أخبار

تركيا تدمّر بيئة كردستان وتنوعها البيولوجي بطرق وأساليب مختلفة

تسعى دولة الاحتلال التركي للقضاء على بيئة كردستان بمختلف الطرق والأساليب المحرمة دولياً، والجرائم التركية بحق طبيعة كردستان لا تشكل خطراً على الكرد وحسب، بل على العالم أجمع، وما يحصل بحق الفراتين اعتداءٌ على التنوع البيولوجي.

عقدت الأمم المتحدة عام 1972، أول مؤتمر معني بالبيئة في العاصمة السويدية ستوكهولم، نتج عنه إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وتحديد 5 حزيران يوماً عالمياً للبيئة.

بعد مرور 51 عاماً على هذه المناسبة، يواجه كوكبنا تحديات بيئية خطيرة تتمثل في تغيير المناخ نتيجة الاحترار العالمي، حيث تشير التقارير إلى أن الكثير من دول العالم معرضة لخطر الغمر تحت مياه البحار وأخرى يضربها الجفاف لندرة المياه فيها.

الكارثة قادمة لا محالة، في حال لم يتم إيقاف المجازر التي ترتكب بحق البيئة، إذ يئن كوكب الأرض تحت نيران أزمات المناخ، وفقدان تنوعها البيولوجي، نتيجة غازات الوقود الأحفوري الدفيئة التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض.

هذا الخطر بدأ يداهم كوكبنا بعد الثورة الصناعية (1760ـ1850م) التي ولدتها الرأسمالية وسيدتها بريطانيا، تمت سرقة مقومات الاقتصاد البشري من زراعة وصناعة وتجارة.

استبدلت الأساليب القديمة في الإنتاج والتي تعتمد على القوة العضلية وقوة الريح التي لا تسبب أي أذى للبيئة، بآلات ميكانيكية تعمل على الوقود والفحم وغيرها من المواد المضرة بالبيئة.

عوّل المدافعون عن البيئة في قمة باريس التي عقدت في 12 كانون الأول 2015، على الحد من انبعاث الغازات التي تسبّب الاحتباس الحراري العالمي وتخفيضه إلى درجتين مئويتين، مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة، وتبنت هذه الاتفاقية 197 دولة، على أن يمثل نقطة تحول نحو عالم صفر كربون.

لكن لم تفِ الدول حتى الآن بتعهداتها، وأجّلت العمل على تخفيض الانبعاثات إلى ما بعد عام 2030، مما يثير الجدل حول مدى التزامها في تحقيق صفر انبعاثات، يرجح العلماء تصاعد درجات الحرارة في العالم ليتجاوز عتبة 1,5، ما ينذر بكارثة مناخية لا تحمد عقباها.

ولإنقاذ الكوكب يجب التوجّه نحو دعم مصادر الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر وترك هذه النهج المدمر للطبيعة، الذي يتسبّب به غازات ثاني أكسيد الكربون، والميثان، والأوزون، والكلوروفلوركربون، الناتجة عن الوقود الأحفوري في طرح غازات دفيئة.

وهناك 170 دولة مسؤولة عن طرح 90% من انبعاث الغازات، وتأتي الصين في المرتبة الأولى، تليها أمريكا، ثم أوروبا والهند.

يلهث قاتلو الطبيعة الأربع وراء الأموال، غير آبهين بما سيحل بالأرض ومنظومتها المناخية، لطالما التدمير البيئي والإخلال بتوازنه يدرّ عليهم بالمنفعة والمال لتعزيز نفوذهم.

ربما يدفع سكان الأرض البالغ عددهم 8 مليارات، ثمناً باهظاً نتيجة وحشية التغير المناخي، لأجل أن يحيا الرأسماليون الصناعيون برفاهية ورخاء.

وتساهم الصين وأميركا، وأوروبا، والهند في طرح أكثر من 55% من إجمالي الانبعاثات في العالم، وذلك وفق تقرير فجوة الانبعاثات لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة 2019.

وهذا يعني المزيد من التطرف في المناخ، والمزيد من العواصف الثلجية، وانهيارات جليدية، وأعاصير مدمرة، وموجات تسونامي، وزلازل، وانهيارات طينية، وبراكين، وموجات حرارة وجفاف، وضربات البرق، وحرائق تلتهم الغابات.

ودقّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ناقوس الخطر محذراً: “البشرية أمامها خياران التعاون أو الهلاك”، ودعا إلى الإسراع للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.

لن تنأى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بنفسها عن هذا التطرف الحاصل في المناخ، فالجفاف يطاردها ودرجات الحرارة التي تلاحقها لن تقف عند عتبة 56 درجة مئوية.

وهذا ما قد يسبّب في حملات نزوح وهجرة الملايين من الجياع للبحث عن مصادر جديدة عن مياه يسد ظمأهم وغذاء يسد رمق جوعهم، وقد يزيد من مؤشر اندلاع صراع ومواجهات على موارد الطاقة مستقبلاً.

يتم تشهير المياه في الشرق الأوسط كسلاح ضد الشعوب الأخرى، وتركيا وإيران وأثيوبيا خير مثال على ذلك، من خلال إقامة السدود وخفض مناسيب المياه الواردة إلى دول الجوار.

تمتلك كردستان بأجزائها الأربعة والتي تتميز بغناها الجغرافي، أكبر كنوز الشرق الأوسط من مياه وبترول، وغيرها من الثروات الباطنية ما فوق وتحت الأرض. دجلة والفرات أحدهما، لهما شأن عظيم في التاريخ والتراث الثقافي الشعبي الكردي، ودائماً ما يضرب بهما الأمثال في القصص الشعبية والأغاني.

صُبغ النهران بدماء الكرد كثيراً خلال العقود الماضية كمصدر للعذاب والعناء، وأخفت تركيا جرائمها برمي جثث ورفات الكرد في هذين النهرين.

بنت تركيا على نهري دجلة والفرات 100 سد في مناطق شمال كردستان لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وبلغ عدد السدود في تركيا قبل استلام أردوغان الحكم 276 سداً، مع استلامه لمقاليد الحكم عام 2003، شرع في بناء 585 سداً، ليصل عدد السدود المبنية على دجلة والفرات إلى 861 سداً.

وانخفض تدفق المياه إلى العراق بنسبة 80%، وسوريا إلى 40%، ويعاني البلدان من الغطرسة التركية في حبس المياه وراء السدود، مما ينذر بكارثة بيئية وغذائية.

وهذه السدود تبعث غازات حرارية تزيد من معدل الاحتباس الحراري، كما يؤثر على التنوع البيولوجي في الأنهار، وتسبّب في تلوث المياه وانتشار الأمراض.

يقول مراد بيلكيج وهو الناطق المشترك لحركة مزبوتاميا البيئية (Mirad Bîlgîç Hevberdevkê Tevgera Ekolojiyê ya| Mezopotamyayê) “تتبع تركيا سياسة لتدمير البيئة يساعدها في ذلك قروجيين خونة معروفين لدى الشعب الكردي، هؤلاء يقومون بهذا العمل الشنيع نيابة عن الدولة التي تريد أن تظهر أن الحرائق في الغابات واقتلاع الشجر يقوم بها آخرون ليس لهم شأن أو علاقة بذلك”.

وأوضح مراد بيلكيج في تصريح لوكالتنا: “تركيا تهدف إلى القضاء على الكرد، لذلك تريد تدمير بيئتهم المنتجة والغنية بالمياه والاخضرار والجبال، لكيلا يستطيعوا حماية أنفسهم وإشباع حاجاتهم الغذائية”.

السدود وتأثيرها على البيئة

وعن إقامة السدود يرى بيلكيج أن هذه السدود تُبنى دون أي اعتبار أو مقاييس: “لا يفكرون كيف ستؤثر في المحيط، ماذا ستجلب معها، لا يجرون أي بحوث، هناك هدف واحد يريدون المنطقة خالية من الكرد، الكرد مشكلتهم، هم يريدون ألّا يبقى الكرد في مدن شرق تركيا، وإن وُجدوا يجب أن يكونوا على شكل مجموعات صغيرة، وعندما تقوم بقتلهم لا يدري بهم أحد”.

وذكر بيلكيج مثالاً على إقامة السدود وقال: “تم إغراق مدينة (حسن كيف) تحت مياه السد، وأجريت العديد من البحوث في العالم، تم تقديم التقارير على أنه يمكن إقامة السد في مكان آخر، لكن الدولة مضت في تحقيق مشروعها وأهدافها، والهدف تدمير البيئة والتاريخ والثقافة”.

حسن كيف

وتساءل بيلكيج لماذا حسن كيف؟، وبين: “هو مكان تاريخي، وميراث العالم، ومكان للكرد، ويحتضن التاريخ والثقافة. حسن كيف رمز للتاريخ المستمر إلى يومنا هذا، هناك نباتات لا تنبت في أي مكان في العالم تم القضاء عليها”.

وأوضح بيلكيج أن المواطنين عبرّوا عن رفضهم للمشروع وذاع صيتهم في العالم من أجل حماية هذا الإرث، لكن الدولة مضت في مشروعها وأغرقت المدينة.

وكشف بيلكيج أن تركيا تبني السدود على دجلة والفرات لأهداف أخرى أيضاً: “نعلم أن النهر يمر في جغرافية دول أخرى، السدود أداة وسلاح بيد تركيا لاستخدامها ضد هذه الدول في حال ظهرت مشكلة بينهم، ويتم تهديدهم والتلويح بإغلاقها لإنهاء الحياة في أراضيهم”.

وبيّن بيلكيج: “هناك مخاطر تولدها هذه السدود، أي تهديد للبيئة في أي بقعة من العالم يؤثر على الجميع، اليوم يتم الحديث عن الاحتباس الحراري وتغيير المناخ، هناك بحوث وتقارير كثيرة تكشف من يتسبب بها والمسؤول عنها”.

حبس الفراتين اعتداء على التنوع البيولوجي

وشدد بيلكيج على أن ما يحصل على نهري دجلة والفرات يغيّر من المناخ، كونه يتم الاعتداء على التنوع البيولوجي، وهذا يضر بالجميع وليس الكرد وحدهم، على العالم أجمع رفع صوته لأن هذا يؤثر على العالم أجمع.

وسلط بيلكيج الضوء على نقطة أخرى: “يتم تدمير الغابات في كردستان، المئات من الأماكن يتم حرقها وقطعها، من جبال ديرسم إلى جودي. ونوّه: “في اليوم الثالث من الزلزال وفي وقت الجميع كان يريد أن يهرع لمساعدة متضرري الزلزال تم قطع غابات منطقة كلي كودرني في أمد، عندما ذهبنا إلى هناك شاهدنا أنهم قطعوا حتى الجذوع الصغيرة من الشجر يريدون إنهاء الحياة، يجب ألا ينمو ويعيش أي شيء، يجب تحويل المنطقة إلى صحراء قاحلة كي لا يكون باستطاعة أحد العيش فيها”.

إضافة إلى ذلك، شرعت سلطات الاحتلال التركي في إقامة 127 مخفر عسكري في 15 مدينة كردية في باكور (شمال كردستان)، هذه المخافر تم إنشاؤها بعد إزالة غابات وقطع الملايين من الأشجار، وأفرغت 4 آلاف قرية بقوة السلاح، وتمت سرقتها بمساعدة من القروجيين، وهُجّر ما يزيد عن 4 ملايين شخص قسراً من منازلهم في التسعينيات، وفي باشور (جنوب كردستان) يتم اتباع نفس السياسة حيث أقام الاحتلال فيها أكثر من 36 قاعدة عسكرية، حسب ما أكدته في وقتاً سابق وكالة روج نيوز، المختصة في متابعة وتغطية اخبار العراق.

أمام هذا المشهد البيئي الخطير، يسود الخوف والقلق من فقدان التنوع البيئي جراء تدهور بيئة كردستان بفعل الغارات التركية الكيماوية التي تتبع سياسة الأرض المحروقة.

وكشفت القيادة المركزية لقوات الدفاع الشعبي في 27 تشرين الثاني 2022، عن خمسة أنواع من الأسلحة الكيماوية، ووفقاً لـ عضو اللجنة التنفيذية في حزب العمال الكردستاني (PKK) مراد قره يلان، “النوع الأول هو غاز الأعصاب الذي يشل الخلايا العصبية للإنسان، يترك الإنسان دون تأثير لفترة، ثم يموت، يُعرف هذا الغاز باسم تابون، الثاني، يتسبب في اختناق الانسان، يحتوي هذا النوع على غاز الكلوروبين، ويسمى هذا الغاز بـ Green Cross، والثالث هو غاز إحداث النار، هذا الغاز يحرق الإنسان ويجففه، وحيثما يتم استخدامه تضرم النار بذلك المكان، اسم هذا السلاح غاز ثاني أوكسيد الكبريت، ويسمى أيضاYellow Cross  يعطي هذا الغاز اللون الأخضر، الرابع يجعل الإنسان متعباً ويفقده وعيه، ويسبب شللاً مؤقتاً للإنسان، تم استخدام هذا الغاز في تلة كارتال، الخامس هو غاز الفلفل، عند استخدام هذا الغاز في مكان مغلق فإنه يحدث تأثيراً كبيراً ويؤدي بالإنسان إلى الموت”.

تمارس تركيا إبادة حقيقة بحق النظم الأيكولوجي في باشور كردستان، وهذا ينمّ عن سياسات الإبادة البيئة التي تقودها تركيا ضد كردستان، وتسعى لتحويل جبال كردستان إلى جبال جرداء قاحلة.

ويعد جبال كردستان موئلاً غني عن التعريف لأنواع من النبات والحيوانات، وموطناً مهماً لأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة والمقيمة.

بالذهاب إلى عفرين التي احتلت في 18 آذار 2018، لم تسلم طبيعتها من براثن الاحتلال، حيث قطع الآلاف من الأشجار المثمرة والحراجية، وحسب منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا، قطع الاحتلال التركي ومرتزقته على مدار خمسة أعوام قرابة 311800 شجرة، ما بين أشجار زيتون وحراجية ومثمرة.

وحرق الاحتلال التركي أكثر من 11 ألف هكتار، من أصل 33 ألف هكتار من المساحة المخصصة للزراعة في عفرين، و10 آلاف شجرة زيتون وشجرة حراجية، ليبني محلها 23 مستوطنة يقطن فيها أسر المرتزقة وبقايا عناصر مرتزقة داعش ومرتزقة التسويات.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى