أخبارمقالات

طلال محمد: من أجل تطوير التجربة الديمقراطية

من دون شك، حقّقت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا خلال الأعوام الفائتة مكتسبات وانجازات عديدة، رغم الكثير من العوائق والصعوبات، إلا أن التطورات السياسية والميدانية المتسارعة، تتطلب المزيد من اليقظة والعمل الدؤوب، ولعل أبرز ما تستدعيه المرحلة هو  تقوية الجانب الدبلوماسي، بما يواكب التطورات السياسية التي تشهدها سوريا عموماً والسياسات الدولية المتغيرة حيال هذا البلد.

إن إحدى أهم النقاط الواجب مراعاتها في هذا الصدد هي مشاركة الأحزاب والقوى السياسية المتحالفة في شمال وشرق سوريا، للقيام بدورها ومسؤولياتها التاريخية، انطلاقاً من التجربة الديمقراطيّة المتمثلة بالإدارة الذاتية الديمقراطية، التي استطاعت أن تبرهن على مدار السنوات الماضية من عمر الأزمة السورية أنها كانت ولا زالت موضع ثقة لدى القوى الدولية الفاعلة في سوريا.

لذلك، من الواجب بذل المزيد من الجهود من أجل الحفاظ على هذه التجربة الديمقراطية، والعمل على إزالة كافة الشوائب والعوائق التي تمنع تطوير هذه التجربة، والوقوف بشكل جدي على التجاوزات وحالات الخلل والبيروقراطية في بعض مؤسسات الإدارة وإيجاد الحلول المناسبة لها، فضلاً عن أهمية التواصل المستمر بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية، بما يساهم في تقوية الروابط بين هذه الأحزاب ومواكبتها للتطورات والتغييرات الحاصلة داخل البلاد، لاتخاذ مواقف تكون على قدر كبير من التوافق والوحدة في الرؤية السياسية، لا سيما حيال ما تتعرض له مناطقنا من تهديدات خصوصاً من الجانب التركي، إضافةً إلى أهمية تحمل جميع الأحزاب والقوى السياسية مسؤولياتها في هذه الظروف الحساسة التي تحتاج إلى مزيد من اليقظة والحيطة، خدمةً لقضية الشعب الكردي وقضايا جميع الشعوب السورية.

هنا، لابدَّ من الإشارة إلى مجموعة نقاط نعتقد أنه من واجب القوى السياسية القيام بها، أبرزها:

*التكثيف من اللقاءات الجماهيرية، بهدف توضيح الأمور ذات الإشكاليات الناجمة عن خلط العاطفة بالسياسة والأيديولوجيا والاستراتيجيات ومجالات استثمارها، وفق خطوات مفيدة، وضرورة توضيح أن هناك فاصلاً كبيراً بين الرغبة والممكن.

*التأكيد على أنه من حقنا دعم نضالات شعبنا الكردي في كل أجزاء كردستان، وأن نؤثر ونتأثر بأفكارهم وتجاربهم، مع الحفاظ على خصوصية نضال كل جزء حسب الظروف المحيطة به ورؤية العاملين عليه، بعيداً عن التقليد الذي لا يخلق سمواً في أي نضال سياسي وأخلاقي، وبعيداً عن الاملاءات و الانجرار إلى مصالح ضيقة.

* التأكيد على ضرورة نشر ثقافة قبول الآخر، ووقف جميع الحملات الإعلامية التي لا تخدم مصالح أي طرف، مهما كانت الظروف  والمبررات.

*الدعوة إلى اندماجية تنظيمية بين أحزاب تكون متقاربة فكرياً وأيديولوجياً، منطلقين من مبدأ أن الحزب السياسي المبني على المركزية الديمقراطية أثبت تخلفه عن ركب التطور والتقدم والحداثة والتجديد، على مدى أكثر من نصف قرن في الحياة السياسية الكردية، لذا تقتضي الضرورة البحث عن إيجاد شكل آخر من التنظيمات السياسية عمادها المرونة والتوافق في تعاملها مع الواقع، تهدف للعمل على تحقيق الديمقراطية في البلاد، والنضال من أجل إقامة دولة تعددية تشاركية متعددة القوميات، تقر بالحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا بهويته القومية وفق العهود والمواثيق الدولية، وتسعى لخلق توازن دقيق بين الحالة الوطنية العامة والخصوصية الكردية ضمن وحدة البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى