رداً على ادعاءات بيان “استانا 14” مجلس سوريا الديمقراطية يوجه بياناً للرأي العام
مرة أخرى وبعد سلسلة اجتماعات في العاصمة الكازاخية نور سلطان (آستانة) وللمرة الرابعة عشرة اجتمعت الدول الضامنة وبمشاركة ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة التابعة لتركيا لينتهي الاجتماع بمجموعة من التوافقات التي لا يمكن أن تمثل حلاً ينهي أزمة السوريين ومعاناتهم، ولا تكفي لتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا، خصوصاً مع استمرار الجهات الضامنة بمحاولة تصفية القضية السورية بما يخدم مصالح الدول الإقليمية المشاركة في المؤتمر دون مراعاة للمشاركة الحقيقية لممثلي الشعب السوري أو تمثيل إرادة السوريين، حيث تخلى المجتمع الدولي وخصوصاً ضامنو أستانا والمبعوث الأممي غير بيدرسون عن قضية تمثيل الأطراف السياسية السورية في العملية السياسية، ولم يعد من الممكن الحديث عن عملية سياسية بعد أن اختزلت الأزمة في “عملية دستورية” أقصت أطرافاً سياسية سورية فاعلة على الأرض في مقدمتها ممثلو مجلس سوريا الديمقراطية والممثلون الحقيقيون للشعب الكردي رضوخاً لشروط الطرف التركي الضامن في أستانا.
لقد ركز البيان الختامي لاجتماع آستانه المؤرخ في 10/ 11 ديسمبر 2019 على الأوضاع في شمال وشرق سوريا، وفي البند الثاني تم توجيه تهمة الانفصال لمشروع الإدارة الذاتية القائمة، واتهامها بتقويض سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية، وتهديد الأمن القومي للدول المجاورة، وهذا الموقف السلبي تجاه الحل السياسي من جهة وتجاه ممثلي شمال وشرق سوريا إنما هو تعبير عن غياب إرادة الحل السياسي لدى الضامنين، والتعامل مع الملف السوري وخصوصاً في شمال وشرق سوريا تعاملاً أمنياً، واللجوء إلى الحلول العسكرية التي قوضت السيادة السورية في أدلب وعفرين عبر جرائم الجيش التركي، الذي أشرف أيضاً بشكل مباشر في رأس العين وتل أبيض على تهجير مئات الآلاف من المدنيين وتقويض أمنهم واستقرارهم وتنفيذ الإعدامات الميدانية بحق النشطاء والمدنيين وتدمير المدارس ودور العبادة والمستشفيات، وسعى البيان بشكل واضح وصريح إلى منح الجانب التركي مزيداً من الحماية ليستمر بارتكاب هذه الجرائم تحت عنوان “تطبيق بنود اتفاق أضنة الأمني” المبرم بين تركية وسورية في أواخر القرن المنصرم.
إن أكثر ما يثير الاستياء في هذا البيان هو التأكيد على محاربة تنظيم داعش الذي لم يهزم عسكريا لولا تضحيات قوات سوريا الديمقراطية، وتعاونها الإيجابي مع مختلف الأطراف الدولية وفي مقدمتها التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وإن تجاهل ضامني أستانا لهذه الحقيقة ولهذا الإنجاز لقوات سوريا الديمقراطية لن يغير من الحقيقة، كما أنه لن يجدي في تبرئة تركيا من دعمها المستمر للإرهابيين خلال سنوات الأزمة، وتقديمها كافة التسهيلات لمرورهم إلى سوريا عبر حدودها وحماية أخطر القادة والعناصر الإرهابيين من خلال ضمهم وتنظيمهم في صفوف الفصائل العسكرية التابعة للجيش “الوطني السوري” والذين نفذوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال احتلال الجيش التركي لمدينتي رأس العين وتل أبيض وريفهما، كما أن تجاهل البيان للمخطط التركي المعلن بتوطين مليون لاجئ سوري في منطقتي رأس العين وتل أبيض إنما يثير لدينا الكثير من القلق والمخاوف تجاه الموقف من خطط التغيير الديمغرافي التي لا تتردد تركيا في تبريرها وإعلان البدء بتنفيذها،
إن ممثلي الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية التزموا طيلة سنوات الأزمة السورية بتبني الحوار السوري- السوري وأكدوا التزامهم بالحلول الوطنية للأزمة السورية، وأبدوا استعدادهم للتعاون مع مختلف الأطراف الفاعلة في الأزمة بهدف وضع مشروع الإدارة الذاتية ضمن مسار وطني يخدم الوحدة والسيادة الوطنية، وفندوا عبر مبادراتهم الوطنية كل المزاعم التركية التي عمدت إلى محاربة مشروع الإدارة عبر توجيه اتهامات عديدة ومتناقضة لها في آن معاً. كما أن الحكومة السورية أيضاً لا تمتلك رؤية للحل وترفض حتى الآن أي حوار سياسي ولم تتوفر لديها إرادة الحل، ولكي تبرر كل ذلك فهي لا تتوانى على لسان ممثلها بشار الجعفري عن إنكار وجود أزمة يجب حلها عبر الحوار واتهام الإدارة الذاتية بالانفصال رغم التفاهم العسكري الأخير الذي تم برعاية روسية بين قوات سوريا والجيش السوري بهدف حماية الحدود من الاحتلال التركي.
إننا في مجلس سوريا الديمقراطية نرفض ما ورد في بيان أستانا من اتهامات ونؤكد بأن محاولة عزل ممثلي شمال وشرق سوريا وإقصائهم تتنافى مع مطلب وحدة وسيادة سوريا، ونؤكد التزامنا بالحل الوطني السوري وضرورة مشاركتنا في أي محفل يتناول الأزمة السورية وندعو المبعوث الأممي إلى مراجعة هذه المسألة بناء على مصلحة الشعب السوري، كما أننا نجد أن موسكو مهيأة للعب دورٍ وسيطٍ بين الأطراف وندعوها إلى إعادة النظر في موقفها من مشروع الإدارة الذاتية وأن تقوم بالتعاون مع المجتمع الدولي بمعالجة الخلل الذي تفرضه أجندات الدول الإقليمية على حساب أمن واستقرار الشعب السوري.
مجلس سوريا الديمقراطية
13 كانون الأول 2019