أخبار

الجد يوسف كلو.. صانع السلام بين مكونات شمال وشرق سوريا

عُرف الجد والشخصية الوطنية (يوسف كلو)، بأنه صانع السلام والمحبة والتآلف والتقارب بين شعوب شمال وشرق سوريا، أفنى حياته في خدمة قضية الشعب الكردي وشعوب المنطقة.

الجد يوسف كلو، من مواليد قرية جعلي التابعة لمدينة نصيبين شمال كردستان 1940، انتقل إلى روج آفا مع والديه بعدما كانوا ملاحقين من قبل السلطات التركية، فعاش في كنف أسرة وطنية ثورية يشهد لها التاريخ.

مع انتقال العائلة إلى روج آفا، عمل يوسف كلو إلى جانب والديه وإخوته في الزراعة؛ ليعيلوا أنفسهم، وترك الدراسةَ في الصف الثاني، لكن تعلقه بالعلمِ دفعه إلى التتلمذ على يد الملا شيخموس عبد الله، وخلال فترة زمنية قصيرة ختم القرآن، وتابع دراسة علوم الدين.

تعرّف في تلكَ الفترة على الحراك الشيوعي في المنطقة، وعلى المثقف والشاعر الكردي سيداي جكرخوين، الذي كان أيضاً من رواد الحراك الشيوعي، وشارك في عدة نشاطات للحزب كالمسيرات وبعض الاجتماعات.

انتقل بعدها الشهيد يوسف مع عائلته إلى مدينة قامشلو، وسكن حي الهلالية الذي كان يضم آنذاك حوالي 100 منزل، وتعرف خلال تلك الفترة على بعض الشخصيات الوطنية أمثال: محمود نيو، أحد مؤسسي الحزب الديمقراطي، وسيداي كلش، حيث انضم إلى صفوف الحزب الديمقراطي االكردستاني.

وفي غضون سنة من انضمامه إلى صفوف الحزب الديمقراطي، أصبح مسؤولاً عن اللجنة الفرعية للحزب في قامشلو، ورغب بالالتحاق بثورة البارزاني في باشور (جنوب كردستان) في بداية الستينات، لكنه لم يستطع بسبب الأعمال الحزبية.

أفنى الجد يوسف كلو حياته في خدمة القضية الكردية، ولم يبخل يوماً كـ ثوري في دعم ثورات الشعب الكردي، انطلاقاً من ثورة قاسملو، وقاضي محمد، وملا مصطفى البارزاني، وصولاً إلى ثورة حركة حرية كردستان بقيادة القائد عبد الله أوجلان، الذي التقى به مرات عديدة ، وقطع عهداً للقائد أوجلان، بالاستمرار في خدمة قضية الشعب الكردي.

يقول شقيق الشخصية الوطنية يوسف كلو، أحمد :دعمنا وساندنا ثورة الملا مصطفى البارزاني، ويوسف كلو كان من أبرز الشخصيات في روج آفا التي سخرت كافة إمكاناتها لتلك الثورة، وتابع: “استمر في هذا النشاط إلى عام 1975، إلى حين فشل ثورة البارزاني بعد اتفاقات حصلت بين الدول لإخماد شعلة ثورتهم”.

وبعد إخماد الثورة، نزح قسم من شعب باشور (جنوب كردستان) إلى روج آفا، يلفت أحمد كلو إلى أن شقيقه الشهيد يوسف كلو قام بمشاركة منزله مع الكرد النازحين سراً من الملاحقات الأمنية، وأمّن لهم المأكل والمشرب والسكن.

يقول أحمد كلو إن يوسف  كلو لم يتردد في تقديم الدعم والمساعدة لحزب العمال الكردستاني بقيادة القائد عبد الله أوجلان، مع بدء انتفاضة الشعب الكردي في باكور (شمال كردستان).

ويتابع أحمد كلو “لقد زار يوسف كلو القائد عبد الله أوجلان لأول مرة عام 1986 في مدينة دمشق، فأثّر القائد بشكل مباشر على مسيرته في الكفاح والنضال، ليبدأ بالنضال على أساس الأفكار التي طرحها القائد”.

وبعدما عقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره في منطقة البقاع اللبنانية بأكاديمية معصوم قورقماز، واتخذ قرار العودة إلى الوطن وخوض النضال ضد جيش الاحتلال التركي، عام 1982، والبدء بالكفاح المسلح في 15 آب 1984، انضم ابن الشهيد يوسف، نور الدين إلى صفوف حركة حرية كردستان عام 1988.

يقول أحمد كلو إن نور الدين كان متزوجاً ولديه 4 أولاد، وقرر الانخراط في الكفاح وقتال العدو، وقتها وعد الشهيد يوسف كلو ابنه بتربية أطفاله، وتابع: “اذهبْ وارفعْ رأسي، أنا كنت أود أن أصبح مقاتلاً في سبيل حرية شعبي لكن لم تسنح لي الفرصة”.

وينوّه أحمد كلو “بعد نضال 3 سنوات، استشهد نور الدين في جبال كردستان، وبعد إعلان استشهاده، التحق الكثير من أبناء العائلة بصفوف حركة حرية كردستان”.

هذا، ويعتبر الشهيد يوسف كلو من أبرز المؤسسين لقاعدة وبنية حزب الاتحاد الديمقراطي في 20/ 9 2003 في روج آفا، وتعرضت عائلة كلو، على إثرها، للكثير من المضايقات من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق.

واستذكر أحمد كلو حين داهمت عناصر حكومة دمشق منزلهم، وقال: “كنا في انتظار عيد الفطر، حاصروا منزلنا من كل الجهات، وقالوا لقد حولتم منزلكم إلى ملاذ آمن لكوادر حزب العمال الكردستاني؛ أرادوا اعتقال أبنائنا، هاجموا المنزل بـ4 سيارات مدججة بالعتاد والعناصر والسلاح، أصيب ريزان كلو آنذاك وأرادوا اعتقاله”.

وتابع أحمد “كبلوا يدي ريزان بالأصفاد، فانتفض الشعب وقام بتحريره من قبضة قوات حكومة دمشق، واعتُقلت أنا والشهيد يوسف كلو، بالإضافة إلى 33 شخصاً من العائلة، سلمونا إلى المحكمة العسكرية بحلب، واعتقلونا لشهور ثم أفرجوا عنا”.

مع انطلاق ثورة روج آفا، كان الجد يوسف كلو من أوائل الداعمين لها، وأول المؤسسين للجنة الصلح، وأدى دوراً مهماً في تقارب الكرد والعرب والسريان، كذلك كان يقوم بحل المشاكل العالقة بينهم.

ويبيّن أحمد كلو قائلاً: “كان الشهيد يوسف كلو يحل القضايا بين الشعب بطريقة سلسة، من يأتي إلى بابه ولديه مشكلة لا يرده خائباً، يذهب معه ولا يعود إلا بعد حلها، فكسب ثقة ومحبة الناس، كان يساعد الفقير والضعيف والمظلوم ويقف إلى جانبهم في حل مشاكلهم، سواء كانوا من الكرد أو العرب أو السريان، قليلاً ما كنا نراه في المنزل. كان خدوماً لمجتمعه ويهدف إلى التآلف بين القلوب”.

وعن صفاته وشخصيته يقول أحمد كلو “إن الشهيد يوسف كلو كان إنساناً كردستانياً، لم تكن آراؤه السياسية حزبية وضيقة، دعم جميع الانتفاضات التي قام بها الشعب الكردي في تسعينيات القرن الماضي، ووقف إلى جانبها ودعمها بالدماء.

ونوّه أحمد كلو إلى أن يوسف كلو قال له قبل استشهاده بأيام: “استعد، الوضع يتأزم أكثر، والعدو يحاول أن يخرق صفوفنا لنتقاتل بين بعضنا، يجب أن نذهب ونناقش أحزاب المجلس الوطني الكردي لتعود إلى صف القضية الكردية وليس في صف الأعداء؛ تلبية لبعض المصالح الحزبية الضيقة”.

وعاهد أحمد كلو على الاستمرار في العهد الذي قطعه يوسف كلو للقائد عبد الله أوجلان، ولشعوب شمال وشرق سوريا وشهدائها، كذلك الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة من كردستان.

وكانت دولة الاحتلال التركي قد ارتكبت مجزرة بحق عائلة كلو الوطنية عبر هجوم بطائرة مسيّرة، الثلاثاء المنصرم في حي الهلالية بمدينة قامشلو، أدى إلى استشهاد الشخصية الوطنية يوسف كلو وحفيديه مظلوم ومحمد.

المصدر: ANHA.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى