أخبار

الحلم العثماني ومخططاته الاستعمارية تعود من جديد فما الهدف من ورائها؟

مصالح واستراتيجيات جديدة تنتهجها قوى الصراع في سوريا لتحقيق مآربها الاستعمارية وتوسيع رقعة الأراضي المحتلة لا سيما في مقاطعة الشهباء ومناطق في شمال وشرق سوريا، للنيل من مكتسبات شعوب المنطقة التي حققتها طيلة عمر الأزمة السورية.

يسعى الاحتلال التركي مراراً وتكراراً إلى جرّ المنطقة إلى حرب جديدة، من خلال الاستفزاز والتهديد بين الحين والآخر وذلك عبر نشر ادعاءات كاذبة، وبحجة حماية أمنه القومي يهدف إلى قتل وتشريد مئات الآلاف من المدنيين في مناطق شمال وشرق سوريا.

منذ مطلع تشرين الأول الفائت يهدد المسؤولون الأتراك بما فيهم أردوغان مناطق شمال وشرق سوريا، وبالأخص ناحية تل رفعت في مقاطعة الشهباء ومدينة منبج وكوباني.

يهدف الاحتلال التركي من خلال تهديداته إلى زعزعة أمن المنطقة والنيل من مكتسبات ثورة روج آفا والقضاء على مشروع الأمة الديمقراطية التي تحتضن جميع المكونات، وذلك بعد أن ساد الأمن والاستقرار النسبي جميع مناطق شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى عرقلة الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية.

ومن جهة أخرى، تعد مقاطعة الشهباء منطقة استراتيجية بالنسبة لقوى الصراع في سوريا، وعقد صفقات من قبل الأخيرة لتقديم تنازلات في مناطق ومدن أخرى بعد الضغط على بعضها.

تحاول القوات الروسية الموجودة في المنطقة، من خلال فتح باب الاستفزازات لتركيا والاستهداف المباشر عبر الطائرات المسيّرة التابعة للاحتلال التركي للمدنيين، الضغط على الإدارة الذاتية لتقديم تنازلات لحكومة دمشق وهذا ما حاولت القيام به سابقاً في عين عيسى شمال وشرق سوريا.

كما تسعى روسيا إلى عقد تفاهمات مع تركيا بخصوص تل رفعت ومثلث جسر الشغور لإبعاد المجموعات المرتزقة عن الطريق الدولي (M4) والذي يعد الطريق التجاري الذي يربط المدن السورية ببعضها، كما تحاول روسيا إبعاد الخطر عن أكبر القواعد العسكرية الروسية في مطار حميميم بسوريا.

لماذا تل رفعت؟

أما بالنسبة لناحية تل رفعت التابعة لمقاطعة الشهباء، فتعد منطقة استراتيجية حسب موقعها الجغرافي، كنقطة تمركز قوى الصراع في سوريا، ووقوعها على خطوط التّماس مع جيش الاحتلال التركي ومرتزقته، على بعد 18 كم من الحدود السورية التركية في ريف حلب الشمالي، وتبعد نحو 3 كم عن الطريق الدولي (M5) المعروف بطريق الحرير الذي يربط مدينة ديلوك (غازي عنتاب) التركية بمدينة حلب السورية، بالإضافة إلى محاذاتها لمطار منّغ العسكري على الطريق الدولي.

تمتاز ناحية تل رفعت بمحطة قطارات أنشئت عام 1909 وهي خط سكة حديد دولية كانت تربط برحلات يومية بين تركيا وسوريا والمدن السورية.

تحاول تركيا من خلال احتلالها لمدينة تل رفعت تنفيذ مخططها الاستعماري على المدى البعيد وتأمين العمق الاستراتيجي في دخول الأراضي السورية أكثر.

ناحية تل رفعت تبعد نحو 29 كم عن مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا، كما أنها تعد بوابة مدينة حلب هذا بالنسبة للاحتلال التركي في الريف الشمالي لمدينة حلب، وما أكده المسؤولون الأتراك في أكثر من مناسبة أنهم يريدون الوصول إلى حلب وحتى الموصل.

فيما وصف أهالي حلب أردوغان “بلصّ حلب” أكثر من مرة، بعد سرقته للمدينة الصناعية في الشيخ نجار، والتي تعد أهم منطقة صناعية في الشرق الأوسط.

ومن جهة أخرى، تحاول تركيا إبعاد مهجّري عفرين عن مدينتهم عفرين وقطع أوصال أمل العودة إليها من جديد، فضلاً عن اللعب على وتر بقاء مرتزقتها إلى جانبها أطول مدة زمنية.

كيف تتعامل القوات على الأرض أمام التهديدات التركية؟

وتدرك حكومة دمشق جيداً حساسية ناحية تل رفعت وموقعها الاستراتيجي في ريف حلب الشمالي، كونها قريبة من مدينة حلب، واقتراب الاحتلال التركي ومرتزقته من المدينة يمثل أمراً خطيراً بالنسبة لحكومة دمشق بعد أن حاولت على مدار 6 سنوات إبعادهم عن المدن الكبرى والهامة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد حشدت حكومة دمشق قواتها في الخطوط الأمامية لناحية تل رفعت أمام الاحتلال التركي وأرسلت تعزيزات عسكرية من آليات ومعدات.

من جانبها، تحاول إيران تعزيز وجودها في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين تحاذيان ناحية تل رفعت، ويعد بمثابة الوجود العسكري الإيراني في ريف حلب الشمالي، فحشدت قواتها كما حكومة دمشق في ناحية تل رفعت والخطوط الأمامية الدفاعية، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتسعى إيران إلى منع تكرار سيناريو بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين الواقعتين في ريف مدينة إدلب، بعد أن دخلتهما المجموعات المرتزقة باتفاق بين إيران وتركيا، خلال محاصرتهما طيلة سنوات عدة من قبل مرتزقة تركيا.

وفي الـ 13 من شهر نيسان الماضي بدأت القوات الروسية المتواجدة في مقاطعة الشهباء، بإخلاء 3 مواقع لها في ناحية تل رفعت، إضافة لمطار منغ العسكري وقاعدتها في قرية كشتعار بناحية شيراوا.

فيما سارعت على إثرها القوات الإيرانية إلى حشد قواتها عوضاً عن القوات الروسية التي أخلت مواقعها في تلك المناطق، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتزامن إخلاء روسيا لمواقعها مع إلقاء مناشير ورقية عبر طائرات مسيرة تركية على ناحية تل رفعت تهدد من خلالها الأهالي بترك منازلهم أو هدمها فوق رؤوسهم، لتعود القوات الروسية مجدداً إلى نقاطها التي أخلتها خلال 24 ساعة، لتفشل في خطتها الخبيثة وهي الضغط على الإدارة الذاتية.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى