أخبار

الحوار بين الإدارة الذاتية ودمشق.. ما حقيقة الموقف الروسي؟

​​​​​​​لا يزال ملف الحوار بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عالقًا، بينما يتحدث الوسيط الروسي بين الطرفين في كل مرة عن مبادرات ومساعي للتوصل إلى اتفاق دون تحقيق أي تقدم يذكر، وبحسب مسؤولين في الإدارة الذاتية أن هذه الجهود الروسية لم ترقَ إلى طبيعة المرحلة.

عُقدت عدة جولات للحوار والتفاوض بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة، كما مر هذا الملف بحالة من المد والجزر بين التفاؤل والتشاؤم.

وأعلنت الإدارة الذاتية في الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر في العام 2019، عن التوصل إلى اتفاق برعاية روسية ينص على انتشار القوات الحكومية السورية على طول الحدود مع تركيا للتصدي لهجمات الاحتلال التركي ومرتزقته.

وعلى الرغم من ذلك فإن الحوارات السياسية لم تكتمل بين الطرفين، حيث دائمًا كانت الحكومة السورية وروسيا تطرح ملف التفاوض بالتزامن مع إطلاق الاحتلال التركي تهديدات بشن هجمات على المناطق في شمال وشرق سوريا، وتضع دمشق شروطًا تعجيزية أمام الإدارة الذاتية، وهي مرفوضة من قبل الإدارة.

وبحسب المراقبين، فإن كلًّا من روسيا وحكومة دمشق تحاولان استغلال التهديدات التركية لشمال وشرق سوريا، لتكرار ما سمي بالتسويات التي أجريت مع المجموعات المرتزقة في المناطق السورية الأخرى، وذلك بالتفاهم مع تركيا.

وخلال ذلك كانت روسيا تروج لمبادرات للحل، وكان أبرزها تسريب مشروع دستور روسي لسوريا يعترف بالإدارة الذاتية وحقوق الكرد، وكان آخرها أيضًا إعلان الخارجية الروسية بأنها تدعم الحوار بين القوى الكردية في سوريا والسلطات في دمشق.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قد قالت في مؤتمر صحافي، الخميس الفائت، إن “موسكو تدعم الحوار الجاري بين الكرد ودمشق حول الترتيب المستقبلي لوطنهم المشترك”.

ونفى مجلس سوريا الديمقراطية وجود أي لقاءات أو حوارات مع الحكومة السورية.

“موقف روسي غامض”

ولاستطلاع آراء الشخصيات الروسية حول موقف بلادهم تحدثت وكالتنا مع الأكاديمي الروسي والأستاذ في مدرسة الاستشراق بجامعة الاقتصاد العليا، أندريه تشوبريغين، والذي قال “الكرد يشكلون ١٠ ٪ من سكان سوريا، ويعدّون الجزء المهم للنسيج الاجتماعي السوري، ولكنهم ليسوا الجزء الرئيس، لكن لا بد أن نعترف بأن المسألة الكردية من أهم القضايا السياسية والاجتماعية في سوريا وخارجها”.

وأضاف “لا نستطيع أن نؤكد أن كل شيء يجري في سوريا هو بشرط موافقة روسيا، في الأحوال العديدة، دمشق تتخذ الإجراءات بدون الاستشارة مع موسكو، وللحكومة السورية موقف ذاتي تجاه المسائل العديدة”.

وبحسب الأكاديمي الروسي، فإن بلاده وقفت إلى جانب الإدارة الذاتية من حيث منح الكرد الحقوق المدنية الكاملة مضيفًا أن “برأيي موقف الإدارة الذاتية خلال السنوات الأخيرة لم يكن مستقيمًا، وبدلًا من بذل الجهد لإجراء المشاورات مع دمشق ذهبت للتحالف مع الولايات المتحدة لمحاربة داعش”.

وحول دور بلاده في التفاوض قال “لا شك أن روسيا تؤدي دورها في هذا الشأن لكنها لن تنجح دون الإرادة الطيبة من قبل الطرفين”.

الإدارة الذاتية: حمّلنا روسيا دور الضامن لتحقيق مآرب شعبنا ولكن

نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بدران جيا كرد كان له تقييم آخر، حيث قال “مع بداية التدخل الروسي في أيلول ٢٠١٥ في الأزمة السورية تطورت العلاقة بين روسيا والإدارة الذاتية، وهي ما زالت في مستوى عالٍ من التنسيق على الرغم من مرورها بمراحل مد وجزر”.

وأوضح “كان هناك عمل جبار مشترك ضد الإرهاب، والتفاهم الأخير بين قوات سوريا الديموقراطية والجيش السوري أثناء معركة سري كانيه وكري سبي/تل أبيض بوساطة روسية خير دليل على مدى أهمية العلاقة مع الجانب الروسي، وتحميلنا له الدور الضامن والوسيط من خلال تطوير حوار جاد وحقيقي مع الحكومة السورية للوصول إلى اتفاق يضمن حقوق شعبنا”.

“التحالف الدولي مع قسد شرعي ومعادي فقط لداعش”

جيا كرد أردف قائلًا “لكن عدم رؤية هذه الحقيقة وتوجيه الأنظار إلى التنسيق العسكري بين التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وقوات سورية الديموقراطية  لمحاربة داعش الإرهابي على مستوى العالم على أنه علاقة تنسيق معادٍ للجهات الأخرى، لنقول بكل وضوح إن هذا الحلف الذي يضم التحالف الدولي وقسد هو تحالف دولي شرعي تدعمه الشرعية الدولية، كونه يحارب الإرهاب فقط لا أي جهة أو دولة أخرى، ومكافحة الإرهاب قضية دولية مشروعة تستوجب توحيد الجهود للقضاء على الآفة التي انتشرت في العالم، في الوقت الذي كانت فيه وحدات الحماية الشعبية بأمس الحاجة إلى الدعم الخارجي أثناء معركة كوباني الصعبة ضد داعش”.

“الإدارة الذاتية لم تراهن على أجندات دخيلة”

وأضاف جيا كرد “أن الإدارة الذاتية انتهجت مسارًا سياسيًّا ديمقراطيًّا وطنيًّا، وطرحت رؤاها للحل السياسي في سورية على جميع الأطراف المعنية بالملف السوري دون أن تراهن على أجندات دخيلة، ومازلت متمسكة بها، ونعلل سبب إطالة وتعمق الأزمة السورية بعدم طرح مشروع حقيقي ديموقراطي جامع لكل الفئات والمكونات السورية من قبل القوى المعارضة والدول المعنية، بينما نرى لدى الإدارة الذاتية تصورًا واضحًا للحل السياسي بأبعاده المختلفة في ظل الفوضى الأمنية والسياسية التي تعصف بمناطق النظام ومناطق المجموعات المسلحة المرتبطة بتركيا”.

“موقف روسيا الحقيقي من الحوار مع دمشق موضع نقاش وجدل”

وأشار قائلًا “الإدارة الذاتية بذلت جهودًا كبيرة لتحقيق تقدم في الحوار مع دمشق بوساطة روسية، وأبدت استعدادها مرارًا لجاهزيتها للحوار مع دمشق بوساطة دولية، وخاصة كدولة مثل روسيا صاحبة النفوذ الكبير في سوريا، ونأمل منها أن تؤدي دورًا في الحوار، ولكن عدم تطور هذا الحوار وعدم تحقيق خطوات مهمة من قبل روسيا الاتحادية في هذا الاتجاه موضوع نقاش وجدل”.

“تعثر المبادرات يبعث على القلق”

وحول الترويج الروسي للمبادرات قال جيا كرد: “التصريح الأخير من قبل الوزارة الخارجية الروسية بأنها تدعم الحوار بين دمشق والإدارة الذاتية نراه بأنه موقف إيجابي، ولكنه بحاجة إلى خطوات عملية، حيث إن تكرار مثل هذه المواقف نظريًّا وتعثرها عمليًّا أمر يبعث على القلق “.

” الإدارة داعمة للحوار ويجب على روسيا ممارسة نفوذها بشكل عادل”

وأوضح في هذا السياق “نحن نرى أن قضية انسداد الحوار ليس مرتبطًا بالإدارة الذاتية ومواقفها بل كانت مساعدة وداعمة للحوار، إلا أن السبب الأساسي يكمن في عدم امتلاك الحكومة السورية لأي تصور ومشروع للحل والإصرار على نظام حكمه الحالي، وهذا أمر في غاية الاستفزاز والاستهتار بالشعب السوري”.

ودعا جيا كرد روسيا إلى تحمّل مسؤوليتها قائلًا: “من المفروض أن يكون للجانب الروسي برنامج ورؤى للعملية الحوارية، وأن تمارس نفوذها بشكل عادل لتحقيق التوافق بين الأطراف المتعارضة لمصلحة الشعب السوري”.

“تركيا وإيران تعرقلان الحل”

وتحدث نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للادارة الذاتية في شمال وشرق سوريا عن عوائق أخرى قائلًا “هناك عوامل أخرى تؤدي دورًا سلبيًّا في عرقلة أي حوار محتمل، وهي الدولتان التركية والإيرانية اللتان ترتبطان باتفاقات مباشرة مع روسيا، والمحاولات التي ترمي إلى التقارب ما بين النظام السوري والتركي، وهي في صميمها قطع الطريق أمام أي حل يتضمن حل القضية الكردية”.

“عند انعدام الحلول السياسية لدى الآخرين سنستخدم كل الوسائل”

وحول مساعي هذه الأطراف لمهاجمة الإدارة الذاتية قال جيا كرد: “عندما يكون هناك انعدام لمساعي الحل السياسي لدى هذه الدول، سوى تصفيتها أو الاستسلام للنظام الحاكم فإن الإدارة الذاتية ملزمة كواجب وطني وثوري بالحفاظ على مكتسبات شعبها بشتى الوسائل ودون تردد”.

وأضاف “اتهام الإدارة الذاتية من قبل دمشق وبدعم تركي إيراني بأنه مشروع انفصالي، وتابعة للأجندات الأمريكية هي عملية ماكرة ومناورة سياسية للتهرب من مسؤولية تطوير الحل ولتمويه عقليته وسياساته العقيمة التي لا تبحث عن الحلول”.

“روسيا وأمريكا مسؤولتان عن احتلال مناطق سورية”

بدران جيا كرد تطرق أيضًا إلى مسؤولية كل من موسكو وواشنطن عن احتلال تركيا لبعض المناطق السورية قائلًا: “في الحقيقة أن المستفيدين من مجموعة أستانا (روسيا -إيران -تركيا) والتي باعت الأخيرة كل مناطق المجموعات المسلحة مقابل بعض مناطق الإدارة الذاتية خاصة عفرين وذلك ضمن صفقة تمت بين مجموعة أستانا”.

وأوضح “عفرين كانت ضمن مناطق نفوذ روسيا وهي تتحمل مسؤولية احتلالها من قبل الجيش التركي ومرتزقته، كما تتحمل أمريكا مسؤولية احتلال مناطق سري كانيه وكري سبي/تل أبيض من قبل نفس القوى الهمجية، وستبقى هذه المسؤولية في أعناقهم إلى أن يساعدوا أهلها في تحريرها وعودتهم إلى ديارهم”.

المصدر: وكالة أنباء هاوار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى