أخبار

تصعيد أميركي – إيراني متبادل في شمال وشرق سوريا.. الأسباب والمسارات

تصاعدت خلال الأيام الماضية حدة الهجمات بين مجموعات محسوبة على إيران من جهة، والقوات الأميركية العاملة في شمال وشرق سوريا من جهة أخرى وذلك بالتزامن مع تصاعد حدة الخطاب بين الطرفين، حيث تهدد واشنطن وتل أبيب بتوجيه ضربة لطهران، فما هي أسباب هذا التصعيد؟ وإلى أين يسير؟

هذا التصعيد جاء بعد أحداث هامة شهدها العالم والمنطقة، أبرزها المساعي العربية إلى إعادة حليفة إيران (حكومة دمشق) للصف العربي وحفاوة الاستقبال التي تلقاها بشار الاسد في روسيا والإمارات وكذلك قرب عودة العلاقات الدبلوماسية بين حكومة دمشق والسعودية هذا من جهة التطورات الإقليمية.

أما على الصعيد العالمي فقد زاد نفوذ خصمي واشنطن في المنطقة (الصين وروسيا)، وخاصة عقب اتفاق توسطت فيه الصين قبل أسبوعين بين السعودية وإيران؛ لاستئناف العلاقات ومحادثات منفصلة بوساطة روسية بين السعودية وسوريا لاستعادة العلاقات، وكذلك زيارة الرئيس الصيني لروسيا، وهو ما سيؤثر من كل بد على التطورات العالمية والإقليمية.

وعن دور هذه التطورات والمصالحات التي تحصل وستحصل، بالتصعيد الإيراني الأميركي، وهل هي رسالة صينية روسية عبر إيران، رأى الباحث في الشأن الإيراني، محمد عبادي، أن “التصعيد الحاصل بين واشنطن وطهران على الأراضي السورية هي رسالة روسيا عبر إيران، ولكن ليس في سياق المصالحة السعودية مع إيران، بل في سياق، كلما أقدمت واشنطن وبريطانيا على إرسال طائرات مسيّرة لجزيرة القرم، جاء الرد الفوري من روسيا عبر إيران، على قواعد الولايات المتحدة في شرق سوريا”، هذا هو الأمر الأول.

أما الأمر الثاني، حسب الباحث، هو “إشارة إلى ما قاله بشار الأسد، بأن يرحب بمزيد من القواعد الروسية في سوريا، وهذا يعني بأنه في هذه اللحظة سيمنح مزيداً من الوجود للقوات الروسية والتي ستكون محاذية للوجود العسكري الأميركي وهو ما سيخنق هذا الوجود ويجعل حوالي 1000 جندي أميركي في مرمى الخطر، خاصة أن هناك تماس روسي أميركي في أوكرانيا، وهذا يعني أنه كلما تم الضغط على روسيا في أوكرانيا، فإن موسكو ستضغط على الوجود الأميركي في سوريا”.

والأمر الثالث، حسب عبادي، هو “الموقف التركي، فالأخيرة طالما تندد بالتحالف العسكري الأميركي مع قوات سوريا الديمقراطية، ولذلك ستدعم أنقرة المناوشات الإيرانية – الأميركية على الأراضي السورية، وفي حال انسحاب واشنطن من سوريا تحت ضغط هذا التحالف الرباعي السوري الروسي الإيراني التركي، وهذا سيكون مفيداً للأتراك لأن الانسحاب الأميركي سيقطع التحالف على أرض الواقع ما بين الولايات المتحدة مع الكرد”.

وتشير التقارير والتحليلات إلى أن زيادة النفوذ الصيني – الروسي لا يعني تراجع نفوذ الولايات المتحدة في الشرق، فهي لا تزال قوة سياسية وعسكرية بارزة في المنطقة والعالم، لكن تحول التحالفات الجيوسياسية الآنفة الذكر، يعقد جهود واشنطن الساعية إلى الخروج من المنطقة وتحويل التركيز نحو منافسات القوى العظمى مع روسيا والصين.

وعن ذلك، قال عبادي: “طبعاً، الولايات المتحدة هي الفاعل الأهم والأكبر في العالم سياسياً وعسكرياً، وهي متقدمة على الدول الأخرى، فميزانية الولايات المتحدة العسكرية تبلغ 865 مليار دولار فيما تبلغ ميزانية الصين العسكرية 252 مليار دولار كما تبلغ ميزانية روسيا العسكرية حوالي 61 مليار دولار، وهذا يكشف الفارق المهول بين القوى الأكبر في العالم”.

واستدرك الباحث قائلاً، “هنالك مستجدات في العالم حيث صنفت الولايات المتحدة، الصين كأكبر خطر على أمنها ومن بعده الخطر الروسي، ولذلك تكثف واشنطن من وجودها في بحر الصين الجنوبي، وإقامة تحالفات عسكرية مهمة جداً في المحيطين الهندي والهادي مع أستراليا ونيوزلندا وكوريا الجنوبية واليابان وذلك لاحتواء النفوذ الصيني”.

وهذا يعني، حسب عبادي، أن “الولايات المتحدة ستقلل من انخراطها في الشرق الأوسط، وهذا الشعور تسرب إلى دول المنطقة وتسرب إلى المملكة العربية السعودية ووجدت أن هنالك تردد من قبل واشنطن في إدارة ملفات الشرق الأوسط وعلى رأسها الملف النووي الإيراني ونفوذ إيران في المنطقة، ولذلك اضطرت إلى الذهاب الى الصين كي تعقد اتفاقاً مع إيران يجنبها أي تصعيد تقوم به إسرائيل، نظراً أن تخفيف واشنطن من انخراطها في الشرق الأوسط؛ سيعطي ضوء أخضر كبير لإسرائيل للانخراط في الشرق الأوسط، وهذا حصل عندما انتقلت اسرائيل من القيادة الأوروبية إلى القيادة المركزية”.

وعن مسار تطور الأحداث والاشتباكات، رأى عبادي أن “اشتباك إسرائيلي مع إيران أو مع سوريا وأي تصعيد في فلسطين المحتلة؛ هذا يعني أن المنطقة ذاهبة إلى الحرب واشتباك موسع، ولذلك وفي ظل تخفيف الوجود الأميركي من هذه الأراضي، هذا يعطي دول المنطقة صيغة إقليمية جديدة للحل، تمنع هذا الاشتباك وهذا الحريق الذي سيضرب أمن واستقرار المنطقة والطاقة والتي تعتمد عليه الكثير من دول المنطقة سواء تصديراً أو استيراداً”.

ولذلك عقدت المملكة تفاهمات خاصة مع إيران عبر وضع عدد من الشروط على الطاولة؛ أهمها الملفات الأمنية كالملف الحوثي، بحسب الباحث.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى