بعد التراجع في أوكرانيا.. بوتن يواجه معضلة “صداع الداخل”
أثار تراجع القوات الروسية في حرب أوكرانيا، ظهور العديد من الأصوات الناقدة لسياسات الرئيس فلاديمير بوتن، بعدما دعا مسؤولون بمدينة سانت بطرسبرغ، مجلس الدوما إلى اتخاذ إجراءات بشأن موقف قادة البلاد من الحرب.
ووفق تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الأميركية، فإن عدم تحقيق النصر الخاطف من العملية العسكرية التي أطلقتها روسيا في فبراير من العام الجاري، وخسارة الكثير من القوات والمعدات، وعدم القدرة على الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية كييف، ولّد الاستياء لدى خصوم بوتن تجاه سياساته.
وكان من بين معارضي بوتن، أنصاره الذين هاجموا قيادات الجيش بزعم كبح جماح القوة الروسية الكاملة لحسم المعركة في أوكرانيا، حسبما ذكرت مجلة “فورين بوليسي”.
ونجحت أوكرانيا في كسر الجمود المستمر في الحرب مع روسيا منذ أشهر خلال الأيام الأخيرة، عبر هجوم مضاد استعادت فيه السيطرة على مناطق واسعة حتى وصلت إلى حدود روسيا، في نقطة تحول بالحرب.
وفي نظر سياسيون روس، فإن العقوبات الغربية على بلادهم واستمرار تداعيات الحرب، ألقت بظلالها بشكل فادح على حياة المواطنين.
وفي هذا الصدد تقول المستشارة المحلية في منطقة سان بطرسبرغ كسينيا ثورستروم: “لقد أصبح الروس فقراء، فهم غير مرحب بهم في أي مكان، وهناك القليل من الإمدادات”.
جنود في المواجهة
ما زاد من حدة الأزمة الداخلية، قرار روسيا زيادة عدد أفراد الجيش، حيث تتخوف الأسر وخاصة في المدن الغربية من مصير أبنائهم مستقبلًا.
كان بوتن وقع مرسومًا أواخر الشهر الماضي، يقضي بزيادة عدد أفراد القوات المسلحة بمقدار 137 ألف جندي ليكون العدد الإجمالي 1150628 فردًا.
ويرى المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية أيمن سمير أن ما سيرفع من وتيرة المعارضة في مواجهة الرئيس بوتن حال المضي قدمًا في إعلان التعبئة العامة للجيش الروسي لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقال سمير لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن روسيا أمامها مسارين بالنظر للوضع الراهن لهذه الحرب، إما استخدام ضربة تكتيكية نووية وهذا مستبعد بالنظر لتكلفته الباهظة سياسياً واقتصادياً، أو مواصلة الحرب بالتعبئة العامة بدخول أفراد جدد من أبناء الأغنياء بالمدن الغربية مثل موسكو وسان بطرسبرغ.
وأضاف: “في تقديري سيخلق هذا الأمر تمردًا داخلياً على بوتن باعتبار أن الحرب لا تدار بالطريقة التي يريدها الشعب الروسي، بخلاف أن هناك من يرى أن الوضع في أوكرانيا كان يمكن معالجته بدعم الانفصاليين دون دخول القوات الروسية”.
مؤيدو نافالني
ويوضح المحلل السياسي أن الأصوات المؤيدة للمعارض البارز أليكسي نافالني بدأت في الارتفاع والتنامي، خاصة أنهم ضد الحرب بالأساس، ويتخوفون من توقعات انكماش الاقتصاد الروسي جراء العقوبات الاقتصادية، مضيفًا: “لو حدث ذلك سيؤثر على حياة كل الروس ويؤدي لانخفاض الدخل، فالمواطنين الروس كانوا يتوقعون حربا خاطفة، لكنها تجاوزت 200 يوما وتخسر في خاركيف وتتراجع في خيرسون وقد تخسر في مناطق أخرى”.
كانت الولايات المتحدة دعت إلى الإفراج الفوري عن المعارض الروسي أليكسي نافالني، مع إعادته إلى الحبس الانفرادي مؤخرا.
وتوقع أن يكون هناك مظاهرات في موسكو حال تواصل الخسائر الروسية خصوصا إن شنت أوكرانيا هجوما في اتجاه الجنوب ووصلت لشبه جزيرة القرم، معتبرًا أن زيادة اعتقالات النشطاء في روسيا لإجهاض تلك المظاهرات في مهدها.
وفي وقت سابق، ذكرت مجموعة (OVD-Info) المستقلة، التي تتعقب عمليات الاعتقال في روسيا، أنه تم القبض على 16437 شخصا بسبب نشاطهم المناهض للحرب.
معارضة غير مؤثرة
ورغم ذلك كله، فلن يتأثر الرئيس بوتن بالمعارضة الداخلية بقدر قلقه من معارضة “أصدقائه في الخارج” للسياسات الأخيرة واستمرار الحرب دون حل، وفق “سمير”.
وقال: “على سبيل المثال، هناك قلق وأسئلة صينية وتباين بين الموقف الصيني والروسي، وهذا الأمر أكبر ضغط ممكن أن يجعل بوتن يفكر في الخروج من هذا المأزق بحل يحفظ ماء الوجه للجميع”.
المصدر: سكاي نيوز.