قوات سوريا الديمقراطية درع سوريا الحامي والرادع للاحتلال
بعد 7 أعوام على تأسيسها، أثبتت قوات سوريا الديمقراطية كفاءتها ببسالتها، أكدت أنها أكثر القوى تأثيراً وتنظيماً في سوريا وركيزة أساسية ونواة لتشكيل الجيش الوطني السوري ولديها القدرة على ردع المرتزقة وجيش الاحتلال التركي معاً، وفق منظور حرب الشعب الثورية.
لجأت الأنظمة القومية والاستعمارية في الشرق الأوسط إلى اتباع سياسات الإنكار وإقصاء الشعوب لفرض بقائها في قمة الهرم، وتعميق قضايا الشعوب الاجتماعية والثقافية من خلال استخدام القوة المفرطة.
أمام النماذج التي قامت الرأسمالية العالمية بتطويرها في الشرق الأوسط، تركيا مثالاً؛ لاستخدامها التطرف الديني والقومي أساس طائفي في الحروب التي تخوضها، كان لا بد من تفعيل مبدأ الدفاع الذاتي للتعامل مع هذه المخاطر المحدقة القادمة كبركان هائج يتسبب بحرق وغرق الجميع.
كانت انتفاضة قامشلو ضد حكومة دمشق القمعية عام 2004، قد هيّأت الأرضية لبناء قوة دفاعية، لحماية المجتمع، ومع انطلاق شرارة ثورة 19 تموز، أعلن عن تأسيس أول كتيبة لوحدات الحماية الشعبية (YXK) في 14 أيلول 2012 في مدينة كوباني.
كان يوم الـ 19 من تموز 2012 يوم الانطلاقة والإعلان عن الوجه الحقيقي للثورة في سوريا، وأعلن في اليوم ذاته عن تأسيس وحدات حماية الشعب (YPG)، ومن ثم وحدات حماية المرأة (YPJ) في 4 نيسان من عام 2013.
ألحقت وحدات حماية الشعب والمرأة هزائم متتالية بالمجموعات المرتزقة المتطرفة دينياً والتي هاجمت روج آفا وحاربت بالوكالة نيابة عن دولة الاحتلال التركي، إلا أن الوحدات التي تأسست حديثاً كانت لهم بالمرصاد وأردتهم على أعقابهم.
بعد فشل مخططات هذه المجموعات في احتلال المنطقة، أعلن عن تأسيس ما تسمى “الخلافة الإسلامية في العراق والشام (داعش)” أواخر حزيران/ يونيو 2014، ومبايعة أبو بكر البغدادي، بنية إقامة خلافة عالمية.
في الوقت الذي كانت فيه الجيوش تتقهقر أمام مرتزقة داعش في سوريا والعراق، وقفت وحدات حماية الشعب والمرأة في وجههم، إذ واجه المرتزقة مقاومة شرسة في ملحمة كوباني التي تحولت إلى أيقونة للمقاومة في العالم، وبالدماء كتب المقاتلون بداية نهاية مشروع الاستبداد و”الإرهاب” المدعوم تركياً والذي شكل خطراً على العالم بأسره.
أعلن عن أول انتصار ضد مرتزقة داعش في مدينة كوباني في كانون الثاني/ يناير عندما رفعت وحدات حماية الشعب رايتها عالياً فوق تلة (كانيا كردا)، هذا الانتصار أربك حسابات أردوغان الذي كان يقول حينذاك سقطت كوباني، ها هي تسقط.
مع تنامي وتعاظم قوة وحدات حماية الشعب والمرأة وانضمام العديد من الفصائل إليها، تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة لتحرير بقية المناطق السورية المحتلة من قبل داعش باسم (غرفة عمليات بركان الفرات).
وبعد تحقيق الانتصارات العسكرية وتوسع رقعة المساحات المحررة من داعش، كان لا بد من تشكيل قوة دفاعية منتظمة تحت قيادة عسكرية وسياسية واحدة تمثل كافة المكونات.
تأسيس قوات سوريا الديمقراطية
تأسست قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهي قوة عسكرية وطنية سورية، في 15 أيلول 2015، معتمدة على مبدأ الدفاع المشروع للدفاع عن المنطقة وحماية مكتسبات ثورة 19 تموز، وترفض الإملاءات الخارجية، وتقاتل لبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية تضمن وتكفل حقوق جميع المكونات.
حررت قوات سوريا الديمقراطية نحو 30% من إجمالي المساحة السورية والمحتلة من قبل داعش وجبهة النصرة (التي غيّرت اسمها إلى هيئة تحرير الشام)، مقدمة أكثر من 11 ألف شهيد وضعف هذا العدد من الجرحى.
ما يميز قوات سوريا الديمقراطية عن باقي القوى في العالم، أنها تحتضن الكرد والعرب والسريان والشيشان والتركمان والشركس والأرمن، ذلك أنها تتكون من مجموعات عسكرية مختلفة الدين والقومية والمذهب.
قوات سوريا الديمقراطية حالة فريدة في الصراع السوري
تلاحم عدة قوى في جسم واحد (قوات سوريا الديمقراطية) شكّل حالة فريدة في الصراع السوري لجهة الهيكلية الجامعة لكل هذه الاختلافات التي لطالما سعت الأنظمة المتعاقبة لخلق صراع بينها على أساس طائفي. حيث تراعي هذه القوات خصوصيات التنوع الجنسي والاثني والديني، وتحارب الإرهاب وتجابه كل الاعتداءات التي تستهدف الشعب السوري.
لذلك أصبحت قوات سوريا الديمقراطية هدفاً للكثير من الأطراف التي تخشى النموذج الديمقراطي الذي يعتمد على التعددية التاريخية والمجتمعية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
تأييد شعبي
كسبت قوات سوريا الديمقراطية تأييداً شعبياً كبيراً من سكان المنطقة، إذ يكنون لها الاحترام، وتتمتع بسمعة طيبة لا سيما بعد تحريرها لمناطقهم، إذ عملت هذه القوات على حل الكثير من القضايا الاجتماعية العالقة منذ عشرات السنين بين أهالي المنطقة.
المرأة في صفوف قوات سوريا الديمقراطية
للمرأة دور قيادي في صفوف قوات سوريا الديمقراطية وتنظم نفسها تحت مظلة وحدات حماية المرأة (YPJ) التي تعد أحد المكونات الأساسية ضمن صفوف قسد، وتضم خليطاً من المقاتلات الكرديات، والعربيات، والسريانيات، والآشوريات.
حيث أن الثوابت التي أسست عليها قسد تنبذ عقلية التطرف وتؤكد حق المرأة في العيش الحر الكريم والدفاع عن نفسها ضد العقلية الذكورية المناهضة لحرية المرأة.
وقد أثبتت مقاتلات وحدات حماية المرأة جدارتهن في الحرب ضد داعش وقدرتهن الكبيرة على مقارعة المجموعات المرتزقة وغدت نموذجاً يحتذى به في العالم.
نضال قوات سوريا الديمقراطية ضد مرتزقة داعش
أكملت قوات سوريا الديمقراطية حربها ضد قوى الظلام والشر لخلاص الشعوب من الظلم والاستبداد الذي كان قد خيّم عليهم، إذ ألحقت قسد ضربة قوية بمرتزقة داعش في تشرين الثاني من عام 2015، بعد إطلاقها حملة “غضب الخابور” والتي شملت تحرير المناطق الجنوبية من إقليم الجزيرة، في ريف مدينتي الحسكة وقامشلو وتل تمر وصولاً إلى جبل كزوان.
تحرير الهول والشدادي
ثاني إنجاز عسكري قامت به قوات سوريا الديمقراطية ضمن عمليات “غضب الخابور”، هو تحريرها ناحية الشدادي في شباط عام 2016 ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، بعد تحرير الهول في تشرين الثاني من عام 2015، إذ كانت ناحية الهول صلة الوصل بين شنكال والعراق شرقاً والرقة غرباً، بينما كانت ناحية الشدادي تقع ضمن مثلث العراق شرقاً، والرقة غرباً ودير الزور جنوباً، ما يجعلها نقطة انطلاق عسكرية في اتجاهات عديدة، مما قلص معاقل المرتزقة.
تحرير منبج وقطع شرايين مرتزقة داعش
في نفس العام (في عام 2016) حررت قوات سوريا الديمقراطية مدينة منبج، هذه المعركة كان لها منعطف كبير في الحرب ضد الخطر العالمي داعش، وأوقفت الشريان الرئيس المغذي لمرتزقة داعش ودعمهم بالسلاح من خلال حدود دولة الاحتلال التركي، حيث أفضى تحرير منبج والذي تم بالتشاركية بين المكونات السورية، إلى قطع الدعم المباشر الذي كان يتلقاه مرتزقة داعش من تركيا.
نجح السوريون وتحت سقف قوات سوريا الديمقراطية من تخليص وتحرير أبناء منبج من السياسات الإقليمية والدولية الخبيثة التي كانت تلوح في الأفق في 15 آب 2016، وقطع أوصال مرتزقة داعش بمعقلهم الأساسي الرقة التي تواجه اليوم خطر الاحتلال من قبل دولة الاحتلال التركي عبر تطبيق مخططات عجز وكيلها (داعش) عن تطبيقها.
تحرير الطبقة وأول عملية إنزال جوي لقوات سوريا الديمقراطية
لم تتوقف معركة قوات سوريا الديمقراطية في مقارعة “الإرهاب” هنا، ففي الـ 21 من آذار 2017، نفذت قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي أول عملية إنزال جوي في ريف الطبقة كانت هذه العملية بداية طريق فرض الحصار على ما تسمى “عاصمة الخلافة” الرقة، وتحرير الطبقة (حسناء الفرات) التي تضم سد الفرات أكبر سدود سوريا.
وكانت لمدينة الطبقة أهمية لتوسطها بين مدينتي حلب والرقة، كما تعد ملتقى الطرق بين شمال سوريا والعمق السوري حتى العاصمة دمشق، حيث تلقى مرتزقة داعش بتحريرها ضربة موجعة أخرى، وخسر نقطة العبور بين غرب وشرق الفرات وكسر خط الدفاع الأول عن ما تسمى “عاصمة الخلافة” الرقة.
تحرير الرقة معقل مرتزقة داعش
في أواخر 2016 وضمن عمليات غضب الفرات قادت قوات سوريا الديمقراطية أصعب وأكبر معركة خاضتها ضد أخطر معقل وعاصمة مرتزقة داعش المزعومة في سوريا، الرقة التي علق رؤوس السوريين على سياج أسوارها الشاهدة على وحشيتهم وهمجيتهم.
وكانت الرقة معقل مرتزقة داعش لإعداد الخطط وإبرامها لتنفيذ هجمات عنيفة في الشرق الأوسط ودول العالم، لتذهب بعض التقارير وتتحدث أن قوات سوريا الديمقراطية ورغم خبرتها وممارستها في القتال إلا أنها لن تستطيع حسم معركة الرقة، إلا أنها حررت المدينة في 17 تشرين الأول 2017 وطردت مرتزقة داعش منها، وأعلنت تحرير الرقة رسمياً في الـ 20 من تشرين الأول في ذات العام.
الاحتلال التركي يعيق نضال قسد ضد داعش
بالتزامن مع معركة الرقة كانت قوات سوريا الديمقراطية قد أطلقت معركة عاصفة الجزيرة لتحرير شرق الفرات وريف الحسكة الجنوبي، أوقفت قوات سوريا الديمقراطية سير عملياتها 3 مرات لردع هجمات دولة الاحتلال التركي على المنطقة، واستأنفتها حتى أنهت آخر جيب لداعش في بلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي ضمن حملة دحر “الإرهاب” في 23 آذار 2019.
عداء الاحتلال التركي لقسد ودعمه لطفله المدلل داعش
لم تخفِ دولة الاحتلال التركي عداءها لقوات سوريا الديمقراطية منذ تأسيسها، كذلك لم يخفَ على العالم الدعم والمساندة التي قدمتها تركيا لطفلها المدلل داعش وكيلها في الحرب السورية ضد مشروع شعوب المنطقة.
في وقت كان مرتزقة داعش يتقهقرون أمام ضربات قوات سوريا الديمقراطية، جاءت دولة الاحتلال التركي للانتقام لهم، وهاجمت قوات سوريا الديمقراطية في عفرين بغية احتلالها، الهجمات التي كانت بمثابة ضخ الدم في قلب داعش المتوقف، ما دعت قسد إلى إيقاف سير عملياتها ضده.
ماذا بعد انتهاء داعش جغرافياً
بعدما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية نصرها ودقت المسمار الأخير في نعش مرتزقة داعش، حرّكت دولة الاحتلال التركي خلايا داعش والتي انطلقت هذه المرة من المناطق المحتلة تركياً لضرب أمن واستقرار شمال وشرق سوريا من خلال التفجيرات والاغتيالات وارتكاب عمليات القتل.
مقتل أبو بكر البغدادي
بالتعاون الاستخباراتي مع قوات سوريا الديمقراطية، نفذت القوات الأمريكية غارة شمال غرب سوريا على بعد 5 كم عن الحدود التركية، أسفرت عن مقتل زعيم مرتزقة داعش أبو بكر البغدادي في المناطق السورية التي تحتلها تركيا مما يؤكد تورطها في دعم داعش وذلك في 26 تشرين الأول 2019، الأمر الذي أثار غيظ دولة الاحتلال التركي.
محاولات الاحتلال التركي لإثارة الفتن
لم يتوقف الأمر عند دعم مرتزقة داعش بل حاولت دولة الاحتلال التركي زرع الفتن بين الكرد والعرب بمخططات ومشاريع خبيثة؛ لضرب النسيج الاجتماعي في المنطقة إلا أن وعي أهالي المنطقة حال دون ذلك.
مهاجمة سجن الصناعة الذي يأوي أخطر المرتزقة
مع فشل دولة الاحتلال التركي المتكرر عبر وكلائها في اختراق صفوف قوات سوريا الديمقراطية وإعاقة نضالها ضد المرتزقة، انطلقت خلايا داعش من المناطق المحتلة في 20 كانون الثاني الماضي لمهاجمة سجن الصناعة في مدينة الحسكة والذي كان يأوي أخطر المرتزقة، للسيطرة عليها وتهريب المحتجزين فيها بالإضافة إلى محاولات تهريب أسرهم من مخيم الهول لإثارة الفوضى في المنطقة إلا أنها باءت بالفشل بعد استعادة قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على السجن ضمن إطار حملة “مطرقة الشعوب”.
مقتل أبو إبراهيم القرشي متزعم داعش الثاني
مع ظهور كفاءة قوات سوريا الديمقراطية أكثر وقدرتها على إحباط أخطر المخططات، نفذت القوت الأمريكية عملية مشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية، في 3 شباط/فبراير 2022، قتل فيها متزعم مرتزقة داعش أبو إبراهيم القرشي في إدلب السورية وبالقرب من القواعد التركية، ليكون دليلاً آخر على إيواء ودعم دولة الاحتلال التركي لمرتزقة داعش وأن المناطق المحتلة أصبحت الملاذ الآمن لهم.
زرع شبكات العملاء والجواسيس
لم تكتفِ دولة الاحتلال التركي بمحاولات إحياء مرتزقة داعش وتنشيطهم في المنطقة، بل لجأت إلى سياسة تفكيك قوات سوريا الديمقراطية عبر زرع شبكات العملاء والاستخبارات بينها لإعطاء معلومات عن أماكن وجود القياديين البارزين لاستهدافهم بالطائرات المسيّرة.
عملية القسم
على إثرها أطلقت قوات سوريا الديمقراطية عملية “القسم” لملاحقة الجواسيس والعملاء لصالح دولة الاحتلال التركي، وألقت القبض على 36 جاسوساً وعميلاً كانوا يتلقون الأوامر والتعليمات من استخبارات الاحتلال التركي.
الهول.. ولادة داعش الجديدة
خطر مرتزقة داعش لن ينتهي بهذه السهولة طالما أن دولة الاحتلال التركي تحتل مناطق في سوريا. قضت قوات سوريا الديمقراطية على مرتزقة داعش جغرافياً، لكن أفكارهم تتجذر في مخيم الهول التي أصبحت أرضية خصبة مهيأة لولادة جديدة أكثر تطرفاً يهدد العالم من جديد، وما عثور قوات سوريا الديمقراطية على ثاني أكبر مخبأ أسلحة لمرتزقة داعش بعد مخبأ الباغوز عام 2019، وذلك في قرية القيروان بالريف الجنوبي لناحية تل حميس التابعة لمقاطعة قامشلو، في 28 أيلول المنصرم إلا دليل على أن خطرهم لا يزال قائماً.
قوات سوريا الديمقراطية تواجه الإرهاب والاحتلال معاً
في ظل توجه أنظار قوات سوريا الديمقراطية إلى درء خطر خلايا داعش وداعميها على الأراضي السورية، تأتي دولة الاحتلال التركي لتهدد باحتلال المناطق الحدودية وتقصفها؛ لإشغال المقاتلين عن نضالهم.
بالتزامن مع كل ما يجري في المنطقة، تتقارب دولة الاحتلال التركي مع حكومة دمشق التي تدعي حماية الحدود والسيادة ولا تطلق رصاصة واحدة لحماية أراضيها من أي غزو تركي؛ كل ذلك على حساب السوريين، بالمقابل تثبت قوات سوريا الديمقراطية التي تواجه الإرهاب والاحتلال معاً أنها الدرع الحامي لسوريا والسوريين، وتنظم الآن نفسها وفق حرب الشعب الثورية لتحرير المناطق المحتلة التي هي قضية استراتيجية بالنسبة لها.
المصدر: ANHA.