تمتلئ كتب التاريخ بكثير من الأحداث الغريبة التي كادت تُشعل حروبا، لكن عملية بول بنيان تعد من أكثر الأحداث غرابة في تاريخ النزاعات.
إذ كادت الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تخوضان حربًا في عام 1976 بسبب تشذيب شجرة حور في المنطقة الأمنية المشتركة؛ وهي منطقة منزوعة السلاح.. فماذا حدث؟
كانت شجرة حور في المنطقة الأمنية المشتركة تحجب الرؤية وتعوق عملية مراقبة المشهد في خطوط التماس، وكانت كوريا الشمالية ترفض تشذيبها دون ذكر أسباب.
وفي أغسطس/آب 1976، هاجم عسكريون كوريون شماليون مجموعة من الأمريكيين والكوريين الجنوبيين الذين كانوا يشذبون الشجرة في المنطقة منزوعة السلاح المحصنة التي تفصل بين الكوريتين الجنوبية والشمالية.
ضحايا الشجرة
وقتل في الحادثة ضابطان أمريكيان ضربا بالفؤوس والهراوات.
وبعد نقاش استمر لثلاثة أيام، وصل مستواه إلى البيت الأبيض، قرر الأمريكيون الرد على الهجوم بقوة، لكن فحوى الرد كانت محل خلاف.
إذ طالب وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر، بمهاجمة معسكرات الجيش الكوري الشمالي للتأكد “من الاحتمالية الكبيرة للاقتصاص من أولئك الذين قتلوا الأمريكيين”.
وقال كيسنجر في مؤتمر صحفي: “قتلوا أمريكيين اثنين، وإذا لم نرد فسيفعلون ذلك ثانية. علينا الرد بطريقة ما”.
لكن السلطات الأمريكية قررت الرد بطريقة أخرى في النهاية، عبر تعبئة المئات من الجنود مدعومين بطائرات مروحية وقاذفات قنابل من طراز B-52 وأسطول بحري تقوده حاملة طائرات، من أجل قطع شجرة الحَور.
عملية القطع الكبيرة
وتوصل القادة العسكريون الأمريكيون إلى خطة لقطع الشجرة عبر استعراض كبير للقوة؛ أي عملية عسكرية كاملة أطلق عليها اسم “عملية بول بنيان”، تيمنا باسم قاطع أشجار أمريكي شهير، وتقرر أن تنطلق في الـ21 من أغسطس/آب.
وكان جزء من العملية يقتضي اقتحام جزء من القوات الأمريكية المنطقة منزوعة السلاح والسيطرة على جسر “اللاعودة”، لمنع القوات الكورية الشمالية من التوغل في المنطقة والتدخل في عملية قطر الشجرة.
وبينما كان الأمريكيون يقطعون أغصان الشجرة، حدث ما كان يتخوفه كثر، إذ وصل إلى المكان جنود كوريون شماليون على متن شاحنات وحافلات.
وبدأ الكوريون الشماليون ينصبون مدافع رشاشة في الموقع، وكان الأمر أقرب لاندلاع حرب كاملة بسبب قطع الشجرة، لكن الكوريين الشماليين وقفوا حول مدافعهم دون حراك، وواصل الأمريكيون قطع الشجرة لمدة 45 دقيقة.
قٌطعت الشجرة في مشهد مهيب، وعاد كل من الطرفين إلى مواقعه، ولم يحدث أي شيء، وكأن الجميع قال لنفسه: لا يجب أن نذهب للموت بسبب شجرة.
المصدر: MSN.