مقالات

محسن عوض الله- أردوغان وسوريا .. جرائم الحاضر والمستقبل

فى 2014 مع بداية اهتمامي بالأزمة السورية ربطتني علاقات عمل وصداقة مع العديد من قيادات المعارضة السورية، وأجريت الكثير من الحوارات الصحفية  مع ممثليهم بالقاهرة، وكان يتم دعوتي لمقابلة القيادات المركزية عند قدومهم لمصر. كانت جرائم نظام الأسد بحق المدنيين العزل، وتحركات قوى الإئتلاف على الصعيد الدبلوماسي، ومعارك الجيش الحر ضد قوات النظام تسيطر على حوارتنا المباشرة أو عبر السوشيال ميديا.

لا أنكر أنني كنت انحاز لهم فى كتاباتي باعتبارهم معبرين عن الشعب السوري، ومدافعين عن حقوقه وعدالة قضيته أمام نظام طائفي دموى قاتل تدعمه قوى دولية فاجرة لا تتورع عن قتل وتدمير سوريا وتشريد شعبها لتحقيق مصالحها. كان سقوط مدينة حلب بيد النظام بعد أن سيطرت عليها المعارضة لسنوات نقطة فاصلة فى علاقتي بالمعارضة السورية، لم أتفهم معنى أن تتخلى الفصائل والميليشيات العسكرية المعارضة عن المدينة وتسلمها بتعليمات تركية طواعية للنظام وحلفائه الروس والإيرانيين ليرتكبوا فيها أبشع الجرائم فيما عرف وقتها بيوم القيامة فى حلب.

كان سقوط حلب بداية للكشف عن الوجه الحقيقي لأردوغان الذى طالما تخفى وراء تصريحاته المؤيدة للشعب السوري، وهجومه المستمر على بشار الأسد ووصفه بالقاتل والمجرم وما إلي غير ذلك من أوصاف. صفقة حلب التى كانت بداية التعاون الروسي التركي حيث فتحت شهية الطرفين على مزيد من التعاون على حساب الدم السوري، وتعددت الصفقات والمقايضات بين بوتين وأردوغان لننتقل من صفقة حلب الباب إلى الغوطة عفرين ثم إدلب وشرق الفرات دون موقف واضح من المعارضة السورية وفصائلها العسكرية.

جاءت حرب عفرين لتفضح ما تبقي من نوايا تلك الميليشيات المسماة زورا بالجيش الحر وفصائله العسكرية والتى دفعتها تبعيتها للمخابرات التركية للتحول من معارضة النظام والوقوف فى وجه ميليشياته إلى مرتزقة بيد أردوغان يصفي بها حساباته مع اخوانهم الكرد بشمال سوريا، حيث تركت تلك الميليشيات الغوطة التى كان النظام يقصفها بالقنابل لتشارك فى احتلال الجيش التركي لمدينة عفرين الكردية !

مارست ميليشيات أردوغان نفس ممارسات النظام بحق المدن السورية، فالتعفيش الذى اشتهر به جيش النظام نفذته فصائل الجيش الحر ومرتزقة أردوغان بحق عفرين، وشاهدنا جنود أردوغان وميليشياته وهم يسرقون الدجاج من بيوت العفرينين ويسطون على محلاتهم وبيوتهم. جريمة أردوغان الكبري ليست أنه احتل عفرين أو مناطق درع الفرات وحاول دخول شرقها، فالإحتلال مهما طال سيزول، وليست الجريمة فى سياسة التغيير الديموغرافي والتهجير بعفرين وغيرها من مدن شمال سوريا فقريبا يعود كل مُهجر لبيته.

جريمة أردوغان الكبري أنه جعل من الشعب السوري صاحب التاريخ والحضارة مجرد مرتزقة وميليشيات تتاجر بدمائها، وتعرض نفسها لمن يدفع، لا تمانع من توجيه السلاح فى وجه أبناء وطنها مقابل بضعة دولارات. جريمة أردوغان الكبري أنه قتل النخوة فى نفوس بعض السوريين فأصبحوا كالمرتزقة الجاهزون للقتال في أي مكان سواء بسوريا أو بليبيا، فبحسب ما كشف عنه المرصد السوري لحقوق الإنسان فهناك مكاتب داخل مناطق درع الفرات لتسجيل المقاتلين الراغبين فى الإنضمام للقتال بليبيا تحت الراية التركية لدعم حكومة السراج.

جريمة أردوغان الكبري أنه لم يكتفي بتدمير سوريا واحتلال أرضها بل سعي جاهدا لتدمير مستقبلها، وتخريب العلاقة بين مكونات شعبها، وبث الكراهية والخلاف بين أبناءها بصورة تجعل العربي يكره الكردي، والسني يستهدف العلوي، والمسلم ينبذ الأيزيدي، لتصبح سوريا فى النهاية مجتمعا مفككا مدمرا من الداخل، ما يسهل على تركيا استكمال مشروعها حتى لو اضطرت للخروج من المناطق التى تحتلها.

ويبقي الحل فى أن يدرك السوريين أن أردوغان هو العدو الحقيقي لسوريا وشعبها، وأن جرائمه بحق السوريين ربما تفوق جرائم النظام والروس والإيرانيين مجتمعين… فمتى نفيق؟

المصدر: آدار برس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى