أخبار

​​​​​​​السويداء بين الماضي والحاضر.. مساعٍ لحكم ذاتي تُقابل بالقمع والاضطهاد

تماسك أبناء السويداء الاجتماعي والثقافي والسياسي وقدرتهم على إدارة شؤونهم بأنفسهم، وتاريخهم الحافل بالبطولات ضد القوى الاحتلالية، دفع الأنظمة الرأسمالية والديكتاتورية التي تهاب فكرة اللامركزية إلى شن حملات اضطهاد وقمع وزرع الفتن بينهم، التي ظهرت بقوة عقب اندلاع الأزمة السورية وبعد اختيارهم موقف الحياد تجاه الصراع الدائر.مع انطلاق الأزمة السورية بفعل سياسات حكومة دمشق، مستعينةً بالقوى الرأسمالية المتدخلة في المنطقة بذريعة “حفظ السلام” و”محاربة الإرهاب”، اتخذت محافظة السويداء موقفاً حيادياً تجاه الأزمة السورية، حيث اختارت الخط الثالث في الصراع عبر تنظيم وإدارة شؤونها بنفسها، فما هي خصوصية وأهمية السويداء؟ وما السياسات التي اتبعتها وتتبعها حكومة دمشق حيال موقف وخيار أبنائها الذين اشتهروا بتاريخهم الحافل بالبطولات ضد الاستعمار والديكتاتورية؟

السويداء

تقع محافظة السويداء جنوب غرب سوريا قريبة من دمشق، حيث يحدها من الشمال محافظة ريف دمشق ومن الجنوب الأردن ومن الغرب درعا ومن الشرق بادية الشام، تعرف بـ “جبل العرب” كونها أوت أحرار سوريا الذين حاربوا الانتداب الفرنسي، وكانت نواة الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش التي حصلت سوريا بعدها على الاستقلال.

وتبلغ مساحتها 6 آلاف و500 كيلومتر مربع، ومن أبرز مدنها السويداء المدينة، وشهبا، وصلخد، واشتهرت المنطقة بزراعة العنب والتفاح وتوجد بها آثار رومانية عديدة، كما توجد على أطرافها سلسلة جبال بركانية خامدة وكهوف.

يقدر عدد سكانها بنحو 770 ألف نسمة، إذ يشكل المسيحيون (معظمهم من الروم الأرثوذكس) 11%، ويشكّل المسلمون من السنة 2%، إلا أن النسبة الأكبر ينتمون إلى الدروز الذين يشكلون 87.6%.

من هم الدروز؟

الدروز، ويطلقون على أنفسهم الموحدون، طائفة وإثنية دينية تدين بمذهب التوحيد ذي التعاليم الباطنية، التي تعود أصولها إلى مذهب الإسماعيلية، إحدى المذاهب الإسلامية، وإلى الدولة الفاطمية في القرن العاشر، كما ترجع جذورهم إلى غرب آسيا، تراوح أعدادهم في العالم بين 800 ألف نسمة إلى حوالي المليونين، موجودون في المقام الأول في كل من سوريا ولبنان وإسرائيل.

معروفون بتماسكهم الاجتماعي والثقافي والسياسي، نتيجة حملات الاضطهاد التي تعرضوا لها، إذ شكلَوا مجتمعات متماسكة مغلقة لا تسمح بانضمام غير الدروز إليها، على الرغم من أنهم مندمجون بشكل كامل في أوطانهم المعتمدة.

نضالهم والمجازر التي تعرضوا لها

ولم يكن تثبيت أقدام الدروز في بلاد الشام بالأمر السهل، لما تميزوا به من ميول استقلالي، فقد جابهوا الكثير من الصعوبات والعراقيل وتعرضوا إلى محاولات إفناء وإبادة ذهب ضحيتها الآلاف منذ ألف عام، وأبرز هذه المحن كانت محنة الدَّجال (1021 حتى 1026) التي ارتكبت على يد الخليفة الفاطمي علي الظاهر لاعزاز دين الله، ومحنة أنطاكيا (١٠٣٢م) التي ارتكبت على يد المرداسيين والبيزنطيين، ومعركة عكار (١٥٤٨م)، التي صارعوا فيها العثمانيين ووصل عدد ضحايا المعركة من الدروز إلى ستين ألفاً، هذا بالإضافة إلى الدمار والخراب الذي حل في البلاد وقضى على عشرات القرى الدرزية الآمنة، بالإضافة إلى معركة كسروان التي حدثت بين الدروز والمارونيين (المسيحيين) عام 1860 في لبنان، والتي كانت سبباً في هجرة كبيرة للدروز نحو جبل العرب في سوريا.

أدى الدروز دوراً مهماً في السياسة السورية بالمقارنة مع عددهم الصغير نسبياً، إذ شكل دروز الجبال الجنوبية الغربية في سوريا قوة فاعلة في سياسة البلاد، ولعبوا دوراً قيادياً في الكفاح ضد الانتداب الفرنسي تحت القيادة العسكرية للسلطان باشا الأطرش.

وقدم الدروز الكثير من الوجوه العسكرية التي قادت الثورة السورية الكبرى بين عامي 1925- 1927، وفي عام 1945 قاد سلطان الأطرش، القائد السياسي الأعلى لجبل الدروز الوحدات العسكرية الدرزية في نضال ضد الانتداب الفرنسي، مما جعل جبل الدروز المنطقة الأولى والوحيدة في سوريا التي قامت بتحرير نفسها من الحكم الفرنسي دون مساعدة بريطانية، واستمروا في المقاومة حتى جلاء الفرنسيين عام 1946.

وبعد الاستقلال، توقع الدروز أن تكافئهم دمشق على تضحياتهم الكثيرة في ساحة المعركة، وطالبوا بالحفاظ على إدارتهم المستقلة التي حصلوا عليها خلال فترة الانتداب الفرنسي وطلبوا آنذاك مساعدة اقتصادية سخية من “الحكومة” المستقلة حديثاً.

وخلال فترة الانتداب الفرنسي قسّمت سوريا إلى دول قصيرة الأمد، وهي دولة دمشق (1920)، ودولة حلب (1920)، ودولة جبل العلويين (1920)، ودولة جبل الدروز (1921)، ودولة سنجق اسكندرون (1921) المحتلة الآن من قبل تركيا.

إلا أن الوقائع التي حدثت بفعل السلطة الحاكمة في سوريا كانت بعكس مطالبهم، إذ تعرض الدروز لحملة اضطهاد من قبل السلطة الحاكمة في سوريا آنذاك، فخلال السنوات الأربع لحكم أديب الشيشكلي في سوريا خلال الفترة الممتدة بين عامي 1949- 1954، تعرض المجتمع الدرزي لهجوم شديد من قبله، معتقداً أن الدروز هم “الأكثر خطورة” بين خصومه، وكان مصمماً على القضاء عليهم، إذ صرح مراراً وتكراراً “أعدائي مثل الثعبان: الرأس هو جبل الدروز والمعدة هي حمص والذيل هي حلب، وإذا سحقت الرأس فستموت الثعبان”.

وفي إطار ذلك، أرسل أديب الشيشكلي 10 آلاف جندي لاحتلال جبل الدروز، وقصف عدة مدن بالأسلحة الثقيلة، مما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين وتدمير العديد من المنازل، وشنَّ حملة وحشية لتشويه سمعة الدروز بسبب دينهم وسياستهم، متهماً المجتمع الدرزي بأسره بالخيانة، وفي بعض الأحيان زعم أنهم عملاء للبريطانيين والهاشميين، وأن آخرين كانوا يقاتلون من أجل إسرائيل ضد العرب، ونشر الشيشكلي “النصوص الدرزية الدينية المزيفة” وشهادات كاذبة تنسب إلى كبار شيوخ الدروز بهدف إثارة الكراهية الطائفية، وعلى إثر كل هذا الاضطهاد بحق الدروز اغتيل أديب الشيشكلي في البرازيل في 27 أيلول/ سبتمبر عام 1964 على يد درزي سعياً للانتقام.

وبعد استلام حزب البعث زمام الأمور في سوريا، ظلت سياسات الاضطهاد والتهميش مستمرة بحق الدروز، ففي عام 2000 نشب صدام حاد بين دروز السويداء وبدوها، إثر قيام بعض العناصر من البدو المرتبطين بأجهزة الأمن التابعة لحكومة دمشق بخرق الأعراف الاجتماعية في المنطقة، ولكن في الحقيقة لم يكن صراعاً مع البدو كما صورها وصدرها “إعلام حكومة دمشق”، ولم يكن البدو طرفاً أساسياً به، فجميع من قضوا في أحداثها والذين بلغ عددهم 25 قتيلاً، كانوا قد قتلوا برصاص قوات حكومة دمشق، مما أدى إلى انفجار الاحتجاجات في ساحات المدينة، سارعت الحكومة إلى لجمها من خلال زرع الفتنة والتدخل العنيف ضد أبناءها.

السويداء والأزمة السورية

واستمر هذا السيناريو بتكرار نفسه بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011، إذ كانت السويداء من بين أولى المحافظات السورية التي شاركت في التظاهرات التي اندلعت في البلاد، إلا أن سرعان ما تدخلت الحكومة للجم تلك التظاهرات، واعتقلت على إثرها الكثير من أبنائها.

وتدريجياً اختفى الحراك الشعبي في السويداء، واختار الدروز موقف الحياد من الأزمة تحت شعار “حماية الأرض والعرض”، إذ تمكنوا من تشكيل أحزاب سياسية وفصائل عسكرية محلية لإدارة شؤونهم بنفسهم.

وتشكلت عدة قوى سياسية وعسكرية أبرزها حركة “رجال الكرامة”، التي تأسست على يد الشيخ وحيد البلعوس لمنع أجهزة دمشق الأمنية من اعتقال الشبان الرافضين تأدية الخدمة الإلزامية في قواتها. ولكن هذه الحركة تلقت صدمة كبرى حين اغتيل قائدها ومؤسسها منتصف عام 2015، في تفجير دامٍ.

وتنقسم الفصائل العسكرية المحلية في محافظة السويداء إلى قسمين:

القسم الأول فصائل لها موقف سياسي حيادي من الأزمة السورية، وتنصب جهودها على حماية السكان المحليين من حملات اعتقال مخابرات حكومة دمشق، وتدافع عن السكان في وجه الهجمات الإرهابية وخاصة داعش، وضبط الأمن الداخلي.

أما القسم الثاني فمرتبط بشكل كامل بحكومة دمشق وأجهزتها الأمنية، ويعمل بالتنسيق معها ووفق رؤيتها.

الفصائل العسكرية الحيادية:

• حركة رجال الكرامة: هي من أكبر الفصائل المحلية في السويداء حيث تنتشر بغالبية مناطقها، تأسست عام 2012 على يد “وحيد فهد البلعوس”، ومرجعيتها الدينية الشيخ “راكان الأطرش” والشيخ “يحيى الحجار”. ومن أبرز الأسباب التي دفعت المرجعيات الدينية والمشايخ القائمين عليها لتأسيسها هو انحراف المرجعية الدينية من وجهة نظرهم عن مسار الحياد، وتماهيهم مع حكومة دمشق في العديد من المواقف، فكان لا بد من حركة تنسق بين المشايخ الشبان، من أجل الابتعاد بالشباب الدرزي عن الصراع في سوريا، حيث رفع مؤسسها “وحيد البلعوس” شعار “دم السوري على السوري حرام”.

وتدخلت الحركة مرات عدة وضغطت على قوات حكومة دمشق من أجل الإفراج عن معتقلين دروز، وتحظى الحركة بدعم الحزب “التقدمي الاشتراكي” اللبناني الذي يتزعمه “وليد جنبلاط”، حيث تشير بعض التقارير إلى تلقيها دعماً من الحزب.

وقتل مؤسسها “وحيد البلعوس” في شهر أيلول / سبتمبر عام 2015، برفقة العشرات من مقاتلي الحركة بعد انفجار استهدف موكبه في محافظة السويداء، لتتوجه أصابع الاتهام إلى استخبارات حكومة دمشق، باعتبار أن “البلعوس” كانت له مواقف حادة قبيل مقتله متعلقة بالتحاق شباب محافظة السويداء بالخدمة الإلزامية، وجاء مقتله بعد أسابيع من قوله لجملته المشهورة قبل أسابيع من مقتله: “كرامتنا أغلى من بشار الأسد”.

• قوات الفهد: أسسه “سليم الحميد” وينتشر في قرى: قنوات وعتيل ومفعلة، وضم الفصيل في صفوفه الكثير من المقاتلين المنشقين عن حركة “رجال الكرامة” بعد مقتل مؤسسها “وحيد البلعوس”، بالإضافة إلى مفصولين عن الحركة بسبب مخالفتهم لمنهجها.

• قوات “شيخ الكرامة”: أسسها أبناء الشيخ “وحيد البلعوس” ويدعيان “فهد” و”ليث”، بعد مقتل والدهما، وتولي “يحيى الحجار” قيادة حركة “رجال الكرامة”، حيث عارضه أبناء “البلعوس” باقتصار أهدافه على حماية الممتنعين عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية، دون ملاحقة قطاعي الطرق وتجار المخدرات.

وتعتبر مدينة “صلخد” المعقل الأبرز لـ “قوات شيخ الكرامة”، التي رفعت شعار الثأر للشيخ “وحيد البلعوس” من قتلته، وكذلك فإن قرية “عرمان” أصبحت من معاقل هذا التشكيل بعد التحاق مجموعة “عرمان مفتاح الحرايب” بقوات شيخ الكرامة شهر آذار / مارس عام 2019.

وتتصف العلاقة بين قوات “شيخ الكرامة” وروسيا بأنها متوترة، حيث أكد وفد عسكري روسي لوجهاء السويداء خلال اجتماعه معهم في شهر حزيران / يونيو 2018 أن المناطق الخاضعة لـ “قوات شيخ الكرامة” تقع تحت سيطرة تنظيم “إرهابي” لترد القوات بإصدار بيان في ذات الشهر، اعتبرت فيه روسيا “قوة احتلال”.

• كتائب المقداد: تنشط في قريتي “المزرعة” و “عرمان” بمحافظة السويداء، ويقودها زعيم محلي يدعى “ثائر فياض”، وأبرز ما قامت به منذ تشكيلها المشاركة في مواجهة مرتزقة داعش عند اقتحامه قرى شرق المحافظة.

أما بالنسبة للقوى السياسية، فكان أبرزها حزب اللواء السوري، الذي شكلته مجموعة من المعارضين السياسيين في السويداء في مسعى لاستعادة الدور الحقيقي للدروز المبعدين بشكل مقصود عن المشهد السياسي في سوريا منذ عقود، وتشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة لضمان انتقال سلمي ودوري للسلطة، وإقامة دولة ديموقراطية تحت ظل الدستور.

سياسات حكومة دمشق وفصائلها في السويداء

لم تستطع حكومة دمشق أن تنسب المجتمع الدرزي إلى الجماعات الإسلاميّة المعارضة له، كونه من طائفة غير سنية، لكنها عمدت إلى تفتيت المجتمع من الداخل، فساهمت في انتشار السلاح العشوائي بين أفراد مجتمع السويداء، إلى جانب تشكيل العديد من الفصائل المسلّحة ومنها فصائل دينية، لا تجند في صفوفها إلا الشباب المتدينين، وتدّعي أنها حامية للمحافظة، وبالتعاون مع الأمن العسكري المركزي وفرعه في المنطقة، نشطت تلك الفصائل ضد الأهالي، فتقتل وتخطف وتسرق كل من يشير إليه فرع الأمن العسكري، كما جندت في صفوفها المطلوبين للخدمة العسكرية مستغلة الوضع الاقتصادي المتدهور.

ومن هذه الفصائل المرتبطة بحكومة دمشق:

• فصيل “حكمت الهاجري”: حكمت الهاجري هو أحد المرجعيات الدينية الثلاث في السويداء، لكنه انحاز إلى صف حكومة دمشق.

• قوات “الدفاع الوطني”: يعتبر “رشيد سلوم” أحد تجار محافظة السويداء صاحب المجهود الأكبر بتأسيس “الدفاع الوطني” في المحافظة، بالتنسيق مع رئيس فرع الأمن العسكري السابق التابع لحكومة دمشق العميد “وفيق ناصر”، حيث تجمع الشخصيتان علاقات اقتصادية واسعة، وقد توالى على قيادته لاحقاً كل من العميد “حكمت جعفر” و”عماد صقر”.

ينشط “الدفاع الوطني” في مركز محافظة السويداء بشكل أساسي، وتقوم فكرته على تطويع الشباب في صفوفه كبديل عن الخدمة الإلزامية، بشرط عدم خروجهم إلى محافظات أخرى، إلا أن هذه التركيبة جعلت من صدامه مع الفصائل المحلية أمراً صعباً.

• نسور الزوبعة: يُعدّ الجناح العسكري للحزب “السوري القومي الاجتماعي”، وبالتالي فإن هذا التشكيل العسكري ينتشر في جميع المحافظات السورية التي تسيطر عليها حكومة دمشق.

• كتائب البعث: وهي تشكيل عسكري أشرف فرع حزب البعث في محافظة السويداء على تأسيسه، وتطويع الشبان الموالين للحزب في صفوفه.

وبسبب الموقف الحيادي الذي اتخذه الدروز من الأزمة السورية، تعرضت السويداء في 25 تموز/ يوليو عام 2018، لسلسلة هجمات شنها مرتزقة داعش، ما أسفر عن مقتل 258 شخصاً على الأقل، ووجهت آنذاك إلى حكومة دمشق انتقادات واتهامات على أنها متآمرة مع داعش لضرب الدروز، بسبب مواقفهم خاصة في ظل إحصائيات غير رسمية تشير إلى أن ما بين 30 إلى 50 ألفاً من أبناء السويداء، ممّن هم في سن الخدمة العسكرية والمطلوبين للاحتياط، يرفضون الانخراط في صفوف قوات حكومة دمشق، وهو أمر دفع بعض الدروز إلى استنتاج أن الحكومة سمحت ضمنيّاً بهجوم داعش، وأن ذلك يأتي جزءاً من خطة بديلة من جانب حكومة دمشق والروس، لإرغام أبناء المحافظة على الانخراط في صفوف قوات حكومة دمشق.

إحياء الاحتجاجات مجدداً

وإثر تعمد حكومة دمشق في خلق حالة من الفوضى والفلتان الأمني في السويداء عبر فصائلها التي مارست القتل والخطف والسرقة وتهريب وتجارة المخدرات، وسياساتها المهمشة للدروز والواقع المعيشي المتردي الذي يعانوا منه، اندلعت احتجاجات مطلع عام 2020، حملت عنوان: “بدنا نعيش لا فساد ولا تهميش”، اشتدت ذروتها عام 2022 لتطور مطالب المحتجين من التنديد بالواقع المعيشي إلى الهتاف بـ “إسقاط النظام السوري” والمطالبة بتطبيق القرار الأممي 2254 المنصوص على الانتقال السياسي في سوريا والإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصيرهم.

وسعت حكومة دمشق بشتى الأساليب إلى لجم الاحتجاجات التي شهدتها المحافظة وتحريف مسارها، سواء من خلال إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إليها، وترهيبهم بعودة “داعش” إلى المنطقة، أو من خلال اتهام المحتجين بالعمالة للخارج وعلى وجه التحديد لإسرائيل، أو عبر فصائلها التي أرست الفوضى والفلتان الأمني في المحافظة.

ولا تزال أسباب هذه الاحتجاجات التي توقفت بشكل نسبي قائمة ودون حلول، أبرزها ذهنية حكومة دمشق القائمة على فرض الهيمنة والمركزية واستخدام كل الوسائل للضغط على كافة من يعارضها سياسياً.

الحل الأمثل بتطبيق إدارة ذاتية

العديد من القوى والشخصيات السياسية من أبناء السويداء دعت لتطبيق نموذج الإدارة الذاتية الذي تم تطبيقه في شمال وشرق سوريا في منطقتهم، كما انتقدوا دور الدولة القومية في وصول سوريا لهذه الأزمة.

واختار أهالي شمال وشرق سوريا والسويداء طريقاً ثالثاً من الصراع الدائر في سوريا، إذ لم يدعموا دمشق ولم يصطفوا مع المجموعات المرتزقة.

ونجح شعب شمال وشرق سوريا في تشكيل إدارة ذاتية ديمقراطية، طبقت نظرية أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية، وأدى نجاح هذه التجربة إلى ارتفاع الآمال لدى أهالي السويداء بتطبيق التجربة لديهم أيضاً، على الرغم من أنه لم يعلن عنها بشكل رسمي إلا أنهم يرون فيها الحل للخلاص من الأزمة السورية.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى