اعتقلوا زوجته أولاً ثمّ عذّبوه حتى فقد البصر بإحدى عينيه
يجلس (أ.م) أمام خيمته في أحد مخيمات التهجير في مقاطعة عفرين والشهباء، سارحاً بأفكاره بعيداً إلى عفرين، حيث بقي عقله وروحه، غير ناسٍ ما حصل معه والعذاب الذي عاشه، مجسّداً نموذجاً بسيطاً عن آلاف الأشخاص الذين وقعوا بين براثن المتوحشين في ظلّ تجاهل العالم أجمع.
لم يتمكّن (أ.م) وهو من أهالي قرية باصوفان التابعة لعفرين المحتلة، من مغادرة قريته عندما احتلّتها تركيا ومرتزقتها عام 2018، مثله مثل العديد من العوائل.
وقد تحدّث إلى وكالتنا معرباً عن تجربته المؤثرة، متحدّثاً عن عذابه المرير بعد احتلال عفرين، حيث قال إنهم تعرّضوا لقمع ووحشية المرتزقة منذ أول يوم للاحتلال.
خطفوا زوجته
كان (أ.م) في باصوفان مع زوجته وابنته، وبعد 10 أيام من الاحتلال، داهمت مجموعة من المرتزقة منزلهم، وكانت زوجته تحمل هاتفاً، فأراد المرتزقة أخذه منها، لكنّها رفضت إعطاءهم إياه، فأخذوه من يدها بالقوّة وكسروه، ثمّ اقتادوها قسراً إلى قرية إيسكا التابعة لشيراوا وزجّوها في السجن، وهو يكافح منذ 5 سنوات لإنقاذ زوجته وتحريرها من قبضة المرتزقة، لكنّه لم يتمكّن من ذلك حتى الآن.
وبسبب اعتداءات المرتزقة وانعدام الفرص والإمكانيات، استأمن (أ.م) أحد أقربائه على ابنته وتركها عندهم، لذا فهو الآن بعيد عن ابنته أيضاً.
أفقدوه البصر بعينه اليسرى
داهم مرتزقة دولة الاحتلال التركي منزل (أ.م) مرّة أخرى في العام ذاته بعد اختطاف زوجته، وقاموا بتعذيبه، ونتيجة الضرب المبرّح الذي تعرّض له بالأسلحة، فقد البصر بعينه اليسرى، كما خضع لعددٍ من العمليات ووضعه الصحّي سيء جداً ويحتاج إلى المساعدة.
باع منزله ولكن..
سارع (أ.م) إلى البحث عن طريقة لإنقاذ زوجته من قبضة المرتزقة وأوكل محامٍ لذلك، ولتسديد أتعاب المحامي، باع أحد منزليه، لكنّ المحامي لم يبلغه بسبب الاختطاف، زاعماً أنّه لا يعرف السبب أيضاً، وأخبره فقط بأنّه قد حُكم عليها بالسجن لـ 6 سنوات.
القدوم إلى الشهباء
خرج (أ.م) من المنطقة منذ نحو شهرين ويقطن الآن في أحد خيم مخيمات الشهباء، فيما استولى المرتزقة على منزله الآخر.
ولا يرغب (أ.م) بالكشف عن اسمه الحقيقي والتحدّث أمام الكاميرا وجهاً لوجه، لدواعٍ أمنيّة تتعلّق بسلامة زوجته، لذا لم نذكر اسمه الحقيقي أو نسجل له أي مشاهد مصوّرة، واكتفينا بنقل مأساته.
وقال (أ.م) إنّه تمكّن من رؤية زوجته بعد اختطافها بنحو 6 أشهر، لكنّهم نقلوها بعد ذلك إلى سجن معراتة في مدينة عفرين وظلّت هناك لعامين، ثمُ نُقلت إلى سجن بلدة الراعي.
وأشار (أ.م) إلى تعرّض زوجته للتعذيب وإلى أنّه لم يتلقَّ عنها أي معلومات منذ نحو عام وشهرين.
وتسلّط كلمات (أ.م) الضوء على واقع من بقي في عفرين المحتلة من أهلها: “أهالي عفرين هم أصحاب المنازل والأملاك، لكنّهم لا يستطيعون التصرّف فيها الآن وكأنها لا تعود لهم، فإن أرادوا التوجّه إلى حقولهم وأراضيهم عليهم أولاً دفع المال للمرتزقة، وإن أرادوا العودة إلى منازلهم عليهم دفع نحو 200 دولار، كما يستمرّ القتل والتعذيب والاعتداء والاختطاف”.
ودعا (أ.م) جميع مهجّري عفرين إلى عدم تصديق كلام المحتلّين وحلفائهم وعدم الانخداع أو العودة إلى عفرين في هذه الظروف.
المصدر: ANHA.