع إطالة أمد الحرب وخاصة بعد تزايد التضامن والأصوات المنددة بالعمليات العسكرية الإٍسرائيلية، وهذا ما ستستفيد منه حركة حماس.

 إن تنفيذ هذه الأهداف يتطلب حملة عسكرية كبيرة تترافق مع قوة تدميرية هائلة، وهذا ما سيؤدي لزيادة الضغط العربي والإقليمي والدولي على إسرائيل، وبالتالي تتزايد التداعيات على إسرائيل ودول المنطقة بشكل عام، سواء الأمنية والعسكرية عبر نشاط القوات المدعومة من إيران، بالإضافة إلى إمكانية استغلال التنظيمات المتطرفة لهذه الأجواء وشن هجمات على المصالح الأجنبية، سواء في الشرق الأوسط وحتى في الغرب، إلى جانب التداعيات السياسية والاقتصادية.

على الرغم من تخوف جميع القوى الإقليمية والدولية من تداعيات هذه الحرب، إلا أن جميع الحلول التي يتم طرحها لا تناسب الواقع، ومن هذه الحلول تشكيل إدارة من قبل دول عربية أو أممية لحكم غزة، وهذا ما سينظر إليه الفلسطينيون أنه احتلال جديد، كما أن الرئيس الأميركي جو بايدن طرح خلال الأيام الماضية مسألة حل الدولتين، وهذا ما يتوقع أن ترفضه الأوساط الإسرائيلية في ظل حكم اليمين المتطرف، وبالتالي فإن حل هذه الأزمة يجب أن يكون أعمق من ذلك ويناقش جذور وأساسيات الصراع والاعتراف بأن المشكلة تكمن في إقامة هذه الأنظمة والقوى على أساس قومي وطائفي، وبأن الحل يجب أن يكون بتشكيل نظام ديمقراطي يمثل جميع مكونات وشعوب المنطقة، وهذا ما يتضمنه فكر الأمة الديمقراطية.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى