بعد فوز إمام أوغلو بإسطنبول.. هل تتحقق مقولة أردوغان؟
جاء فوز مرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض برئاسة بلديتَي إسطنبول وأنقرة في الانتخابات البلدية التي جرت الأحد، بمثابة التحدي الثقيل الثاني أمام حزب العدالة والتنمية في ضمان استمرار حكمه لتركيا، بعد فقد قائده، الرئيس رجب طيب أردوغان القدرة دستوريا على الترشح مجددا للرئاسة.
وسبق أن قال إمام أوغلو في مؤتمر صحفي أغسطس الماضي، عن أهمية إسطنبول أيضا: “من يفوز بإسطنبول سيكون قد فاز بتركيا، فأنا أولي أهمية كبيرة لهذا القول”.
وأعلن إمام أوغلو في وقت متأخر من مساء الأحد فوزه برئاسة بلدية إسطنبول، بفارق مليون صوت، على منافسه مرشح حزب العدالة والتنمية، مراد كوروم، بعد فرز 96 بالمئة من الأصوات.
وهذا هو الفوز الثاني لإمام أوغلو بنفس المنصب الذي سبق وفاز به في انتخابات بلدية 2019.
كما أن أردوغان سعى حثيثا لاستعادة هذه البلدية من المعارضة؛ لما تمثّله من ثقل سياسي واقتصادي في تركيا، لكنه لم ينجح رغم إمكانياته الدعائية الكبيرة.
رسالة إمام أوغلو لأردوغان
ألقى إمام أوغلو كلمة أمام ناخبيه في منطقة ساراشاهين بعد فوزه، بحسب النتائج غير الرسمية، وجه خلالها هذه الرسائل إلى أردوغان والحزب الحاكم، وفق ما نشره موقع صحيفة “زمان” التركية المعارضة فجر الإثنين:
- أتساءل ما هي الرسالة التي بعثها لنا المواطنون بعد أن أنهينا هذه الانتخابات، ما هي الرسالة التي وجهها المواطنون إلى منافسينا والسيد الرئيس، نقول لك لقد انتهت الحزبية وأصبح هناك بلدية شعبوية، وسيواصل هذا المفهوم الفوز.
- سنواصل الخدمة المتساوية والعادلة لكل سكان إسطنبول.
- الشعب وجه للحكومة الرسالة عينها التي وجهها لنا بانتخابه لنا، لا يمكن فرص الوصاية، شخص واحد لن يصدر أوامره، بل الشعب هو من سيصدر الأوامر، اعتبارا من اليوم انتهى حكم الفرد الواحد، لقد قلنا إن الشعب هو الفائز دائما وقد فاز وسيبحر بشكل رائع.
رد أردوغان
- أقرّ الرئيس التركي أن حزبه لم يحقق النتائج المأمولة، وقال بدوره في كلمة أمام أنصاره بأنقرة:
- لم نحقق النتائج المرجوة من الانتخابات المحلية، وسنحاسب أنفسنا، وسندرس الرسائل الصادرة عن الشعب.
- الانتخابات المحلية ليست النهاية بالنسبة لنا، لكنها نقطة تحول.
مجمل نتائج الانتخابات
- بجانب فوز إمام أوغلو ببلدية إسطنبول، فاز كذلك مرشح حزب الشعب الجمهوري، منصور ياواش، للمرة الثانية برئاسة بلدية أنقرة أمام منافسه من تحالف الشعب (التحالف الحاكم بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية) تورغوت ألتينوك.
- احتفظ حزب الشعب الجمهوري، وهو أكبر أحزاب المعارضة، بسيطرته على المدن الرئيسية، ومنها أنقرة وإسطنبول وإزمير ومرسين وأضنة وأنطاليا.
- ألقى رئيس الحزب، أوزغور أوزيل، خطابا بمقر الحزب بعد توالي أنباء فوز مرشحيه، قائلا إن النتائج تؤكد أن “الشعب الجمهوري” سيقود سياسة جديدة بالبلاد، وأن الناخبين “قررو اليوم تغيير صورة تركيا المستمرة منذ 22 عاما”، وفق ما نقله موقع “زمان”.
- في جنوب شرق البلاد الذي تسكنه أغلبية كردية، أكد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب فوزه بالانتخابات في 10 بلديات.
- أدلى زعيم حزب الرفاة من جديد، فاتح أربكان، ببيان قال فيه إن حزبه حلَّ بالمرتبة الثالثة بين الأحزاب الفائزة.
الزحف نحو الرئاسة
يرى محللون سياسيون أتراك أن فوز إمام أوغلو للمرة الثانية، سيجعل منه المرشح المثالي للمعارضة، لخلافة أردوغان في رئاسة تركيا والذي يمنعه الدستور المعدل عام 2018 من الترشح لأكثر من فترتين منذ تاريخ التعديل.
وحول هذه النقطة يقول المحلل السياسي هشام غوناي:
- التحالف الحاكم خسر النصر المعنوي الذي كان يسعى إليه في هذه الانتخابات باستعادة المدينة من المعارضة.
- لإسطنبول ثقل اقتصادي كبير؛ حيث تحظى بأكبر ميزانية في البلاد.
- تقدُّم إمام أوغلو كان متوقعا، وسيكون المرشح الأقوى في انتخابات الرئاسة المقبلة بعد 4 سنوات.
- في نفس الوقت، فإنه ربما يتعرّض لملاحقات قضائية جديدة لمنعه من مواصلة الزحف نحو رئاسة البلاد.
- وفي ديسمبر 2022 صدر حكم إبتدائي بمنع إمام أوغلو من العمل السياسي لمدة 5 سنوات بتهمة إهانة مسؤولي الانتخابات عام 2019، ولكن لم يصدر حكم نهائي بعد.
بدوره، يصف المحلل السياسي التركي، محمود علوش، انتخابات إسطنبول بأنها محورية، ونتائجها ستُعيد تصميم السياسة الداخلية بعد 31 مارس.
استعادة الحلفاء
- لا يستبعد المحلل السياسي التركي، جودت كامل، أن يُعيد فوز إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول “تغيير الخريطة السياسية، مثل أن يسعى إلى جمع شتات المعارضة من جديد بالتواصل مع الحلفاء السابقين”.
- ويضيف كامل لـ”سكاي نيوز عربية”، أن إمام أوغلو “يعلم أن الفوز في انتخابات الرئاسة يتطلبان منه إعادة جمع صفوف المعارضة التي دخلت الانتخابات البلدية متشرذمة، من خلال التقارب مع حزب الخير في المقام الأول، وربما حزب السعادة وبقية الأحزاب”.
- وتفكك “تحالف الأمة” المعارض المكون من 6 أحزاب، منها حزب الشعب الجمهوري، وحزب السعادة، وحزب الخير، بعد خسارته لانتخابات الرئاسة مايو الماضي التي كان مرشحه فيها كمال كليتشدار أوغلو، الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري، أمام أردوغان.
- وفي المقابل، يتوقع أن يكون موقف حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة “أقل قوة” من الانتخابات الماضية؛ لأنه سيفقد أهم أوراقه، وهو الرئيس أردوغان الذي لن يترشح؛ وبالتالي “على الحزب الدفع بوجوه جديدة لقيادته.
المصدر: سكاي نيوز.