“الإبادة الجماعية”.. هدف الاحتلال التركي الأول لتصفية قضية عفرين
مرت ست سنوات مثقلة بالجرائم والانتهاكات على أهالي عفرين المحتلة من سوريا، والتي يتصدر مشهدها جيش الاحتلال التركي ومرتزقته؛ بدافع الانتقام من الأهالي الذين فضلوا المقاومة 58 يوماً على الاستسلام.
ويشير العديد من الحقوقيين المطلعين عن كثب على الوضع في عفرين المحتلة، إلى أن غياب المساءلة الدولية عن “الإبادة الجماعية” المعلنة من جهة الاحتلال ومرتزقته كل تلك السنوات في عفرين، واستمرار الإفلات من العقاب، شجع الاحتلال التركي ومرتزقته عاماً بعد عام للتمادي في الجرائم بحق من تبقى فيها أو مهجّر لجوار تلك المناطق المحتلة، الهادفة إلى تغيير ديمغرافية المنطقة إلى الأبد.
أرقام مفزعة حملها عام 2023
بناءً على ما أوردته منظمة حقوق الإنسان – عفرين، حول حصيلة عام 2023 وحدها، فقد تم توثيق أكثر من “16 حالة قتل للمدنيين بشكل مباشر”، و”369 حالة اختطاف بينها 39 من النساء و6 أطفال“.
وقطع أكثر من “17700 شجرة”، إلى جانب “137” حالة بيع للعقارات بشكل غير شرعي، مع تهجير مالكيها الأصليين و”59″ حالة اعتداء بالضرب المبرّح على المدنيين وخاصة كبار السن.
أما بصدد ملف الاقتتال الداخلي وفقدان الأمان في المناطق المحتلة، فقد تسببت الاشتباكات القائمة بين المرتزقة في العام الأخير وحده، بمقتل “6” أشخاص، إلى جانب عشرات الإصابات، بالإضافة إلى وقوع 10 تفجيرات بأشكال متعددة من ألغام وعبوات ناسفة تسببت بمقتل العشرات وإصابة عدد كبير آخر.
أما في إطار التغيير الديمغرافي، فقد تم بناء “4” مستوطنات وهي “مستوطنة أجنادين فلسطين، ومستوطنة القرية القطرية (2)، ومستوطنة بسمة، ومستوطنة أم طوبا فلسطين”، والعديد من المدارس الدينية وآخرها في ناحية راجو بإشراف جمعية سيلاني الباكستانية، بالإضافة إلى افتتاح مركز ثقافي يتبع لمركز يونس إمرا في حي المحمودية (مدرسة الصناعة).
جرائم لا تتوقف
أما عن إحصائية الجرائم الحاصلة في عفرين خلال شهرين من عام 2024 على أيدي جيش الاحتلال التركي ومرتزقته، فقد تضمنت جميع أشكال الاختطاف والاعتداءات، والتعذيب والاغتصاب، والاتجار بالبشر والاستعباد الجنسي والاغتيالات، والإخفاء القسري عند نقاط التفتيش، وعمليات الخطف والاستيلاء على الممتلكات وغيرها.
حيث وُثّق قتل 8 مدنيين كرد خلال شهري (كانون الثاني وشباط) العام الجاري من عام 2024 إلى جانب خطف أكثر من 80 عفرينياً ممن تبقوا فيها، بينهم 11 امرأة و8 أطفال.
بالتوازي مع ذلك، عمدت مرتزقة الاحتلال التركي على قطع أكثر من 2400 شجرة ما بين حراجية ومثمرة، عائدة ملكيتها لأهالي المدينة بدافع بيعها على شكل أخشاب، ما أسهم في رفع نسبة تدمير طبيعة المدينة.
وفي إطار التغيير الديمغرافي، جرى بناء مستوطنتين جديدتين في عام 2024 هما:
1- قرية السلام في أحراش قرية قطمة بإشراف منظمة أورانج.
2- قرية دينز فناري في مزار قازقلي بجنديرس بإشراف منظمة منارة البحر،
والعمل على استكمال بناء مستوطنتين في ريف المدينة وهما:
1- مستوطنة في قرية كفر صفرة بإشراف منظمة غزي دستك التركية.
2- مستوطنة في قرية كفر روم بإشراف منظمة يد العون التركية.
محاولات لقتل القاصرين
من جهة ثانية، يعاني من بقي من الكرد في عفرين المحتلة من موضوع الهجمات المتكررة للمرتزقة بحق أطفالهم القاصرين، والتي تكررت كثيراً خلال عام 2024 ما يشير إلى سياسة الإبادة المنتهجة.
بتاريخ 25/2/2024 تعرّض الطالب الكردي شيار إبراهيم عمر من قرية “قنترة” للطعن بأدوات حادة من قبل 5 طلاب من أبناء المرتزقة المستوطنين بناحية موباتو.
وفي تاريخ 13/3/2024 أقدم المرتزق المستوطن يامن إبراهيم من ريف إدلب على قتل الفتى الكردي القاصر أحمد خالد معمو 16 عاماً، مع سبق الإصرار والتصميم والتخطيط ورماه في بئر ماء على طريق قرية تل سلور.
وفي محاولة أخرى للمرتزقة أقدم ملثمون على طعن القاصر رودي محمد جقل 16عاماً، من أهالي ناحية جندريسه والمقيم في مدينة عفرين المحتلة قرب مشفى آفرين، وعلى إثرها ما زال طريح الفراش في منزله حتى الآن، وأتت هذه الجريمة بعد أيام من مقتل الفتى القاصر “أحمد معمو”.
تقارير دولية
وأكّدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في تقريرها الأخير، الذي صدر بتاريخ 11 آذار2024 وكذلك تقرير هيومن رايتس ووتش بتاريخ 29 شباط 2024، استمرار عمليات الاختطاف والاحتجاز من قبل مرتزقة “ألوية جيش الاحتلال التركي” في عفرين، وروى من أجرت اللجنة معهم مقابلات باستمرار تعرضهم للضرب والتعذيب وسوء المعاملة في العديد من مراكز الاحتجاز، وفي بعض الحالات تعرض المحتجزون للضرب والتعذيب أثناء الاستجواب.
كما واصلت اللجنة توثيق حالات الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي ارتكبها عناصر مرتزقة جيش الاحتلال التركي، بمن فيهم الأطفال، فضلاً عن مصادرة الممتلكات ومنع إمكانية الوصول إليها، وتهديدهم بالخطف والاعتقال إن طالبوا باستعادتها.
توصيات لإيقاف الجرائم
في هذا الصدد، علقت منظمة حقوق الإنسان – عفرين على التقريرين، بالإشارة إلى أن الاعتداء على من تبقى في عفرين، أصبح وكأنه لا يعني أحداً وأن هؤلاء المواطنين لا قيمة لهم.
مؤكدةً على عدم تحمل الأطراف المعنية المسؤولية إزاء المناطق التي تحتلها تركيا في سوريا، ومن بينها عفرين، إذ لم تتخذ أي إجراءات حقيقية لضمان حماية المواطنين، مما أسهم في إطلاق العنان للمرتزقة لارتكاب المزيد من الجرائم.
وأوصت على أن تكف الأمم المتحدة عن الالتفاف والإغفال بما يخصّ الوضع في عفرين وباقي المناطق السوريّة المحتلة من قبل تركيا ومرتزقتها.
إلى جانب التوقف عن تسييس واقع الجرائم اليومية التي يتعرض لها المواطنون في عموم الشمال السوري، من خلال إنكارها وغض الطرف عنها، بهدف التهرب من توصيف تركيا كقوة احتلال.
وتقديم إحاطة شاملة ودقيقة تتناول دور جميع الدول الأجنبية/الخارجية المتدخلة في الأزمة السورية، وانعكاس ذلك على تدهور حالة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وكان ناشطون في مجال حقوق الإنسان قد أكدوا فيما سبق لوكالتنا أن الجرائم التي تم توثيقها في مدينة عفرين المحتلة بحق المواطنين، لا تشكل سوى 30% من مجمل الجرائم المرتكبة فيها.
المصدر: ANHA.