ومع أنه ليس التحذير الأول من نوعه لكن توقيت اطلاقه يضفي عليه هذه المرة أهمية مضاعفة فنحن لا نتحدث عن فرضيات واحتمالات نظرية حين الإشارة إلى خطر الوجود العسكري التركي في منطقة الخليج بدلالة أن تركيا الآن غدت معول ترهيب وتدمير وتسعير للحروب والأزمات الإقليمية من شمال أفريقيا إلى القوقاز إذ أينما تدخلت أنقرة وحلت ساد الخراب وحل الإرهاب .
فالوجود التركي في قطر يشكل والحال هذه خطراً مباشراً وداهماً يستهدف دول الخليج بمجملها التي ليس سراً أن الدوحة تغرد خارج سربها عبر ارتباطها العضوي مع المشروع الأردوغاني الإخواني وتحولها إلى منصة وقاعدة لتمويل الحركات الإرهابية والمتطرفة على صعيد الشرق الأوسط ككل سيما تمويلها المفتوح لمرتزقة الائتلاف السوري وفصائله المسلحة التي غدت وبالاً على مختلف بلدان المنطقة وشعوبها من ليبيا إلى أرمينيا .
وواقع الأمر أن نزعات التوسع والاحتلال التركية الشرهة لا تحدها حدود ( لا حاجة هنا للإشارة إلى الميثاق المللي التركي الذي بات تحصيل حاصل في الطور الفاشي الأردوغاني ) سيما وأن منطقة الخليج غنية بثرواتها ومواردها الطبيعية : البترولية والغازية ما يجعلها هدفاً أساسياً لأطماع رجب طيب أردوغان الذي توفر الدوحة له موطيء قدم في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية وإلا فما الغاية من الوجود العسكري التركي على الأراضي القطرية وتوالي الزيارات المكوكية للرئيس التركي للدوحة وآخرها قبل أيام قليلة ؟ .
ومن يدري فقد توظف أنقرة ورقة مرتزقتها السوريين أيضاً في سياق المحاولات القطرية – التركية المحمومة الرامية لزعزعة استقرار دول الخليج العربية واثارة القلاقل فيها فهذه الفرضية وغيرها من سيناريوات توتيربة وتخريبية يجب عدم استبعادها واغفالها والتحوط لها من الآن .
ما يستدعي موقفاً خليجياً حازماً حيال الايماءات والإشارات التركية المتصاعدة في استهداف شعوب الخليج ودوله وترويج أنقرة الصور النمطية الكاذبة عن هذه البلدان والإساءة لها الأمر الذي يستوجب تنسيقاً عربياً عاماً لمواجهة وردع تنامي إرهاصات المسعى التركي عبر المطية القطرية للتدخل أكثر فأكثر في الشؤون الخليجية والعربية عامة وتهديد السلم والأمن في هذا الجزء الهام ( الخليج ) من العالم العربي والمحوري على خارطة الطاقة العالمية .
صحيح أن الدول الخليجية العربية ليست جمهوريات موز مستباحة أمام غزوات من هب ودب ولها ثقلها السياسي والإقتصادي الوازن على الصعيد العالمي وتتمتع بمظلات حماية دولية حتى نظراً لأهميتها الجيواستراتيجية ولأردوغان في هذا الصدد خير عبرة في مآل شبيهه البليغ الديكتاتور العراقي الساقط صدام حسين حينما أقدم على حماقة احتلال الكويت ولتنشب على إثر ذلك حرب الخليج الثانية وصولاً إلى حرب تحرير العراق لكن مع ذلك كله ينبغي التعاطي مع تهديدات صاحب عقدة السلطان وعنترياته بكل جدية وحدية زاجرة على ما تفعل وعن حق الدبلوماسية الإماراتية .
المصدر: سكاي نيوز.