بعد 19 عاماً.. انتفاضة 12 آذار تعكس وحدة المكونات وتنظيمهم
يصادف اليوم الذكرى السنوية الـ 19 لمجزرة 12 آذار التي تحولت لانتفاضة ومهدت لثورة مجتمعية تعكس وحدة مكونات شمال وشرق سوريا وتنظيمهم.
تدخل الانتفاضة الشعبية التي اندلعت بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الأمن التابعة لحكومة دمشق، 12 آذار 2004، عامها 20، بهذه الذكرى، نسلط الضوء على حيثيات مجزرة قامشلو التي سرعان ما تحولت إلى انتفاضة امتد لهيبها حتى العاصمة دمشق، وكيف أفشلت مكونات شمال وشرق سوريا في ظل ثورة 19 تموز، السياسات العنصرية التي تم تأجيجها ضدهم، من نفس المكان.
في مثل هذا اليوم قبل 19 عاماً، شهد الملعب البلدي (ملعب 7 نيسان كما أسمته سلطات حزب البعث نسبة لذكرى تأسيس الحزب عام 1947) في مدينة قامشلو، في 12 آذار 2004، حضور حشود غفيرة من المشجعين لمتابعة مباراة كانت مقررة بين فريقي الجهاد من قامشلو والفتوة من دير الزور.
قبل ساعات من موعد بدء المباراة المقررة تمام الساعة 14.00، دخل المستقدمين لتشجيع فريق الضيف إلى الملعب، دون تفتيش من قبل القوات الأمنية التي بدورها أخضعت جمهور الفريق المضيف لتفتيش دقيق، وصادرت منه حتى الأحزمة وقوارير الماء، دون أن يدري المضيفون أن مكيدة مدبرة بانتظارهم.
كيف بدأت المجزرة؟
بدأت المجزرة باستفزاز من الضيوف الذين جلبتهم القوات الأمنية من دير الزور إلى الملعب تحت يافطة حضور مباراة فريق مدينتهم، بإطلاق شعارات تمييزية وعنصرية.
ومع دخول لاعبي الفريقين إلى الساحة من أجل البدء بتمارين الإحماء، بدأ مَن سميو “مشجعو الفتوة” بإطلاق شعارات تمجد صدام حسين، وتنعت الكرد بالخونة، ورمي الحجارة على مشجعي فريق الجهاد، وعلى الرغم من وجود عدد كبير من القوى الأمنية لحكومة دمشق إلا أنها لم تتدخل، بل على العكس، أقدمت على ضرب مشجعي نادي الجهاد، وإخراجهم واعتقال بعضهم.
وطوقت القوات الملعب، وأعقب ذلك أوامر من “محافظ الحسكة” آنذاك وكان يدعى سليم كبول، بإطلاق الرصاص على مشجعي الجهاد؛ ما أدى إلى استشهاد 9 منهم، بينهم طفلان. مما أظهر أنه كان مخطط مدروس؛ لخلق فتنة بين مكونات المنطقة.
لم تتوقف القوات الأمنية التابعة لحكومة دمشق، عند هذا الحد فقط، حيث جلبت في اليوم التالي (13 آذار 2004) عناصر من الجيش والأمن من الرقة ودير الزور، ومنعت الأهالي من المشاركة في تشييع جثامين الشهداء 9، وواجهت المشيعين بالنيران مجدداً؛ مما أدى إلى استشهاد 24 مواطناً آخر بينهم نساء وأطفال، وإصابة العديد.
رافق المجزرة، إطلاق القوات الأمنية حملات اعتقال واسعة النطاق، طالت المئات من المشيعين والمحتجين، استشهد بعضهم إثر التعذيب في الأقبية والسجون، وحكم على بعضهم الآخر بالمؤبد، فيما لا يزال مصير البعض الآخر مجهولاً حتى اليوم.
وسرعان ما تحولت هذه المجزرة إلى انتفاضة شعبية، امتدت إلى مدن ونواحي روج آفا ومدينة حلب والعاصمة دمشق، حيث استمرت لأيام وسط تزايد عدد الاعتقالات بحق المواطنين، وارتفاع عدد الشهداء إلى 38 مواطناً.
حكومة دمشق هي العقل المدبر
تعقيباً على المكيدة التي انتهت بمجزرة فانتفاضة، أوضح رئيس مجلس حزب سوريا المستقبل في دير الزور، ثامر الشمري، “لو استعدنا شريط الذكريات لتلك الحادثة الأليمة، ودققنا لوجدنا أن حكومة دمشق ومكاتبها الاستخباراتية والأمنية هي العقل المدبر لما حدث”.
معتبراً أنه “من الطبيعي حدوث بعض المضايقات بين جماهير أي فريقين، لكن أن تذهب الأحداث إلى صدامات وقتل وتصعيد عرقي طائفي، هذا أمر مدبر من الحكومة السورية”.
وأضاف: “حكومة دمشق كانت تهدف من تلك الفتنة والمجزرة الشنيعة التي ارتكبت، إلى خلق حالة تباعد بين المكونات، وشق صف أبناء الشعب السوري، ظناً منها أنها ستنجح في ذلك، لكن الأيام أثبتت عكس ذلك”.
أكد الشمري في ختام حديثه، أن “حكومة دمشق فشلت فشلاً ذريعاً، لأن مكونات المنطقة كانت ولا تزال صفاً واحداً، ويداً واحدة، وما يحدث اليوم من تجمعات واحتفالات في الملعب؛ خير دليل على ذلك”.
مساعٍ باءت بالفشل
وعن فشل مساعي حكومة دمشق بتأجيج لهيب الفتنة بين مكونات المنطقة، قال المواطن الكردي عبد القهار عثمان خلف، من مدينة قامشلو، إن الحكومة سعت جاهداً “لتفكيك الوحدة والتكاتف والعيش المشترك بين أبناء المنطقة، فقامشلو تعتبر لوحة فسيفسائية عظيمة؛ بسبب التنوع الموجود فيها، وهذا كان أحد أهم الأسباب التي جعلت حكومة دمشق تستهدفها دوناً عن غيرها”.
وتابع: “فشلت حكومة دمشق ببث الفتنة بين مكونات المنطقة، وبعد تلك المجزرة أيضاً تقف مكونات المنطقة يداً واحدة ضد أي مخططات تسعى لضرب أمن واستقرار المنطقة ومن أي جهة كانت”.
واستذكر خلف، في ختام حديثه شهداء المجزرة، وأكد أن “ملعب شهداء 12 آذار أصبح اليوم حديقة ملونة تحتضن جميع مكونات المنطقة، وأصبح أيضاً مكاناً رمزياً ومقدساً لدى شعب المنطقة”.
ملعب 12 آذار
بعد انطلاق ثورة 19 تموز، أطلق اسم شهداء 12 آذار، على الملعب الذي حدثت فيه المجزرة وتحولت لانتفاضة تعرف بـ “انتفاضة 12 آذار” أو “انتفاضة قامشلو”؛ وذلك تكريماً لشهداء المجزرة والانتفاضة.
أصبح هذا الملعب اليوم؛ مكاناً لالتقاء الشعوب ومكونات المنطقة في الفعاليات والمناسبات المشتركة التي تنظم على أرضية هذا الملعب، لا سيما بعد تعزيز أواصر أخوة الشعوب والتعاضد بين مكونات شمال وشرق سوريا عبر مشروع الإدارة الذاتية.
12 آذار من كل عام تنظم الذكرى السنوية للانتفاضة في ملعب شهداء 12 آذار، خلال فعاليات تجمع مختلف مكونات شمال وشرق سوريا، كما تنظم مباراة ودية بين فريقي الجزيرة ودير الزور.
المصدر: ANHA.